تحرش "أمريكي- روسي" على أنغام التسريبات.. هذه خطة "ترامب" الخماسية في سوريا
استقالة وصراعات تحكمها المصالح.. و"مدفيدف" يدعو بلاده للاستعداد لعقوبات طويلة الأجل
A A A
بندر الدوشي - واشنطن
0
0
4,400
انحصرت الآمال الروسية بتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة "ترامب" الجديدة؛ بعد أن بادلتها الرسائل والوعود بالوصول إلى أرضية مشتركة في جميع الملفات الخلافية انتهاءً برفع كل العقوبات على موسكو، والتي كلفتها حتى الآن أكثر من 180 مليار دولار.
إلا أن المؤشرات حتى الآن مريرة على موسكو، فالرهان على إدارة "ترامب" يتبدد سريعاً، هذا ما توحي به تصريحات رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيدف، والذي قال فيها إنه يتوجب على بلاده أن تستعد للعيش في ظروف العقوبات إلى أجل غير مسمى، مضيفاً، في تصريحات صحافية أوردتها وكالة "سبوتنك"، أن الغرب يحاول إدامة العقوبات ضد روسيا، مؤكداً أن بلاده "قادرة على التطور حتى في مثل هذه الظروف".
استقالة وصراعات
التصريحات الروسية جاءت بعد قراءة متأنية للموقف الأمريكي المتغير بشكل صادم، فعلى صعيد الإدارة الأمريكية لم تكن استقالة مايكل فلين عراب رفع العقوبات على موسكو، أمراً سهلاً على موسكو، خصوصاً وأن خليفته الجنرال هربرت ماكماستر على عكس "فلين" لا يحمل أي ودّ تجاه روسيا، ليكتمل المثلث العسكري المحيط بـ"ترامب"، والمتشدد تجاه روسيا، بالإضافة إلى صراعات الرئيس "ترامب" الشرسة مع وسائل الإعلام، والتي تتركز معظمها حول النغمة المتساهلة مع روسيا، وهو ما يصعّب من أي فرصة للتقارب مع واشنطن.
سوريا والأسوأ
أما على صعيد الملف السوري، والذي توليه موسكو اهتماماً عميقاً فهو في طريقه للأسوأ، فالموقف الأمريكي الجديد كان صادماً لموسكو؛ فبعد تولي دونالد ترامب السلطة أعلن على الفور عن خطط لإنشاء مناطق آمنة في سوريا غير آبه بمواقف موسكو التي أعلنت اعتراضها؛ ثم تراجعت وطلبت أخذ الإذن من نظام دمشق غير الشرعي.
تسريبات
خطة المناطق الآمنة رافقتها تسريبات عن الموقف الأمريكي الجديد تجاه الأزمة السورية؛ حيث كشف مسؤول أوروبي وثيق الصلة بإدارة "ترامب" ملامح الموقف الأمريكي الجديد في سوريا، قائلاً: "لن تدعم إدارة الرئيس دونالد ترامب أي مشروع حل روسي للنزاع في سوريا يهدف إلى فرض بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، والعمل على إلغاء المعارضة السورية الحقيقية المعتدلة المعترف بها عربياً وإقليمياً ودولياً على نطاق واسع".
تسوية شاملة
وأضاف: "تركيز واشنطن على أولوية الحرب ضد داعش والإرهاب عموماً لن يدفعها إلى التعاون مع الأسد في هذه الحرب، وإلى تجاهل جوهر النزاع السوري الذي لن ينجح أي طرف في حلّه عسكرياً؛ بل إن إنهاء النزاع يتطلب تطبيق تسوية سياسية حقيقية شاملة متفق عليها إقليمياً ودولياً".
الخطة الأمريكية
وأوضح المسؤول أن الإدارة الأمريكية الجديدة حدّدت أُسُس السياسة التي تنوي تطبيقها في سوريا، وهي تشكل خطّة عمل لا مشروع حلّ أمريكياً، وتتضمن العناصر الرئيسة الآتية: "أولاً: تدرك الإدارة الأمريكية أنها لن تستطيع أن تخوض حرباً ناجحة ومثمرة ضد داعش والإرهاب عموماً، من غير أن يترافق ذلك مع العمل جدياً على وقف الحرب الداخلية، وتطبيق حلّ سياسي حقيقي شامل للنزاع السوري، والسوريون عاجزون وحدهم عن إنجاز هذا الحل، خصوصاً أن نظام الأسد يرفض التسوية الحقيقية الشاملة للنزاع، وهو المسؤول الأول عن الكوارث التي أصابت البلد".
الروس عاجزون
ثانياً: لن تضطلع أمريكا وحدها بمسؤولية حلّ النزاع السوري، كما أن القيادة الروسية عاجزة وحدها عن إنجاز الحل المطلوب الذي يجب أن يكون ثمرة جهود إقليمية ودولية تساهم فيها أمريكا، ويجب أن يرتكز الحل الحقيقي الشامل على تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخصوصاً القرار 2254 الذي صدر بالإجماع، وشدّد على ضرورة انتقال السلطة إلى نظام جديد تعددي غير طائفي يضمن الحقوق والمطالب المشروعة لكل مكونات الشعب وينهي الحرب.
