رائعة من اخر ما قال د. القصيبي
[poem=font="Simplified Arabic,4,indigo,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/15.gif" border="double,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
خمسٌ وستُونَ.. في أجفـان إعصـارِ
أما سئمتَ ارتحـالاً أيّهـا السـاري؟
أما مللتَ من الأسفـارِ.. مـا هـدأت
إلا وألقتـك فـي وعثـاءِ أسـفـار؟
أما تَعِبتَ من الأعـداءِ.. مَـا برحـوا
يحـاورونـكَ بالكبـريـتِ والـنـارِ
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ
سـوى ثُمـالـةِ أيــامٍ.. وتـذكـارِ
بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا
قلبي العناءَ!... ولكـن تلـك أقـداري
أيا رفيقةَ دربي!.. لـو لـديّ سـوى
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعمـاري
أحببتنـي.. وشبابـي فـي فتـوّتـهِ
ومـا تغيّـرتِ.. والأوجـاعُ سُمّـاري
منحتني من كنـوز الحُـبّ.. أَنفَسهـا
وكنتُ لـولا نـداكِ الجائـعَ العـاري
مـاذا أقـولُ؟ وددتُ البحـرَ قافيتـي
والغيم محبرتـي.. والأفـقَ أشعـاري
إنْ ساءلوكِ فقولـي: كـان يعشقنـي
بكلِّ ما فيهِ مـن عُنـفٍ.. وإصـرار
وكان يـأوي إلـى قلبـي.. ويسكنـه
وكـان يحمـل فـي أضلاعـهِ داري
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكـنْ بَطَـلاً
لكنـه لـم يقبّـل جبـهـةَ الـعـارِ
وأنتِ!.. يا بنت فجـرٍ فـي تنفّسـه
ما في الأنوثة.. من سحـرٍ وأسـرارِ
ماذا تريديـن منـي؟! إنَّنـي شَبَـحٌ
يهيـمُ مـا بيـن أغـلالٍ.. وأسـوارِ
هذي حديقة عمري في الغروب.. كمـا
رأيتِ... مرعى خريفٍ جائـعٍ ضـارِ
الطيرُ هَاجَـرَ.. والأغصـانُ شاحبـةٌ
والـوردُ أطـرقَ يبكـي عـهـد آذارِ
لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبـي
فبيـن أوراقِهـا تلـقـاكِ أخـبـاري
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكـن بطـلاً
وكـان يمـزجُ أطــواراً بـأطـوارِ
ويا بـلاداً نـذرت العمـر.. زَهرتَـه
لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحـاري
تركـتُ بيـن رمـال البيـد أغنيتـي
وعند شاطئكِ المسحـورِ.. أسمـاري
إن ساءلوكِ فقولي: لـم أبـعْ قلمـي
ولم أدنّس بسـوق الزيـف أفكـاري
وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكـن بَطَـلاً
وكان طفلي.. ومحبوبـي.. وقيثـاري
يا عالم الغيبِ! ذنبـي أنـتَ تعرفُـه
وأنـت تعلـمُ إعلانـي.. وإسـراري
وأنـتَ أدرى بإيمـانٍ مننـتَ بــه
علـي.. مـا خدشتـه كــل أوزاري
أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لـي
أيرتُجَـى العفـو إلاّ عـنـد غـفَّـارِ [/poem]