بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين.
أحس بثقل القلم حين أحمله لتصحيح الصورة في مسألة شخصية عادية تم تناولها بغير أمانة ولا مسئولية، لكن ما حيلتي حين تكتب الأكاذيب بخطوط عريضة مشفوعة بعلامات التعجب والاستفهام وعبارات السخرية المريرة؟! بعيدًا عن مراعاة المهنية والمسئولية.
وأي قيمة لـ (وطن) تقوم علاقة أهله على التكاذب والوقيعة والدس والصراع؟
وأي قيمة لإثارة، على افتراض أن الهدف الإثارة فحسب، وليس وراء الأكمة ما وراءها، إذا كنت تنهش من سكينة الناس وهدوئهم ومصداقيتهم؟!
يكذب (ابن الوطن) حين يزعم أن معاذًا ترك رسالة في البيت يفيد فيها بالتوجه إلى العراق للمشاركة في الجهاد...!
هذه اسمها (فرية) وليس بيني وبين ابني وسيط ليتبرع بتلفيق الأكاذيب وحياكتها كل ما في الأمر أن معاذًا واثنين من أصدقائه استأذنوا لقضاء يومي العيد في صحراء (جبة) حيث يحبون الصحراء كغيرهم من الشباب، وقبل دخول المنطقة أرسل لزوجته رسالة بالجوال (حللونا وأنتم بحل) ودخل الشباب بمنطقة لا بث فيها وبدأت مشاعر الزوجية تتفاعل؛ ثم اتصلت بمشاعر الأبوة التي تخيلت هؤلاء الشباب في قبضة العطش في صحراء لا مسعف فيها وربما علقت سيارتهم بالرمال أو تعرضوا لحادث أو قطع طريق.
وتم تبليغ الدفاع المدني الذي أرسل طائرة بأمر من الأمير محمد بن نايف -جزاه الله كل خير- لتمشيط المنطقة.. ولم تجد شيئًا.
وفي هذه الأثناء اتصل معاذٌ وأصدقاؤه فقد انتهت رحلتهم الممتعة دون أن يشعروا بشيء ووصلوا إلى منطقة الإرسال فأخبرته بما حدث وطلبت أن يذهبوا إلى أقرب مركز ليتم رفع الحالة المتعلقة بهم.
وهكذا كان حيث ذهبوا إلى مركز شرطة (جبة) وعرفوا أنفسهم لهم، وبعد ساعة انتقلوا إلى إدارة الأمن الوقائي بحائل ومكثوا فيه حوالي الثلاث ساعات قبل أن ينطلقوا إلى أهليهم بسلام!.
إن فرضية الذهاب إلى العراق وهم صنعته بعض النفوس المريضة حتى يكون للقضية معنى و إلا فكيف يذهبون للعراق ويتركون جوازاتهم في بيوتهم؟ وكيف يخاطب زوجته ويغفل عن أبويه؟!.
لكن أي طعم لهذه القصة إذا سحبت منها هذه الكذبة! إنها سر الرواية وعقدتها.. إن العلاقة مع الأبناء تقوم على الإقناع والفهم المشترك وصناعة التفكير الهادئ المتزن وليس على المنع والحجر وهذا هو الواقع بحمد الله.
إن ابني سجلٌ مفتوح ليس بالنسبة لي فحسب بل لزوجته وأصدقائه وأقاربه وكلهم يعرفون كيف يفكر وبماذا يفكر وأين يذهب، ولا مكان هنا بحمد لله للمفاجآت، أما أنني أحث الشباب على الجهاد في العراق -ويا زمن العجائب!- فإن موقفي في هذه المسألة واضح إلى درجة الإملال فقد أصدرت فيه فتوى قوية بتاريخ 17/1/1424هـ، ثم كررت ذلك في قناة (العربية) مرات وفي (الجزيرة) و(المجد) وفي موقع (الإسلام اليوم)، كما نشرت في صحيفة (الوطن) بتاريخ 2/2/1424هـ في الصفحة العشرين، وهو موقف معروف منذ الحرب الأفغانية الأولى فضلاً عما بعدها.
ومرفق
مع الإيضاح جواب لأحد الإخوة كتب بعيد الغزو الأمريكي للعراق يؤكد أننا نحذر الشباب في البلاد الإسلامية من الذهاب إلى العراق وقد استنفذت إمكانيتي وقدرتي في الإقناع لصرف الشباب عن هذا؛ أما الجهود الشخصية الخاصة فيعلمها الشباب الذين نجلس معهم بالساعات لإقناعهم؛ أما إذا كان مقصود المتحدث أن يستكثر علينا أن نقول بأن من حق الشعب العراقي أن يقاوم لنيل استقلاله بالطريقة التي تناسب إمكانياته وتحقق مصالحه؛ فهذا شيء يكاد أن يتفق عليه الجميع وجاءت به الشرائع السماوية كلها وأقرته مواثيق الأمم المتحدة، ولازالت حركات التحرير الإسلامية من الاستعمار صفحة بيضاء في تاريخنا الحديث تدرس لأجيالنا لاستنطاق العبرة.
وبين هذا وذاك فرق بين.. أشكر كل من تفاعل مع هذه القضية بالنبل والأخلاق الكريمة وهم بحمد الله الأكثرون، بعيدًا عمن يريد أن يجعل من معاناة الآخرين أو مواقفهم الصعبة فرصة للتشفي والتشهير وحسبنا الله ونعم الوكيل وهو المستعان على ما يصفون.
سلمان بن فهد العودة
6/10/1425هـ