[align=right] الإسلام وعمل المرأة
لقد شاءت إرادة الله أن يخلق من كل شئ زوجين لتستقيم الحياة وتتم عمارة الكون على النحو الذي أراده سبحانه ، "ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون " . فخلق الرجل والمرأة ورتب عليهما الحياة من حيث انهما المخلوق الذي جعله الله خليفته في الأرض وسخر لصالحه كثيرا من المخلوقين ، وكل واحد من الجنسين له دوره في الحياة الذي يتفق أحيانا مع دور الطرف الآخر ويختلف أحايين أخرى عنه كل الاختلاف ، ولهذا خلق العليم الحكيم الرجل وأودعه من الخصائص الجسمية والنفسية ما يستطيع به النهوض بتبعاته ، وخلق المرأة وأودعها من الخصائص الجسمية والنفسية ما تستطيع به القيام بتبعاتها .
فروق بين الرجل والمرأة : أثبتت الدراسات الطبية المتعددة أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل ، فقد بنى جسم المرأة على نحو يتلاءم ووظيفة الأمومة تلاؤما كاملا، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة الأسرة وسيدة البيت ، وأن هيكل المرأة الجسدي يختلف عن هيكل الرجل ، بل إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا جسم الرجل ، وآية ذلك الفروق الهائلة بين الأنسجة والأعضاء والتي تبدو واضحة لكل ذي عينين بين الذكر والأنثى ، فأعضاء المرأة الظاهرة والخفية وعضلاتها وعظامها تختلف إلى حد كبير عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة والخفية كما تختلف عضلاته وعظامه في شدتها وقوة تحملها ، وليس هذا البناء الهيكلي والعضوي المختلف عبثا إذ ليس في جسم الإنسان ولا في الكون كله شئ إلا وله حكمة " إنا كل شئ خلقناه بقدر " والحكمة في الاختلاف البين في التركيب التشريحي والوظيفي بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بني ليخرج إلى ميدان العمل كادحا مكافحا ، مصداقا لقوله تعالى :" فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى "( أي يا آدم) ، أما المرأة فتبقى في المنزل تؤدي وظيفتها العظمى التي أناطها الله بها وهي الحمل والولادة وتربية الأطفال وتهيئة عش الزوجية ليسكن إليها الرجل بعد الكدح والشقاء .
دور المرأة في الحياة وما يكلفها من عناء : إن أجّل أدوار المرأة في الحياة هو دور الأمومة وتربية النشء ، وإن هذا الدور يكلفها كثيرا من العناء والمشقة من دون سائر الإناث اللائى يحملن ويلدن ، وذلك لأن تلك الإناث لا تفرز بويضاتها إلا في فترة محدودة من العام ، بينما تفرز المرأة بويضة كل شهر منذ البلوغ إلى سن اليأس ، والمرأة طوال هذه المدة بين حيض وحمل ونفاس وإرضاع ، وناهيك بما يترتب على كل فترة من هذه الفترات من آلام ومتاعب .
ومن هذه الآلام والمتاعب : -
آلام الحيض : 1- تصاب أكثر النساء بآلام وأوجاع في اسفل الظهر وأسفل البطن
2- يصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق في أثناء الحيض
3- تصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية الحيض
4- فقر الدم الذي ينتج عن النزيف
5- تصاب الغدد الصماء بالتغير في أثناء الحيض ، ونتيجة لهذا كله تنخفض درجة حرارة الجسم ويبطئ النبض وينخفض ضغط الدم وتصاب كثير من النساء بالشعور بالدوخة والكسل والفتور .
آلام الحمل : إن المرأة ينقلب كيانها في أثناء الحمل إذ يبدأ حملها بالغثيان والقيء ويشتد ذلك في الأشهر الأولى ، وتعطي آلام جنينها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهضومة ، وفي الحمل يتحمل قلبها أضعاف ما يتحمله إذا لم يكن هناك حمل .
الآلام النفسية :- ولا تعاني المرأة من كل هذه المصاعب الجسدية وحسب ولكن حالتها النفسية تضطرب فهي بين الخوف والرجاء ، الخوف من الحمل ومصاعبه والولادة ومتاعبها ، والرجاء والفرح بالمولود الجديد ، ويقول أطباء الحمل والولادة : إنها تحتاج إلى عناية شديدة من المحيطين بها .
رعاية المرأة وتقدير جهدها : وأمام هذه الأعباء التي تنهض بها المرأة والجهد المضني الذي تتحمله أوجب الله تعالى رعايتها والعناية بها وعدم تكليفها ما يشق عليها ، فعلى الوالد أن يرعى ابنته رعاية كاملة وينفق عليها إنفاقا شاملا يسهم معه في ذلك أخوها القادر ويقوم مقام أبيه إذا عجز أو مات ، فإذا تزوجت شاركهما الزوج هذه الرعاية وقام بنصيب وافر منها ، وإذا أنجبت ساهم الأولاد الكبار في رعايتها وقاموا بواجب برّها وإكرامها ، وعند فقد العائل من أب أو ابن أو زوج أو أخ تقوم الدولة بهذا الواجب عرفانا بفضل المرأة وتقديرا لدورها .
