كما هي كل عام خلال السنوات الخمس السابقة لم تترك (الجنادرية) تلك العواصف الرملية والغبار تحوم حولها وحيدة بل نسجت حولها أتربة وغبارا من الأسئلة والأحداث لتتحول من معلم وطني تتوحد من خلاله لبنات التاريخ السعودي لمهرجان يخلق الفرقة والسخونة والحرب الكلامية والمنازعات الفكرية والسبب : ضياع هوية المهرجان وعدم قدرة الإعلام السعودي على مواجهة الحقيقة كما هي والتي تكشف أن الجنادرية ومهرجانها مات أكلينكيا ولم يتبق منه سوى شذرات من الاجتهادات والاكسسوار التجميلي الذي لطخ وجه (الجنادرية) وجعله ضحية لمن أراد استغلاله بطريقة جعلت (كودو) يجاور (الحنيني) و (هرفي) يمزح مع ( العريكة) بينما ( الكولا) يتغزل بـ ( الكليجا) ..!!
في كل المهرجانات التاريخية الوطنية بالعالم تجد الهوية ثابتة وراسخة للمهرجان لاتتغير ولاتتبدل احتراما وتقديرا ورفعة وإن أجبرتهم الظروف على التحديث فهو بمواصفات خاصة وهامة ومنطقية غير قابلة للاجتهاد أبدا وهو الأمر الذي تفتقده الجنادرية ومهرجانها السنوي والتي تحتاج لمن يواجه ذلك بكل شفافية بعيدا عن كلام الإعلام المكرر والروتيني الممل.!!
السؤال : ماهو هدف المهرجان ؟؟
لا أحد يمكنه أن يجيب بدقة عن السؤال ..!!
لماذا..؟؟
لأن الواقع يكشف أن تباينا واضحا سينسف أي إجابة..!!
دعونا نجرب..!!
هدف المهرجان الحفاظ على التراث السعودي وتقديم تاريخ الوطن وكفاح قياداته وإبراز منجزاته..!!
طيب .. ماذا نسمي غناء تلك الفنانة واعترافها بأنها تلقت دعوة وشكرت من دعاها ..!!
أو أنها جاءت من الإمارات بالصدفة نحو الجنادرية..!!
طيب ممكن واحد يقول لا أنت فاهم خطأ..!!
هدف المهرجان التمازج بين عبق الماضي وروح العصر الحديث..!!
عبق الماضي وعرفناه .. طيب وين روح العصر الحديث ..!!
ياحبايب .. يامسؤولين ..
شخصيا أكره الصراع المبني على الصراخ والثرثرة والكلام والاتهامات الجانبية ..!!
دعونا نفكر فقط بأصل المشكلة ..!!
الجنادرية لم يعد لها هدفا واضحا بل هي تبحث عن هوية تائهة بين اجتهادات ومقترحات تطويرية لاتتناسب مع مضمون انطلاقتها والناس تأني لأن لاخيارات لديهم أبدا ..!!
كما أن الحرس الوطني كمؤسسة عسكرية لها تاريخها المشرق الكبير والناصع أصبح في مرمى التفكير الجدي بدراسة توقفه عن تنظيم ذلك المهرجان واسناده للهيئة العليا للسياحة والاثار والاكتفاء بما مضى من سنوات التنظيم فقد تغير الحال والمستجدات الحالية تفرض - من وجهة نظري- أن يبتعد الحرس الوطني عن التنظيم ..!
هذا العام حاول البعض يستغل حادثة رجل الحسبة ورجال الحرس الوطني في أتون صراعات دينية فكرية وصلت الذروة وكأن مصيبة المهرجان كانت في تلك اللقطة التي أقف احتراما من خلالها لرجل الحسبة على موقفه الشجاع فقد قام بتمثيل دور الإنسان السعودي الحقيقي أمام من جاءت لتقول : هذه بلاد الحرمين الشريفين ..!!
تلك اللقطة لايجب أن تكبر وتصنع من مجتمعنا أفرادا يقومون على العاطفة وينامون عليها ..!!
كلنا مع الدين والتقيد بكل حرف فيه ..!!
لكن علينا أن نرجع لهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن نتعلم أصول الدعوة ومعنى التمسك بالدين ..
أؤلئك الذين شتموا قيادات وأفراد ومؤسسات واغتابوا ولعنوا ... هل كانوا يمارسون الدين الإسلامي الحقيقي ..؟
وأولئك الذين سمحوا لفنانة متبرجة تقتحم جمعا مسلما ببلاد الحرمين ..هل كانوا على صواب ؟؟ ولماذا انتظروا الرجل المحتسب ولم يقوموا هم بمنع ذلك.!!؟
المسألة وما فيها أن كل فرد من هذا الشعب يحب وطنه ويغار أولا على دينه الإسلامي ويحب ويقدر قادته لكن كل منا لايثق بالآخر ..!!
نعم هذه هي الحقيقة التي تتوسع يوما بعد آخر حتى تصل بنا في المستقبل لأمور لايحمد عقباها..!!
يخطيء المرء مرة أو مرتين .. لاتكن وأنت البعيد عن ملابسات الخطأ طرفا مغتابا أو أنانيا يلهب نيران الخطأ بدلا من معالجته بهدي رباني نبوي ..!!
والعكس صحيح .. يجاهد المرء ليوقف الخطأ عبر النصيحة فلاتكن له سدا أو تحاول تشويه مقصده والخوض بنواياه..!!
لدينا .. أزمة ثقة.. فقط..!!
فلنتعامل بمنطق الثقة فيما بيننا وسترون النتيجة لأن الكثير منا يتلقف عفن وسائل التواصل الاجتماعي حتى دون أن يفكر ولو للحظة ثم ينطلق بعنفوان ليكسر كل قيود النصيحة أو الاحتساب فيشتم ويلعن ويسب وتمضي ليلته على هذا الشكل وبكل بجاحه يوصي بقراءة اية الكرسي قبل النوم لأحبابه..!!
الفريق الآخر يلمز ويوصي ويتسلط على المحتسبين ويهلك صورتهم بالإعلام ويسبهم بكل مجلس ويصفهم بالمتخلفين الرجعيين ..!!
هذا ليس من الإسلام بشيء ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" (ترمذي: بر:48 & أحمد 405و416)
وقال أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه 10 سنوات حياته في المدينه: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا". (بخاري:أدب:38) ..
ماذا حصل لنا إذن؟؟
الشيطان يدخل بيننا لأن هناك أرضية خصبة له ولذلك سيسهل انهيار قيمنا الأسلامية وعلينا أن لانكابر أو ندفن رؤوسنا بالتراب كالنعام ..!!
أصبحنا مجتمع فضيحة نطارد فضائح القوم بكل الوسائل بل بكل قبح نعاود إرسال ما نتلقفه وكأننا ببغاوات أو دمى ..!!
ختاما:
ليست المسألة استعراض قوى أو مباديء أو قناعات ..
الجنادرية أصبحت بواقعها الحالي موطنا يجب أن يعاد النظر فيه وعلى من صمت وهو يعرف أن يتذكر أن صمته عار على جبين الوطن ..!!
قبل الطبع :
عن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم.
صحيفة عاجل / سلطان المهوس