هل فكرت يوماً
أن تضع يدك على قلبك وتفكر كيف أن هذه القطعة العجيبة من جسمك تعمل على مدار الساعة دون توقف
إنها تعمل يومياً ، أثناء يقظتك وأثناء نومك أيضاً . وتغيّر من سرعتها أوتوماتيكياً طبقاً لاحتياج جسمك وستظل
تعمل كذلك على مدى الأيام والشهور والسنين حتى الدقيقة الأخيرة من حياتك ، دون أن تأخذ إجازة ولو للحظة
واحدة
هل فكرت يوماً ... فيما لو كان أمر تشغيل هذه القطعة وتنظيم عملها موكلاً إليك – مثلاً عن طريق عضلةٍ ما
يمكن ضغطها باليد -
ما لذي يمكن أن يحدث ؟
طبعاً ، ببساطة ، ستفشل في تشغيلها وستمـــــــــوت بعد ساعات فأنت ستتعب قبل ذلك ، وتحتاج أن تغير النبض
باستمرار ، ثم إنك تحتاج أن تنام وقبل كل شيء تحتاج أن تكون متفرغاً لهذا العمل لأن أي غفلة ستكلفك حياتك
وبالتالي لن تستطيع أن تسعى في طلب رزق أو دراسة أو عمل .
إن جهاز القلب هذا هو جهاز واحد فقط ، من عشرات الأجهزة الموجودة في جسم الإنسان ، والتي تقوم بما تعجز
عنه مئات المصانع التي يديرها البشر ، فهناك جهاز لتبريد في جلد ابن آدم ، وجهاز للتنفس لاستخلاص
الأكسجين ، والكبد تعمل باستمرار لتقية الدم من السموم ، وأجهزة أخرى وأخرى كثيرة ، والتي بدونها لم يمكن لأي إنسان البقاء حيًّا .
فتأمل
أيها المسلم في عظيم نعمة الله علينا ، حيث جعل هذه الأجهزة تعمل لوحدها دون تدخل منا ، وهذه الآيات والنعم التي هي في جسمنا فحسب ، قال ربنا عز وجل ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ؟؟
فكيف بنعم الله الظاهرة الأخرى علينا من مأكل ومشرب وملبس وأمان ؟ وكيف بالنعم الأخرى التي لا نراها ؟ بل كيف بأعظم نعمة على الإطلاق ، وهي إنعام الله علينا بنعمة الإسلام والهداية ؟ والتي حرمها كثير من البشر ، مع أنهم ما خلقوا بالهيئة التي خُلقوا عبيها إلا القيام بهذه النعمة .
إن المتأمل في نعم الله لا يمكنه أن يخرج إلا
بنتيجة واحدة
هي أن إنعام الله علينا وفضله يشملنا في كل لحظة من لحظات حياتنا ، وفي كل حركاتنا وسكناتنا .
حقاً ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ! فهو سبحانه كما أخبر قد ( أسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) .
أليس من حق الله علينا بعد كل تلك النعم أن يُطاع فلا يُعصى ، وأن يشكر فلا يكفر ؟
( كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )
( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون )
( فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون )
فالعجب كل العجب لمن يعلم أن كل ما عنده من النعم هو من الله ، ثم هو لا يستحي من الاستعانة بها على ما نهاه الله عنه !!
والشكر إنما يكون بامتثال أوامر الله عز وجل ، واجتناب نواهيه ، فشكر الجوارح يكون بأن يستعملها الإنسان في ما يرضي الله ، وليس فيما يغضبه .
فالعين لا تنظر إلى ما يحرم الله من الصور والعورات
والأذن لا تسمع ما حرم الله من الغناء والباطل
واللسان لا يقول ما يغضب الله من الغيبة والفحش
وهكذا سائر النعم الأخرى من الصحة والمال والقوة ، فإنه يجب توظيفها فيما يرضي الله من صنوف الطاعات كالصلاة والصدقة وأعمال الخير والإحسان وغير ذلك .
ولأن الشكر من أعظم القربات إلى الله ، فقد كان من أشد الطاعات على عدوا الله أبلــــــــيس الذي أقسم أن يصرف جهده في جعل الناس لا يشكرون ربهم فقال : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين )
إذا فعلينا أن نحذر من أن نكون مع أكثر الناس الغافلين الذي لا يشكرون الله ، والذين حالهم كما قال الله .. ( ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ أولئك هم الغافلين
ولنحرص أن نكون مع القليل الذين قال فيهم ( وقليل من عبادي الشكور )
ولنأخذ بوصية ربنا عز وجل : ( بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ) كما أخذ بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقام الليل حتى تفطرت قدماه ، فلما سئل : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبداً شكورا ؟ "
فماذا نقول نحن المقصرين الذين لا يزال الله ينعم علينا ويرزقنا ويلطف بنا مع أننا نعصيه بالليل والنهار ؟
منقول