كيف يستفيد المواطن السعودي من السوق الخليجية المشتركة..................???????????

كيف يستفيد المواطن السعودي من السوق الخليجية المشتركة ؟

كيف يستفيد المواطن السعودي من السوق الخليجية المشتركة ؟

د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي
لم يحفل الإعلام الخليجي- للأسف الشديد- بمشروع السوق الخليجية المشتركة وربما لأنه لم يدرك بعد حجم التغيرات التي سيحدثها المشروع في تفاصيل المجتمعات الخليجية، وكان يكفي الإعلام الخليجي أن يقرأ التجربة الأوروبية ليدرك حجم التغيرات التي ستنتظر المجتمعات الخليجية نتيجة تطبيق برامج ومشاريع السوق الخليجية المشتركة.
إن السوق الخليجية المشتركة ولدت من رحم نص المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية التي وقعتها الدول الست في عام 1982م والتي تعطى لكل مواطن خليجي في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة وحتى التعليمية دون تفريق أو تمييز.
بمعنى أن المستفيد من السوق المشتركة ليس رجل الأعمال لوحده وليس الباحث عن عمل فقط، بل كل هؤلاء وأولئك حتى الطالب القطري له ما للطالب السعودي من حقوق والتزامات في الجامعات السعودية والعكس بالعكس سواء، ونؤكد أن المضي قدمًا في تنفيذ برامج السوق الخليجية المشتركة سوف تفضي في النهاية إلى تحقيق الوحدة الخليجية أو لنقل ستصل بنا إلى الفيدرالية الخليجية.
ولذلك فإن أهم ما تسعى إليه السوق الخليجية المشتركة وفقًا لما نص عليه إعلان الدوحة 2007 هو تعميق المواطنة الخليجية وتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس. وفي هذا الإطار أبدى المجلس حرصه الشديد على إصدار العملة الخليجية في موعدها بحلول عام 2010، وكلف وزراء المالية ومحافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بوضع برنامج مفصل لاستكمال جميع متطلبات الاتحاد النقدي ورفعه إلى الدورة المقبلة للمجلس الأعلى (29) والتي ستعقد في عام 2008 في سلطنة عمان، وكان الزعماء الخليجيون قد اطلعوا على تقارير مشاريع التكامل في مجال البنية الأساسية وأعربوا عن ارتياحهم للتقدم المحرز في تنفيذ مشروع الربط الكهربي ومشروع البطاقة الشخصية (البطاقة الذكية) التي ستستخدم لتسهيل التنقل بين دول المجلس، ووجه القادة الخليجيون اللجان المعنية بالانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع الربط المالي، ورفع توصياتهم إلى الدورة المقبلة للمجلس الأعلى التي ستعقد في سلطنة عمان.
إن الحيثيات التي بنى عليها الزعماء الخليجيون قيام السوق الخليجية كما أشارت إلى ذلك البيانات الرسمية هي حيثيات داخلية وحيثيات خارجية، فقد أكد الزعماء أن مشروع السوق إنما جاء استجابة لتطلعات وآمال مواطني دول الخليج الذين ظلوا صابرين أكثر من ربع قرن يبحثون عن نتائج أعمال المجلس على حياتهم العادية وعلى مستقبل أولادهم، كما أن مشروع السوق تم إقراره لتقوية اقتصادات دول المجلس في مواجهة التطورات الدولية وما تتطلبه من تكامل يقوي موقفها التفاوضي وقدرتها التنافسية في الاقتصاد العالمي.
وفي ضوء المعطيات التي ستقدمها السوق الخليجية المشتركة فإننا نستطيع القول إن سوق الإنسان السعودي كانت هي المملكة العربية السعودية، والآن أصبحت أسواقه هي كل عواصم ومدن دول الخليج الست، وهكذا بالنسبة لكل مواطن كويتي، قطري، إماراتي، عماني، وبحريني. أي أن هذه الدول تفتح أبوابها أمام المواطن الخليجي لتحسين أعماله وأحواله وزيادة استثماراته وثرواته.
إن انتقال رؤوس الأموال والعمالة السعودية بين الدول الخليجية الست متاح دون قيود، بل إن هوية المواطن السعودي ستصبح هوية خليجية، وسينتقل بالبطاقة الخليجية الذكية.
وبناء على ذلك فإن مجالات الحصول على فرص اقتصادية أصبحت أكثر وأكبر مما كان عليه قبل إطلاق مشروع السوق الخليجية المشتركة. فالعامل السعودي يستطيع أن يبحث عن عمل في كل أسواق مدن الدول الست بعد أن كانت فرصة عمله فقط في السوق السعودية، ورجل الأعمال السعودي يستطيع أن يوظف استثماراته في كل مدن الدول الست بعد أن كانت فرصه الاستثمارية داخل مدن المملكة فقط.
وبالنسبة للسلع والخدمات فإنها ستنتقل بين جميع دول الخليج بدون حواجز جمركية مما يجعل أسعارها في المتناول ومما يسهل انتقالها بين الدول الست بعيدًا عن القيود الجمركية والإجرائية المعيقة.
ونتمنى من المواطن السعودي أن تتسع رؤيته وأن يطرق أبواب العمل والاستثمار في جميع دول الخليج التي ستتعامل معه كمواطن كامل الأهلية.
أما بالنسبة للمشاريع الاقتصادية بين الشركات الخليجية فإن اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي سيكون له دور مهم في تسريع وتحقيق الفوائد المتوخاة من إنشاء هذه السوق التي ستكون نقطة تحول في الاقتصاد الخليجي، وإذا كانت بعض المشاريع الخليجية المشتركة قائمة وموجودة قبل إطلاق مشروع السوق الخليجية، فإن المطلوب من الخليجيين هو الاتجاه معًا نحو الأسواق العالمية لتحقيق أكبر المكاسب في سوق التنافسية العالمية.
ولعل أهم ما يجب أن يقوم به الخليجيون هو إعادة هيكلة الاقتصاد الخليجي وجعله متعدد الموارد وليس اقتصادًا يعتمد على البترول فقط وهي المعضلة التي لم يتخلص منها بعد جميع الدول الخليجية رغم أن المحاولات بدأت حثيثة منذ عقود.
إن المشكلة التي يعانيها المواطن السعودي هي ضيق الأفق، وما نرجوه هو أن يتوصل إلى رؤية يبني من خلالها مستقبله ومستقبل عياله على أساس إمكانات دول ست وليس على أساس إمكانات دولة واحدة.
إن السوق الخليجية المشتركة تتيح أمام 20 مليون مواطن سعودي ميزة نسبية أفضل من الميزة النسبية التي يحصل عليها أربعة ملايين مواطن خليجي يسكنون خمس دول.



.......