[align=center]أعزائي أعضاء منتدى تمير الغالي
هذه دراسة مختصرة لبحور الشعر نقلتها من أحدى المجلات وهي للشاعر محمد صلاح الحربي أقدمها لكم وعسى أن تجدوا فيها ما يفيدكم... فإن وجدتم فيها تقصير أو نقص فعذري أنني لست سوى مجتهداً مخلصاً يشارككم الإيمان بأن الكمال لله وحده...
= ما هو بحر الشعر:-
بحر القصيدة العمودية الشعبية ( النبطية ) ببساطة هو الوزن...
والوزن هو القالب أو الشكل أو الهيئة المتناسقة مابين شطر البيت الواحد ( الصدر ) وشطرها الثاني ( العجز ) مشيراً إلى أن بعض الشعراء يسمي البحر بـ ( الطرق ) وهو ما يعني الإيقاع في الفصحى... ولذا فإن البحر هو الوزن وهو الطرق وهو أيضاً الإيقاع .
= كيف نشأت بحور الشعر الشعبي :-
إن البحور هي في الأساس ابتكارات أو اختراعات شعراء سباقين في هذا الأمر وبالتالي فهي مثل الاقتراحات غير المقدسة... ما يعني أن إي شاعر مجيد بإمكانه أن يخترع أو يبتكر أو يقترح بحره الخاص... وبحور الشعر الشعبي نشأت من خلال الغناء بحيث تركب الكلمات على اللحن نفسه والجميع يعرف أن ساحة ( القلطه / المحاورة ) هي مضمار لنشوء الكثير من الأوزان الجديدة.
وبهذا الخصوص يقول أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري (( الشعراء يخترعون جديداً كل يوم إذ اعتادوا غالباً أن يتباروا في إيجاد الإيقاعات الخاصة لطوالع أشعارهم، فهم يوجدون النغمة أولاً ثم ينظمون الطالع على مقتضى إيقاعها ))
=مالفرق بين الوزن واللحن:-
إني أختلف تماما مع القول أن الشعر الشعبي هو ألحاناً، وهذا لا يتعارض مع قولي أن منشأ بحور الشعر الشعبي هو الغناء لأنه عند اختراع تلك البحور من خلال الغناء يمكن أن يغنى البحر على الكثير من الألحان لأن الوزن أو البحر الواحد يسمح بأكثر من لحن لأن الوزن أعم من اللحن ودائماً فإن الألحان أكثر من الأوزان إذ يتولد من الوزن أكثر من لحن وأعتمد على أمثله من بعض الأغنيات المشهورة لمحمد عبده وطلال مداح وسيجد القاريء أن كلاً من الأثنين غنى الكثير من الألحان المختلفة لبحر واحد وهو المسحوب على سبيل المثال وقس ذلك على بقية البحور والأوزان ولذلك فإنه في الشعر الشعبي مالا يحصى من الألحان لكن الأمر بالنسبة للأوزان يظل محدوداً.
= عدد بحور الشعر الشعبي:-
عندما يخطئ أديب كبير له إنجازاته الضخمة فإن خطأه يأتي على شكل كارثة، وهكذا كان الأمر مع أديبنا الكبير عبد الله بن خميس في كتابة ـ الأدب الشعبي في جزيرة العرب ـ حيث يقول (( حاولت عن طريق التتبع والاستقراء حصر أوزان هذا الشعر فلم أصل بعد إلى نتيجة، ثم عمدت إلى مجموعة شعر لأحد الشعراء وهو إبراهيم أبن جعيثن وهو من الكثيرين ممن يتلاعبون بأوزان الشعر فوصلت إلى ما يقارب العشرين وزناً )).
وهذا الخطأ الناتج عن مصدر ثقة يعد كارثة ذلك أنه وبتأمل بسيط لتلك الأبيات التي أوردها أبن خميس لإبراهيم أبن جعيثن نجد أن عدداً منها على بحر واحد وأن ما وصل إليه أبن خميس ليس دقيقاً على الإطلاق حيث أن ديوان ابن جعيثن يحتوي على سبعة بحور فقط لاغير...