ســنة الله :- ولقد مضت سنة الله لذوي العقول السليمة على أن يكون عمل المرأة داخل بيتها، فمنذ أقدم العصور والمكان الطبيعي للمرأة هو مملكة البيت تنجب الأولاد وترعى الزوج وتعد اللبنات الصالحة للأمة، فهي صاحبة فضل على المجتمع كله، إذ تمده بلبناته وتوفر لرجلها وأولادها كل أسباب النجاح، فلا يحرز أبناء الوطن تقدما علميا أو نهضة شاملة، ولا يحققون مجدا وسؤددا إلا وللمرأة أكبر الفضل فيه، فهي أم أو زوجة العالم والطبيب والمهندس والزارع والصانع، وأم الأمهات اللائى يرضعن أبنائهن العزة والكرامة، ويربينهم على التضحية و الفداء.
ولذلك يسمي الله عز وجل بيت المرأة القرار، أي المكان الطبيعي الذي تستقر فيه المرأة ويهدأ بالها وتؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها، حيث يقول سبحانه لنساء النبي ولغيرهن _من باب أولى_ (وقرن في بيوتكن).
الانحراف عن الفطرة:- لقد حاول بعض من أغشت المدنية الكاذبة أبصارهم، وأعمى التقليد للأجنبي عيونهم أن يصوروا استقرار المرأة في بيتها بصورة البطالة- وعدم المساهمة في الإنتاج الوطني، وأخذوا يسمون قرار المرأة في بيتها رجعية وتخلفا!!
ولو انهم كانوا بعيدي النظر ومن دعاة البحث الموضوعي فعرفوا متى اضطرت المرأة الغربية إلى الخروج إلى ميادين العمل، وأي وبال جره هذا الصنيع على المرأة وعلى الأولاد وعلى الأمة بأسرها ، لكفّوا عن هذه المهاترات وأقلعوا عن تلكم الترهات .
الخلفية التاريخية لخروج المرأة للعمل في أوربا أنه جاء نتيجة لمخططات الرأسماليين اليهود الذين قاموا بتحطيم نظام الأسرة واستغلال الرجال أولا فلما بدأ هؤلاء يطالبون بأخذ بعض حقوقهم لجأ الظالمون إلى استغلال النساء والأطفال الذين دفع بهم العوز والمسغبة إلى براثن الرأسماليين ، ومنذ خروج المرأة في أوربا وهي تدور في الدوامة الرهيبة ، تلهث وراء لقمة العيش ، وتجتذب الجميلات منهن غلى تجارة الرقيق الأبيض الذي يعتبر من أكثر المهن تنظيما في أوربا.
مجالات عمل المرأة خارج البيت : تبين مما سبق أن تكوين المرأة الجسماني وتكوينها النفسي والعاطفي يختلفان كثيرا عن تكوين الرجل مما يترتب عليه عدم ملاءمة كثير من الأعمال التي يقوم بها الرجل للمرأة ، إما لأن بدنها لا يحتملها وإما لأنها تنافي ما فطرها الله عليه من خفر وحياء .
فهل من الإنسانية أن تتحمل المرأة صعاب الحياة وتخوض معترك العمل كالرجل وهي تواجه كل شهر تغيرات طبيعية (الحيض) تجعلها شبه مريضة ، وهل من الإنسانية أن تكلف الحامل مع ما تعانيه من المتاعب ما يكلفه الرجل من الأعمال ، إن الأطباء ينصحون بان تحاط المرأة بجو من الحنان وأن يعتنى بها عناية خاصة في مثل هذه الظروف ، فهل يمكن أن يتم ذلك في المصنع أو المتجر أو المكتب ، وصاحب العمل لا تهمه حالتها الصحية أو النفسية ولا يعرف حاجتها إلى حنان أو رعاية إنه يعرف فقط أن عليها عملا تأخذ في مقابله راتبا مهما كانت ظروفها ، وعلمنا أن الله أودع في جسد كل واحد من الزوجين ما يغري الطرف الآخر به ، فالمرأة أينما وجدت وحيثما حلت مطلوبة من الرجل وهي في الوقت نفسه طالبة له وذلك بحرصها الدائم على جمالها وزينتها فليس من الحكمة ولا مصلحة الطرفين أن تخالط المرأة الرجال .
ولهذا كله كان لابد أن تكون مساهمة المرأة بالعمل خارج البيت محدودة ومشروطة ، أما تحديدها ففي أضيق مجالاتها، ومن هذه المجالات : 1- تطبيب النساء 2- تعليم البنات 3- الإشراف الاجتماعي ، ورعاية الأمومة والطفولة ، القيام بما يماثل عملها في البيت كالحياكة .
