خطيب المدينة : إصلاح العبد مابينه وبين الله يصلح به امره
آل طالب : التضامن بين المسلمين ضرورة بسبب ما يتعرضون له في بقاع الارض
مكة المكرمة – المدينة المنورة – الوئام :
أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب أن التضامن بين المسلمين في هذا العصر ضرورة للبقاء والعالم حولنا يتكتل ولا يحترم إلا الأقوياء المتحدين , ذلك أن الشعوب الإسلامية لا تريد غير الإسلام عقيدة تؤمن بها ونظاماً يحكمها وديناً يجمع شتاتها وأخوة توحد صفوفها وعملاً صادقاً يحقق أهدافها وعدالة تسود مجتمعاتها ومساواة تنتظم طبقاتها لتعيش في سلام وتعبد الله في أمان.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجدالحرام // يصطرع العالم اليوم على رغبات سياسية وقومية ودينية واقتصادية ويعيش أزمات حادة نتيجة الأهواء الفردية والمطامع الإقليمية واستبداداً يستمد بقاءه بالبطش والاعتداء أنتج ذلك البغي والظلم واشتعال الحروب وسقوط الضحايا وخراب الديار مما يهدد العالم كله بالإضطراب وسوء الحال وقد نال المسلمين قسط وافر من هذا البلاء وأصابهم ضعف ما أصاب غيرهم وتكالبت عليهم الأمم فاحتلت بعض أوطانهم واستنزفت خيراتهم وسرقت أقواتهم وضاع صوتهم فرقة وشتات وتنازعو اختلافاً , وفي الوقت نفسه تنتظم كثير من الدول في تكتلات عالمية ضيقت هوة الخلافات بينها وتقارب بعضها مع بعض من أجل مصالحها مع أن ما بيننا من عرى الوحدة وأسباب التضامن والتكافل والتعاون والترابط أكثر مما بين أمم الأرض جميعاً //.
وأضاف يقول // إن واقع المسلمين اليوم ليشبه واقعهم يوم الأحزاب , المسجد الأقصى , الأرض المباركة وما حولها , شام العز وأهلها , بورما وأفريقيا الوسطى , فضلاً عن اضطراب كثير من بلاد المسلمين واحتراب بعضهم مع بعض ولم يزل جرح فلسطين كلما شغل المسلمون عنه بقضايا حادثة كلما حرك المحتل ما يهيجه ويدميه مستفزين بذلك شعور مئات الملايين من المسلمين مستعجلين به ثورات وصدامات سرعان ما تشتعل وما أبطأما تنطفئ والشعوب المسلمة اليوم تغلي غليان المرجل وقد أدرك الأعداء ذلك فانطلقوا جميعاً للوقوف أمام أمانيها وأجهضوا أحلامها مستعينين بالنفوس المريضة والذي يريدون جر شعوبهم إلى هاوية التردي والذل والشتات
وأردف الدكتور آل طالب يقول // إن المليار مسلم يتعرضون اليوم لامتحانات عالمية قاسية تقتضيها سنة الابتلاء ليقضي الله أمراً كان مفعولاً وإن أمتنا المسلمة العظيمة الممتدة في التاريخ عمقاً وفي الريادة علوا والمتسيدة على الدنيا حينا من الدهر قدرها وقدرها أن تبقى في الصدارة دوماً إذ هي خاتمة الأمم وتمام الشرائع والشاهدة على الناس كافة ووارثة الشرائع السماوية والدين الحق استقرت الدنيا حين سادت ونعم الناس بالعدل حين حكمت وهدي الناس لخالقهم حين دعت وأرشدت واتصلت الأرض بأسباب السعادة إلى السماء وكان المسلمون حينها بريادة أمرائهم وعلمائهم وذوي الرأي فيهم على وعي بحقيقة أمتهم وقدرها فضحوا وصبروا وصابروا فنعموا ونعمت أمتهم والناس كافة بثمرة هيمنة الدين الخاتم حتى وصل الأثر للبهائم والطير والنبات //.
وأوضح فضيلته أنه وقد اختلفت الموازين اليوم وطغت حضارة الآلة على حضارة الإنسان وتسيدت المصالح وتوارت الأخلاق ووهن كثير من حملة هذا الدين وأدركهم داء الأمم قبلهم وقصر كثير من حكام المسلمين أصبحت هذه الأمة مزعاً وأمرهم فرطاً ذهبت ريحهم وخبت نارهم وتضعضعت بين الأمم كلمتهم فأصبح الناس ينشدون الهدى عند غيرهم ويبتغون الرشاد عند سواهم وعولوا كثيراً على ما أنتجته حضارة المادة وعصارة الفكر الحديث فما زادهم ذلك إلا تيهاً فوق تيه والعزاء في ذلك العثار , هو أن الداء ليس في الدين نفسه وإنما في كثير من حملته .
ورأى فضيلته أن كل ذلك يقتضي وقفة تأمل نتدبرفيها طريق الخلاص وخطة مثلى للنهضة بأمتنا وتجنيبها الفتن والحروب والفقر والحاجة والمرض والجهل , لافتاً النظر إلى أن الصراع بين الأمم اليوم ليس صراع مغالبة فحسب بل هو صراع بقاء أو فناء , أن تكون أو لا تكون .
