اَلْحَمْدُ لِلهِ ثُمَّ الْحَمْدُ لِله, اَلْحَمْدُ لِلِه الَّذِي اَعَزَّنَا بِالْاِسْلَامِ, وَطَمْاَنَ نُفُوسَنَا بِالْاِيمَانِ, وَاَرْسَلَ اِلَيْنَا خَيْرَ الْاَنَامِ, وَجَعَلَنَا خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ حِينَمَا نَاْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ, وَنَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ, وَنُؤْمِنُ بِالله, نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَسْاَلُهُ السَّلَامَةَ فِي دِينِنَا وَاُمَّتِنَا وَاَوْطَانِنَا, وَاَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْآَمِنِينَ, وَاَلَّا يُؤَاخِذَنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا, وَنَسْتَفْتِحُ بِالَّذِي هُوَ خَيْر, رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا, وَاِلَيْكَ اَنَبْنَا, وَاِلَيْكَ الْمَصِير, وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ, اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؟ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلّه, وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه, نَهَى عَنِ الْاَذَى, وَاَمَرَ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْغُفْرَانِ عِنْدَ الْمَقْدِرَة, اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلّمْ وَبَارِكْ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ, وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ, وَعَلَى اَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين, وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ, وَسَلّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِينَ, اَمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله: فَمِنْ سُورَةِ الْاَحْزَابِ, قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلّ{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا, فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَاِثْماً مُبِينَا{قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ اِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام, جَاءَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ, بَعْدَ بَيَانِ مَااَعَدَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِمَنْ يُؤْذِي اللهَ وَرَسُولَهُ, وَبَيَّنَّا فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَةٍ, كَيْفَ يَكُونُ اَذَى اللِه! وَكَيْفَ يُؤْذِي النَّاسُ رَبَّهُمْ! وَكَيْفَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام! نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا الْآَيَةُ تُقَبِّحُ مِنْ شَاْنِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات, لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَيَّدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا, نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اكْتَسَبُوا اِثْماً, وَكَانَ هَذَا الْاِثْمُ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ شَرْعِيَّةٌ اَوْ حَدٌّ شَرْعِيٌّ مِنْ حُدُودِ اللهِ, فَاِنَّ الرَّحْمَةَ بِهَؤُلَاءِ, تَكُونُ رَحْمَةً حَمْقَاءَ وَفِي غَيْرِ مَحَلّهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الرَّحْمَةَ الْحَمْقَاءَ, تُشَجِّعُ النَّاسَ عَلَى ارْتِكَابِ الْمُنْكَرَاتِ؟ لِيَقْتُلُوا غَيْرَهُمْ؟ بَلْ لِيَقْتُلُوا اَنْفُسَهُمْ اَيْضاً, وَلِذَلِكَ هَؤُلَاءِ اِذَا ارْتَكَبُوا اِثْماً يَسْتَحِقُّونَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ, فَاِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنَ الْاَذَى الَّذِي شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى, سَوَاءً كَانَ اَذىً مُمِيتاً اَوْ غَيْرَ مُمِيت, نَعَمْ اَخِي: فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَضَعَ لِلزِّنَى حَدّاً وَقَال{وَلَاتَاْخُذْكُمْ بِهِمَا رَاْفَةٌ فِي دِينِ الله(نَعَمْ اَخِي وَوَضَعَ لِلْقَذْفِ اَوِ الرَّمْيِ حَدّاً وَهُوَ اتِّهَامُ الْغَيْرِ بِالزِّنَى بِدُونِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّة, نَعَمْ اَخِي: وَوَضَعَ لِلْخَمْرِ حَدّاً, وَلِلسَّرِقَةِ حَدّاً{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ(لِكُلِّ اِنْسَانٍ بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ عُقُوبَةٍ اَوْ مُكَافَاَة, نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْحُدُودُ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ لَا انْتِقَاماً مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقَامُ عَلَيْهِمْ حَدُّ اللهِ؟ وَاِنَّمَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يُطَهِّرُوا اَنْفُسَهُمْ مِمَّا عَلِقَ بِهَا مِنَ الْاِثْمِ الْعَظِيمِ؟ وَلِيَكُونَ ذَلِكَ رَادِعاً لِغَيْرِهِمْ وَلِمَنْ خَلْفَهُمْ؟ حَتَّى لَايَقْتَرِفُوا مِثْلَمَا اقْتَرَفُوه, نَعَمْ اَخِي: وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُول{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَااُولِي الْاَلْبَابِ(وَهُوَ قَتْلُ الْقَاتِلِ, فَلَكُمْ فِي ذَلِكَ حَيَاة, وَقَدْ يَقُولُ قَائِل: وَكَيْفَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ حَيَاةٌ؟ فَاِنَّ فِيهِ قَتْلَ الْقَاتِل؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: كُنْ بَعِيدَ الْاُفُقِ وَوَاسِعَه, كُنْ عَمِيقَ التَّفْكِير, نَعَمْ حِينَمَا يَعْلَمُ الْقَاتِلُ اَنَّهُ اِذَا قَتَلَ سَيُقْتَلُ, فَاِنَّهُ يَرْتَدِعُ عَنْ جَرِيمَةِ الْقَتْلِ, وَلِذَلِكَ يَحْفَظُ حَيَاتَهُ, وَيَحْفَظُ حَيَاةَ مَنْ يُرِيدُ اَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْهِمْ اَوْ يَقْتُلَهُمْ, نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا حُدُودُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ لَيْسَتْ مِنْ اَجْلِ الِانْتِقَامِ؟ وَاِنَّمَا هِيَ مِنْ اَجْلِ الْاِصْلَاح, وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ الْمُتَوَرِّعِينَ مِنْ اَهْلِ الْوَرَعِ, حَتَّى وَلَوْ اَلْحَقُوا اَذىً بِمُؤْمِنٍ, وَلَوْ كَانَ هَذَا الْاَذَى بِحَقٍّ, كَانَتْ تَرْتَجِفُ قُلُوبُهُمْ! فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ, قَرَاَ هَذِهِ الْآَيَةَ الْكَرِيمَةَ{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا, فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَاِثْماً مُبِيناً( فَلَمْ يَسْتَطِعْ اَنْ يَنَامَ لَيْلَهُ! فَذَهَبَ اِلَى اُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ, فَقَرَعَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَقَالَ يَااُبَيُّ! آَيَةٌ مِنْ سُورَةِ الْاَحْزَابِ! جَعَلَتْنِي لَااَسْتَطِيعُ النَّوْمَ! وَاَرَّقَتْنِي! فَقَالَ: وَمَاهِيَ يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِين؟ فَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآَيَةَ, فَقَالَ لَهُ: اِنَّمَا اَنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ اِصْلَاحاً وَزَجْراً وَتَطْبِيقاً لِحُدُودِ اللهِ, فَلَااِثْمَ عَلَيْكَ بِذَلِكَ اَبَداً, نَعَمْ اَخِي: فَسُرَّ بِهَا عُمَر, نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ التَّوَرُّعُ مِنْ اِلْحَاقِ الْاَذَى, لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ, فَهَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا اَنْ نُلْحِقَ الْاَذَى بِغَيْرِ الْمُسْلِمِين؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِذَا لَمْ يَسْتَحِقُّوا هَذَا الْاَذَى, فَلَايَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّورَى{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ, فَاُولَئِكَ مَاعَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل, اِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْاَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ, اُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيم, وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ, اِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْاُمُور( نَعَمْ اَخِي: فَهُنَا الْآَيَةُ تَقُول: لَاحَرَجَ وَلَاعُقُوبَةَ عَلَى مَنِ انْتَصَرَ مِنْ اَجْلِ حَقّهِ اِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ, وَلَكِنَّ الْعُقُوبَةَ وَالْمَسْؤُولِيَّةَ تَكُونُ عَلَى مَنْ؟ اِنَّهَا عَلَى مَنْ يَظْلِمُونَ النَّاس اَيّاً كَانَ هَؤُلَاءِ النَّاس مُسْلِمِينَ وَغَيْرُ مُسْلِمِين, نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ حِينَمَا اُمِرْنَا بِتَطْبِيقِ الْعَدَالَةِ, قَالَ الْقُرْآَنُ الْكَرِيم:{وَاِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ اَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ( وَلَمْ يَقُلْ اِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَطْ, اَوْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ فَقَطْ, وَاِنَّمَا{اِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ( اَيْ بَيْنَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَاَمْثَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي: وَالْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّاس, وَلِذَلِكَ{لَايَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى اَلَّا تَعْدِلُوا, اِعْدِلُوا؟ هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوَى( نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْاِسْلَامُ الرَّائِعُ الَّذِي يَطْعَنُونَ فِيه, وَنَحْنُ مَعَ الْاَسَف: صِرْنَا فِي عَصْرٍ وُضِعَ الْاِسْلَامُ فِيهِ فِي قَفَصِ الِاتِّهَامِ, وَكَاَنَّنَا مُحَامُونَ نُرِيدُ اَنْ نُدَافِعَ عَنْ هَذَا الْاِسْلَام, وَكَاَنَّ كَلَامَنَا كُلَّهُ صَارَ مِنْ اَجْلِ الْمُحَامَاةِ وَالدِّفَاعِ عَنْ دِينِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَنْ رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام, نَعَمْ اَيُّهَا الْاَخُ الْمُؤْمِن: هَذَا الْاَذَى, اَنْتَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ, سَوَاءً كَانَ اَذىً مَادِّيّاً, اَمْ اَذىً مَعْنَوِيّاً, فَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَنْظُرَ اِلَى اَخِيكَ نَظْرَةً فِي غَيْرِ مَحَلّهَا وَلَوْ كَانَتْ نَظْرَةً تُخِيفُهُ بِهَا, نَعَمْ: وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تُؤْذِيَ اَخَاكَ وَلَوْ كُنْتَ مَازِحاً, وَلِذَلِكَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ اَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول:[لَاتَاْخُذْ مَتَاعَ اَخِيكَ لَا جَادّاً وَلَا لَاعِباً( اَيْ لاتُخْفِ مَتَاعَ اَخِيكَ كَاَيِّ مَتَاعٍ آَخَرَ سَوَاءً كَانَ حِذَاءً اَوْ غَيْرَ ذَلِكَ, فَلَا تَاْخُذْهُ سَوَاءً كُنْتَ جَادّاً اَيْ تُرِيدُ السَّرِقَة, اَوْ لَاعِباً اَيْ تُرِيدُ اَنْ تُمَازِحَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَالَتَيْنِ يُؤْذِيهِ وَيُؤَرِّقُهُ وَيُلَوِّعُهُ وَالْعَيَاذُ بِاللِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وَمَنْ لَوَّعَ مُسْلِماً اَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَوَّعَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَة, فَانْظُرْ اَخِي كَيْفَ يُرَاعِي الْاِسْلَامُ مَشَاعِرَ النَّاسِ وَيَنْهَى عَنْ اَذَاهُمْ وَلَوْ فِي مَشَاعِرِهِمْ وَاَحَاسِيسِهِمْ بِالْقَلَقِ اَوِ اللَّوْعَةِ عَلَى مَتَاعِهِمْ اَوْ غَيْرِ ذَلِك, فَمَابَالُكَ اَخِي بِمَنْ يَنْتَهِكُ حُرْمَةَ الْاِنْسَان؟ وَمَابَالُكَ بِمَنْ يُهِينُ الْاِنْسَان؟ وَمَابَالُكَ بِمَنْ يُلْحِقُ الْاَذَى بِالْاِنْسَانِ بِغَيْرِ حَقّ؟ نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْاِسْلَامُ الَّذِي يُحَاوِلُونَ الطَّعْنَ فِيهِ وَفِي نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام, وَالْحَمْدُ لِلهِ اَنَّهُمْ يَبُوؤُونَ بِالْفَشَلِ دَائِماً؟ لِاَنَّهُ قِمَّةٌ فِي الْاِنْسَانِيَّةِ وَفِي الْحَضَارَةِ الْاِنْسَانِيَّةِ الَّتِي تُكَرِّمُ الْاِنْسَانَ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ اَيَّمَا تَكْرِيم, نَعَمْ اَخِي الْمُؤْمِن: وَاسْتَمِعْ اِلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْآَخَر: رَوَى اَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[مَنْ اَشَارَ اِلَى مُسْلِمٍ بِحَدِيدَةٍ, فَمَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ وَلَوْ كَانَ اَخَاهُ لِاُمِّهِ وَاَبِيه(نَعَمْ اَخِي: مَنْ اَخَذَ حَدِيدَةً اَوْ مَاعَلَى شَاكِلَتِهَا مِنْ سِلَاحٍ اَوْ غَيْرِ سِلَاحٍ, وَاَشَارَ بِهَا اِلَى اَخِيهِ يُخِيفُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَلَوْ مَازِحاً, فَاِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْعَلُ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ مَادَامَ رَافِعاً تِلْكَ الْحَدِيدَةَ يُخِيفُ بِهَا اَخَاهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْاِنْسَانُ اَخَاهُ لِاَبِيهِ وَاُمِّهِ, نَعَمْ اَخِي: قَدْ يَقُولُ لَكَ: هَذَا اَخِي, شَقِيقِي, اَنَا اُمَازِحُهُ, اَنَا اُدَاعِبُهُ, وَاَقُولُ لِهَذَا: لَا كُلُّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ يُؤَدِّي اِلَى لَعْنِكَ لِاَنَّكَ تُخِيفُ اَخَاكَ الشَّقِيقَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَقْطَعُ رَحِمَه, وَاسْتَمِعْ كَذَلِكَ اَخِي الْمُؤْمِنُ اِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[مَنْ نَظَرَ اِلَى مُسْلِمٍ لِيُخِيفَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ, اَخَافَهُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَة(نَعَمْ اَخِي: بِمُجَرَّدِ النَّظْرَةِ الَّتِي تُسَلّطُهَا عَلَى اَخِيكَ لِتُخِيفَهُ بِهَا, فَاِنَّ اللهَ سَيُخِيفُكَ هُنَالِكَ مَتَى؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: يَوْمَ الْقِيَامَة, فَتَصَوَّرْ اَخِي تَخْوِيفَكَ لِاَخِيكَ فِي الدُّنْيَا, وَمَهْمَا عَظُمَ شَاْنُكَ وَلَوْ كُنْتَ جَبَّاراً فِي الْاَرْضِ, فَقِسْهُ اِلَى تَخْوِيفِ اللهِ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَة, نَعَمْ: كَمْ نَحْنُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ بَطِرْنَا بِمَعِيشَتِنَا! كَمْ نَحْنُ تَخَلَّيْنَا عَنْ آَدَابِ دِينِنَا! كَمْ نَحْنُ تَخَلَّيْنَا عَنْ خُلُقِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام! وَكَمْ! وَكَمْ! وَهُنَاكَ اُمُورٌ يَحْسَبُهَا النَّاسُ هَيِّنَة! وَهِيَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمَة, نَعَمْ اَخِي: اِسْتَمِعْ مَعِي اِلَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى عَنْ اَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[عُرِضَتْ عَلَيَّ اَعْمَالُ اُمَّتِي سَيِّئُهَا وَحَسَنُهَا: فَرَاَيْتُ مِنْ مَحَاسِنِهَا: الْاَذَى يُنَاطُ(يُبْعَدُ( عَنِ الطَّرِيق, وَرَاَيْتُ مِنْ مَسَاوِئِهَا: النُّخَامَة(اَلْبُصَاقَ( فِي الْمَسْجِدِ لَاتُدْفَن[عُرِضَتْ عَلَيَّ اَعْمَالُ اُمَّتِي( نَعَمْ اَخِي: اَعْمَالُنَا تُعْرَضُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي بَرْزَخِهِ كَمَا وَرَدَ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيس, فَيَرَى سَيِّئَهَا وَحَسَنَهَا, وَيَرَى مِنْ مَحَاسِنِهَا اِمَاطَتَكَ الْاَذَى عَنِ الطَّرِيق, نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا تَرَى حَجَراً فِي الطَّرِيق, حِينَمَا تَرَى قَذَارَةً فِي الطَّرِيقِ, فَاِنَّكَ تُمِيطُ( اَيْ تُبْعِدُ اَوْ تُزِيلُ(الْاَذَى عَنِ الطَّرِيق(فَانْظُرْ اَخِي مَعَ الْاَسَفِ اِلَى اَحْيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي اَيَّامِنَا, وَانْظُرْ اِلَى شَوَارِعِهِمْ, وَانْظُرْ اِلَى اَسْوَاقِهِمْ, وَانْظُرْ حَوْلَ بُيُوتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّتِي يُصَلُّونَ فِيهَا! فَلَاتَرَى تَوْقِيراً وَلَاتَعْظِيماً لِبُيُوتِ الله؟ لِاَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ اِلَّا تَقْوَى مَفْقُودَة, لَانَجِدُهَا مَنْكُوتَةً فِي قُلُوبِهِمْ اِلَّا حِبْراً عَلَى وَرَقٍ, وَشَعَارَاتٍ لَامِعَةً بَرَّاقَةً, يُلْقُونَهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ يُعَظّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه{وَمَنْ يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب(فَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ بِقَوْلِهِ{وَاَمَّا مَنْ اُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ, فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورَا, وَيَصْلَى سَعِيرَا, اِنَّهُ كَانَ فِي اَهْلِهِ مَسْرُورَا, اِنَّهُ ظَنَّ اَنْ لَنْ يَحُور, بَلَى اِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرَا(نَعَمْ اَخِي: تَرَى الْاَوْسَاخَ وَالْاَقْذَارَ! وَرُبَّمَا تَمُرُّ تَحْتَ بَيْتٍ مِنَ الْبُيُوتِ, فَيُلْقَى عَلَيْكَ كِيسٌ مِنَ الْقُمَامَةِ وَالزُّبَالَة! ثُمَّ تَرَى اَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الْوَسِخِ الْمَعْدُومِ مِنْ نِسْبَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الْاِيمَان؟ لِاَنَّهُ مَعْدُومٌ مِنَ النَّظَافَة؟ لِاَنَّ النَّظَافَةَ مِنَ الْاِيمَان, وَمَعَ ذَلِكَ يَسْاَلُونَ وَبِكُلِّ وَقَاحَة: عَنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ! وَعَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ, وَعَنْ صَوْمِ سِتَّةِ اَيَّامٍ مِنْ شَوَّال, وَعَنْ صَوْمِ اَيَّامِ الْبِيضِ, وَعَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَعَنْ صَوْمِ يَوْمِ التَّاسُوعَاءِ وَالْعَاشُورَاءِ وَمَابَعْدَهُمَا, وَعَنِ الصَّوْمِ فِي اَوَّلِ رَجَبَ, وَفِي مُنْتَصَفِ شَعْبَانَ, هَلْ هُوَ بِدْعَة؟ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّطَوُّعِ الْجَائِزِ وَغَيْرِ الْجَائِز, وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: سُبْحَانَ الله! تَسْاَلُونَ عَنِ النَّوَافِلِ! وَتَرْتَكِبُونَ مَاحَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُه! وَلَاتَسْاَلُونَ عَنِ النَّظَافَةِ وَلَاتَهْتَمُّونَ بِهَا! نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا مَسَاوِىءُ لَامَثِيلَ لَهَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَاَمْثَالِهِمْ, فَانْظُرْ اَخِي حَوْلَ الْمَسَاجِدِ الْآَن: عِنْدَ انْعِقَادِ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَة, تَرَى اُنَاساً يُدَخِّنُونَ وَهُمْ مُسْتَنِدُونَ بِظُهُورِهِمْ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِد! هَؤُلَاءِ اَلَا يَخَافُونَ اللهَ اَنْ يَقْصِمَ لَهُمْ ظُهُورَهُمْ؟ نَعَمْ اَخِي: لَوْ ذَهَبْتَ مَعِي الْآَنَ اِلَى اِخْوَانِنَا فِي الْاِنْسَانِيَّة, وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا اِخْوَاناً لَنَا فِي الدِّين, فَهَيَّا بِنَا نَذْهَبُ اِلَى كَنَائِسِ النَّصَارَى! فَهَلْ تَرَى هَذِهِ الْقَذَارَةَ حَوْلَهَا؟ لِمَاذَا يَااُمَّةَ مُحَمَّد؟ لِمَاذَا تَتَخَلَّوْنَ عَنْ آَدَابِ مُحَمَّد؟ وَعَنْ سُنَّةِ مُحَمَّد؟ وَاَنْتُمْ تَدَّعُونَ اَنَّكُمْ تُحِبُّونَ مُحَمَّد وَرَبَّ مُحَمَّد{قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ! فَاتَّبِعُونِي؟ يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ(نَعَمْ اَخِي: اَخْلَاقُنَا لَيْسَتْ كَدِينِنَا اَبَداً؟ وَكَاَنَّنَا لَانَنْتَمِي اِلَى هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ مِنْ قَرِيبٍ اَوْ رُبَّمَا مِنْ بَعِيدٍ اَيْضاً؟ فَدِينُنَا فِي وَادٍ؟ وَنَحْنُ فِي وَادٍ آَخَر؟ نَعَمْ اَخِي: وَانْظُرْ كَذَلِكَ اِلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَعُرِضَ عَلَيَّ مِنْ مَسَاوِىءِ اَعْمَالِ اُمَّتِي: اَلنُّخَامَة(وَهِيَ الْبَلْغَمُ اَوِ الْبُصَاقُ الَّذِي يُلْقَى فِي الْمَسْجِد(نَعَمْ اَخِي: وَكَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ, يُصَلُّونَ عَلَى الْحَصَى لَا عَلَى السَّجَاجِيدِ وَلَا عَلَى الْحَصِير, نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ الله[وَمِنْ مَسَاوِىءِ اَعْمَالِ اُمَّتِي النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُدْفَن(نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا رَسُولُ اللهِ لَمْ يَظْهَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ يُقَبِّحُ فِعْلَ الَّذِي بَصَقَ النُّخَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ! وَاِنَّمَا قَبَّحَ الَّذِي رَآَهَا وَلَمْ يَدْفِنْهَا اَوْ يُزِلْهَا! فَمَابَالُكَ اَخِي بِالْاَقْبَحِ مِنْهُ؟ وَهُوَ الَّذِي بَصَقَهَا وَتَرَكَهَا وَذَهَبَ اِلَى حَالِ سَبِيلِهِ وَلَمْ يُنَظّفْهَا؟ نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ لَاُسْلُوبٌ بَلَاغِيٌّ نَبَوِيٌّ لَامَثِيلَ لَهُ فِي التَّقْبِيحِ وَالْهِجَاء؟ لِاَنَّ صَاحِبَنَا هَذَا الَّذِي بَصَقَهَا وَتَرَكَهَا! هُوَ اَشَدُّ اِثْماً عِنْدَ اللهِ مِنَ الَّذِي رَآَهَا وَلَمْ يُعَظّمْ حُرُمَاتِ اللهِ بِاِزَالَتِهَا؟ لِاَنَّ الْبَاصِقَ بَصَقَ عَلَى حُرُمَاتِ اللهِ بِهَا! نَعَمْ اَخِي: اُنْظُرْ اِلَى مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ, وَكَمْ تَرَى فِيهَا مِنَ الْمُسْتَهْتِرِينَ بِحُرُمَاتِ اللهِ الَّذِينَ يَقُصُّونَ اَظَافِرَهُمْ مِنْ اَصَابِعِ اَيْدِيهِمْ وَمِنْ اَصَابِعِ اَقْدَامِهِمْ ثُمَّ يُلْقُونَ بِهَا عَلَى سَجَاجِيدِ الْمَسْجِدِ غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ وَلَامُبَالِين! وَانْظُرْ اَخِي اِلَى شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ وَاَحْيَائِهِمْ وَحَارَاتِهِمْ وَزَوَارِيبِهِمْ وَزَنْكَاتِهِمُ الضَّيِّقَة! وَاَتَحَدَّاكَ! وَاَتَحَدَّى جَيْشَ الْقَذَّافِي اَبُو زَنْقَة! وَاَتَحَدَّى جَيْشَ بَشَّارَ اَبُو شَحَّاطَة! وَاَتَحَدَّى جَيْشَ الْهِجْنِ وَالنُّوقِ السُّعُودِي وَالْخَلِيجِي! اَنْ يُحْصُوا جَمِيعاً اَعْقَابَ السَّجَائِرِ الْمُلْقَاةِ فِي الطُّرُقَاتِ فِي اَحْيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَشَوَارِعِهِمْ! نَعَمْ اَخِي: هَؤُلَاءِ لَمْ يَكْتَفُوا اَنَّهُمْ يُؤْذُونَ اَنْفُسَهُمْ وَيُحْرِقُونَ صِحَّتَهُمْ بِهَذَا التَّدْخِينِ الْقَاتِلِ! بَلْ اِنَّهُمْ يُؤْذُونَ كَذَلِكَ الشَّوَارِعَ وَجَمَالَ الْبِيئَة, وَكُلُّ ذَلِكَ لَانَفْقَهُ لَهُ وَلَانَلْتَفِتُ اِلَيْهِ؟ لِاَنَّنَا لَمْ نَتَاَدَّبْ بِآَدَابِ الْاِيمَانِ؟ وَلَمْ نَتَاَدَّبْ بِآَدَابِ الْاِسْلَامِ؟ وَلَمْ نَتَخَلَّقْ بِهَذِهِ الْاَخْلَاقِ النَّبِيلَةِ؟ حَتَّى صَارَ بَعْضُنَا يُؤْذِي الْبَعْضَ الْآَخَرَ بِدُونِ بَيِّنَة* (وَلَانَشْعُرُ بِخَطَرِ التَّلَوُّثِ الَّذِي يَبْدَاُ صَغِيراً, ثُمَّ نَعْتَادُ عَلَيْهِ شَيْئاً فَشَيْئاً حَتَّى نُصْبِحَ مُسْتَهْتِرِين, وَرُبَّمَا نُصَابُ بِالتَّلَوُّثِ الْكِيمَاوِيِّ نَتِيجَةَ لَامُبَالَاتِنَا, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ رَسُولَ اللهِ حَرَّمَ الْاِسْرَافَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اسْتِعْمَالَ مَاءِ الْبَحْرِ الَّذِي لَنْ يَنْضُبَ وَلَنْ يَجِفَّ مَهْمَا اَسْرَفْنَا فِي الْوُضُوءِ فِيه, وَمَعَ ذَلِكَ حَذَّرَ الْاِسْلَامُ مِنَ الْاِسْرَافِ فِي اسْتِعْمَالِهِ؟ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَهَدْرِهِ اِلَى كَثْرَةِ الْمُسْتَنْقَعَاتِ الْقَذِرَةِ الْوَسِخَةِ الَّتِي تَجْلِبُ الْاَمْرَاضَ فِي بِلَادِنَا النَّظِيفَة( نَعَمْ اَخِي: صَارَ بَعْضُنَا يُؤْذِي الْبَعْضَ الْآَخَرَ مِنْ دُونِ بَيِّنَة! نَعَمْ اَخِي: وَلَقَدْ وَصَلَ اِلَيَّ: اَنَّ اَحَدَهُمْ يَعْمَلُ فِي مَكَانٍ مَا, وَصَاحِبُ الْمَكَانِ يُرِيدُ اَنْ يُخْرِجَهُ! فَمَاذَا فَعَلَ لِيُخْرِجَهُ؟ اِنْتَحَلَ لَهُ دَعْوَى كَاذِبَة! اَنَّهُ سَرَقَ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئاً؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَطْرُدَهُ مِنْ مَحَلّه! فَبِاللهِ عَلَيْكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ هَلْ هَذِهِ الْاُمَّةُ كَثِيراً مِنْهَا سَيُكْتَبُ لَهُ الْفَوْزُ وَالنَّجَاحُ وَالنَّصْرُ فِي الدُّنْيَا اَوْ فِي الْآَخِرَةِ وَقَدْ دَخَلُوا فِي مَحْظُورٍ خَطِيرٍ جِدّاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آَيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْقَصَص{وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا( نَعَمْ اَخِي: فَمَاهِيَ صِفَاتُ عِبَادِ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي سُورَةِ الْقَصَص{وَاِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ اَعْرَضُوا عَنْهُ(نَعَمْ اَخِي صَارَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ مِنْ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ يَعْتَبِرُونَ شَتِيمَةَ اللهِ مِنَ اللَّغْوِ وَيَنْطِقُونَ بِهَا وَلَايُعْرِضُونَ عَنْهَا فِي قَوْلِهِمْ مَثَلاً(شِبَكُ وْلَا اَلله! وَيَعْتَبِرُونَهَا مِنَ اللَّغْوِ! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي تَنْطِقُونَ بِهِ لَغْواً كَمَا تَزْعُمُون! لِمَاذَا لَاتُعْرِضُونَ عَنْهَا كَمَا اَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ الْمُتَّقِينَ فِي قَوْلِهِ{اِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ(مِنَ الْاَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ الْبَذِيئَةِ الْكَافِرَةِ وَالْاَفْعَالِ الدَّنِيئَةِ(مَاذَا فَعَلُوا؟{اَعْرَضُوا عَنْهُ, وَقَالُوا لَنَا اَعْمَالُنَا, وَلَكُمْ اَعْمَالُكُمْ, سَلَامٌ عَلَيْكُمْ( نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهُ سَلَامُ الْمُفَارَقَة, اَيْ نَحْنُ لَانَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ غَيْرِ الْبَرِيءِ, بَلْ لَانَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ اللَّهْوِ الْبَرِيءِ الَّذِي يُلْهِي عَنْ ذِكْرِ اللهِ, وَلَانَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِين{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَانَبْتَغِي الْجَاهِلِين(اَيْ لَانَفْعَلُ مِثْلَمَا يَفْعَلُ هَؤُلَاءِ الْجَاهِلُونَ؟ لِاَنَّ الْاِيمَانَ رَفَعَنَا, نَعَمْ اَخِي وَمِنْ بَابِ اَوْلَى لَانَجْلِسُ اَيْضاً فِي مَجَالِسِ الْكُفْر وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآَيَاتِ اللهِ الَّذِي اَمَرَنَا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ اَنْ اِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَاُ بِهَا فَلَاتَقْعُدُوا مَعَهُمْ(اِلَّا اِذَا كُنْتُمْ تَرْجُونَ هِدَايَتَهُمْ! لَكِنْ فِي كُلِّ الْاَحْوَالِ لَايَجُوزُ لَكُمْ اَنْ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ اِلَّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَة وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِه(بِمَعْنَى حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِ حَدِيثِ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآَيَاتِ الله فَهُنَا يَجُوزُ لَكُمْ اَنْ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ لَكِنْ اِذَا اسْتَمَرُّوا فِي الْخَوْضِ بِحَدِيثِ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاء وَاَنْتُمْ مَازِلْتُمْ قَاعِدِينَ مَعَهُمْ وَلَاتَرْجُونَ هِدَايَتَهُمْ فِي الْوَقْتِ الْحَالِي بَلْ رُبَّمَا فِي وَقْتٍ آَخَر فَاِذَا كُنْتُمْ مَازِلْتُمْ قَاعِدِينَ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكُمْ رَاضُونَ بِكُفْرِهِمْ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِدَلِيل{اِنَّكُمْ اِذاً مِثْلُهُمْ اِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعَا بِدَلِيلِ اَنَّ الْمُشْرِكِينَ الْكَافِرِينَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِآَيَاتِ اللهِ نَفَعَ الْقُعُودُ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَلَوْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِدَلِيلِ اَنَّهُمْ{قَالُوا اِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ اَرْضِنَا(سُبْحَانَ الله! اَلْمُشْرِكُونَ يُقِرُّونَ بِاَقْوَالِهِمْ اَنَّ مَانَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ هُوَ الْهُدَى بِدَلِيل{اِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ(فَانْظُرْ اَخِي! اِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ مِنْ صَمِيمِ قُلُوبِهِمْ! وَلَكِنَّهُمْ لَايُذْعِنُون! اَنَّ مَااُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ هُوَ الْهُدَى! وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى مِنَ الْمَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ! مَنْ يَطْعَنُ فِي شَرْعِ اللهِ وَلَايَرْفَعُ بِهِ رَاْساً! وَهُمْ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ اِلَى الْاِسْلَام! بَلْ مَنْ يَطْعَنُ فِي حُدُودِ اللهِ اَيْضاً وَيَصِفُهَا بِالْوَحْشِيَّةِ وَالْهَمَجِيَّةِ وَمَااِلَى هُنَالِكَ مِنْ اَوْصَافٍ بَذِيئَةٍ لَمْ يَنْطِقْ بِهَا الْمُشْرِكُونَ الْكُفَّارُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله! وَاِنَّمَا قَالُوا عَنْ شَرْعِ اللهِ وَعَنْ حُدُودِهِ اَنَّهَا الْهُدَى بِعَيْنِهِ! وَلِذَلِكَ{اِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ, نُتَخَطَّفْ مِنْ اَرْضِنَا, اَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آَمِناً يُجْبَى اِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا؟ وَلَكِنَّ اَكْثَرَهُمْ لَايَعْلَمُون(نَعَمْ اَخِي: وَفِي اَيَّامِنَا اَيْضاً, تَرَى كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ: اِنِ اتَّبَعْنَا شَرْعَ اللهِ, فَاِنَّنَا سَنَعِيشُ عِيشَةَ الْفَقْرِ! وَعِيشَةَ الضَّنْكِ! وَعِيشَةَ التَّخَلُّفِ! وَعِيشَةَ التَّاَخُّرِ وَالرَّجْعِيَّةِ! وَمَااِلَى هُنَالِكَ مِنَ الْاَوْصَافِ الْبَذِيئَةِ الْمَقِيتَةِ الَّتِي تَعَلَّمُوهَا مِنْ اَعْدَاءِ الْاِسْلَام! نَعَمْ اَخِي: كُفَّارُ مَكَّةَ الْقُرَشِيِّينَ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ عَنْ شَرْعِ اللهِ! بَلْ وَصَفُوا مَاجَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ اَنَّهُ الْهُدَى مِنْ عِنْدِ اللهِ! وَلَوْلَا اَنَّهُمْ مُتَعَنِّتُونَ وَمُكَابِرُونَ وَغَيْرُ مُنْصِفِينَ! لَاتَّبَعُوه, وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمُشْرِكِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ وَلِاَدْعِيَاءِ الْاِسْلَامِ فِي اَيَّامِنَا مِمَّنْ يُكَابِرُونَ عَلَى الْاِسْلَامِ وَيَطْعَنُونَ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُونَ اَوْ لَايَشْعُرُونَ بَطَراً فِي كَلَامِهِمْ وَبَخْساً لِقِيمَتِهِ وَقَدْرِهِ فِي اَعْيُنِ النَّاسِ دَاخِلِينَ فِي مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَبْخَسُوا النَّاسَ اَشْيَاءَهُمْ(اَيْ لَاتَبْخَسُوا اَدْيَانَ النَّاسِ اَشْيَاءَهَا! وَمِنْ هَذِهِ الْاَدْيَان دِينُ الْاِسْلَام! وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى مُهَدِّداً لَهُمْ وَلِاَمْثَالِهِمْ{وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا! فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ اِلَّا قَلِيلاً! وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِين(نَعَمْ اَخِي{كَمْ اَهْلَكْنَا(وَكَلِمَةُ كَمْ هُنَا خَبَرِيَّة تُفِيدُ الْكَثْرَة, وَلَيْسَتِ اسْتِفْهَامِيَّة, لِمَاذَا لَيْسَتِ اسْتِفْهَامِيَّة؟ لِاَنَّ اللهَ لَيْسَ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ يَسْتَفْهِمَ مِنَّا لِنُعْلِمَهُ عَدَدَ الْقُرَى الَّتِي اَهْلَكَهَا! نَعَمْ اَخِي: وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآَيَةِ هَوَ التَّالِي: مَااَكْثَرَ عَدَدَ الْقُرَى الَّتِي اَهْلَكْنَاهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ مِنْ هَذِهِ الْقُرَى{بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا(نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الْبَطَرُ الَّذِي لَامَثِيلَ لَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْهَالِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُسَخِّرُونَ نِعْمَةَ اللهِ الَّتِي رَزَقَهُمْ اِيَّاهَا فِيمَا يُسْخِطُهُ وَيُغْضِبُهُ عَلَيْهِمْ! نَعَمْ اَخِي: تَرَاهُ فِي اَيَّامِنَا! اَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ, فَيَدَّعِي عَلَى اَخِيهِ ظُلْماً وَزُوراً! وَيَقُولُ: اَنَا اَسْتَطِيعُ اَنْ آَخُذَ مِنْهُ مَايَحْلُو لِي مِنْ اَشْيَاءَ تَخُصُّهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ دَفَعْتُ الْمَلَايِين! نَعَمْ اَيُّهَا الْاَشِر! نَعَمْ اَيُّهَا الْبَطِر: وَلَكِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ اَنْ تَاْخُذَ مِنْهُ شِبْراً وَاحِداً مِمَّا يَخُصُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ جَنَّاتٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ لَمْ يَكُنْ اَهْلاً لَهَا اِلَّا بَعْدَ اَنِ انْتَزَعَ مِنْكَ نِسْبَةً كَبِيرَةً مِنْ مَلَايِينِكَ الَّتِي تَخُصُّكَ مِنْ حَسَنَاتِكَ رَغْماً عَنْكَ حَتَّى اِذَا لَمْ يَبْقَ لَكَ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ تَخُصُّكَ طَرَحَ عَلَيْكَ مِنْ سَيِّآَتِهِ لِتَتَحَمَّلَ الْحِسَابَ عَلَيْهَا رَغْماً عَنْكَ اَيْضاً بِمِقْدَارِ مَااَخَذْتَ مِنْ اَشْيَاءَ تَخُصُّهُ رَغْماً عَنْهُ بِمَلَايِينِكَ فِي الدُّنْيَا الَّتِي مَاجَلَبَتْ لَكَ اِلَّا الْمَلَايِينَ مِنَ اللَّعَنَاتِ وَالسَّيِّآَتِ وَالسَّخْطَاتِ وَالسَّقْطَاتِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ الَّتِي لَاتَمُوتُ فِيهَا وَلَاتَحْيَا؟ لِاَنَّكَ كَفَرْتَ بِنِعْمَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَلَايِينِ وَسَخَّرْتَ نِعْمَتَهُ وَمَلَايِينَهُ الَّتِي رَزَقَكَ اِيَّاهَا فِيمَا يُغْضِبُهُ عَلَيْكَ سُبْحَانَه! وَلَمْ اَجْلِبْ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ بَيْتِ اَبِي, بَلْ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُور[هَلْ تَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَة(فَهَلْ تُرِيدُ بَعْدَ هَذَا اَيُّهَا الْبَطْرَانُ اَنْ تَدْفَعَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَنْتَزِعَ مِنْهُ حَقّاً يَخُصُّهُ وَلَايَخُصُّكَ؟ هَلْ تُرِيدُ اَنْ تَاْكُلَ حَقَّ اَخِيكَ الَّذِي ائْتَمَنَكَ اللهُ عَلَيْه؟ فَاِذَا ضَيَّعْتَ الْاَمَانَةَ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيح, وَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُو: سَيُحَاسِبُكَ اللهُ عَلَى الذَّرَّةِ وَالْجُزَيْءِ وَالنَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ الَّتِي سَلَبْتَهَا مِنْ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَبِغَيْرِ حَقّ, فَهَلْ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ تَطْغَى بِالْمَالِ الَّذِي رَزَقَكَ اللهُ اِيَّاهُ؟ لِتَكُونَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْاَرْض؟ نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا الْقُرَى الَّتِي{بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا(نَعَمْ اَخِي: وَكَمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْبَطِرِينَ الَّذِينَ يَسْاَلُونَ اللهَ اَنْ يَرْزُقَهُمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ سُبْحَانَهُ! وَلَكِنَّهُمْ دَائِماً يَنْسَوْنَ اَنْ يَسْاَلُوهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِمْ: اَللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي, اَللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي, اَللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي, لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْتَ, قَبْلَ اَنْ يَسْاَلُوهُ مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ بِقَوْلِهِمْ: اَللَّهُمَّ اِنِّي اَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْر, وَاَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر, لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْت, نَعَمْ اَخِي: وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْزُقُهُ اللهُ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ! وَلَكِنَّهُ يَاْبَى اَنْ يَسْجُدَ لِلهِ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ! شُكْراً لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَااَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ! بَلْ هُوَ لَايَشْكُرُ النَّاسَ اَيْضاً بِدِرْهَمٍ وَلَادِينَارٍ! عَلَى مَاسَيُنْعِمُ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ النَّاسُ مِنْ رَبِّ النَّاسِ مِنَ الْاَجْرِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ بِفَضْلِ قَبُولِهِمْ لِاِحْسَانِهِ اِلَيْهِمْ, وَاِلَّا فَاِنَّهُ رُبَّمَا لَنْ يَجِدَ فِي هَؤُلَاءِ النَّاسِ مَنْ يَقْبَلُ مَعْرُوفَهُ وَلَاصَدَقَتَهُ وَلَا اِحْسَانَه, نَعَمْ اَخِي: تَرَاهُ فِي اَيَّامِنَا وَقَدْ اَقَامَ حَفْلَةً كَلَّفَتْهُ الْمَلَايِينَ وَالْمَلَايِين! وَهُنَاكَ اُنَاسٌ يُرِيدُونَ كَسْرَةً مِنَ الْخُبْزِ؟ وَيُرِيدُونَ بَيْتاً يَاْوُونَ اِلَيْهِ؟ وَسَكَناً يُرِيحُهُمْ؟ نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّكَ بِالْمُقَابِلِ اَيْضاً, تَرَى هَؤُلَاءِ النَّاسَ الْمُحْتَاجِينَ, يَتَضَرَّعُونَ اِلَى اللهِ بِكُلِّ مَااُوتُوا مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ صَمِيمِ قُلُوبِهِمْ؟ اَنْ يَنْصُرَهُمْ عَلَى الظَّالِمِين! ثُمَّ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ مِنْ اَنْصَارِ الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ عَلَى هَؤُلَاءِ الظَّالِمِين! وَلَكِنَّنَا نَرَاهُمْ بِاُمِّ اَعْيُنِنَا وَهُمْ يُدَخِّنُون, بَلْ وَيُنْفِقُونَ مَايَاْتِيهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ الْهَائِلَةِ عَلَى الْمُعَسَّلِ وَالنَّارْجِيلَةِ وَالتَّدْخِين! وَرُبَّمَا عَلَى الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ اَيْضاً! نَعَمْ اَخِي: وَكَمْ يُنْفِقُ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءُ الْبَطِرُونَ الْمُتَعَجْرِفُونَ مِنَ الْمَالِ الْحَرَامِ عَلَى هَذِهِ الْاَشْيَاءِ التَّافِهَةِ! وَهُمْ مُحْتَاجُونَ اَمَسَّ الْحَاجَةِ اِلَى ضَرُورِيَّاتِ حَيَاتِهِمْ! وَمَايُبْقِي عَلَيْهَا مِنْ اَبْسَطِ مُقَوِّمَاتِهَا الَّتِي يَحْرِمُونَ اَنْفُسَهُمْ مِنْهَا؟ اِرْضَاءً لِشَيْطَانِ الْخَمْرِ وَالْمُعَسَّلِ وَالنَّارْجِيلَةِ وَالسِّيجَارَةِ وَالْمُخَدِّرَات؟ فَيُنْفِقُونَ الْمَالَ فِيمَا حَرَّمَهُ الله؟ نَعَمْ اَخِي: عَجَباً مِنْ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ اَمْرِهَا! كَيْفَ وَصَلَتْ اِلَى هَذَا الِاخْتِلَاطِ الذّهْنِيِّ؟ وَاِلَى هَذَا الِاخْتِلَاطِ الْفِكْرِيِّ؟ وَاِلَى اخْتِلَاطِ الْحَابِلِ بِالنَّابِلِ وَالْحَلَالِ مَعَ الْحَرَامِ فِي هَذِهِ الْاَمْوَال{قُلْ اَرَاَيْتُمْ مَااَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ(وَهُوَ الْاَمْوَالُ الْهَائِلَةُ لِلْاَغْنِيَاء! وَهُوَ الصَّدَقَاتُ الْهَائِلَةُ لِلْفُقَرَاء!{فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ!(اَيُّهَا الْاَغْنِيَاءُ ! وَاَيُّهَا الْفُقَرَاءُ اَيْضاً!{حَرَاماً وَحَلَالَا!(بِاِنْفَاقِهِ عَلَى السُّكْرِ وَالْعَرْبَدَةِ وَاللَّيَالِي الْحَمْرَاءِ وَالتَّدْخِينِ وَالْمُعَسَّلِ الْحَرَامِ وَعَلَى الصَّدَقَاتِ الْحَلَالِ وَمَايَنْفَعُ النَّاسَ الْفُقَرَاءَ وَالْاَغْنِيَاءَ مِنَ الْحلَال{ قُلْ آَللهُ اَذِنَ لَكُمْ؟(فِي الْحَرَام{اَمْ عَلَى اللِه تَفْتَرُون!{وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا! فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ اِلَّا قَلِيلَا!(نَعَمْ اَخِي: خَرَبْنَاهَا! وَ{جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا! وَاَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ! مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ! وَمَاهِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد!(نَعَمْ اَخِي: وَكَاَنَّ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي اَهْلَكَهَا اللهُ! سَكَنَ فِيهَا سَائِحُونَ! ثُمَّ رَحَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِير!{وَمَاكَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي اُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا{وَمَاكُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولَا( نَعَمْ اَخِي: اَرْسَلْنَا فِي اُمِّهَا اَيْ فِي عَاصِمَتِهَا وَهِيَ الْبَلَدُ الْكُبْرَى{رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا{وَمَاكُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى اِلَّا وَاَهْلُهَا ظَالِمُون(فَحِينَمَا يَظْلِمُونَ وَالظُّلْمُ عَلَى اَنْوَاع! فَاِنَّ اللهَ يُهْلِكُهُمْ! اِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ(اَيْ بِشِرْكٍ{وَاَهْلُهَا مُصْلِحُون(اَيْ مُنْصِفُونَ! وَلَوْ كَانُوا مُشْرِكِين! وَلَكِنَّهُمْ يَاْمُرُونَ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَالْاِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِين, فَهَؤُلَاءِ لَايُعَاجِلُهُمُ اللهُ بِالْهَلَاكِ! بَلْ يُؤَجِّلُ هَلَاكَهُمْ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ اِذَا مَاتُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَام, نَعَمْ اَخِي: نَسْمَعُ كَثِيراً مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ مِنْ اَنْصَارِ الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ وَيَدْعُونَ اللهَ اَنْ يُنْصُرَهُمْ عَلَى بَشَّارَ وَاَعْوَانِهِ فِي مَنَاطِقَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ مَنَاطِقِهِمْ: اَنَّهُمْ يَحْرِمُونَ النِّسَاءَ مِنَ الْمِيرَاثِ! وَلَايُوَرِّثُونَ الْاِنَاث! بَلْ يَحْرِمُونَهُنَّ مِنْ حَقِّهِنَّ الشَّرْعِيِّ الَّذِي اَوْجَبَهُ اللهُ تَعَالَى لَهُنّ! وَيَاوَيْلَهَا اِنْ طَالَبَتْ بِمِيرَاثِهَا! وَيَاوَيْلَ زَوْجِهَا اِنْ قَالَ لَهَا: طَالِبِي بِمِيرَاثِكِ مِنْ اَبِيكِ اَوْ مِنْ اُمِّكِ اَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ عَائِلَتِهَا! ثُمَّ يَتَشَدَّقُونَ بِكَلِمَةٍ مَاقَالَهَا اَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى مِنْ قَبْلُ! وَهِيَ قَوْلُهُمْ مَنْ يُوَرِّثُ عَدُوَّهُ؟ وَيَقْصُدُونَ بِالْعُدُوِّ الصِّهْرَ! وَنَقُولُ لِهَذَا وَاَمْثَالِهِ مِمَّنْ يُعَادُونَ الصِّهْرَ: اَوّلاً اَنْتَ جَاهِلٌ فِي اَحْكَامِ الشَّرِيعَة؟ لِاَنَّ الَّذِي يَرِثُ لَيْسَ صِهْرَكَ! وَاِنَّمَا هِيَ ابْنَتُكَ الَّتِي تَرِث! ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ حُرَّةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا ضِمْنَ الْحُدُودِ الْمَشْرُوعَة, وَنَقُولُ لِهَذَا الْجَاهِلِ الَّذِي يُعَادِي صِهْرَهُ: طَيِّبْ اَنْتَ حِينَمَا تُوَرِّثُ وَلَدَكَ الذَّكَر؟ اَلَا يُعْطِي مِنْ هَذَا الْمَالِ وَتَسْتَفِيدُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ وَهِيَ كَنَّتُكَ؟ فَلِمَاذَا لَا تُعَادِي الصِّهْرَ كَمَا لَاتُعَادِي الْكَنَّة! لِمَاذَا هَذَا التَّمْيِيزُ وَالِافْتِئَاتُ وَالِافْتِرَاءُ عَلَى شَرْعِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى! لِمَاذَا هَذَا الظُّلْمُ الِاجْتِمَاعِيُّ الَّذِي نُعَانِي مِنْهُ عَلَى كُلِّ الْمُسْتَوَيَات! لِمَاذَا ثُمَّ لِمَاذَا؟ اَسْئِلَةٌ لَانِهَايَةَ لَهَا اَبَداً! ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْاَرُونَ اِلَى اللِه بِالدُّعَاءِ اَنْ يَنْصُرَهُمْ عَلَى بَشَّارَ الَّذِي يُقَدِّسُ الصِّهْرَ وَيُعْطِيهِ اَكْثَرَ مِنْ حَقّهِ! وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْهُ اَنَّهُ حَرَمَ اَحَداً مِنْ مِيرَاثِ وَالِدِهِ! وَلَااَقُولُ ذَلِكَ مَحَبَّةً بِبَشَّار, بَلْ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَبْخَسُوا النَّاسَ اَشْيَاءَهُمْ(نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَاهُ يُعَدِّدُ الزَّوْجَات( نَعَمْ اَخِي: اَنَا لَااَسْتَطِيعُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ (اِلَّا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْعَدْلِ الْمَادّيِّ( اَنْ اَقُولَ عَنْ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ اَنَّهُ حَرَام! اَعُوذُ بِالله! فَهَذَا شَرْعُ اللهِ تَعَالَى بِقَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَمَنَافِعِهِ الَّتِي هِيَ اَكْثَرُ مِنْ مَضَارِّهِ مَهْمَا قَالَ الْمُتَحَذْلِقُونَ وَالْمُتَفَلْسِفُونَ الْوَقِحُونَ مِنَ الِافْتِئَاتِ عَلَى شَرْعِ الله! فَاَنَا اِنْسَانَةٌ مِنَ النَّاسِ, لَااَسْتَطِيعُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ اُحَرِّمَ مَااَبَاحَهُ اللهُ تَعَالَى, فَمَنْ اَنَا بِالنِّسْبَةِ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين! وَمَنْ هَؤُلَاء! اَنَا لَاشَيْء! وَهُمْ لَاشَيْءَ اَمَامَ حِكْمَةِ الله(وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ اَقُول: تَرَاهُ يَاْخُذُ الشَّرْعَ مِنْ جَانِبٍ! وَيُهْدِرُهُ وَيَتَجَاهَلُهُ مِنْ جَانِبٍ آَخَرَ حَسَبَ مَصْلَحَتِهِ وَهَوَاه!{اَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ!( نَعَمْ: نَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ:{فَانْكِحُوا مَاطَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع(وَلَكِنَّهُ يَقُولُ اَيْضاً مَايَتَجَاهَلُهُ هَؤُلَاءِ وَيُهْدِرُونَهُ وَيَنْبُذُونَهُ وَيَرْمُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى(فَاِنْ خِفْتُمْ اَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً( وَالْعَدْلُ الْمَطْلُوبُ هُنَا فِي الْآَيَةِ هُوَ الْعَدْلُ الْمَادِّيُّ فَقَطْ وَلَااَقُولُ الْعَدْلَ الْقَلْبِيَّ؟ لِاَنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوباً شَرْعاً؟ لِاَنَّهُ مُحَالٌ عَلَى اِنْسَانٍ اَنْ يَسْتَطِيعَهُ اَوْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ{وَلَايُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا وُسْعَهَا(وَاِنْ كَانَ الْاَفْضَلُ لِهَذَا الْاِنْسَانِ اَنْ يَبْذُلَ قُصَارَى جُهْدِهِ فِي هَذَا الْعَدْلِ الْقَلْبِيِّ مَااسْتَطَاعَ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً وَخَاصَّةً بَيْنَ اَوْلَادِهِ فَاِذَا كَانَ يُحِبُّ وَلَداً مُمَيَّزاً فِي قَلْبِهِ فَعَلَيْهِ اَنْ يُخْفِيَ مَشَاعِرَهُ عَنِ الْوَلَدِ الْآَخَرِ حَتَّى لَاتَتَكَرَّرَ مَاْسَاةُ يُوسُفَ وَيَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مِنْ جَدِيد وَاِلَّا فَاِنَّ حَيَاتَهُ سَتَنْقَلِبُ اِلَى جَحِيمٍ مَعَ زَوْجَاتِهِ وَاَوْلَادِه وَلَكِنَّهَا وَلَوِ انْقَلَبَتْ اِلَى جَحِيمٍ فَاِنَّنَا نَقُولُ لِهَذَا الْاَبِ قَوْلَهُ تَعَالَى{فَاِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرَا{اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ وَاَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَاِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا(فَاللهُ تَعَالَى يُشَجِّعُك فِي هَذِهِ الْآَيَةِ اَيُّهَا الْاَبُ الصَّابِرُ عَلَى الصَّفْحِ وَالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ مَهْمَا حَصَلَ مِنَ الْجَحِيم؟ لِاَنَّ مَااَخْفَاهُ اللهُ لَكَ مِنَ النَّعِيمِ اَيُّهَا الْاَبُ الصَّابِرُ عَلَى زَوْجَاتِكَ وَاَوْلَادِكَ لَايَعْلَمُهُ اِلَّا الله؟ لِاَنَّكَ تَحْتَضِنُ جِيلاً مِنْ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ لَمْ تُفْلِحْ فِي تَرْبِيَتِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ لَايُضِيعُ اَجْرَ مَنْ اَحْسَنَ عَمَلَا ) نَعَمْ اَخِي: بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ مِنَ الظُّلْمِ وَعَدَمِ الْعَدْلِ الْمَادِّيِّ بَيْنَ مَنْ تُرِيدُ اَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِنَّ عَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَة, اَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي عِنْدَكَ, وَلَايَحِقُّ لَكَ اَنْ تُجَرِّبَ نَفْسَكَ بِالزَّوَاجِ بِثَانِيَةٍ اَوْ ثَالِثَةٍ اَوْ رَابِعَةٍ اِذَا كُنْتَ قَادِراً عَلَى الْعَدْلِ اَوْ غَيْرَ قَادِرٍ, بَلْ بِمُجَرَّدِ الشُّعُورِ بِالْخَوْفِ يَحْرُمُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَيْكَ اِلَّا اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي عِنْدَكَ اِنْ كُنْتَ مُتَزَوِّجاً بِهَا اَوْ تَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً فَقَطْ اِنْ كُنْتَ عَازِباً وَقَادِراً مَادِّيّاً عَلَى الزَّوَاجِ بِنَفْسِكَ اَوْ بِاِعَانَةِ غَيْرِكَ لَكَ وَمُسَاعَدَتِهِمْ, نَعَمْ اَخِي: بِمُجَرَّدِ الشُّعُورِ بِالْخَوْفِ اَنْ تَجُورَ عَلَيْهِنَّ اَوْ تَظْلِمَ اِحْدَاهُنَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ اَوِ الْبَعِيدِ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَمْتَنِعَ فَوْراً عَنِ الزَّوَاجِ بِهِنَّ وَاَنْ تَصْرِفَ فِكْرَةَ التَّعَدُّدِ بِثَانِيَةٍ اَوْ ثَالِثَةٍ اَوْ رَابِعَةٍ نِهَائِيّاً مِنْ رَاْسِكَ, اِلَّا اِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ بَيْنَهُنّ, فَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرِ مِنْ وَاحِدَةٍ وَاَوْلَادِكَ مِنْهَا, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِثَانِيَة, وَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْنِ وَاَوْلَادِكَ مِنْهُمَا, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِثَالِثَة, وَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَاَوْلَادِك مِنْهُنَّ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ثَلَاثٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ الزَّوَاجُ بِرَابِعَة, وَاِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ اَوْ لَاتَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ مَعَ اَكْثَرَ مِنْ اَرْبَعٍ وَاَوْلَادِكَ مِنْهُنَّ, فَعَلَيْكَ اَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى اَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَلَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ تَزِيدَ عَلَيْهِنَّ بِخَامِسَةٍ سَوَاءً كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الْعَدْلَ الْمَادِّيَّ اَوْ لَاتَسْتَطِيعُ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً. نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا كُنْتَ وَاثِقاً مِنْ نَفْسِكَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ ظُلْمِ اِحْدَاهُنَّ اَوِ الْجَوْرِ عَلَيْهَا مَادِّيّاً, فَاِذَا اَرَدْتَّ التَّعَدُّدَ, فَاِنَّ لَهَا الْحَقَّ اَنْ يَكُونَ لَهَا مَسْكَنٌ شَرْعِيٌّ بَعِيدٌ وَمُسْتَقِلٌّ عَنْ ضَرَّتِهَا, وَلَكِنْ مَاذَا نَسْمَعُ فِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ حُمَاةٌ لِلثَّوْرَةِ السُّورِيَّة! نَعَمْ اَخِي: يُسْكِنُ اَحَدُهُمْ ضَرَائِرَهُ مَعَ بَعْضِهِنَّ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ(بِحُجَّةِ اَنَّ بَيْتَ الضِّيقِ يَسَعُ اَلْفَ صَدِيقٍ كَمَا يَقُولُ اَهْلُ اِدْلِبْ وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي شَرْعِ اللهِ الْخَاصِّ بِالتَّعَدُّد! ثُمَّ اِذَا طَالَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِحَقّهَا الشَّرْعِيِّ اَنْ يَكُونَ لَهَا بَيْتٌ شَرْعِيٌّ خَاصٌّ مُسْتَقِلٌّ مُنْفَصِلٌ عَنْ ضَرَائِرِهَا, فَمَاذَا يَكُونُ جَزَاؤُهَا اِلَّا اَنْ تُضْرَبَ بِالْكِرْبَاج! وَالْوَيْلُ لَهَا اِنْ اَعَادَتِ الْكَرَّةَ وَعَادَتْ اِلَى الْمُطَالَبَةِ مِنْ جَدِيد! نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا تَتَرَاكَمُ ذُنُوبُ هَؤُلَاءِ, فَمَاذَا يَكُونُ جَزَاؤُهَا اِلَّا اَنْ يَغْضَبَ الْحَلِيمُ وَهُوَ اللهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَكِنَّهُ الْمُنْتَقِمُ الْجَبَّارُ اَيْضاً لِيُدَمِّرَ بُيُوتَهُمْ تَدْمِيراً عَلَى رُؤُوسِهِمْ بِوَاسِطَةٍ مِنْ بَشَّارَ وَبَرَامِيلِهِ الْمُتَفَجِّرَةِ اَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَة{دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ اَمْثَالُهَا{وَتَاْكُلُونَ التَّرَاثَ( وَهُوَ الْمِيرَاثُ الّذِي تَحْرِمُونَ الْبِنْتَ مِنْهُ بِحُجَّةِ اَنَّ زَوْجَهَا عَدُوٌّ لَكُمْ{اَكْلاً لَمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً كَلَّا اِذَا دُكَّتِ الْاَرْضُ(بِمَا عَلَيْهَا مِنْ بُيُوتِكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ بِبَرَامِيلِ بَشَّارَ وَبِمَا هُوَ اَقْوَى مِنْ بَرَامِيلِ بَشَّارَ مِنْ اَهْوَالِ الْقِيَامَةِ وَقَوَارِعِهَا الْمُرْعِبَةِ الْمُزَلْزِلَةِ الْمُدَمِّرَةِ الَّتِي تَتْرُكُ الْكَوْنَ كُلَّهُ خَرَاباً{دَكّاً دَكَّا{وَاِنْ (مَا{مِنْ قَرْيَةٍ اِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَاباً شَدِيدَا(وَلَسْتُ اَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ بَابِ التَّشَفّي وَلَكِنْ لِاَنِّي مُشْفِقَةٌ عَلَيْكُمْ لِتَاْخُذُوا الْعِبْرَةَ وَالْمَوْعِظَةَ مِنْ اَجْلِ الْاَيَّامِ الْقَادِمَة, نَعَمْ اَخِي: فَعَلَيْنَا اَنْ نَتَّقِيَ غَضَبَ الْحَلِيمِ سُبْحَانَهُ الَّذِي يَتَحَمَّلُنَا كَثِيراً وَلَايُعَاجِلُنَا بِالْعُقُوبَةِ اِلَّا بَعْدَ اَنْ يَطْفَحَ كَيْلُنَا مِنْ ذُنُوبِنَا وَآَثَامِنَا, نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: نَحْنُ نَغَارُ عَلَى نَبِيِّنَا, وَنَغَارُ عَلَى الْاَرْوَاحِ الَّتِي تُزْهَقُ بِغَيْرِ حَقّ, وَنَغَارُ عَلَى كَرَامَةِ الْاِنْسَانِ, وَنَغَارُ عَلَى اِنْسَانِيَّةِ الْاِنْسَانِ سَوَاءً كَانَ مُسْلِماً اَوْ غَيْرَ مُسْلِم؟ لِاَنَّ حِسَابَهُمْ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَيْسَ عَلَيْنَا {اِنْ عَلَيْنَا اِلَّا الْبَلَاغ{اِنْ(مَا(حِسَابُهُمْ اِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُون( كَمَا قَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَام, فَهَلْ نُصْلِحُ مِنْ شَاْنِنَا! هَلْ نُصْلِحُ مِنْ اَخْلَاقِنَا! هَلْ يَبْتَعِدُ بَعْضُنَا عَنْ اَذَى بَعْضٍ! هَلْ نَعُودُ اِلَى هَدْيِ نَبِيِّنَا! فَاِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ وَقُلْنَا يَارَبّ, قَالَ الرَّبُّ اسْتَجَبْتُ لَكُمْ{وَاِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ اُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَان(لَكِنْ بِشَرْطٍ وَهُوَ{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون(اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ... حَمْداً لِلهِ, وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ اللهِ, وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَوَالَاهُمْ, نَعَمْ اَخِي: اَلْاِنْسَانُ كَمَا يَقُولُون: عَدُوٌّ لِمَا يَجْهَل! نَعَمْ اَخِي: وَالْمُسْلِمُونَ الْمُنْتَسِبُونَ اِلَى الْاِسْلَامِ, اَكْثَرُهُمْ يَجْهَلُ هَذَا الدِّين؟ لِاَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِالْوِرَاثَة, نَعَمْ اَخِي: فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الْمُسْلِمِينَ: اَنْ نُغَيِّرَ هَوِيَّتَنَا, وَاَنْ نَكُونَ مُسْلِمِينَ بِالْمَنْطِقِ وَالْعَقْلِ وَالْقَنَاعَة, نَعَمْ اَخِي: عَلَيْكَ اَنْ تَجِدَ طَرِيقَةُ مَا فِي تَفْكِيرِكَ؟ لِتَقْتَنِعَ بِسُرْعَةٍ وَقَبْلَ فَوَاتِ الْاَوَانِ اَنَّ هَذَا الدِّينَ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ, وَلَكِنْ مَعَ الْاَسَف, اَيْنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ تَفَقُّهِهِمْ فِي دِينِهِمْ؟ وَاَيْنَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ اَنْ يَتَعَلَّمُوا دِينَهُمْ؟ مَعَ الْاَسَف, لَاتَجِدُ اِلَّا الْقَلِيلَ جِدّاً مَنْ يَهْتَمُّ لِذَلِك, وَاَمَّا الْاَكْثَرِيَّةُ الْبَاقِيَة, فَقَدْ اَلْهَتْهُمُ الْمَادَّة! فَاِذَا قِيلَ لِاَحَدِهِمْ: لِمَاذَا لَاتَحْضُرُ دَرْسَ عِلْمٍ؟ قَالَ لَكَ: مَشْغُول! لِمَاذَا لَاتَصِلُ رَحِمَكَ؟ مَشْغُول! لِمَاذَا لَاتَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالْاِحْسَان؟ مَشْغُول! فَبِاَيِّ شَيْءٍ اَنْتَ مَشْغُول؟ هَلْ اَنْتَ مَشْغُولٌ بِمَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{فَمَا اُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيِاةِ الدُّنْيَا, وَمَاعِنْدَ اللهِ(مِنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَمِنْهَا خُطْبَتَا الْجُمُعَة{خَيْرٌ وَاَبْقَى اَفَلَا تَعْقِلُون{قُلْ مَاعِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِين(فَمَتَى سَنَعْقِلُ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ مَتَى سَنَعُودُ اِلَى دِينِنَا؟ مَتَى سَنَمْلَؤُ بُيُوتَ الله؟ مَتَى سَنَمْلَىءُ مَجَالِسَ الْعِلْم؟ لِمَاذَا نَرَى الْكُرَةَ وَالْفَاتْبُولَ يَتَخَاصَمُ النَّاسُ مِنْ اَجْلِهَا وَيَتَكَدَّسُون؟ فَاَيْنَ الَّذِينَ لَايَاْتُونَ اِلَى بُيُوتِ اللهِ وَلَايَتَكَدَّسُونَ وَلَايَتَكَوَّمُونَ لِيَتَفَقَّهُوا فِي دِينِهِمْ؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يُرِدْ فِيهِمْ خَيْرَا؟ لِاَنَّهُمْ لَيْسُوا اَهْلاً لِذَلِكَ؟ لِاَنَّ[مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً, يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين(نَعَمْ اَخِي: وَقَالَ الرَّسُولُ لِهَذَا الصَّحَابِيِّ الَّذِي تَرَكَ مَجْلِسَ الْعِلْمِ وَخَرَج:[اَمَّا هَذَا, فَقَدْ اَعْرَضَ, فَاَعْرَضَ اللهُ عَنْه(نَعَمْ اَخِي: يُعْرِضُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ, وَيَحْرِمُهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ اِنْ لَمْ يَعُودُوا, كَمَا حَرَمُوا اَنْفُسَهُمْ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللهِ لِرَفْعِ الْجَهْلِ عَنْهَا وَتَصْحِيحِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ لَدَيْهِمْ. نَعَمْ اَخِي: وَقَبْلَ اَنْ نَخْتِمَ الْمُشَارَكَة, نُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَرِيضَةِ الزَّكَاة, لَكِنْ قَبْلَ ذَلِكَ, نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ يَتَعَلَّقُ بِفَرِيضَةِ الصَّوْمِ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: اَنَّهُ اِذَا صَامَ يَتَقَيَّؤُ رَغْماً عَنْهُ, فَهَلْ اِذَا تَقَيَّاَ اَوْ قَاءَ يَكُونُ صَوْمُهُ بَاطِلاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَاشَيْءَ عَلَيْهِ, وَمَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْم, نَعَمْ اَخِي, وَكَلِمَةُ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ: بِمَعْنَى تَغَلَّبَ عَلَيْهِ الْقُيْءُ فَنَزَلَ مِنْ جَوْفِهِ وَفَمِهِ بِدُونِ عَمَلٍ مِنْهُ, وَاَمَّا اِذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقَاءَ بِعَمَلٍ مِنْهُ كَاَنْ يَضَعَ اِصْبَعَهُ فِي حُلْقُومِهِ مُضْطَّرّاً اَوْ غَيْرَ مُضْطَّرٍّ لِيَسْتَقِيءَ, فَعِنْدَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْم, فَهَذَا الشَّيْءُ لَابُدَّ اَنْ نُلَاحِظَهُ جَيِّداً بِالنِّسْبَةِ اِلَى هَذِهِ الْاُمُورِ الدَّقِيقَة, نَعَمْ اَخِي, وَاِذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرِيضَةُ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ, فَاِنَّ الزَّكَاةَ كَذَلِكَ فَرِيضَة؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ كَمَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَسَلَّم:[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْس, شَهَادَةِ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا الله وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله, وَاِقَامِ الصَّلَاةِ, وَاِيتَاءِ الزَّكَاة, وَفِي رِوَايَة: وَصَوْمِ رَمَضَانَ, وَاِيتَاءِ الزَّكَاةِ, وَحَجِّ الْبَيْتِ لِمَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا, لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ اَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام قَدَّمَ الصَّوْمَ عَلَى الزَّكَاةِ وَقَال[بُنِيَ الْاِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ, شَهَادَةُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا الله وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله, وَاِقَامُ الصَّلَاةِ, وَاِيتَاءُ الزَّكَاةِ, وَصَوْمُ رَمَضَانَ, وَحَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ اِلَيْهِ سَبِيلَا(نَعَمْ اَخِي, فَمَنْ اَنْكَرَ وُجُوبَهَا وَلَوْ وَاحِدَةً مِنْ خَمْسِهَا وَقَالَ اَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً, فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ؟ لِاَنَّهُ كَذَّبَ اللهَ فِي وُجُوبِهَا وَفَرْضِيَّتِهَا وَمَابَنَاهُ مِنَ الْاِسْلَامِ عَلَيْهَا؟ وَاَنْكَرَ شَيْئاً مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة! نَعَمْ اَخِي, وَمَا مَعْنَى مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُوَ بِمَعْنَى اَنَّ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْاِيمَانِ اَنْ تَعْلَمَ اَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ, وَلِهَذَا اِذَا لَمْ تَعْلَمْ ذَلِكَ وَجَهِلْتَ كَاَنْ تَكُونَ فِي مَكَانٍ نَائِي بَعِيدٍ تَعِيشُ فِي الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ اَوِ الْجَنُوبِيِّ مَعَ الْاَسْكِيمُو وَلَاتَعْلَمُ شَيْئاً اَبَداً, وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَاعُذْرَ لِهَؤُلَاءِ عِنْدَ اللهِ اَبَداً؟ لِاَنَّ الْكُلَّ اَصْبَحَ يَسْمَعُ فِي اَيَّامِنَا عَبْرَ الْاِذَاعَاتِ وَالتَّلْفَزَةِ الْفَضَائِيَّةِ وَالْاِنْتِرْنِت اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَحْدَثِ وَسَائِلِ الْاِتِّصَالِ التَّرْفِيهِيَّة: اَنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ مِنَ الْفَرَائِضِ: وَاَنَّ الزَّكَاةَ بِنَاءٌ بُنِيَ عَلَيْهِ الْاِيمَانُ وَالْاِسْلَامُ كَمَا بُنِيَ عَلَى الْاَرْكَانِ الْاُخْرَى, نَعَمْ اَخِي, وَهَذِهِ الزَّكَاةُ سُمِّيَتْ زَكَاةً؟ لِاَنَّهَا تُزَكِّي الْمَالَ وَتُطَهِّرُهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ مَشْغُولاً فِيه, نَعَمْ اَخِي, اَنْتَ عِنْدَكَ مَال, وَهَذَا الْمَالُ فِيهِ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْاَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا فِي مُشَارَكَةٍ سَابِقَة, نَعَمْ اَخِي, فَهَذَا الْمَالُ اِذَا بَلَغَ نِصَاباً, وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ الْقَمَرِيُّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً, فِفِيهِ جُزْءٌ مِنْهُ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غَيْرِكَ, فَعَلَيْكَ اَنْ تُعْطِيَهُ هَذَا الْحَقّ, نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا:هَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى وَقْتِهَا؟ بِمَعْنَى اَنَّ اِنْسَاناً مَا اَصَابَ حَوْلاً كَامِلاً مِنَ النِّصَابِ فِي شَهْرِ شَوَّالَ مَثَلاً وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ اَنْ يُخْرِجَ الزَّكَاةَ, فَجَاءَهُ اِنْسَانٌ وَطَلَبَ مِنْهُ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ اِلَى هَذَا الْمَال, فَاَعْطَاهُ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنَ الْمَالِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ عِنْدَ بِدَايَةِ شَهْرِ شَعْبَانَ قَبْلَ مَوْعِدِ نِهَايَةِ الْحَوْلِ الْكَامِلِ مِنَ النِّصَابِ بِشَهْرَيْنِ, هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ اَوْ لَايَصِحُّ شَرْعاً؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُ يَصِحُّ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْه, نَعَمْ اَخِي, ثُمَّ يَقُولُ السَّائِل: لِمَاذَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ عَلَى وَقْتِهَا؟ وَلَايَصِحُّ مَثَلاً تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى وَقْتِهِ؟ بِمَعْنَى: هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اَنْ يَصُومَ شَعْبَانَ بَدَلَ رَمَضَانَ ثُمَّ يُفْطِرُ فِي رَمَضَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: لَايَجُوز, طَيِّبْ! لِمَاذَا الزَّكَاةُ تَجُوزُ قَبْلَ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَقِّ؟ وَالصَّوْمُ لَايَجُوز؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ؟ لِاَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ مَالِيّ, وَاَمَّا الصَّوْمُ فَهُوَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّة, نَعَمْ اَخِي, وَحَقُّ الْمَالِ يَجُوزُ لَكَ اَنْ تُقَدِّمَهُ, فَلَوِ اقْتَرَضْتَّ مِنْ اِنْسَانٍ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ, وَقُلْتَ لَهُ اَنَّ وَفَاءَكَ لِقَرْضِهِ لَكَ سَيَكُونُ فِي اَوَّلِ رَمَضَانَ مَثَلاً, فَاَعْطَيْتَهُ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي اَوَّلِ شَعْبَان, فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ؟ اَوْ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ هُوَ جَائِزٌ شَرْعاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ تَخْتَلِفُ عَنِ الْحُقُوقِ اَوِ الْوَاجِبَاتِ الْبَدَنِيَّة, وَلِذَلِكَ يَجُوزُ اَنْ تُقَدَّمَ الزَّكَاةُ عَلَى وَقْتِهَا؟ لِاَنَّهَا حَقٌّ مَالِيّ, نَعَمْ اَخِي, كَمَا وَيَجُوزُ اَنْ تُقَدَّمَ اَيْضاً بَعْضُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ عَلَى بَعْضِهَا كَالسَّعْيِ عَلَى الطَّوَافِ مَثَلاً, وَعَلَى وَقْتِهَا كَرَمْيِ الْجَمَرَاتِ مَثَلاً لِلضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلَةِ الْاُولَى قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ, وَلَايَجُوزُ اَنْ يُقَدَّمَ الصَّوْمُ عَلَى وَقْتِهِ؟ لِاَنَّهُ حَقٌّ بَدَنِيّ, وَلَايَجُوزُ كَذَلِكَ اَنْ يُقَدَّمَ تَحْلِيلُ شَهْرِ صَفَرَ عَنْ وَقْتِهِ اِلَى وَقْتِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُحَرَّم, وَلَا اَنْ يُؤَخَّرَ تَحْرِيمُ الْمُحَرَّمِ اِلَى وَقْتِ الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَر كَمَا كَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ نَسِيئاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا النَّسِيءٌ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ, يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا, يُحِلُّونَهُ عَاماً, وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً؟ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَاحَرَّمَ اللهُ! فَيُحِلُّوا مَاحَرَّمَ اللهُ! زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ اَعْمَالِهِمْ(نَعَمْ اَخِي, وَلَايَجُوزُ كَذَلِكَ اَنْ تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا؟ لِاَنَّهَا اَيْضاً حَقٌّ لِلهِ وَعِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ, اِلَّا لِمَنْ كَانَ مُسَافِراً فِيمَا يُسَمَّى جَمْعَ التَّقْدِيمِ لِصَلَاتَيِ الْعَصْرِ عِنْدَ وَقْتِ الظُّهْرِ, وَالْعِشَاءِ عِنْدَ وَقْتِ الْمَغْرِب, نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا اَنْ تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ بِدُونِ عُذْرٍ اَوْ بِدُونِ جَمْعٍ شَرَعَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ, فَهَذَا لَايَجُوز, نَعَمْ اَخِي, وَلَايَجُوزُ اَيْضاً اَنْ تُصَلّيَ الظٌّهْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ قَبْلَ وَقْتِهِ بِرُبُعِ سَاعَةٍ مَثَلاً, فَحَتَّى وَلَوْ كُنْتَ مُتَعَمِّداً اَوْ مُخْطِئاً, ثُمَّ تَبَيَّنَ لَكَ اَنَّكَ صَلَّيْتَ الظُّهْرَ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمَعْرُوفِ, فَلَاتَصِحُّ الصَّلَاةُ وَلَوْ كُنْتَ مُسَافِراً اَوْ مُقِيماً, فَلَاتَصِحُّ صَلَاتُكَ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{اِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتَا( نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ ثَبَتَ اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَانَ يَاْخُذُ مِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الزَّكَاةَ عَنْ سَنَتَيْنِ مُقْبِلَتَيْنِ سَلَفاً, نَعَمْ اَخِي, لَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِل: هَلْ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي الزَّكَاة؟ بِمَعْنَى لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً اَعْطَى مَالَهُ لِآَخَرَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ اَمْوَالِهِ عَنْهُ, وَقَالَ لَهُ: قُمْ اَنْتَ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ الثَّمَانِيَةِ عَنِّي, فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَعَمْ يَجُوزُ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْهِمَا, نَعَمْ اَخِي, لَكِنْ لَوْ قَالَ لَكَ اَحَدُهُمْ: صَلِّ عَنِّي! اَوْ صُمْ عَنِّي! فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَجُوزُ؟ لِاَنَّ نَفْسَكَ لَاتَسْتَسِيغُ ذَلِكَ؟ لِاَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ السُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالصَّلَاةِ وَبِمَنْ يُصَلُّونَ! وَبِالصِّيَامِ وَبِمَنْ يَصُومُونَ وَالْعَيَاذُ بِالله! نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَزَكِّهِ عَنِّي, فَلَابَاْسَ بِذَلِك, نَعَمْ اَخِي, وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ عَاجِزاً مَشْلُولاً, وَقُلْتَ لِاِنْسَانٍ: خُذْ هَذِهِ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجِّ وَارْمِهَا عَنِّي, فَلَابَاْسَ بِذَلِكَ اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي, كَذَلِكَ لَوْ اَنَّ عَلَيْكَ دَيْناً لِاِنْسَانٍ مَا, فَوَكَّلْتَ اِنْسَاناً ثَالِثاً, وَاَعْطَيْتَهُ مِنْ اَمْوَالِكَ؟ لِيَقْضِيَ عَنْكَ هَذَا الدَّيْنَ, فَهَذَا اَيْضاً جَائِزٌ شَرْعاً وَلَاحَرَجَ عَلَيْكُمْ جَمِيعاً, نَعَمْ اَخِي, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ تَخْتَلِفُ فِي تَوْقِيتِهَا عَنِ الْوَاجِبَاتِ وَالْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي تَخُصُّ الْعَبْدَ وَرَبَّهُ سُبْحَانَه, نَعَمْ اَخِي, كَذَلِكَ لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً قَالَ لَكَ: كَمْ يَجِبُ عَلَيْكَ مِنَ الزَّكَاةِ هَذَا الْعَام؟ فَقُلْتَ لَهُ: وَجَبَ عَلَيَّ مَثَلاً مِائَةُ اَلْفٍ, فَقَالَ لَكَ: اَنَا سَاُزَكِّي عَنْكَ مِنْ مَالِيَ الْخَاصِّ تَبَرُّعاً مِنِّي اِلَيْكَ اَوْ هَدِيَّةً مِنِّي اِلَيْكَ, فَهَلْ هَذَا جَائِز؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: كَذَلِكَ يَجُوزُ هَذَا؟ لِاَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْاُمُورِ الْمَالِيَّةِ, تَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ وَلَوْ كَانَتْ تَعَبُّدِيَّة؟ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّبَرُّعُ اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي, وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: هَلْ يُشْتَرَطُ شَرْعاً اَنْ يَعْلَمَ مَنْ يَاْخُذُ الزَّكَاةَ بِاَنَّهَا زَكَاة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُشْتَرَطُ ذَلِكَ شَرْعاً اِذَا كُنْتَ تَشْعُرُ اَنَّكَ بِاِعْطَائِهِ الْمَالَ عَلَى صُورَةِ صَدَقَةٍ اَوْ زَكَاةٍ تَجْرَحُ مَشَاعِرَهُ وَاَحَاسِيسَهُ وَكَرَامَتَهُ اَمَامَ النَّاسِ اَوْ بَيْنَكَ وَبَيْنَه, وَفِي هَذَا تَيْسِيرٌ عَلَى الْعِبَادِ وَعَلَى مَشَاعِرِ النَّاس كَيْفَ ذَلِك؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: مَثَلاً اَنْتَ تُرِيدُ اَنْ تُعْطِيَ اِنْسَاناً مَا زَكَاةَ اَمْوَالِكَ, وَهَذَا الْاِنْسَانُ رُبَّمَا اِذَا قُلْتَ لَهُ سَاَتَصَدَّقُ عَلَيْكَ اَوْ اُرِيدُ اَنْ اُزَكِّيَ عَلَيْكَ زَكَاةَ اَمْوَالِي, تَنْجَرِحُ مَشَاعِرُهُ وَيَقُولُ لَكَ: لَااُرِيدُ شَفَقَةً اَوْ اِحْسَاناً مِنْ اَحَد, فَمَا هُوَ الْعِلَاجُ لِهَذِهِ الْمُشْكِلَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي:عَلَيْكَ اَنْ تُقَدِّمَ لَهُ هَذَا الْمَالَ عَلَى صُورَةِ هَدِيَّةٍ اَوْ هِبَةٍ فِي ظَاهِرِهَا, وَلَكِنْ اَنْتَ تَنْوِي اَيَّ شَيْءٍ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: تَنْوِي الزَّكَاةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَبِّكَ لَابَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذَا الْاِنْسَان, فَمَاذَا تَكُونُ النَّتِيجَة؟ يَحْتَسِبُهَا لَكَ رَبُّكَ سُبْحَانَهُ زَكَاةً اَوْ صَدَقَةً مَقْبُولَةً عِنْدَهُ فِيهَا الْاَجْرُ الْمُضَاعَفُ الْهَائِلُ مِنَ الثَّوَابِ؟ لِاَنَّكَ حَافَظْتَ عَلَى مَشَاعِرِ هَذَا الْاِنْسَانِ؟ وَسَاعَدْتَّهُ بِالزَّكَاةِ فِي نَفْسِ الْوَقْت, نَعَمْ اَخِي الْمُعْطِي: يَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تَنْوِيَ الزَّكَاةَ حَتَّى تَصِحَّ وَتَصِيرَ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللهِ وَلَوْ قَدَّمْتَهَا لَهُ عَلَى صُورَةِ هَدِيَّةٍ اَوْ هِبَة, نَعَمْ اَخِي الْمُعْطِي: وَالنِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ, وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ اَنْ تَجْهَرَ بِصَوْتِكَ اَمَامَ هَذَا الْاِنْسَانِ بِقَوْلِكَ لَهُ: نَوَيْتُ اَنْ اُزَكِّيَ عَلَيْكَ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاَقْوَال, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَلَيْسَ اللِّسَان, نَعَمْ اَخِي: فَلَوْ اَنَّ اِنْسَاناً اَخْرَجَ مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ, وَاِنَّمَا مِنْ بَابِ التَّطَوُّعِ اَوْ مِنْ بَابِ الْهَدِيَّةِ, ثُمَّ بَعْدَ اَنْ دَفَعَهَا اِلَى اِنْسَانٍ آَخَرَ وَمَلَّكَهَا اِيَّاهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: نَوَيْتُ الزَّكَاةَ فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي دَفَعْتُهُ لَهُ وَمَلَّكْتُهُ اِيَّاهُ, فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَايَصِحُّ ذَلِكَ شَرْعاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا اَعْطَيْتَ الزَّكَاةَ, لَمْ تُعْطِهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاة, نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تُزَكِّيَ, فَيَجِبُ اَنْ تَنْوِيَ اَوّلاً بِاَنَّكَ تُرِيدُ الزَّكَاةَ قَبْلَ اَنْ تَدْفَعَ مَالَ الزَّكَاةِ اِلَى وَاحِدٍ مِنْ مُسْتَحِقّيهَا الثَّمَانِيَة, وَلَكِنْ لَايَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تُعْلِمَ مَنْ تُعْطِيهِ بِاَنَّهَا زَكَاة كَمَا شَرَحْنَا سَابِقاً, نَعَمْ اَخِي, وَلِذَلِكَ هَذِهِ الْفَرِيضَةُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً طَاهِرَة, وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّهَا كَمَا تُرَاعِي حَاجَةَ النَّاسِ, تُرَاعِي كَذَلِكَ مَشَاعِرَ النَّاسِ وَحَاجَتَهُمْ اِلَى كَرَامَتِهِمْ وَعِزَّةِ اَنْفُسِهِمْ قَبْلَ حَاجَتِهِمْ اِلَى الْمَال, نَعَمْ اَخِي, وَعَلَيْكَ اَنْ تَشْكُرَ الْفَقِيرَ, وَاَنْ تَشْكُرَ اَيَّ وَاحِدٍ مِنَ الْاَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ اَعْطَيْتَهُمْ زَكَاةَ اَمْوَالِكَ مِنَ الْفُقَرَاءِ, وَالْمَسَاكِينِ, وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا, وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ, وَفِي الرِّقَابِ, وَالْغَارِمِينَ, وَفِي سَبِيلِ اللهِ, وَابْنِ السَّبِيل, وَلِذَلِكَ اَخِي الْمُزَكِّي: لَاتَتَعَالَ عَلَى مَنْ تُعْطِيهِ الزَّكَاةَ مِنْ هَؤُلَاء, بَلْ بِالْعَكْس, اَنْ تَحْمَدَ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, اَنْ جَعَلَ مَنْ يَاْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْكَ وَوَفَّقَكَ اِلَيْهِ؟ لِتُسْقِطَ حِمْلاً ثَقِيلاً عَنْ رَقَبَتِكَ لَاتَسْتَطِيعُ الْجِبَالُ الرَّاسِيَاتُ تَحَمُّلَهُ مِنْ فَرِيضَةِ هَذِهِ الزَّكَاة, وَاَنْ تَشْكُرَ هَذَا الْاِنْسَانَ الَّذِي اَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْكَ؟ لِاَنَّهُ اَبْرَاَ ذِمَّتَكَ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الصَّدَقَاتِ فِي الْاِسْلَامِ, لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى التَّعَالِي وَالتَّرَفُّعِ وَالتَّكَبُّرِ وَالْغَطْرَسَةِ, وَلَيْسَ فِيهَا اَنْ يَكُونَ هَذَا الْاِنْسَانُ عَبْداً مُطِيعاً لَكَ (اِلَّا فِيمَا يُرْضِي الله( طَالَمَا تُعْطِيهِ مِنْ اَمْوَالِ هَذِهِ الزَّكَاة, وَلَيْسَ فِيهَا اَنْ تَمُنَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الزَّكَاةِ, اَوْ تُؤْذِيَهُ, اَوْ تُؤْذِيَ مَشَاعِرَهُ بِهَا؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ عِبَادَتُكَ هَذِهِ مِنَ الزَّكَاةِ لَاتُحَقّقُ مَعْنَاهَا الْاِسْلَامِيَّ اَبَداً, وَلِذَلِكَ اَنْتَ يَامَنْ تُعْطِي: تَوَاضَعْ لِمَنْ تُعْطِيه, وَاَنْتَ يَامَنْ تَاْخُذُ الزَّكَاةَ: كَذَلِكَ عَلَيْكَ اَنْ تَشْكُرَ مَنْ يُعْطِيكَ الزَّكَاةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{هَلْ جَزَاءُ الْاِحْسَانِ اِلَّا الْاِحْسَان( فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذِهِ الْمَشَاعِرِ الْاِسْلَامِيَّةِ الْاِنْسَانِيَّةِ الْمُتَبَادَلَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْن, وَلِذَلِكَ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاء: يُكْرَهُ اَنْ تُعْطِيَ الزَّكَاةَ اَوِ الصَّدَقَةَ لِاِنْسَانٍ ثُمَّ تَقُولَ لَهُ: اُدْعُ لِي؟ لِاَنَّكَ بِهَذَا اسْتَاْجَرْتَهُ عَلَى الدُّعَاء, وَاِنَّمَا اِذَا هُوَ دَعَا لَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَدُونَ اَنْ تَطْلُبَ مِنْهُ, فَهَذَا شَيْءٌ حَسَنٌ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الصَّدَقَةَ يَجِبُ اَنْ تَكُونَ مُبَرَّاَةً مِنْ كُلِّ رِيَاءٍ, وَمِنْ كُلِّ مَنٍّ وَاَذَى, وَلِذَلِكَ حِينَمَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ فِي سُورَةِ الْفَاضِحَةِ الَّتِي تَتَحَدَّثُ اَكْثَرُ آَيَاتِهَا عَنِ الْمُنَافِقِينَ, وَتَمَيَّزَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مِنَ التَّوْبَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ, وَمِنْهُمْ( حَتَّى قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: خَشِينَا اَلَّا تَتْرُكَ اَحَداً مِنَّا, وَحَاشَاهُمْ مِنَ النِّفَاقِ, وَحَاشَاهُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ{وَمَامَنَعَهُمْ اَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ صَدَقَاتُهُمْ؟ اِلَّا اَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! وَلَايَاْتُونَ الصَّلَاةَ اِلَّا وَهُمْ كُسَالَى! وَلَايُنْفِقُونَ اِلَّا وَهُمْ كَارِهُون( نَعَمْ اَخِي: فَاَيُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْاُمُورِ الَّتِي ذَكَرَتْهَا الْآَيَةُ, فَاِنَّهُ يَمْنَعُ قَبُولَ الصَّدَقَاتِ عِنْدَ اللهِ وَمِنْهَا{اَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ( مَعَ اَنَّهُمْ يُعْلِنُونَ اِسْلَامَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله! لَكِنَّهُ اِسْلَامٌ فِي الظَّاهِر! وَاَمَّا فِي الْقَلْبِ, فَهُوَ الْكُفْرُ الْمُتَمَكِّن! فَهَؤُلَاءِ وَلَوْ اَعْلَنُوا هَذَا الْاسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ, فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ لِنَبِيِّهِ{كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ! وَلَايَاْتُونَ الصَّلَاةَ اِلَّا وَهُمْ كُسَالَى( نَعَمْ اَخِي: وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِرِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: مَعَ الْاَسَف, فَاِنِّي فِي اَكْثَرِ الْاَوْقَاتِ, اَقُومُ اِلَى الصَّلَاةِ وَاَنَا كَسُول! فَهَلْ اَكُونُ كَالْمُنَافِقِين؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَا اَنْتَ مُؤْمِنٌ مُسْلِمٌ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين, وَاَمَّا الْمُنَافِقُونَ: فَاِنَّهُمْ يَقُومُونَ اِلَى الصَّلَاةِ كُسَالَى! اَيْ غَيْرَ رَاغِبِينَ بِالصَّلَاةِ! وَاِنَّمَا مِنْ اَجْلِ التَّقِيَّةِ؟ حَتَّى يَعْتَقِدَ مَنْ يَرَاهُمْ اَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُون, وَاَمَّا اَنْتَ اَخِي: فَرَاغِبٌ بِالصَّلَاةِ, وَلَسْتَ كَالْمُنَافِقِينَ, وَلَوْ كُنْتَ تَقُومُ اِلَيْهَا كَمَا يَقُومُ الْكُسَالَى, لَكِنْ عَلَيْكَ اَخِي: اَنْ تَتَخَلَّى عَنْ هَذَا, وَاَنْ تُعَوِّدَ نَفْسَكَ وَتُدَرِّبَهَا عَلَى اَنْ تَقُومَ نَشِيطاً اِلَى الصَّلَاة, وَلِذَلِكَ اَخِي: فَاِنَّكَ تَرَى بَعْضَ النَّاسِ, اِذَا قَامَ اِلَى الصَّلَاةِ, تَثَاءَبَ! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِنَّ اللهَ رَحِيمٌ بِنَا! فَلَوْ اَرَادَ اَنْ يُؤَاخِذَنَا عَلَى الْكَسَلِ فِي الصَّلَاةِ, فَلَنْ يُبْقِيَ لَنَا حَسَنَةً وَاحِدَة؟ لِاَنَّكَ اَخِي اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ اِنْسَانٍ عَادِيٍّ مِنَ النَّاسِ, هَلْ تَتَثَاءَبُ اَمَامَهُ؟ فَمَا بَالُكَ اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ اِنْسَانٍ عَظِيمٍ وَاَنْتَ تُكَلّمُهُ تَتَثَاءَب؟ وَمَابَالُكَ اِذَا وَقَفْتَ اَمَامَ رَبِّ النَّاسِ وَاِلَهِ النَّاسِ وَاَعْظَمِ الْعُظَمَاءِ سُبْحَانَهُ وَاَنْتَ تُكَلّمُهُ تَتَثَاءَب؟ فَهَلْ هَذَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْاَدَبِ مَعَ النَّاسِ اَوْ مَعَ رَبِّ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ لَكَ: كَيْفَ تَقِفُ بَيْنَ يَدَيَّ وَاَنْتَ تَتَثَاءَب؟ وَكَيْفَ تَقِفُ اَمَامَ غَيْرِي مِنْ عِبَادِي وَاَنْتَ تَحْتَرِمُ نَفْسَكَ وَتَحْتَرِمُهُ وَلَاتَتَثَاءَب؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَاتَيْاَسْ عَبْدِي مِنْ رَحْمَتِي! فَقَدْ شَرَعْتُ لَكَ اَنْ تَقُولَ بَعْدَ الصَّلَاة: اَسْتَغْفِرُ اللهَ, اَسْتَغْفِرُ اللهَ, اَسْتَغْفِرُ الله, نَعَمْ اَخِي: اَنْتَ لَمْ تَاْتِ بِذَنْبٍ وَاَنْتَ تُصَلّي؟ لِاَنَّكَ رُبَّمَا تَثَاءَبْتَ فِي الصَّلَاةِ رَغْماً عَنْكَ, وَاِنَّمَا تَسْتَغْفِرُ اللهَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مِنَ التَّقْصِيرِ الَّذِي حَصَلَ لَكَ وَاَنْتَ تُصَلّي, فَلَنْ تَسْتَطِيعَ مَهْمَا صَلَّيْتَ مِنْ رَكَعَاتٍ اَنْ تَشْكُرَ اللهَ عَلَى نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ كَنِعْمَةِ الْبَصَر, فَلِذَلِكَ شَرَعَ لَكَ سُبْحَانَهُ هَذَا الِاسْتِغْفَارَ جَبْراً لِهَذَا التَّقْصِيرِ وَاللهُ اَعْلَم, نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة اِنِّي دَاعِيَةٌ فَاَمِّنُوا, فَنَسْاَلُكَ يَارَبّ اِيمَاناً ثَابِتاً, وَيَقِيناً صَادِقاً, وَعِلْماً نَافِعاً, وَنَسْاَلُكَ عَوْدَةً سَرِيعَةً اِلَيْكَ وَاِلَى رَسُولِك, خَلّقْنَا بِاَخْلَاقِ رُبُوبِيَّتِكَ وَاَخْلَاقِهِ وَاَقْوَالِهِ وَاَفْعَالِهِ يَارَبُّ مَااسْتَطَعْنَا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلَا, آَمِنَّا فِي اَوْطَانِنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُشَتِّتْ شَمْلَنَا, اَللَّهُمَّ لَاتُفَرِّقْ جَمْعَنَا, اَللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآَنَ الْكَرِيمَ دُسْتُورَنَا, وَاجْعَلْ نَبِيَّكَ الْكَرِيمَ قُدْوَتَنَا يَاكَرِيم, اَللَّهُمَّ مَنْ اَرَادَ بِلَادَنَا وَدِينَنَا وَاُمَّتَنَا وَاَوْطَانَنَا وَاَعْرَاضَنَا وَاَمْوَالَنَا بِخَيْرٍ فَوَفّقْهُ اِلَى كُلِّ خَيْر, وَمَنْ اَرَادَ بِذَلِكَ سُوءاً فَخُذْهُ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ يَاغَيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ, يَاظَهْرَ اللَّاجِئِينَ اِلَيْكَ وَسَنَدَهُمْ وَعَوْنَهُمْ, وَيَارَبَّ الْمُسْتَضْعَفِين, اَنْتَ تَعْلَمُ حَالَنَا يَااَلله, اِكْشِفِ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ عَنَّا يَارَبَّ الْعَالَمِين, وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَوَالِدِي وَالِدِينَا, وَلِمَشَايِخِنَا وَلِمَنْ لَهُ مِنْ حُقُوقٍ عَلَيْنَا, وَلِلْقَائِمِينَ عَلَى الْمُنْتَدَيَاتِ وَالْمُشْرِفِينَ وَالْاَعْضَاءِ وَالزَّائِرِينَ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ مُشَارَكَتِي وَيَدْعُونَ لِي بِظَهْرِ الْغَيْبِ, وَلِكُلِّ فَاعِلِ خَيْر, عِبَادَ الله! فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطّعُوا اَرْحَامَكُمْ, اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ, وَالْاِحْسَانِ, وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى, وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ, وَالْمُنْكَرِ, وَالْبَغْيِ(وَمِنْهُ قَطِيعَةُ الْاَرْحَام( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون( قُومُوا اِلَى الصَّلَاةِ اَيُّهَا الْاِخْوَة, ثُمَّ اذْهَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى النَّوْمِ لِتَنَالُوا قِسْطاً مِنَ الرَّاحَة, وَاَتَمَنَّى لَكُمْ اَحْلاماً سَعِيدَةً وَسَلَاماً من الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون, وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين