تكنولوجيا جديدة يمكن أن تعزز فعالية مهمة مكافحة اخطار البراري
(مفتاح النجاح خلق المفاجآت )
من كاثرين شميدت، مراسلة خاصة لنشرة واشنطن
واشنطن، 9 تموز/يوليو- دأب الباحثون الأميركيون، منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، على العمل على مدار الساعة لتحديد المواقع التي هي عرضة للخطر في أنظمة القوات المسلحة والمخابرات الأميركية وتطوير وسائل دفاع لدرئها. وقد أصبحت أوجه التقدم التكنولوجي، التي كانت منذ بضع سنوات لا تخطر على البال، حقيقة واقعة اليوم للذين يقفون على الخطوط الأمامية.
أدخل عالم الرادار الذي يكشف الرصاص والإنسان الآلي الذي يستطيع تسلق الجدران كشخصية أفلام الرسوم المتحركة "الرجل العنكبوت". لقد استخدمت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية، التي تعتبر "المحرك التكنولوجي" في وزارة الدفاع والمسؤولة عن منع وقوع مفاجآت تكنولوجية وابتكارها في آن معا، مواردها بحكمة والنتيجة هي اختراعات جديدة مصممة لمكافحة الأخطار الإرهابية المتوقعة العالية التقنية.
ويدرس الباحثون، في واحد من أبحاثهم، الحشرات؛ كيف تركض وتقفز، كيف يتسلق أبو بريص الجدران ويمشي على السقوف، وكيف يتفادى الذباب الإمساك به، وكيف يختبئ الأخطبوط. وتعد عمليات الرصد هذه مفتاح الكشف عن أساليب جديدة للتنقل والحركة والتمويه الشديد التكيف مع الأوضاع.
ومن نتائج هذه البحوث المتقدمة، ريكس، الإنسان الآلي لوكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية. فهذا الإنسان الآلي الذي طوره فنيون من كندا والولايات المتحدة، يستطيع أن يركض في أرض وعرة، بل أن يسبح أيضا. وهدف الباحثين التالي هو تزويد ريكس بأقدام شبيهة بأقدام أبو بريص، تمكنه من تسلق الجدران والسقوف، وتعطيه القدرة ذاتها على الحركة المتوفرة لتلك الزواحف الشبيهة بالرجل العنكبوت. وستكون لدى ريكس في نهاية الأمر، كاميرا وأجهزة استشعار بيوكيميائية لكشف هذه المواد في الجو.
والأمل معقود على أن تكنولوجيات "العصر الجديد" لن تحول فحسب دون الهجمات الإرهابية، بل ستجعل ميدان المعركة أكثر أمنا للجنود الأميركيين. و يأمل الباحثون، بتطويرهم إنسانا آليا مثل ريكس، يستطيع المغامرة في المناطق غير الآمنة بالنسبة للإنسان وتنبيه نظرائه من بني الإنسان إلى وجود مواد بيولوجية خطرة (أو أي تهديد آخر يصعب كشفه)، في أن يتفادوا الإصابات بين المدنيين والعسكريين.
وعلاوة على ذلك، صرح الدكتور توني تيثر، مدير وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية، للجنة الفرعية للقوات المسلحة التابعة لمجلس النواب والخاصة بالإرهاب، في شهادته في 27 آذار/مارس بأنه في حين أن "تكنولوجيا الكمبيوتر هي في المقدمة في هذه الحرب الجديدة على الإرهاب، فإن أجهزة الكمبيوتر "لا تزال غير ذكية في المقام الأول وصعبة الاستخدام. لذلك فهناك حاجة إلى شيء مختلف كثيرا."
ذلك الشيء المختلف الذي كان يشير إليه تيثر هو "جهاز الحساب المدرك." ويتصور تيثر وزملاؤه أجهزة حساب مدركة جديدة أذكى وأكثر تفاعل فيما بينها، وأقرب شبها للإنسان. ويتكهن الباحثون في وكالة الأبحاث المتقدمة بتطوير أجهزة لها القدرة على التفكير في بيئتها، ونقل أهدافها وقدراتها. وستكون أجهزة كمبيوتر المستقبل قادرة على التعلم والتعليم بل قادرة على الاتصال مع مستخدميها.
فقد قال تيثر للجنة "ليست الفكرة استبدال الآلات بالبشر، بل الجمع بين الناس والإنسان الآلي لإيجاد قوة أكثر قدرة وأسرع حركة واقتصادية من حيث الكلفة تخفض عدد الإصابات الأميركية." ويجري تطوير شبكة من الأجهزة التي تشمل أجهزة برية وجوية مأهولة وغير مأهولة، وإيجاد تشكيلات بحجم لواء تتمتع بالقدرة على أن تكون فتاكة وقادرة على البقاء كقوة مدرعة ثقيلة، ولها القدرة على الانتشار كقوة محمولة جوا، وعلى الحركة السريعة التكتيكية كقوة هجوم جوي.
ولدى فريق آخر في وزارة الدفاع، هو الفريق العامل في المساندة التقنية، مشاريع قيد التطوير للتفوق على جهود الإرهابيين المحتملين. فمن أسلحة المستقبل التي يدرسها هذا الفريق أجهزة مراقبة النقل الجماعي، وجهاز تبريد لجسم المدرعة، وأسلوب لاستخلاص الحامض النووي من البصمات، وآلة إشعاعية لفحص الأمتعة تستطيع تدمير الأسلحة البيولوجية والكيميائية غير المكتشفة.
ويطور الفريق أيضا جهازا يحمل باليد لكشف المتفجرات أصغر كثيرا من الأجهزة المتوفرة اليوم. وهذا الجهاز المعتمد على تكنولوجيا الموجات الصوتية السطحية أثبت فعلا قدرته على كشف مادتين كيميائيتين معروفتين تستخدمان في المتفجرات. وستتيح إمكانية حمل هذا الجهاز باليد وفعاليته للمسؤولين عن تطبيق القانون التعرف على الأخطار الحقيقية وتقليل جوانب الإزعاج الناشئة عن إنذارات كاذبة إلى أدنى حد ممكن.
وللمساعدة في اختراق المنشآت الخطرة المعقدة الواقعة تحت الأرض والكهوف في أماكن مثل أفغانستان والعراق، حيث يخبئ الأعداء مواد شديدة الأهمية، يطور الباحثون الأميركيون، علاوة على ذلك، ترددات إشعاعية زلزالية وصوتية وبصرية كهربائية وتكنولوجيات استشعار مواد كيميائية ستكون قادرة قريبا على إبلاغ الجنود بالهدف من كل منشأة تحت الأرض وذلك بكشف هيكلها الداخلي والأماكن التي تعرضها للخطر.
ويعتبر الحفاظ على سلامة الجنود والعاملين في الطب في حالة حدوث هجوم إرهابي أولوية قصوى لدى الباحثين في وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية والفريق العامل في المساندة التقنية. ويدرس الباحثون استجابة القردة المحرومة من النوم التي أعطيت صنفا جديدا من عقاقير تسمى أمباكاينز يحتمل أن تقضي على الآثار السلبية للحرمان من النوم. فالقردة، بعد إعطائها العقار تستعيد عافيتها من عيوب التغيرات الكيميائية في المخ والإدراك التي يسببها الحرمان من النوم. ويحتمل أن يكون لهذا الصنف الجديد من العقاقير مدلولات إيجابية عند الجنود أو الطيارين الذين ينفذون مهام طويلة ويعالجون حاليا بالمنشطات التي تسبب قدرا أكبر من الآثار الجانبية.
أما بالنسبة للعاملين الذين يستجيبون لحالات الطوارئ فإن "القميص الذكي" الذي يجري تطويره في مقر الفريق العامل في المساندة التقنية قد يبشر بالخير. فهذا القميص يتعقب معدل ضربات القلب والتنفس، وحرارة الجسم، والاتصالات بالصوت والبيانات. وستبث هذه المعلومات لاسلكيا إلى محطة مراقبة.