وشدد فضيلته على أنه يجب على المسلمين أن يدركوا عظم المسئولية وأن يحافظوا على ما بقي لهم من أوطانهم واجتماعهم وأن يشرعوا في التضامن فيما بينهم وتقريب شقة الخلاف والعمل الجاد الدءوب للسير في طريق الوحدة على هدي من الكتاب والسنة مع فهم لمجريات العصر وتقدير ظروفه والتحرك بخطى ثابتة بعيدة عن الارتجال وردود الأفعال والتعامل مع الأحداث والوقائع بإسلوب العصر ومنهج الشرع.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام // إن من بوادر الفأل أن تحتضن عاصمة الإسلام ومهبط الوحي وقبلة المسلمين مكة المكرمة جمعاً من كبار علماء المسلمين في العالم برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وفقه الله يتدارسون واقع العالم الاسلامي بمشكلاته وحلولها ويسعون لتحقيق ما تتطلع إليه الأمة المسلمة , ولا زال العلماء هم الأمل في زمن اضطراب السياسات وكثرة الألوية والتحزبات يجمعون الأمة على كلمة التوحيد ويبصرون الناس بالحق ويهدونهم إليه ويكشفون زيف الباطل ويمنعونهم منه ويتبنون مشروعات تجعل من التضامن الإسلامي واقعاً لاحلما وحقيقة ملموسة لا مجرد أمنية مرجوة فقد آن الأوان لتترجم القيادة في كل دول المسلمين أمنية الشعوب باللحمة والاجتماع إلى واقع يرضي ربها ويسعد شعوبها //.
وأشار فضيلته إلى أن الخروج من حالة شتات المسلمين أمر يقع على كاهل قادة الأمة ومفكريها فكل , الأمم صنعت وحدتها فما بالنا مشتتون مع توفر الأسباب والحاح الحاجة وضمانات النجاح وتوافر الموارد وأن الجميع يتطلع إلى تضامن واتحاد يثمر خيراً وبركة في كل المجالات وينهض بالأمة لتقود الأمم وتدفع عن نفسها وقيمها ووجودها , لافتاً النظر إلى أن هذا التضامن لن يصلح إلا بمرجعية ثابتة تتحد بها الأمة وتنطلق بها نحو نهضتها , وهذا المرجع هو الوحي المتمثل في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وعلى نهج أصحاب النبي الكرام , لأجل هذا فإن على العلماء أن يجمعوا الأمة على كلمة سواء وأن يصدعوا ببيان الحق ولا يجاملوا في دين الله احداً فإن أنكى ماشتت الأمة واضعفها هو تفرقها في الدين ولبس الحق بالباطل واستخدام الدين لتحقيق المطامع السياسية وأن واقع اليوم ليشهد على عوار الطائفية والحزبية فاستبيحت الدماء ودمرت البلدان وشرد المسلمون في بلادهم يذكي ذلك علماء سوء وقادة سوء جرفوا بعض المسلمين إلى الإشراك بالله وصياغة مفاهيمهم ليعودوا على أمتهم أعداء ومحاربين وحملوا الإسلام ما لا يحتمله من عقائد وشرائع وقصص وأخبار في استغلال بشع لثارات تاريخية ليسوا منها في نسب ولا سبب ولكنه الاستغلال الرخيص لجماعات من المسلمين مغيبة وركبوا سياسة بإسم الدين وليس همهم الدين واستمالوا بعض المسلمين في عواطفهم وجهلهم .
وقال فضيلته // إن من التضامن الذي لايعذر فيه قادر إعانة المحتاج من المسلمين وأنه لم يعد خافياً مارزءت به بلاد الشام من حرب وتدمير فتكت بالصغير والكبير وأهلكت الحرث والنسل وشردت الملايين في البرد والعراء وقد جدد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله الدعوة إلى مساعدتهم والتبرع لهم بمايخفف معاناتهم فجودوا جاد الله عليكم وأحسنوا كما أحسن الله اليكم وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم
وفي المدينة النورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة عن إصلاح العبد مابينه وبين الله سبحانه تعالى قائلاً : ” إن من أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أخرته ودنياه , وأصلح ما بينه وبين الناس ” .
وأضاف أن إصلاح العبد ما بينه وبين خالقه يكون بتوحيد الله تبارك وتعالى بأن يعبد الخالق لا شريك له في دعاء العبد ورجاء الله والتوكل عليه وخوفه سبحانه ومحبته وتعظيمه والاستعانة به وطاعته مع التمسك بالسنة المطهرة قال تعالى (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ? فَمَنِ اتَّقَى? وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .
وذكر فضيلة الشيخ الحذيفي أن التمسك بوصايا الله ووصايا نبيه صلى الله عليه وسلم صلاح للعبد في أموره كلها وتحسن له العاقبة في الدنيا والآخرة قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) .
وبين إن إصلاح الناس ما بينهم وبين الله عز وجل يصرف به الله أموراً ويحفظ به الله الأمة من الشرور ,مبيناً أن الله تبارك وتعالى أجل وأكرم معروفاً من أن يتخلى عن عبده ولا يضيعه إذا صدق معه وقاه من إتباع هوى النفس وعمل بما يحب ربه من الطاعات فرائضها ونوافلها وجانب المحرمات .
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي :” إن أحسن أحوال العبد أن يتولى الله سبحانه وتعالى أموره كلها ويحفظه في دينه ودنياه ويسدده ويوفقه في أقواله وأفعاله وعاقبة أمره ” .
وحث فضيلته في ختام خطبته على فضل الدعاء وأن به تتنزل الخيرات ويقطع الله به الشرور والمكروهات، قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِلينَ ) .
وأوصى الشيخ علي الحذيفي في ثنايا خطبته المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن مستدلا بقوله تعالى(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).