حذر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من انفجار الوضع في الشرق الأوسط "المثقل بالهموم".
وقال خادم الحرمين في حديث لصحيفة "البايس" الاسبانية وتنشره "الرياض" بالتزامن مع الصحيفة الاسبانية مخاوفي هي مخاوف جميع العقلاء من ان ينفجر الوضع الذي لن يقتصر تأثيره على المنطقة فحسب بل والعالم أجمع".
وعن منابع الإرهاب الدولي أكد - حفظه الله - انه إذا ما أردنا التعرف على منابع الإرهاب الدولي فعلينا التوجه إلى بؤر النزاعات الدولية التي تشكل أرضاً خصبة يستغلها الإرهابيون للترويج لمخططاتهم الاجرامية ومنطقتنا زاخرة بهذه المشكلات. وبالتأكيد فإن حل هذه النزاعات لن يساهم فقط في تحقيق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها بل وسيدعم جهودنا المتواصلة في مكافحة هذه الظاهرة ويجرد الإرهابيين من حجة استغلالها لتحقيق مآربهم الخبيثة.
وحول البرنامج النووي في المنطقة قال خادم الحرمين ان البرنامج النووي في المنطقة يشكل عبئاً إضافياً عليها، وموقفنا يتمثل أولاً في أهمية عدم انتشار الأسلحة النووية بها، والعمل على معالجة هذا الملف بالطرق السلمية بعيداً عن لغة التشنج والتوتر، بما يكفل حق دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع تطبيق هذه المعايير على كافة دول المنطقة بدون استثناء.
واشاد خادم الحرمين بدور المرأة السعودية على مر السنين التي اثبتت قدرة علمية ومهنية واجتماعية وكفاءة عالية تضاهي مثيلاتها في العالم.
واكد حفظه الله ان الدولة حريصة على تعزيز المشاركة الوطنية على ان تكون في اطار مؤسسي ومنظم.
وعن استقرار اسواق النفط العالمية اكد خادم الحرمين ان المملكة باعتبارها من كبار المنتجين والمصدرين حريصة على ان تكون مصدراً آمناً ومستقراً لإمداد السوق الدولي بالنفط، وتحقيق التوازن المطلوب الذي يحافظ على استقرار السوق والاقتصاد الدولي. ولا يضر بالتنمية.
وفيما يلي نص الحوار:
@ اصبحت المملكة العربية السعودية منذ احداث 11سبتمبر في بؤرة الضوء في العالم. من وجهة نظر جلالتكم، ما هو الدور الذي يمكن ان تلعبه المملكة لتقريب وجهات النظر بين العالمين الإسلامي والغربي؟
- احداث سبتمبر لم تقتصر آثارها على المملكة فحسب، بل امتدت لتشمل جميع دول العالم بمختلف اعراقه وثقافاته، الامر الذي استوجب منا جميعاً جهداً مضاعفاً في محاولة احتوائها وتجسير الهوة العميقة التي احدثتها. وجهودنا في المملكة تنطلق اولاً وأخيراً من هدي مبادئنا الإسلامية الحنيفة التي تدعو الى المحبة والوئام والتعايش السلمي بين الشعوب، وتحريم قتل النفس الإنسانية البريئة. هذه هي الرسالة التي عبرنا عنها بكل وضوح سواء في محيطنا العربي او الإسلامي، وايضاً في لقاءاتنا المتواصلة مع حكومات وشعوب العالم. ونحن نتطلع الى قيام الغرب بجهد مماثل في ترسيخ مبادئ الاحترام بين الثقافات والديانات والمعتقدات حتى نصل الى الاهداف المتوخاة في تحقيق التعايش السلمي بين الشعوب. ولابد في هذا المجال من الإشادة بالمبادرة التي طرحتها دولة رئيس وزراء أسبانيا والداعية الى حوار بين الحضارات يقود الى التحالف بينها والى إجراء مصالحة بين الغرب والعالم الإسلامي وهذه كلها أفكار بناءة نؤيدها كل التأييد.
