اختار هذه القراءة لفرادة تجربة الشاعر المقروء .. خالد المسعودي ..
---------------
حين غلبني فضولي تماديت هنا ..
أغرورقت أسطري وفاضت أوراقي وأنا ما زلت أحبو ( كتابة ) سطرا سطرا ..
هنا تحديدا أشرع في فصل جديد ..
أوسع مدى وأرحب ..
فكرت فيه لحرصي دوما على أن اقرأ وأكتب ..
على أن أخوض في أغوار ما أحببت من النصوص وما أحببت من الأشخاص
بعيدا عن فصول المجاملة أو حتى المواربة ..
ولأنني أشرع في هذه الخطوة باعتباري مبتدئاً لا أخفي حاجتي إليكم وتوجيهكم لا سيما وأنا أبحث عن رأي آخر يهمني للرقي دوما ..
ولأنني هنا أخوض في أعماق ( تجربة ) أراها من حيث قرأت نصوصا تستحق هذه التسمية بخلاف العمر أو المراحل التي يمر بها الشاعر لكوني أتعامل مع النص أولا وأخيرا ..
لا أريد أن أسهب فأقتل جمال ما أصبو إليه ..
لكنني فضلت أن أقوم بكتابة دورية ( كل شهر مبدئيا ) عن أحد أعضائنا الأعزاء الذين تجلت نصوصهم إبداعا ..
تحت عنوان ( استقراء تجربة عضو ) ..
ولحرصي أنها تخدم الشعر الشعبي آثرت أن تكون أمامكم هنا في منتدى الشعر الشعبي ..
وليكن فارس أول قراءة هو الشاعر الجميل الخلوق :
خالد المسعودي ...
استقراء تجربة
أمامي الكثير مما قرأت لخالد ، ومما لا أشك في أنها تحمل إنسانية ( خالد ) قبل كل شيء ، وتعكس روحه الأنيقة أيضاً .
بدأت اقرأ لهذا الاسم مبكراً ، وكثيرا ما كانت تدهشني عفوية صوره الشعرية
واختياراته التي تعكس واقعه الجميل ، دون تعقيد أو فلسفة لا تأتي بجديد .
يشعرني في أغلبها بعلاقة مع العصافير ، مع الأغصان ، مع الفجر ، مع الشبابيك ، مع الورد ، مع السفر ..
مصطلحات كثيرة يبلورها في قالب أنيق ، وأسطر رشيقة .
وما زال يغرد في ذاكرتي قوله الذي قرأت قبل أن أعرفه كشخص وهو :
خايفة تفشل دروبك مرتين ………..……… خايفة مني وأنا مالي أحد
وطالما علق هذا البيت في ذاكرتي فهو دليل نجاح يحسب للشاعر على
الأقل في نظري .
فـ ( لغة الشعر لغة العاطفة ، ولغة النثر لغة العقل ) ..
كتاباته تستند كثيرا على العاطفة ، وعلى الصدق وهما ركيزتان من ركائز
النص الناجح في النقد العربي ..
صوره يستوحيها من بيئته ، وملامحه التي تشبه الأطفال براءةً وشقاوة ..
تجده يسرح بك إلى فضاء خاص ، تبحر معه إلى شواطئ مختلفة ليرمي
بـ ( سنارته ) الفكرية ويصطاد المعنى ( البكر ) الذي عنه .
يقول في نص ( حفلة الدمع ) :
جلست لك فوق السحابة وغنيت
احنا عصافير ما تحمل خطايا
ومريت وإلا علي ما يوم مريت
احنا أجمل اثنين في كل الزوايا
الفتنة اللغوية في هذي البيتين ، والتراكيب اللفظية جاء توظيفها انتماء
للمرحلة التي تعكس عالما جميلاً جُلّه زقزقة عصافير وكُلّه غناء ..
بريئة لا تحمل خطايا ..
وتتجلى حرفنة الخيال الشعري في البيت الثاني في عجزه ، إذ أنه ــ أي
الشاعر ــ لا يبالي بمرور محبوبته عليه كونه يرى ــ بعين العاشق ــ وجودها
معه حتى في غيابها ، ولعلها صورة خيالية تعكس البعد الأفقى للشاعر .
ومما يدلل على ذلك قوله :
( احنا أجمل اثنين ) والأجمل من ذلك قوله :
( في كل الزوايا ) حيث يتراءى له ذلك ، إما واهماً وإما حالماً ..
والدليل قوله : ( وإلا علي ما يوم مريت ) ..
فكأنه بذلك يعني ما قلت .
:
:
في نص ( ليه ما اكتب لك ) :
وفي بُعد آخر يقول خالد :
واذكر فـ مرة زعلت كثير من أهلك
مرت ليالي ولا مروا على أهلي
يدرون فينا ولا يدرون عن وصلك
وهالحين وش ضرهم دام الحكي وصلي
قمت أرسمك بالدفاتر واحتضن شكلك
اقرا قصيدي ( يعلك) تحتوي شكلي
يصور لنا مدى توطد العلاقة ، بل إن الرؤية تتضح أكثر من حيث ( الوصال المعنوى ) بين الشاعر ومحبوبته .
وأسلوبه هنا مدهش خصوصا في قوله :
( يدرون فينا ولا يدرون عن وصلك )
السؤال ( يدرون فينا ) دلالة واضحة على أن العلاقة بصورة أو بأخرى قد تجلت لـ ( الأهل ) ، لكن الخافي ( الوصل ) منها تحديدا ، وكأن الشاعر يومئ
إلى أن يدلل على أنهم على علم بـ ( وصله هو لها ) بدليل قوله :
( وش ضرهم دام الحكي وصلي ) .
علاقة الشاعر بالحب تتشكل في انسيابية ، قد ترنو من الازدواجية حينا ولا يتفرد بها الشاعر وحده ..
هنا تحديدا ربما يعيب على الشاعر تكرار قافيته في العجز والصدر باختلاف ضمير المتكلم والمخاطب ..
أيضاُ قوله ( يعلك ) ربما كانت لهجوية فلذلك فضلها الشاعر وإلا فإن قول ( لعلك ) كان أجدى ..
يتبع
أبوعبدالمجيد