وبشكلٍ عام فإن بالأمكان القول بأن هناك عدداً يتراوح بين السبعة إلى العشرة مما هو معروف ومشهور من بحور الشعر الشعبي علماً أن لكل بحر تفرعاته التي يختلف عددها من بحر لآخر.
= كيف يتحدد الوزن ويستقيم :-
لايمكن في تصوري ـ لمن لا يملك تمكناً مسبقاً من الوزن ـ من أن يكتب قصيده عمودية من دون أي خلل مالم يكن يعرف من البدء البحر الذي يكتب عليه قصيدته وبالتالي يعرف لحناً متداولاً يمكنه أن يزن قصيدته عليه، وما يحدد الوزن هو الترنم به ويعني غناء بلحن ينطبق عليه ويناسبه وهنا أذكر ذلك البيت المشهور لحسان بن ثابت رضي الله عنه والذي قال قبل ظهور علم العروض وهو:
تغن بالشعر إما كنت قائله *** إن الغناء لهذا الشعر مضمار
ومضمار هنا تعني من ضمن ما تعنيه ميزان.
= بحور الشعر الشعبي:-
قبل أن أتحدث عن بحور الشعر الشعبي فأنني أود أن أذكر أنني سأكتفي بالمشهور منها مع بعض الأمثلة المغناة لأشهر الفنانين لأثبت أن الوزن الواحد يغنى على عدة ألحان...
1-ـ بحر المسحوب:
وهو السائد من بحور الشعر الشعبي وذلك لخفته ووضوحه وسهولة تفاعيله ويقال أنه سمي المسحوب وذلك للحنه على الربابة وأن المغني يسحب أنفاسه سحباً مع قوس الربابة، وبعض الشعراء يسمونه المجرور للسبب نفسه وبحر المسحوب من البحور التي يجب فيها أن يكون كل شطر من أشطر القصيدة على قافيه مختلفة وهذه بعض الأمثلة...
قول خالد الفيصل:
فز الخفوق وقلت يالله عسى خير *** إثر الليالي عاد غايب قمرها
وأيضاً
لك حق تزعل ثم لك حق نرضيك *** ما اقوى زعل حبيب قلبي وعيني
وأيضاً
يا غالي الأثمان غلوك بالحيل *** من يوم سموا بك جميل المحيا
وأيضاً
وبيت لبدر عبد المحسن:
قلت المطر قالت من اليوم ديمه *** مابه رعد لا برق ما غير هتان
ومن تفرعات المسحوب القصيرة أحد الأوزان المطروقة بكثرة وهو من بحر المسحوب وإذ أنسبه للمسحوب فأنني بذلك أخالف بعض من عدّوه من بحر الهجيني ذلك لأنه للأول أقرب وإليكم أمثله منها قول خالد الفيصل:
من بادي الوقت وهذا طبع الأيامي *** حلوات الأيام ما تمدي لياليها
ولبدر عبدالمحسن:
يطري عليه الوله وأطري على باله *** يا مرحبا لا ضوى خلي على بالي
ومن تفرعات المسحوب الطويلة سأكتفي بإيراد مثل واحد نظراً لقلة ماغني من قصائد على هذا الوزن ومنها قصيدة لخالد الفيصل:
نوي القلب نيه ما نواها لحد غيرك *** نوى القلب يمشي لك على السمع والطاعة
وقبل أن أنتقل إلى البحر الثاني سأذكر أن هناك وزناً آخر أراه من أشتقاقات بحر المسحوب ومن أمثلته قول خالد الفيصل:
ياسحايب سراة أبها تعدي شمال *** واستعيري دموعي سيلي كل وادي
وبيت آخر للأمير سعود بن بندر:
سلمولي على الغالي سلامٍ كثير *** وأخبروه أني أسهر لين يبدى الصباح
2ـ بحر الهجيني:ـ