@ أشار العديد الى المملكة كأحد منابع الإرهاب الدولي الحديث، ومع ذلك فقد عانت بلادكم من الإرهاب. فماذا قامت به المملكة في هذا المجال؟ وما هي مخاوف جلالتكم؟
- أعتقد أن الأحداث أثبتت أن هذا الطرح بعيد عن الصحة، فالخلايا الإرهابية منتشرة في العديد من دول العالم وقاراته بدون استثناء والمملكة كان لها نصيب منها للأسف الشديد كما عانت أسبانيا بدورها، وقد تعاملنا معها بكل حزم وشدة واستطعنا بتوفيق من الله عز وجل ثم بوقوف الشعب السعودي صفاً واحداً التصدي لهذه الظاهرة الشاذة على مبادئنا الدينية والاجتماعية ومحاربة الفكر الضال المؤدي إليها، وجهودنا لا تزال مستمرة في هذا المجال بعون من الله وتوفيقه. وإذا ما أردنا التعرف على منابع الإرهاب الدولي فعلينا التوجه إلى بؤر النزاعات الدولية التي تشكل أرضاً خصبة يستغلها الإرهابيون للترويج لمخططاتهم الإجرامية، ومنطقتنا زاخرة بهذه المشكلات. وبالتأكيد فإن حل هذه النزاعات لن يساهم فقط في تحقيق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، بل وسيدعم جهودنا المتواصلة في مكافحة هذه الظاهرة ويجرد الإرهابيين من حجة استغلالها لتحقيق مآربهم الخبيثة.
@ كانت المملكة دائماً لاعباً مهماً في الشرق الأوسط، ولكن رأينا مؤخراً سياسات خارجية حازمة. هل لجلالتكم ان تلخصوا ماهي مخاوفكم الرئيسية تجاه المنطقة؟
- منطقة الشرق الأوسط تعاني من أطول نزاع يشهده تاريخنا المعاصر وهو النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتداعياته التي امتدت لاحتلال إسرائيل لعدد من الأراضي العربية. وفي الوقت الذي نبذل فيه جهوداً حثيثة لحل هذا النزاع بدأنا نشهد اتساع رقعة الاضطرابات في المنطقة لتشمل العديد من دولها في العراق ولبنان. الأمر الذي جعل المنطقة مثقلة بالهموم التي تشكل قلقاً بالغاً لنا. ومخاوفي هي مخاوف جميع العقلاء من ان ينفجر الوضع والذي لن يقتصر تأثيره على المنطقة فحسب بل والعالم أجمع.
@ في القمة العربية الأخيرة كان جلالتكم صريحا وصادقا بخصوص انتقاد أداء الزعماء العرب. فماذا تقترحون جلالتكم ان تفعلوا أنتم الزعماء العرب لتحسين ادائكم وعلاقتكم بالشعوب؟ وهل تلقيتم أي رد من زعماء الدول الآخرين؟
- في القمة العربية الأخيرة كنا اكثر صراحة وشفافية تجاه التعامل مع التحديات التي تواجهها أمتنا العربية وتؤثر على أمنها واستقرارها وتنميتها، واعتقد اننا اشقائي القادة العرب وأنا توصلنا إلى العديد من القرارات الهامة التي تهدف الى تطوير مؤسسات العمل العربي المشترك وتفعيلها على النحو الذي يحقق تطلعات شعوبنا ويساهم في تطوير علاقاتنا البينية، وعلاقاتنا كمجموعة عربية مع العالم.
@ هنالك قلق عالمي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبرنامجها النووي. ولكونكم جاراً قريباً كيف تتفهم المملكة العربية السعودية هذا الأمر المقلق؟ وماذا كانت نتيجة لقاء جلالتكم مع الرئيس أحمدي نجاد؟
- البرنامج النووي في المنطقة يشكل عبئاً إضافياً عليها، وموقفنا يتمثل أولاً في اهمية عدم انتشار الاسلحة النووية بها، والعمل على معالجة هذا الملف بالطرق السلمية بعيداً عن لغة التشنج والتوتر، بما يكفل حق دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع تطبيق هذه المعايير على كافة دول المنطقة بدون استثناء. ولقاءي مع الرئيس الايراني احمدي نجاد يأتي في إطار لقاءاتي المتواصلة مع قادة دول المنطقة التي تهدف الى التنسيق والتشاور المستمر في ايجاد الحلول السلمية لمشكلاتها، وإيران دولة جارة في المنطقة واللقاء بيننا كان هاماً للبحث وتبادل وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة من بينها الملف النووي والعراق ولبنان وفلسطين وتنامي الصراعات المذهبية ونتطلع إلى أن نلمس نتائج المباحثات على ارض الواقع.
@ إلى أي مدى يؤثر القلق السياسي الذي يحيط بالمنطقة على أسعار النفط؟
- كما هو معروف فإن سعر النفط الدولي يخضع للعديد من العوامل السيكولوجية الخارجة عن إطار معايير العروض والطلب، ومن بينها التوترات الدولية والكوارث الطبيعية. وهذا لايعني بالضرورة نقص المعروض من النفط في السوق، والمملكة العربية السعودية باعتبارها من كبار المنتجين والمصدرين حريصة على أن تكون مصدر آمناً ومستقراً لإمداد السوق الدولي بالنفط، وتحقيق التوازن المطلوب الذي يحافظ على استقرار السوق والاقتصاد الدولي، ولا يضر بالتنمية. إننا نعتبر رخاء العالم جزءاً من رخائنا، وسياستنا البترولية تعكس هذه الحقيقة.
@ بلادكم فتية وشعبها شباب، فكيف تواجهون الشد القائم بين الرغبة في التغيير من قبل الشباب والتقاليد المحافظة التي تميز المملكة؟
- التجاذب بين الأجيال هو تجاذب طبيعي، بل وضروري لتقدم المجتمعات الإنسانية على أسس قوية تهدف إلى تطوير المجتمع والانفتاح على العالم مع المحافظة على هويته الثقافية وتراثه التاريخي، وتجربتنا التنموية والاجتماعية الثرية في المملكة تعتبر خير شاهد على ذلك. ومهما بلغ الاختلاف في الرؤى والأفكار في الحوار بين الأجيال تظل السمة المميزة له ارتكاز الجميع على الأسس والمبادئ الإسلامية الحنيفة التي تشكل ثقافة المجتمع السعودي والتي يجمع عليها السعوديون.
@ الصورة في خارج المملكة العربية السعودية - على سبيل المثال - أنها بلاد لا يمكن للمرأة فيها قيادة السيارة، ولكني على علم أن النساء السعوديات بدأن يصبحن مع الأيام أكثر نشاطاً، وأن جلالتكم تدعمون مشاركتهن في المجتمع. ما هو هدفكم بخصوص تنمية المرأة السعودية؟
- لقد أثبتت المرأة السعودية - على مر السنين - قدرة علمية ومهنية واجتماعية وكفاءة عالية تضاهي مثيلاتها في العالم، كما أننا لا نستطيع أن نتحدث عن التطور الشامل الذي تشهده بلادنا بمعزل عن الدور الهام للمرأة السعودية في هذه التنمية، لذلك نحن حريصون على تعزيز هذا الدور بالعمل على تهيئة الظروف والبيئة الملائمة التي تحفز المرأة السعودية وتكفل لها العمل في إطار عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية وشريعتنا الإسلامية.
@ منذ كنتم ولياً للعهد وأنتم تعملون على تعزيز الحوار الوطني، وقد طالب بعض المشاركين بأن يكون لهم دور في شؤون المملكة. فما هي وضعية الجدل القائم الآن؟
- الدولة حريصة على تعزيز المشاركة الوطنية، على أن تكون في إطار مؤسسي ومنظم والحوار الوطني يعتبر أحد هذه المؤسسات الهامة التي تشكل منبراً رئيساً للرأي حيال كافة الموضوعات الهامة للمجتمع، وتجمع بين أبناء المجتمع السعودي بكافة أطيافه الثقافية والاجتماعية والعلمية ورؤاه السياسية. أما بالنسبة للمؤسسات السياسية الأخرى فتتمثل في مجلس الوزراء ومجلس الشورى ومجالس المناطق، وذلك فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني وجمعياته المتخصصة في شؤون الاقتصاد والإعلام والطب وغيرها، أما بالنسبة لقطاع الأعمال فتمثله الغرف التجارية والصناعية. وصناعة القرار في المملكة حريصة على الاستفادة من جميع هذه المؤسسات القائمة بما يعكس التوجهات والآراء السائدة في المجتمع.
@ هذه الزيارة الرسمية الأولى لجلالتكم إلى اسبانيا، ما هو الهدف الرئيسي للزيارة وكيف تقيمون العلاقة الثنائية بين البلدين؟
- تجيء زيارتي لاسبانيا الصديقة تلبية لدعوة من جلالة الملك خوان كارلوس، الذي تربطني به صداقة عميقة وقديمة، وأكن له الكثير من التقدير والاحترام، وتستهدف الزيارة تطوير علاقتنا الثنائية التي ظلت على مدى السنين قوية وراسخة،لقد سعدنا بزيارة جلالة الملك خوان كارلوس لنا في السنة الماضية، وتم خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الهامة وخلال هذه الزيارة بالاضافة إلى توطيد العلاقات الثنائية فإن المباحثات مع القادة الأسبان ستشمل القضايا الدولية والاقليمية، ونحن نعلق الكثير من الآمال على الموقف الاسباني المشرف من قضية الشرق الأوسط والعملية السلمية التي ارتبط اسمها بمدريد.