بسم الله الرحمن الرحيم .. أفٍ على الدنيا وأسبابِها … فإِنها للحزنِ مخلوقةْ
هموُمها ما تنقضي ساعةً … عن مَلِكٍ فيها وعن سُوقةْ
رُبَّ كئيبٍ ليس تنَدى جفونهُ … وَربَّ كثيرِ الدمعِ غير كئيبِ
القلب المملوء حزنا كالكأس الطافئة ، يصعب حمله
ستة لا تفارقهم الكآبة : الحقود .. والحسود .. وحديث عهد بغنى .. وغني يخاف الفقر .. وطالب رتبة يقصر قدره عنها .. وجليس أهل الأدب وليس منهم
إن في القلب شعث : لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة: لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق: لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات : لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب ، وفيه فاقة: لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا!!
ابن القيم
بكى أحد الحكماء على قبر ولده فقيل له : كيف تبكي وأنت تعرف أن الحزن لا يفيد ؟ فنظر إلى سائله طويلاً ثم قال متحسراً : إن هذا هو ما يبكيني ! وهكذا نحن أيضاً ..نبكي في أحيان كثيرة ونحن نعرف أن الحزن لا يفيد ..لكننا مع ذلك نجد راحتنا في الدموع ونلتمس فيها السلوى والعزاء ..وحسناً نفعل كلما اشتدت الحاجة لذلك فالإنسان القادر على البكاء حين تثقل عليه همومه أو حتى أفراحه إنسان طبيعي يتخفف بدموعه من توتره النفسي ويغسل أشجانه ويبرد بها لهيب أحزانه كما تخفف مياه الرداياتير من حرارة موتور السيارة وتحميه من الانصهار أو الانفجارولقد أثبت العلماء أن للدموع أفضالاً كثيرة على الإنسان ولولاها لما احتمل كثيرون حياتهم والمواقف المؤلمة فيها ..فالإنسان في تعاسته يفرز جسمه مواد كيماوية ضارة تساعده الدموع على التخلص منها وتزيد من ضربات القلب فتعتبر تمريناً مفيداً للحجاب الحاجر وعضلات الصدر والكتفين ..وعند الانتهاء من نوبة البكاء تعود ضربات القلب إلى سرعتها الطبيعية وتسترخي العضلات ويتسلل إلى الإنسان شعور غريب بالراحة يساعده على أن ينظر للهموم التي أبكته نظرة أكثر وضوحاً وموضوعية .. ?
حكم راقت لي أخفف بها لوعتي وإشتياقي لأبني معاذ الذي وردني وأنا أصفصف هذا المقال أنه تم رفع الأكسجين عنه وأنه يتنفس طبيعي فالله الحمد والمــنه ..