بعد الولادة.. المستشفى سلّم الأم السعودية رضيع أم أخرى.. فكيف اكتشف الأب أن الرضيع ليس ابنه؟
كانت تنتظر مولودها الأول بفرحة واستعداد بكل مستلزماته بدأت مع معاناة الحمل، وترقب ألم الولادة التي هانت أمام فرحتها بالطفل الجديد، وعندما علمت أن الجنين ذكر بدأت ترشيحات الأسماء، فهل كانت تسميته مسبقاً نذير شؤم على الزوجين؟
المدينة المنورة: جمال عبد الخالق
الأم لـ «سيدتي»:
حرموني فرحة استقبال طفلي الأول
اتفقت الزوجة وزوجها عادل الحربي على اختيار اسم عبد العزيز، وبالفعل بدأ زوجها يناديها ـ يا أم عبد العزيز ـ وعندما حان وقت الولادة حملها في السيارة ترافقهما زوجته الأولى، وذهبا جميعاً للمستشفى، ولأن المستشفى لا مكان فيها للرجال ويمنع انتظارهم، عاد الحربي إلى بيته تاركاً زوجتيه، الأولى ترافق الثانية، وكانت أمور الحمل تسير بشكل طبيعي فتوقع الجميع أن تكون الولادة طبيعية؛ ولكن فجأة ولأسباب تتعلق بوضع وصحة الجنين قرر الأطباء إجراء عملية قيصرية، وهنا لا بد من عودة الأب مرة أخرى ليوقع على إقرار بالموافقة.
عاد الحربي على الفور ثم غادر المستشفى بعد التوقيع لذات السبب، عدم وجود أماكن لانتظار الرجال دخلت الأم غرفة العمليات بينما الزوجة الثانية في غرفة الانتظار، تمت الولادة بسلام ونقل المولود للحضانة ونقلت الأم للغرفة، وبعد أن زال تأثير البنج واستردت وعيها وكانت طبيبتها بجوارها، أحضروا لها المولود فاحتضنته بفرح شديد وبدأت ترضعه لخمس ساعات، وبينما هو في حضن أمه تداعبه وتطمئن عليه، حضرت الممرضة وأخذته للحضانة، في ذلك الوقت كان الأب قد حضر لزيارة زوجته حسب مواعيد المستشفى، سأل عن ابنه وعن صحته، قالوا له إنه طفل جميل يشبهك كثيراً، فطلب رؤيته وأحضروه له من الحضانة، قبّله واحتضنه وبدأ يداعبه، وأثناء ذلك وضع يده على السوار الموجود حول معصم الطفل ولكن كانت المفاجأة ـ هذا السوار يكتب عليه اسم الأم ـ باللغة الإنجليزية، والد الطفل لاحظ وجود حرف الـ(R) فلفت ذلك انتباهه لأنه ليس من أحرف اسم الأم (زوجته) ولا اسم والدها أو جدها، وعلى الفور طلب الممرضة وقال لها:
«لماذا كتبتم اسم الأم خطأ»؟ فنظرت للسوار وقالت له لقد حدث خطأ وتجمعت الممرضات وظهرت عليهن حالة من الارتباك الشديد، وقالت ممرضة منهن: «هذا ليس ابنكم»، فسألها الأب وأين ابني؟ قالت سنحضر لكم ابنكم، لقد تبدلت المواليد ونأسف لهذا الخطأ.
نأسف للخطأ!
بكل بساطة كما يقول عادل الحربي «نأسف لهذا الخطأ»، ويضيف لقد جن جنوني وتساءلت بصوت عال: أين ابني أين إدارة المستشفى؟ وذهبت على الفور للمدير المناوب وبدأت حالة من الفوضى تعم المستشفى، وبعد أكثر من خمس ساعات كانت المفاجأة لقد أحضروا لي طفلاً يعاني من عيب خلقي «الشفة الأرنبية» وقالوا: «هذا طفلك»!
ليس طفلي!
يتابع عادل: «صرخت زوجتي وقالت هذا ليس طفلي، وأنا بدوري دخل الشك في قلبي وراودتني أفكار كثيرة وتساءلت هل بيع طفلي؟ هل تم تبديله من أجل المال؟ شكوى وغيرها من الأسئلة وأمام هذا الشك القاتل والخوف من اختلاط الأنساب رفضت استلام الطفل، وطالبت بإجراء تحقيق عاجل في هذه الكارثة التي تعود للإهمال والتسيب، وفي اليوم التالي حاولت إدارة المستشفى إلقاء اللوم على الممرضة والقابلة».
مصير الطفل الذي أرضعته الأم؟
يقول عادل الحربي: «لقد تعرفت إدارة المستشفى على أم الطفل الحقيقية، وكنت حريصاً على أن ألتقي بوالده فوجدته رجلاً مسناً بسيطاً، لا يمكن الاعتقاد أنه قد يكون دفع رشوة لتبديل الطفل المعاق بطفل سليم، كنت حريصاً على أن أتعرف عليه، لأن ابنه أصبح ابني من الرضاعة، خوفاً من أن يأتي يوم ويتقدم للزواج من ابنتي، أما الهدف الثاني لتعرفي عليه فكان للتأكد من الشكوك التي كانت تراودني من احتمال أن يكون لهذا الرجل دور فيما حدث من عملية تبديل»!