وأما شروط تلك المساهمة : 1- ألا تتعارض مع الوظيفة الحقيقية للمرأة وهي الزوجية والأمومة
2- ألا تؤدي إلى الاختلاط
3- أن تخرج لعملها كإنسانة لا كأنثى فتحرص على الاحتشام والحجاب .
وليس هذا حجرا للمرأة ولا تقييدا لحريتها ولا تقليلا لدورها في الحياة فإن كل عمل يعمله الرجال يعدله حسن رعاية المرأة لزوجها ، وتأملـــوا هذا الحديث :
" فقد جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : بأبي أنت وامي يا رسول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، وأن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة ، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم وأنكم معشر الرجال فضّلتم علينا بالجُمَع والجماعات وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك كله الجهاد في سبيل الله عز وجل ، وإن أحدكم إذا خرج في سبيل الله حاجا أو معتمرا حفظنا لكم أولادكم وأموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا أولادكم ، أنشارككم في هذا الأجر والخير ؟ فالتفت النبيصلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله وقال " هل سمعتم مسألة امرأة قط احسن من مسألتها في أمر دينها " ؟ قالوا يا رسول الله ما ظننا امرأة تهتدي إلى مثل هذا ، فالتفت إليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " افهمي أيتها المرأة وأعلمي مَن خلفك مِن النساء أن حُسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله ".
وفي غير المجال الرسمي (التوظف) تستطيع المرأة أن تقوم بالتوعية والتوجيه والإرشاد وأن تسهم في حل قضايا الأمة وتجاهد لصد الأعداء والمستعمرين عن طريق الكتابة والنشر وعقد المؤتمرات النسائية وأن تغشى الأسواق في احتشام ووقار فتبيع وتبتاع ، أما أن تعمل المرأة كل أعمال الرجال كأن تكون شرطية وطيارة ومهندسة وميكانيكية وعاملة في المصانع وسائقة للعربات وموظفة في البنوك والشركات والوزارات – لا في قسم خاص بالنساء- بل مختلطة مع الرجال فهذا لا يجيزه الشرع .
الحكمة من قصر أعمال المرأة على مجالات معينة : 1- ملائمة طبيعتها كأنثى خلقت للحمل والولادة
2- التفرغ للمهمة العظمى لتمدنا ببناة المجتمعات وصانعي الحضارات
3- تحقيق الاستقرار الأسري ، فإن عمل المرأة في كل الميادين يجعلها تختلط بغير زوجها ويجعل زوجها يختلط بغيرها وغالبا ما يجد الواحد منهما في زميله من الملاطفة والموادعة ما لا يجده في زوجه ، فينهار بذلك ما بين الزوجين ، والشواهد في ذلك كثيرة .
4- حمل المرأة على الزواج والإنجاب وذلك لأن عملها المطلق يشجعها على تأخير الزواج أو العزوف عنه ، حتى المتزوجة تعمد إلى عدم الإنجاب أو التقليل منه .
أضرار عمل المرأة في كل الميادين : 1- التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي
2- شقاء المرأة وتعاستها ، فقد خلقها الله لتصان ولا شك أن في العمل مشقات
3- ضياع الأولاد وفقدان النشء الصالح
4- مزاحمة الرجال وتعطيلهم ، فلا شك أن توسيع دائرة توظف المرأة يؤدي إلى تعطيل رجال إلى العمل فتنتشر البطالة وهي معول هدم .
دعوات المصلحين :- إن الأضرار التي نجمت عن توسيع مجالات عمل المرأة والمتاعب التي صادفتها جعلت المصلحين من الجنسين ينادون بعودة المرأة إلى طبيعتها وإلى الوظيفة التي خلقت لها ، فهذا هتلر في أواخر أيامه قد بدأ يمنح الجوائز لكل امرأة تترك عملها خارج البيت وتعود إلى بيتها .
العلامة الإنجليزي سامويل سمايلس يقول : إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية .
ولقد أجري استفتاء عام في الولايات المتحدة لمعرفة رأي النساء الكاسبات في عمل المرأة وإذا به ينشر النتيجة التالية :
إن المرأة متعبة الآن ، ويفضل 65% من نساء أمريكا العودة إلى منازلهم .
وبعد أيتها المسلمة الحصيفة :-
هل آن لكِ أن تحمدي الله على نعمة الإسلام دين الفطرة الذي كلف كل إنسان حسب طاقاته وقدراته وأن تعلمي أن القرار في البيت هو العمل المجدي لبناء الأمم والأوطان ....؟
هل آن لكِ أن تأخذي العبرة ممن سبقنك إلى ميادين العمل فدميت أقدامهن من عثرات الطريق واستنزفت الجهود قواهن ؟
ولقد أخبرك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن حسن تبعل المرأة لزوجها تعدل كل أعمال الرجال
.
جزاء الله خيرا مرسل هذة الرسالة[/align]