كل يوم كلمة
اتسعت مساحة العدالة فضاق الطريق أمام العميد
عبدالعزيز الهدلق
منذ القرار التاريخي للاتحاد السعودي لكرة القدم بالاستعانة بالحكم الأجنبي لإدارة المباريات النهائية والحاسمة في المسابقة الكروية المحلية بعد حادثة أخطاء معجب الشهيرة التي حولت كأس دوري خادم الحرمين الشريفين من الأهلي للاتحاد قبل أربعة مواسم والاتحاديون يشنون هجمة شرسة وحرباً ضروساً ضد وجود الحكم الأجنبي في ملاعبنا، وهو الذي حقق نجاحات كبرى لا تحجبها نظرة قاصرة لمصلحة ذاتية.
ولعلنا نوجز نجاح الحكم الأجنبي في ثلاث نقاط مهمة جداً، أولها أنه أقل أخطاء من الحكم المحلي، وثانيها أن أخطاءه تكون على الطرفين وليست مركزة على طرف واحد، وثالثها أن الهدوء بات يسود مبارياتنا النهائية والحاسمة، ولم تعد تلك المباريات والنهائيات تحفل بالهيجان الإعلامي والإداري والجماهيري الساخط على الحكم من قبل الفريق الخاسر، فالكل يخرج من المباراة راضياً بالنتيجة سواء كان فائزاً أم خاسراً.
ويبقى السؤال.. لماذا يحارب الاتحاديون من أجل وضع حد لوجود الحكم الأجنبي في ملاعبنا..!!؟
والإجابة في نظري بدهية وحاضرة في ذهن أي متابع وتكمن في أن نتائج الفريق الاتحادي في المباريات التي يديرها حكام أجانب لم تعد هي نفس النتائج للمباريات التي كان يديرها حكام محليون وبالأخص أمام المنافسين، فخلال (12) مباراة محلية خاضها الاتحاد بإدارة حكام أجانب لم يستطع الفوز إلا في أربع فقط..!! أي بنسبة نجاح مقدارها (33%) وهي نسبة متدنية ولا شك. ومن هنا علت الأصوات الاتحادية مطالبة بإبعاد الحكم الأجنبي وعودة الحكم المحلي لإدارة المباريات، وشنت من أجل ذلك حملة مركزة للتشكيك في نزاهة الحكم الأجنبي والتشكيك في كفاءته ووصل الأمر إلى التشكيك في علاقته ببعض المنتمين لاتحاد الكرة ممن يكونوا في استقباله ومرافقته. بل وتعدى التشكيك كل ذلك إلى درجة التساؤل السمج عن سبب التركيز على الاستعانة بحكام من دولة محددة (إسبانيا) ومدى علاقة هذا البلد بأحد الأطراف المحلية..!! مع العلم بأنه ليس هناك أي طرف محلي له علاقة خاصة أو غير عادية بإسبانيا ولكنه تساؤل يهدف إلى خلق حالة تشكيك فقط. وإذا أردنا أن نغوص في البحث عن تفاصيل مثل هذه العلاقات لن نجد غير رئيس الاتحاد لنتهمه بمثل ذلك العلاقة القوية والمتينة برئيس برشلونة لابورتا، ولكننا أرفع من أن نهبط إلى مثل هذا المستوى من الطرح النقدي السلبي والهدام. وبكل تأكيد أن تلك المحاولات التشكيكية مرفوضة جملة وتفصيلاً لأنها غير صحيحة أولاً، ولأن أهدافها واضحة ومقاصدها مكشوفة ومفضوحة.
وأجزم أن تلك المحاولات البائسة لن تجدي نفعاً لأن وجود الحكم الأجنبي في ملاعبنا سيبقى مطلباً ملحاً لجميع الأندية (عدا الاتحاد) تفرضه الكفاءة التحكيمية، وتفرضه العدالة التي يشعر بها الجميع، وتفرضه حالة الارتياح والهدوء التي سادت ملاعبنا.
ونحمد الله على أننا نملك قيادة رياضية واعية وذات بعد نظر وعمق رؤية وحريصة كل الحرص على تطوير الحركة الرياضية ومنافسات كرة القدم جزء منها، وحريصة على تحقيق العدالة في هذه المنافسات بلا محاباة ولا مجاملة لأي طرف، وحريصة أيضاً على إغلاق أبواب الشبهات والشكوك في نتائج أي مباريات حتى ولو كان ذلك ناتجاً عن خطأ غير مقصود من أي حكم محلي. وذلك ما جعلها تبادر إلى الاستعانة بالحكم الأجنبي في المباريات النهائية، ثم تتوسع في هذا إلى الاستعانة به في المباريات المهمة والحساسة في بقية المسابقات.
وسنبقى كإعلام رياضي نشد على أيدي المسؤولين في هذا الاتجاه ونؤازر هذه الخطوة لأن أهدافها أسمى وأكبر من مصلحة فرد أو فريق وجد أن طريق الانتصارات بات ضيقاً أمامه عندما اتسعت مساحة العدالة.