الأم... كنت أتمنى احتضانه
والدة الطفل والتي حدثتنا بصوت متعب وهي تغالب دموعها قالت: «صدمتي في اختفاء طفلي كبيرة جداً، ولا يمكنني أن أصدقها، وما حدث معي اغتال فرحتي قبل أن تبدأ، فهذا طفلي الأول، وكم كنت أتمنى أن أحضنه وألاعبه كما تفعل جميع الأمهات، رغم الآلام التي تعرضت لها أثناء الولادة لأنها كانت قيصرية إلا أنني تحملتها».
< كيف عرفت بأنه نتيجة لخطأ تم استبدال الأطفال؟
ـ بعد خروجي من غرفة العمليات أحضروا لي طفلي لأشاهده وأرضعه، وظل معي لفترة طويلة حتى حضرت الممرضة وأخذته مني لتضعه في غرفة الأطفال المخصصة لهم، وعندما ذهب زوجي لمشاهدته بعد ذلك اكتشف بأن الطفل الذي قمت بإرضاعه ليس ولدي وإنما طفل سيدة أخرى، فما كان منه إلا أن سأل عن ولدي فقامت الممرضات بإعطائه طفلاً آخر، واعتذرن له عن الخطأ غير المقصود منهن، لكنه رفض أن يتسلمه، فقد لا يكون ولدنا وطلب أن تجرى له الفحوصات اللازمة.
< ألا يراودك شعور أو أحساس بأن الطفل الثاني قد يكون طفلك؟
ـ لا أعرف ما هي حقيقة مشاعري تجاهه، لأنهم عندما أحضروا لي الطفل الأول لم يكن لدي شك تجاهه واعتبرته طفلي؛ لكن بعدما اكتشفنا حقيقة ما حدث أنا خائفة من أخذ الطفل الثاني باعتباره ابني، خاصة أن الشك أصبح كبيراً بداخلي، ومن المحتمل أن يكون ولدي أو طفلاً لأشخاص آخرين.
< هل اخترت له اسماً؟
عندما عرفت بأنني سأنجب ذكراً اتفقت مع زوجي على تسميته «عبد العزيز».
لن أستلمه!
«نحن نعيش الآن في حالة نفسية سيئة قتلت فينا فرحة قدوم المولود» هذا ما أضافه الحربي لـ «سيدتي»، وما زالت زوجتي في المستشفى وما زال الطفل حبيس الحضانات، لقد تحول المستشفى إلى سجن، ولكن ما أثلج صدري اهتمام الأمير عبد العزيز بن ماجد بقضيتي وتوجيهه للشؤون الصحية بضرورة إجراء فحص الحمض النووي لإثبات نسب الطفل؛ ولكن ما أطالب به هو تشكيل لجنة محايدة للتحقيق في هذه الحادثة ومعاقبة المسؤولين عنها، لأن هذا الإهمال سيساهم في فقد الثقة بالمستشفيات، ولا بد من وجود مرافقة مع السيدة التي تدخل غرفة الولادة أو غرفة العمليات حتى نتجنب اختلاط الأنساب والمواليد، ولن أستلم طفلي حتى يتم إجراء الفحص».
عادل الحربي والد الطفل وإنقاذاً لزوجته والطفل بطل القصة من سجن النساء والولادة والأطفال ونتيجة للحالة النفسية السيئة التي وصلت إليها زوجته، قرر تسلم الطفل وإخراج زوجته من المستشفى وحرر لإدارة المستشفى إقراراً أكد فيه أنه وتفادياً للحالة التي وصلت إليها زوجته بعد أن ظلت حبيسة المستشفى لمدة أسبوعين، قال: كتبت إنني اتسلم الطفل لحين ظهور نتيجة فحص الـ DNA واثبات نسب الطفل لي، وأضاف: إذا أثبت التحليل أن الطفل هو ابني الحقيقي سوف أرضى بالنتيجة وإذا ثبت غير ذلك فلكل حادث حديث؟
الرأي القانوني
تسيّب!
المحامي والمستشار القانوني أسامة سعد اليماني، يحمّل إدارة المستشفى المسؤولية الكاملة عن هذا التسيب والإهمال الذي أدى إلى مثل هذه الكارثة الإنسانية، التي ستفقد الناس الثقة في المستشفيات، وأضاف أن حصر مسؤولية هذا الخطأ الجسيم في الممرضة لن يحل المشكلة، وطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق عاجلة وعادلة لكشف ملابسات هذا التسيب، ومعاقبة المسؤولين عنه لمنع تكراره في المستقبل، وأن من حق والد الطفل رفع قضية تعويض ضد إدارة المستشفى للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي لما أصابه وأصاب أسرته نتيجة الإهمال والتسيب.
رأي الطب
الطبيب المتابع!
حول رأي الطب في هذه القضية وإمكانية اكتشاف العيب الخلقي أثناء الحمل يقول البروفيسور عبد الله باسلامة استشاري أمراض النساء والتوليد وجهاز السونار: «يمكن للطبيب المتابع اكتشاف العيب الخلقي قبل الولادة، وهناك أجهزة حديثة يمكن بواسطتها اكتشاف الشفة الأرنبية وحتى العيوب الأقل منها، وهنا لا بد من سؤال الطبيب الذي كان يتابع حالة هذه السيدة قبل الولادة، هل لاحظ أن الجنين يعاني من هذا العيب الخلقي؟ وتحليل الحمض النووي هو الفيصل في إثبات نسب الطفل لوالده، وهذا الخطأ ناتج عن إهمال الممرضات في قسم الحضانات، ولكن لا يمكن إعفاء المستشفى من المسؤولية، ومن حق الأب أن يطالب بمعاقبة المسؤولين عن هذا الخطأ، ويطالب أيضاً بالتعويض عن الضرر النفسي والمعنوي الذي أصابه».