مر ابراهيم بن أدهم على رجل مهموم، فقال إبراهيم إنني
سأسألك عن ثلاثة أشياء فأجبني:-
فقال الرجل: نعم، فقال إبراهيم: أيجري في هذا الكون شيء لا
يريده الله، فقال الرجل: لا، قال إبراهيم: أفينقص من رزقك
شيء قدره الله، فقال الرجل لا.
قال إبراهيم: افينقص من اجلك لحضة كتبها الله؟ فقال الرجل: لا.
قال إبراهيم: فعلام الهم.
دخل الحسن البصري على ابنته ووجدها تبكي فقال لها
مالكِ يا ابنتي : فا أشتد بكاءها وقالت :
أبكي على شباب عمري مضى ولم أشبع من طاعة ربي ...
وأنشدت تقول :
أحزانُ قلبي لا تزول حتى ابشر بالقبول
وأرى كتابي باليمين وتقر عينِ بالرسول
لله درها ...ما أبهاها ...
وما أغلى أمانيها ....لم تبكي من أجل دنيا...
و يا لها من همة ...
انشغال بالطاعات ...واستعداد لما قبل الممات....
همة للآخرة من أجل ابتغاء رضى الرحمن...
والفوز با أعالي الجنان...
فهنياً لها ولكل من سار على طريقها ...
الطريق إلى الجنان
وطوبى لكل من جعل الآخرة و الإنشغال بالطاعات
والدعوة إلى الله هي همهم بالليل والنهار
يدعون الأهل والأقارب والجيران
والقريب والبعيد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«مَنْ كَانَتْ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ الله غِنَاهُ في قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ راغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمُّهُ جَعَلَ الله فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ» .
وقال صلى الله عليه وسلم :
مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِداً، هَمَّ آخِرَتِهِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ. وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ».
فإلى كل مهتم ....
إلى كل من ضاقت به الأرض بما رحبت ..
أجعل همك الوحيد هي ( الآخرة )
وسيكفيك الحي القيوم ما أهمك من دنياك
قال تعالى :{ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {88} سورة المؤمنون
{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {82} فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {83} سورة يس
وتذكرقوله تعالى :
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {3}
لماذا جعلت الهموم والأحزان تتجرأ على إنزال دمعتك
في زمن أنت أحوج فيه إلى القوة ..؟
*لماذا جعلتها تمسح ابتسامة تصبح رمزاً لك للتفاؤل والأمل
ابتسامة تبين أنك مازلت سعيداً رغم قسوة الدنيا ومن فيها..؟
*لماذا لا تجعل الأحزان والهموم تبكي من جبروت ابتسامتك
وكبرياء أملك
لأنها لم تجد إلى قلبك مدخل..؟
لماذا أنت حزين..؟
علمت أن الدنيا دار فناء فلماذا تجعلها تتجبر عليك
وهي أحقر ما رأيت إن كنت تعلم أنك سترحل منها
فلماذا لا تجعلها ذكرى جميلة لك تتسلى بها
ولتجعلها طعنة كبيرة تتألم منها...؟
مهما اشتد الظلام فشمعة واحده كفيلة بأن تبدد كل هذا الظلام...
ومهما طال الليل فدقيقة واحدة من فجر كفيلة بأن تنسيك كل هذا الليل...
ومهما طال الحر والجفاء فرشفة من ماء بئر عذب كفيلة
بأن تنسيك ما كان فيك من عطش
وإن ظللت تسير في طريق مليء بالشوك والجفاء والحرارة
إذا رأيت واحة مليئة بالورود سوف تنسيك الأشواك
وإن رأيت بحيرة ماء سوف تنسيك ماكان من جفاء
وإن جلست تحت ظل شجرة سوف تنسيك ماكان من حرارة...
تخيل ان هذه الدنيا ...
طريق فامشي فيه واجعل التفاؤل مائك كي لاتشعر بالعطش
والامل عصاتك كي لاتتعب من طول المسير
والابتسامة ظلك كي لاتتأذى من حرارة الشمس ...
فابتسم فأنت أولى بها كي تسير في دنيا الغربة
وأنت شامخ ورافع رأسك وإلا فسلام على قلبك
عندها ستكون جسد بلا روح ورائحة الحزن منك تفوح
وستبقى مثقل بالجروح عندها ستموت كل الورود التي في قلبك
فلا تحزن ولاتيأس...
لاتجعل آهاتك في قلبك فان لك خالقا يسمعك
امسح دموعك وابحث عمن لايرد من دعاه
..ابحث عمن ستجده عون لك ...لاعليك..
هيا فهو موجود وقد ينتظرك وانظر إلى الطريق المؤدي إليه
واعلم بأنك بسعادتك سترى الأيام تسرع بك إلى مبتغاك وبحزنك
سترى الأيام تمشي وكأنها تخالف هواك...
واعلم بأنه سيبقى إلى جانبك ...
فهذا عهدك به ...وعهده بك
فماذا وجد من فقد الله..
وماذا فقد من وجد الله
الحزن أبعد ما يكون من الفتىأن كان دوماً للإلـه مراقبـا
الإنسان هو من يصنع الحزن ويشربه
هو من يزرع الأسى ويجني ثماره
و يستطيع عمل العكس من ذلك
يفرح , يسعد , يهنأ ـ بطاعة ربه وتلاوة كتابه .
يا صاحِبَ الهَمِ إن الهَمَ منفرِجٌ .... أبشِر بـِخيرٍ فإنَ الفارِجُ اللهُ .
- اليأسُ يقطعُ أحياناً بصاحِبِهِ .... لا تيأَسَنَ فإِن الكـافيَ هو الله
- إذا بُليتَ فَثِق باللهِ وارض بِهِ .... إن الذي يكشِفُ البَلوى هُوَ الله.
- اللهُ يُحدِثُ بعدَ العُسرِ ميسَرةَ .... لا تـَجَزَعَنَ فإنَ الصانِعَ الله.
- و اللهِ مالـَكَ غَيرُ اللهِ مِن أَحَدٍ .... فَحَسبُكَ اللهُ في كلٍ لَكَ اللهُ
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال ..