والدته حاولت تقبيل قدم مدير السجن وشقيقه يقول: الموقف صعب وحسبنا الله ونعم الوكيل
القصة الكاملة لـ”سجين مكبل بالقيود” احتضن جثمان والده في “سجن القنفذة”
A+ A A-
المواطن- عبدالله العتيبي
كشف شقيق سجين القنفذة إبراهيم العيسى لـ “المواطن” تفاصيل نقل جثمان والده بسيارة مدنية من قرية سبت الجارة التابعة للمحافظة، والتي تبعد قرابة الـ ١٠٠ كلم ذهاباً وإياباً عن السجن، والسرعة الجنونية التي لجأت العائلة إليها أثناء قيادتهم المركبة تداركاً لعدم تعفن الجثمان لسرعة إكرامه بالدفن ومواراة الثرى عليه، وذلك نظراً لرفض مسؤولي السجن السماح لشقيقه بالخروج لرؤية والده والسلام عليه قبل الدفن رغم التوسلات الباكية لوالدته وأشقائه.
وروى العيسى تفاصيل القصة الحزينة التي آلمت المشاعر الإنسانية وأذهلت جمعيات حقوق الإنسان المدنية بعد أن صارت قضية رأي عام، قائلاً: “آخر اتصال تلقاه أخي من والدي قبل أن يأتيه الأجل وهو في محافظة جدة، كان في الحادية عشرة ليلاً قبل خمسة أيام، وكان يسأله عن صحته في السجن ويدعو له، وفوجئت في صباح اليوم التالي بنبأ وفاة والدي وفاة طبيعية وهو على سرير نومه في المنزل، فكان الخبر كالصاعقة، فتوجهت فوراً من جدة إلى بلدتنا في قرية سبت الجارة التي تبعد عن القنفذة قرابة الـ٤٥ كلم، وعندها اتجهت أنا ووالدتي وأشقائي إلى السجن نطلب الإذن بالسماح لشقيقنا المسجون أن يخرج معنا ليحضر مراسم الغسيل والصلاة ودفن الجثمان، فأكد لنا مسؤولو السجن أن ذلك لابد أن يتم بموافقة من الحاكم الإداري وهو محافظ القنفذة”.
وأضاف شقيق السجين: “توجهنا إلى المحافظ وتقدمنا إليه بطلب السماح بخروج شقيقنا فرفض، وتوسلنا إليه بأن والدنا في ثلاجة الموتى ونرجو إخراج شقيقنا ليسلم على والده ويوادعه مع تعهدنا بإعادته، وبعد توسلات وشفاعات، بعث المحافظ بخطاب إلى سجون القنفذة للمرئيات، وعند وصولنا لإدارة السجن لم نجد أي تجاوب رغم توسلات والدتنا ومحاولتها تقبيل قدم مدير السجن فرفض، فكان موقفاً نكأ بجراحنا وآلمنا فوق وفاة والدنا”.
وأضاف: “عدنا مسرعين للقرية وقمنا بإنهاء إجراءات الدفن وغسيله- عليه رحمة الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وجعله مع الأنبياء والصالحين- وبعد تكفينه، كان مبتسماً، وصلينا عليه صلاة العصر، وبعدها نقلناه في مقصورة المركبة الخاصة وهي من نوع جيب وانطلقنا به مسرعين إلى سجون القنفذة، وتوقفنا أمام البوابة الرسمية نطلب من المسؤولين إحضار شقيقنا ليوادع والده حتى نتدارك الوقت ولا يتعرض الجثمان للتعفن، فكان الرفض منهم وطلبوا الدخول بالسيارة إلى البوابة الداخلية، فدخلنا وكان شقيقنا السجين يقف والأغلال تقيّد قدميه ليحتضن والدنا المتوفى، ويقبل والدته تارة ويقبلنا تارة أخرى، ودموعه تنزف حرقة وألماً”، واستعاد المشهد العصيب مضيفاً: “غادرنا ووالدنا ممد في المقصورة الخلفية، متوجهين لمقبرة القرية”.
وعن المدة الزمنية التي قضاها المتوفى في كفنه الأبيض من الصلاة عليه ونقله إلى السجن ثم العودة به للمقبرة، قال العيسى إنه عند خروجهم من المقبرة والانتهاء من مراسم الدفن مع أذان صلاة المغرب وهي المدة التي تقدر بثلاث ساعات ما بين العصر والمغرب.
وأردف إبراهيم العيسى: “حسبي الله ونعم الوكيل على كل مسؤول رفض خروج أخي لحضور الدفن والوقوف معي في العزاء، حسبي الله ونعم الوكيل”.
وناشد العيسى الجهات العليا في الدولة التحقيق ومعاقبة كل من كان سبباً في وضعهم المأساوي والحالة الصعبة التي شهدوها، وقد تخلت عنهم الجهات بتقديم أي مساعدة أو عون في تخفيف مصابهم الجلل.
وكانت “المواطن” نقلت في عدة تقارير سابقة عن سجين القنفذة، حيث نشرت تحت عنوان “حدث في القنفذة.. متوفى يزور حيّاً في السجن”، ثم نشرت تعليقاً للسجون أبدت موقفها بأنها لم تضطلع بحرمان السجين من الخروج المؤقت للسلام وموادعة والده المتوفى، وأنها قدمت كل ما بوسعها ولكن الجهة المختصة هي من رفضت خروج السجين، حيث إن قضيته من القضايا الكبيرة التي لا يمكن خروج السجين في مثل هذه الظروف، وهو الموقف الذي انتقدته جمعية حقوق الإنسان والذي كشفت عنه “المواطن” في تقرير لاحق أكدت خلاله الجمعية أن السجون خالفت إكرام الميت، في قضية سجين القنفذة.