هذا البحر هو أقصر بحور الشعر الشعبي من حيث التفعيلات ويشترك مع بحر المسحوب من حيث سهولته وانتشاره وهو الآخر له عدد من التفرعات... وإليكم أمثله على الرئيسي منها من شعر خالد الفيصل:
أيوه قلبي عليك ألتاع *** ما يحتمل غيبتك ليله
وأيضاً
عشاق يا لساحل الغربي *** فليت في بحرك شراعي
وأيضاً
لبدر بن عبدالمحسن:
لا تقول ودعتني داري *** بالحيل مالي عليك عتاب
وأيضاً
يا حابس النور في كفوفك *** سلم عسى ينجلي همك
وهناك عدة تفرعات اشتقت من بحر ألهجيني ولعل ما يربطها به هو قصر تفاعيلها بشكل عام وهي قد تزيد عن بحر الهجيني الأصلي بأحرف أو بحركات قليلة... ومنها على سبيل المثال قول بدر عبدالمحسن:
كل ما أقفيت ناداني تعال *** كل ما أقبل عزم بالرحيل
وأيضاً
ينزع الحر للعالي المنيف *** عادة الحر للطامن يعاف
وقول خالد الفيصل:
لاتعذر ياهوى البال *** منيب أحب المعاذير
3ـ بحر الشيباني :ـ
يعدّ هذا البحر أو الوزن من أطول أوزان الشعر الشعبي المعروفة ويقال أنه يقابله من بحور الشعر العربي الفصيح بحر الهزج... وهذا البحر من البحور التي عرفت من خلال ( المحاورة/ القلطه) وقد كان في بداياته ينسب إلي شاعر المحاورة الشهير عبدالله بن لويحان حتى أطلق عليه بعض الشعراء ( لويحاني ) نسبه للشاعر... وهو كما قلت من أطول البحور غير أن هناك بحوراً مشتقه منه تزيد عليه ومن أطلع على ديواني الشاعرين سليمان بن شريم وعبد الله بن دويرج سيجد أمثله على ذلك ومن أمثلة بحر الشيباني قول عبدالله الفيصل :
ألا واشيب عيني يوم قالوا لي فمان الله *** وحققت أنهم من بعد جمعاهم مقفيني
ولخالد الفيصل :
ألا ياعين هلي دمعك الصافي على الخدين *** لعل الدمع يا عيني يزيل الهم عن بالي
ولبدر عبدالمحسن :
أبيك بكلمة لو هي خطا تغفر لي الزله *** وردتك ظاميٍ وإن عز وصلك فقطع حبالي
4 ـ بحر الصخري :ـ
قيل أنه سمي بالصخري لأن أول من أشتهر به هم بنو صخر كما قيل أيضاً أنه سمي بذلك لأنه (يصخر ) المستمع إي يجبره على الاستماع إليه لأنه ذو نبره حزينة وهو من البحور المحببة للكثير من الشعراء لأنه قابل لألحان كثيرة وبحر الصخري من الممكن أن يكون شطره الأول مهملاً أسوة بالشعر العمودي الفصيح إي يكون مطلع القصيدة على قافية واحدة في شطريها ثم يظل الأول بعد ذلك مهملاً ومن الممكن أن يكون كل شطر على قافية حسب رغبة الشاعر وأعني بذلك بحر الصخري الرئيسي وهذه أمثله عليه من شعر خالد الفيصل :
غريب الدار ومناي التسلي *** أسلي خاطري عن حب خلي
أسافر عنه من ديره لديره *** عساي أسلاه لكن ما حصلي
وأيضاً
أبي منه الخبر ويقول لله *** لفى المرسول ما عين محله
5 ـ بحر اللعبوني :ـ