وسيتم قريبا إدخال منتج جديد اسمه "جهاز الشرب" طوره الفريق العامل في المساندة التقنية، في الملابس الواقية التي يرتديها عمال الطوارئ. فهذا الجهاز يوفر لهم القدرة على البقاء مرتوين في أثناء الحالة الطارئة، مع إطالة أمد العمل و تقليل خطر الإصابة بلفحة الحرارة.
ويطور الباحثون أيضا سبلا لمنع، أو على الأقل للتقليل من الآثار التي قد تخلفها محاولة هجوم بيولوجي أو إشعاعي على الولايات المتحدة. إذ يجري تطوير عدة مركبات ستحد عندما تعطى في وقت الهجوم، من شدته و تنقذ الأرواح.
سي بي جي هو أحد هذه المركبات، له القدرة على تعزيز جهاز المناعة في حالة حدوث هجوم بيولوجي. ويمكن استخدامه أيضا لتحسين فعالية وسرعة عمل اللقاح. وتظهر التجارب على الحيوانات أن استخدام المركب سي بي جي مع اللقاح المضاد للجمرة الخبيثة يتطلب قدرا أقل من اللقاح و جرعات أقل عددا مع آثار جانبية قليلة وحصانة أسرع. ويقول تيثر "سي بي جي جزء من مساعينا الشاملة لإزالة الجمرة الخبيثة من قائمة الأخطار."
من ناحية أخرى سيستفيد الجنود الذين يصابون بجراح في ميدان المعركة من الأبحاث الجارية على صفائح الدم، تلك الجزيئات الدقيقة في الدم التي تسبب التخثر والشفاء. فهذه الصفائح الهشة القابلة للفساد، التي تشكل شريان الحياة لجندي نازف، لا يمكن أن تعيش خارج الجسم أكثر من خمسة أيام، حتى في الحالات المثلى. وبالنسبة للأطباء العاملين في مستشفيات الميدان العسكرية، يمكن أن يعني الحصول على صفائح الدم إنقاذ حياة جندي.
واستجابة لهذه الحاجة الحيوية، يطور الباحثون جهازا لتجفيف هذه الصفائح بالتجميد باستخدام السكر تريهلوز. وقد تبين أخيرا أن صفائح دم الفئران التي عولجت بهذه الطريقة يمكن خزنها ثمانية عشر شهرا وإعادة إروائها لاستخدامها. وبوسع هذه التكنولوجيا أن تنقذ أرواحا لا حصر لها في ميدان المعركة.
إن إنقاذ حياة الجنود يحتل مكان الصدارة في هذه الحرب الجديدة. وتعول حكومة الولايات المتحدة كثيرا على هذا الأسلوب باقتراحها ميزانية تبلغ ستة آلاف مليون دولار لتمويل خطة أبحاث مدتها عشر سنوات للحيلولة دون وقع هجوم إرهابي بيولوجي والاستعداد له إذا وقع. وتبلغ ميزانية وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية ألفين وخمسمئة مليون دولار في حين زادت ميزانية الفريق العامل في المساندة التقنية من 8 ملايين دولار في عام 1992 إلى 111 مليون في عام 2002 وإلى أكثر من مئتي مليون في عام 2003.
هذا الاستثمار المهم يؤكد خطورة ومدى هذه الحرب الخطرة الجديدة على الإرهاب. ففي الوقت الذي يشن فيه الجنود الأميركيون هذه الحرب في ميدان المعركة، يشن الباحثون حربا في المختبرات. وهم يعملون معا بجد ونشاط لإنقاذ الأرواح والبقاء متقدمين خطوة على الإرهابيين والأخطار الكثيرة على أمن الأميركيين و المصالح الأميركية في الداخل والخارج
منقوووول