عندما تخطئ في النطق كانت أمها تلوح بـ"الملعقة الكبيرة"
سامية العمودي لـ”المواطن”: الرافضون للابتعاث لا يريدون عودة الوعي للمجتمع
A+ A A-
المواطن- عبير العتيبي
الدكتورة سامية العمودي ناشطة في التمكين الصحي والحقوق الصحية واستشارية نساء وتوليد وعقم, عرفت بعشقها للأدب والكتابة قبل أن تعشق الطب غلبت عليها سيطرتها على الوقت بطريقة دفعتها للنجاح والتميز، هي امرأة عرفت كيف تجعل من القصة غيمة وسماء, تم اختيارها على مستوى الشرق الأوسط وتكريمها ضمن أشجع عشر نساء في العالم. استثمرت إصابتها بسرطان الثدي وحولتها إلى رسالة حب لتوعية نساء مجتمعها من خلال المحاضرات والندوات واللقاءات الطبية وبتكريس نفسها لهذه القضية النبيلة التي أعطت صورة قوية للمرأة السعودية. تم إدراج نبذة عن قصتها في مناهج اللغة الإنجليزية في الثانوية المطورة بنين وبنات, لها مؤلفات وكتيبات باللغة العربية وباللغة الإنجليزية كان آخرها كتاب بعنوان “مذكرات امرأة سعودية” ضمنت فيه مذكراتها وقصة كفاحها بمواجهة الكثير من التحديات والصعاب التي واجهتها في مسيرتها الطويلة الناجحة.
“المواطن” تعرفت على الدكتورة سامية العمودي فكان لنا معها هذا الحوار:
سامية الدكتورة والكاتبة والأديبة رحلة الألف ميل في ميادين العلم.. من أين بدأت؟
من مطبخ أمي حيث كانت تجلسني على كرسي صغير بينما هي تطبخ وأنا أقرأ القرآن؛ تعلمني مخارج الحروف وأنا في الرابعة وقبل دخولي المدرسة وعندما أخطئ في النطق كانت تلوح بالملعقة الكبيرة وكان أن تعلمت القراءة الصحيحة من القرآن، فلما التحقت بحضانة مدارس بابا عباس غزاوي وبالمدرسة بعدها كانوا يعجبون من تمكني من العربية.
تم اختيارك ضمن أشجع عشر نساء في العالم وتم تكريمك في واشنطن ماذا يعني لك هذا التكريم؟
استجابة لدعوات حملها قلبي أناجي بها الله أن يصل صوتي إلى كل امرأة في كل بيت وشارع فلما جاء التكريم أحدث ضجة وتساؤلاً لماذا هذا التكريم فكانت الإجابة لكسرها حاجز الصمت وحديثها عن إصابتها بسرطان الثدي وبذا تعرف المجتمع أكثر على سرطان الثدي؛ فكون أمريكا أكبر دولة تحتفي، وكوني أول عربية تمنح الجائزة، جعلا من الجائزة جرساً عالياً يسمعه الجميع.
بدأتِ الكتابة في الصحافة في وقت لم تكن هناك جرأة بأن تكتب الأقلام النسائية ماذا أعطتك تلك التجربة؟
الكتابة بوح ومتنفس لي وهي أداتي للمساهمة في إحداث تغيير في فكر المجتمع ومنحتني راحة ذاتية واكتسبت خبرة في فن التعامل مع الإعلام ومواجهة القراء من كل الشرائح.
“مذكرات امرأة سعودية” كتابك الجديد.. لما اخترت هذا الاسم وعم يتحدث؟
لأنه مذكراتي ويحوي سيرتي ومنجزاتي ليس بغرض العرض لها وإنما لتكون محطات ملهمة للشباب والشابات؛ فالأمثلة الحية أكثر تأثيراً وحياتي حفلت بلحظات تقطر مرارة ولحظات مترعة بالفرح وبها أزمات وعثرات وبها تحديات وانتصارات ولذلك هي قصة من الواقع في مجتمعنا السعودي.
كسرت حاجز التحفظ للحديث عن تجربة ما مررت بها وبتأسيسكِ لمجلة (وردي) جاءت ثمرة ذلك كأول مجلة إلكترونية توعوية عن سرطان الثدي بمنطقة الشرق الأوسط.. ما الذي هدفتِ إليه؟ وكيف جاءتكِ فكرة إنشاء المجلة؟
الهدف استثمار الإعلام الحديث في الوصول إلى جميع الشرائح لنشر الوعي بقضية سرطان الثدي والفكرة قديمة؛ فقد كانت أحد أحلامي أن أصدر مجلة ورقية لكن الحلم كان صعب التحقيق؛ لأنها تحتاج إلى إمكانات وتفرغ، فلما دخلنا عصر الصحف الإلكترونية وجدتها فرصة لتحويل الحلم إلى واقع.
هل لمستِ وعياً كافياً لدى النساء السعوديات تجاه الأورام وفي حقوقهن الصحية خاصة حق التوقيع على الموافقة على العمليات الجراحية؟ أم ثقافة الصمت ما زالت تحكم أمورهن؟ وكيف تقيمي تفاعل المجتمع مع حملات التوعية؟
تفاعل المجتمع مع حملات التوعية بالسرطان تفاعل فاق التوقعات وقد بدأت حملاتي بشكل فردي في عام 2006م واليوم في أكتوبر الماضي مثلاً كان هناك أكثر من ستين حملة في أرجاء المملكة. أما الحقوق الصحية فهي ثقافة جديدة وما زالت مغيبة وتحتاج إلى نشرها وتمكين المجتمع أكثر وما زالت هناك مستشفيات لا تدرك هذه الحقوق وما زال البعض لا يسمح للمرأة بممارسة هذا الحق مثل حقها في الموافقة على العمليات الجراحية، الذي كفلته هيئة كبار العلماء في قرارها الصادر عام 1404هـ وفي تعاميم وزارة الصحة التي يتم إرسالها دورياً.
في بادرة هي الأولى من نوعها عام 2007 أهديتِ الطرحة السعودية لسيدة أمريكا الأولى لورا بوش رغم الموقف الأمريكي الرافض لمثل هذه المبادرات ما الذي دعاكِ لمثل هذه المبادرة؟ وهل كان هناك كسر للبروتوكول الأمريكي، وماالشعور الذي خرجت به الضيفة؟
هي مبادرة عفوية تحولت إلى حدث إعلامي وموقف تاريخي جميل والقصة حدثت عندما تقررت زيارة السيدة الأولى واجتماعها بمجموعة من الناجيات في 2007م في مدينة جدة وفكرت أن نهديها هدية واحترت في نوع الهدية ثم خطر على بالي أن أهديها طرحة عليها شعار سرطان الثدي “الزهري”، الذي هو شعار عالمي متعارف عليه والطرحة معروفة بأنها جزء من هويتنا وفعلاً قدمت لها الهدية ففوجئت بها وتفتح الصندوق وبمنتهى العفوية تتناول الطرحة وتضعها على رأسها فقمنا بمساعدتها على ارتدائها وفوجئت في هذه الثانية بفلاشات جميع الإعلاميين تبرق في آن واحد ويختطفون صورة لهذا الحدث الذي تصدر الصحف الغربية، وطبعاً هذا أمر أحدث انقساماً في الرأي تجاه ارتدائها للطرحة والحجاب تلك اللحظة لكننا شعرنا بصدقها وعفويتها في هذه البادرة.
دكتورة سامية كتبتِ تغريدة عبر التويتر قبل أيام بأن الابتعاث أعظم منجزات عصرنا وأن المرأة الآن في أجمل مراتب العلم وأنها تعيش في عصرها الوردي… كيف ترين واقع “الابتعاث” مع وجود بيان يدار من بعض الأشخاص يتحدث عن خطرة؟
نعم الابتعاث أجمل أحداث عصرنا الراهن والرافضون له هم من لا يريدون عودة الوعي للمجتمع وحصول المرأة على وضعها الحقيقي الذي أقرته الشريعة، ولذلك يخافون من ضعف سيطرتهم ومن تمكين المجتمع وعودة الوعي له.
بصفتك طبيبة وتعملين في المجال الطبي ما تقييمك لوزارة الصحة أيام تولي الدكتور الربيعة للوزارة, وما رأيك بتكليف المهندس عادل فقية؟
كلمة تقييم صعبة لأن لها حيثيات لا أمتلكها حتى أستطيع أن أعطي تقييماً منصفاً ونأمل أن يحدث تحسن وارتقاء في الواقع الصحي مع معالي الوزير الجديد فوطننا ومجتمعنا يستحق هذا؛ لأن الحقوق الصحية هي حقوق إنسانية بالدرجة الأولى.
في رأيك كيف يكون دعم المرضى ولماذا نشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي من يتوسلون للعلاج رغم أحقيتهم أين الخلل؟
دعم المرضى يكون بالدعاء لهم وبتقديم باقة ورد والأهم هو عمل مرتكز على علم وفن وخبرة وتعقد دورات لمن يريدون المشاركة في دعم المرضى لتأهيلهم وإعداد كوادر مدربة تستطيع تقديم الدعم والمريض يحتاج إلى دعم روحي ديني عاطفي اجتماعي وحتى اقتصادي.
هناك العديد من الممرضات السعوديات المؤهلات اللاتي لم يلقين العناية اللازمة ليكملن مسيرتهن بعد التخرج, ما رأيك بتجربة الاعتماد على كوادر نسائية 100% في المستشفيات؟
هذه أمور نظرية وليست عملية؛ فالواقع الطبي للعارفين والمتخصصين يعاني نقص الكوادر الطبية النسائية في جميع التخصصات ولو استطعنا تحقيق هذا على الأقل في مجال النساء والتوليد ووضعنا خطة مستقبلية فهذا شيء جميل بدل النقص في هذا القسم الذي فيه حاجة ماسة والأهم أن العملية ليست مبنى منفصل أو إدارة منفصلة عن الرجال، بل هو طاقم طبي متكامل خاصة في بعض التخصصات النادر وجود المرأة محلياً وعالمياً فيها مثل التخدير وغيرها.
نختم الحوار.. بأمنية تتمناها الدكتورة سامية وبكلمة لصحيفة “المواطن”؟
أشكركم على أسئلتكم الجميلة والثرية, أما أمنيتي الخاصة فهي دعوة لله أن يمنحني فسحة في العمر حتى أرى تخرج ابني وابنتي وأستقبل أول حفيد بعد أن استقبلت مئات المواليد للسيدات اللواتي أشرفت على ولادتهن، وأمنية عامة أن يتحقق لي نشر ثقافة التمكين الصحي والحقوق الصحية والارتقاء بها فعلاً لا قولاً فحسب.