عند هذا البحر أود أن أشير إلى أمر مهم جداً وهو أن بعض الشعراء أضاف هذا الوزن إلى بحر الهجيني ناسياً أو متناسياً أو جاهلاً أن أول من أخترع هذا الوزن هو الشاعر الفذ محمد بن لعبون ولم يكن يعرف إلا من خلاله وجاء بعده الشعراء وكتبوا على البحر نفسه فمن الأنصاف أن ينسب إليه والبعض يسميه اللحن اللعبوني في حين أنه بحر تنطبق عليه الكثير من الألحان المختلفة وبالتالي هو ليس لحناً ومن أمثلة البحر قول خالد الفيصل :
الله أكبر كيف يجرحن العيون *** كيف مايبرى صويب العين أبد
وأيضاً
ياشروق الشمس من عقب المطر *** يرتعش مثل الذهب فوق الغدير
وأيضاً
ياحنان العمر في عيونك حنان *** والهوى جذابه الرمش الحنون
ولبدر عبد المحسن :
في زمان الشح يصبح للقمر *** مثل نور الشمس في الليل العتيم
وأيضاً
ياسواد العين في عيوني سواد *** النظر دخان وأنفاسي لهب
وأيضاً
آه من ليل التجافي ما طوله *** ليلة العاشق ثوانيها ليال
- متفرقات :ـ
هناك عدة أوزان متفرقة لم تنسب إلى بحر معين من البحور المعروفة وأغلب تلك الأوزان ناشئة أساساً من ساحة ( المحاورة ) ولذلك فقد صار الشعراء يكتبون بعض قصائدهم على نسقها من دون أن تنسب إلى إي بحر ومن أشهر تلك الأوزان ما أسماه أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (( العرضه )) وأنا أختلف معه بذلك لأن العرضه لحن وليس بحراً مستقلاً بذاته وأعدّه الأقرب للمسحوب، ونظراً لأني لم أجد أمثله مغناه له سأكتفي بإيراد ثلاثة أمثله من شعري (والكلام لمحمد صلاح الحربي) وهي :
الغلا سكر نبات القلوب المشمسه *** والحلا كله ملكك ياسكر نبات
وأيضأً
من هنا لين آخر الكون مدري وين أروح *** والمدى درب التباريح والذكرى براح
وأيضاً
سمّي سمّ الله فراقك وسلم هالحلا *** فيك ياصفوة مخاليق ربي من حسان
ومن الأوزان الرائعة ماكتب عليه خالد الفيصل :
شمس نصف الليل ما تحرق المتدفي *** نورها بالقلب والعين ما تجهرها
ما يعرف الليل من خافقة متوفي *** كل ومضة شوق قلب الخلي يقبرها
وأعده شخصياً من أشتقاقات بحر المسحوب.
وهناك الوزن التالي والذي كتب عليه خالد الفيصل :
لا تقول أن الليالي فرقتنا *** لا تقول ظروفنا عيت علينا
وقوله
ماهقيت أن البراقع يفتنني *** لين شفت ظبا النفود مبرقعاتي
وللأمير بدر
مابقى لي قلب يشفع لك خطيه *** ذوبته جروح صدك والخطايا
وكذلك هذا الوزن الذي كتب عليه خالد الفيصل:
في سحابه على متن التمني *** شفت عمري نهار في سحابه
وأظنها من اشتقاقات بحر الهجيني لكني لا أجزم.
- ملاحظه أخيرة :-
هناك بحر لم آتِ على ذكره وهو بحر الهلالي نظراً لأنه من البحور التي صار من النادر استخدامها كما أن أمثلته من بين ماهو مغنى من الفنانين معدومة تماماً لصعوبة غناء هذا البحر...
وفي الختام أتمنى أن أكون قد وفقت في ما يضيف إليكم القليل من ما تودون معرفته عن بحور الشعر والسلام خير ختام... [/align]
18 / 04 / 2004, 53 : 09 AM
