[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أن الخلاف بين البشر سنة إلهية ماضية إلى يوم القيامة وذلك منشأه إلى اختلاف الطباع والمصالح
و الأهواء.فما يراه إنسان مصلحةً قد يراه إنسان آخر مفسدةً، وما يحبه شخص قد يبغضه شخص
آخر ولو لم يكن هناك من خلاف بين الناس
لما قال الله عز وجل في كتابه العزيز (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء أيه 59) "ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً ولا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ " ( هود 118 )
فلولا الخلاف بين الناس لكانت الدنيا كما هي منذ أن خلقها الله عز وجل. فاختلا ف الآراء و الأهواء خلق نوعاً من التباين والتنوع في الدنيا .
وقطعاَ فإن هذا الاختلاف في الطبيعة البشرية قد ينتج عنه خلاف في الرأي بين الناس . روى أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه أنه :"خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداَ طيباَ فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء و الصلاة و لم يعد الأخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد أصبت السنة و أجزأتك صلاتك وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين " رواه أبو داود والنسائى.
فلم يُُحدث الخلاف بين الصحابيين الشجار و الشحناء بينهما وإنما عادا بالأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم إن الاختلاف في الرأي- بعيدًا عن الأصول- إنما هو اختلافُ تنوع لا اختلاف تضادّ، والتنوع دائمًا مصدر إثراء وخصوبة، فمن الناس من يميل إلى التشديد، ومنهم من يميل إلى التيسير، ومنهم من يأخذ بظاهر النص، ومنهم من يأخذ بفحواه وروحه، ومنهم من يسأل عن الخير، ومنهم من يسأل عن الشر مخافةَ أن يدركَه، ومنهم ذو الطبيعة المرحة المنبسطة، ومنهم ذو الطبيعة الانطوائية المنكمشة.
إذاَ المهم ألا يؤدى الخلاف في الرأي إلى الشحناء والبغضاء وذهاب الود والحب بين القلوب .
فالخلاف في الرأي يجب ألا يخرج عن كونه ظاهرة تربوية وإدارية سليمة لا غبار عليها خاصةَ إذا كان الهدف هو الصالح العام.
إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه. الإمام مالك رحمه الله
ويخطئ البعض حينما يظن أن رأيه هو الصواب وأنه لا يخطئ أبداَ وأن على الجميع أن يسمع لآرائه ويتبعه وان اي شخص يخالفه او ينتقده فانه يقوم بسبه واستحقارة والتقليل من شأنه ورميه ببعض الاتهامات التي قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة . فهل يا ترى مثل هذا الشخص يتقبل الخلاف في الرأي ؟ ونحن لا ننكر أن لكل إنسان منا خبراته الجديرة بالاحترام ولكن لابد أن يفسح هؤلاء المجال لغيرهم كي يعبروا عن أرائهم .فلا ينبغي أن نكون نسخاَ كربونية من بعضناَ البعض و إلا لما تطورت الدنيا و تجدد وجه الحياه.
ما قيمة الاختلاف !!!
- للوصول إلى أفكار جديدة تلاقح الأفكار القديمة.
- للوصول إلى الإبداع في طرح و تناول الموضوع .
- حل المشكلات الراهنة .
- معرفة كيف يفكر الطرف الأخر .
- إنها فرصة لإيجاد حلول بديلة للمشكلة محل البحث.
- إكساب الأفراد الثقة بالنفس و القدرة على المواجهة وإيجاد الحلول.
- الاختلاف في الرأي رحمة لأنه من المستحيل حمل الناس علي رأي واحد.
- إنها فرصة لأن يأخذ كل طرف ما يناسبه من حلول .
- الاختلاف في الرأي من شأنه أن يسع قدرات الناس جميعاَ .
إن الاختلاف وحده هو ما يؤدي لظهور أفضل الأشياء وأبرع الأشخاص.ولذا فأنا ضد البناء الاجتماعي الذي يذيب الاختلافات والفروق الفردية ،لأني أريد للصفوة أن تعتلي القمة. (روبرت فروست).
مهارات حسم الخلاف !!!!!
1 - أن نسارع برد الأمر إلي الله عز وجل والي الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالي (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ).
2 -إذا لم يستوعب الأطراف الأمر جيداَ فليسألوا أهل الذكر و التخصص لقوله تعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)(النحل أية 43).وأهل الذكر هنا قد يكون المدير العام أو استشاري المؤسسة الموجود أو الزملاء القدامى أو المؤسسات المتخصصة في الموضوع .
3 - ضرورة الالتزام بنتائج التحكيم و البعد عن الهوى.
4 - ضرورة تجنب الألفاظ الجارحة أثناء الخلاف حتى لا يتدخل الشيطان فيفسد ما بيننا من محبة.
5 - أن يظن كلا الطرفين أن الخطأ عنده و الصواب عند صاحبه حتى يتواضع كل منهما للآخر.
6 - لا تنسى أن تعتذر عند الخطأ لأن الأمر سوف ينتهي شئنا أم أبينا و ستبقى تلك المواقف هي الراسخة في أذهاننا .
وقد قيل كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب ...
واخيرا نرجع الى ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ...
[/align]