السلام عليكم
حسن الخلق يكون بالطبع ويكون بالتطبع, وأن حسن الخلق بالطبع أكمل من حسن الخلق بالتطبع وذكرنا لذلك دليلاً وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم للأشج بن عبد القيس: "بل جبلك الله عليهما"
كذلك لأن حسن الخلق بالطبع لا يزول عن الإنسان لكن حسن الخلق بالتطبع قد يفوت الإنسان في مواطن كثيرة, لأنه يحتاج إلى ممارسة وإلى معاناة وإلى رياضة ومجاهدة, وإلى تذكر ذلك عند حدوث كل ما يثير الإنسان. ولهذا جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام, فقال: يا رسول الله أوصني قال: "لا تغضب". فردد مراراً. قال: "لا تغضب" وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
والصرعة: والذي يصرع الناس كهُمزة, ولًمزة. فهمزة الذي يهمز الناس, ولمزة: الذي يلمز الناس بالعيون .
فليس الشديد هو الذي يصرع الناس ويغلبهم: "إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" يتحكم فيها ويملكها في مواطن الغضب, وملك الإنسان نفسه عند الغضب يعتبر من محاسن الأخلاق, فإذا غضبت فلا تنفذ الغضب, ولكن استعذ بالله من الشيطان الرجيم, وإذا كنت قائماً فاجلس, وإذا كنت جالساً فاضطجع, وإذا ازداد الغضب فتوضأ حتى يزول عنك .
ويستطيع الإنسان اكتساب مكارم الأخلاق, وذلك عن طريق الممارسة, والمجاهدة, والتمرين فيكون الإنسان حسن الخلق لأمور منها:
أولاً: أن ينظر في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: ينظر النصوص الدالة على مدح ذلك الخلق العظيم الذي يريد أن يتخلق به. فالمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئاً من الأخلاق أو الأفعال, فإنه سوف يقوم به .
والنبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى ذلك في قوله: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك: إما أن يحذيك وإما أن تبتاعمنه وأما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافح الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة
ثانياً: أن يصاحب من عرفوا بحسن الأخلاق, والبعد عن مساوئ الأخلاق و سفاسف الأعمال حتى يجعل من هذه الصحبة مدرسة يستعينُ بها على حسن الخلق فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"
ثالثا ً: أن يتأمل الإنسان ماذا يترتب على سوء خلقه: فسيئ الخلق ممقوت سيئ الخلق مهجور سيئ الخلق مذكور بالذكر القبيح فإذا علم الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا فإنه يبتعد عنه
رابعاً: أن يستحضر الإنسان دائماً صورة خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف أنه كان يتواضع للخلق, ويحلم عليهم, ويعفو عنهم ويصبر على أذاهم, فإذا استحضر الإنسان أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه خير البشر وأفضل من عبد الله تعالى, هانت على الإنسان نفسه وانكسرت صولة الكبر فيها فكان ذلك داعياً إلى حسن الخلق
المصدر: مقتطف من كتاب
مكارم الاخلاق للشيخ
محمد بن صالح العثيمين