الصيغة الدولية
ثالثاً: تؤيد إدارة "ترامب" الصيغة التي حددتها القرارات والتفاهمات الدولية لطريقة تطبيق التسوية السياسية الشاملة، وهي ضرورة التفاوض في إشراف الأمم المتحدة ورعايتها بين ممثلين للنظام والمعارضة الحقيقية المعتدلة من أجل إنجازها، وضمن هذا النطاق تدعم واشنطن مهمة المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وتؤيد جهوده الهادفة إلى إدارة المفاوضات من أجل تطبيق خريطة الطريق المنصوص عليها في القرار 2254 التي تحدّد شروط انتقال السلطة إلى نظام جديد بمساعدة دولية وإقليمية.
3 خطوات أساسية
رابعاً: ترحب إدارة "ترامب" بالتعاون مع القيادة الروسية في الحرب ضد الإرهاب، ومن أجل تحقيق السلام في سوريا؛ لكن التعاون الأمريكي الروسي يتطلب لكي يكون مجدياً أن تتخذ القيادة الروسية ثلاث خطوات أساسية هي: أن تمارس أولاً الضغط على "الأسد" من أجل وقف حربه ضد المعارضة المعتدلة والانخراط جدياً في عملية التفاوض الهادفة إلى تطبيق القرارات الدولية، ويجب أن تتعامل القيادة الروسية مع المعارضة المعتدلة على أساس أنها الشريك الضروري في أية عملية سلام، الأمر الذي يتطلب من موسكو أن تتخلى عن دعم موقف "الأسد" الذي يصف جميع المعارضين بأنهم إرهابيون يجب القضاء عليهم، وعلى القيادة الروسية أن تعطي الأولوية للتعاون مع أمريكا وليس مع إيران التي تتمسك بالخيار العسكري وترفض تنفيذ القرارات والتفاهمات الدولية لتسوية النزاع.
مع المعارضة المعتدلة
خامساً: تنوي إدارة "ترامب" التعاون مع قوى المعارضة المعتدلة التي تقاتل "داعش" منذ العام 2013، ومع جهات عربية وإقليمية معنية بالأمر ومؤثّرة في الحرب ضد الإرهاب، وأيضاً من أجل إنشاء مناطق آمنة للاجئين السوريين، وهي تعكف حالياً على وضع الخطط العسكرية الضرورية لتحقيق هذين الهدفين المهمّين، وهذا التوجّه تراه واشنطن ليس متناقضاً مع حرصها على التعاون مع موسكو ضمن الشروط المطلوبة؛ لأن الجهود الدولية الأمريكية الروسية الإقليمية ضرورية للقضاء على "داعش" والإرهاب عموماً، وتحقيق التسوية السلمية الشاملة في سوريا.
لغة المصالح
وخلص المسؤول الأوروبي إلى القول: "أوضحت إدارة ترامب في تصريحات علنية في اتصالاتها مع موسكو أنها مستعدة للتعاون جدياً مع القيادة الروسية في ساحات ومجالات عدة على أساس أن يحقق هذا التعاون الأهداف والمصالح الأمريكية وليس الأهداف والمصالح الروسية وحدها، واستراتيجية إدارة ترامب للتعامل مع النزاع السوري تعكس تماماً مفهوم واشنطن للعلاقة الجديدة التي تنوي بناءها مع موسكو".
آلاف الجنود وتحرش
هذه التسريبات التي كشفها مسؤول أوروبي جاءت بعد تقارير تتحدث عن عزم واشنطن إرسال 5 آلاف جندي إلى سوريا هدفهم الأول "داعش"؛ لكنه ليس الأخير، وهي ترجيحات تضمنتها خطط البنتاغون للأزمة السورية بحسب "واشنطن بوست"، وهو ما أغضب موسكو فبادرت بإرسال طائرات حربية للتحرش بالسفن الحربية الأمريكية وحلقت مقاتلتان روسيتان على علو منخفض وبشكل خطير قرب مدمرة أمريكية في بحر البلطيق الأسبوع الفائت، وهو ما علقت عليه "فوكس نيوز" الأمريكية ودعت عبر معلقيها العسكريين إلى تشديد العقوبات على موسكو لكبح عدوانيتها تجاه السفن الأمريكية وحدود الناتو.
خرق المعاهدة
ولم تكتفِ موسكو بذلك بل قامت بخرق معاهدة الحد من الأسلحة مع واشنطن بنشرها صاروخاً باليستياً جديداً متوسط المدى، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، والتي أضافت أن هذا التحرك انتهاك لمعاهدة الحد من الأسلحة الباليستية، والتي وقّعتها واشنطن وموسكو عام 1987، وهو ما عارضته الخارجية الأمريكية بشدة، ودعت إلى احترام موسكو هذه المعاهدة الاستراتيجية.
أسلحة وبيان غاضب
وشددت الخارجية الأمريكية من موقفها تجاه موسكو في الأزمة الأوكرانية؛ حيث دعت موسكو والانفصاليين إلى الالتزام الفوري واحترام وقف إطلاق النار الموقع في 20 من شهر فبراير الماضي، وسحب كل الأسلحة الثقيلة والسماح بحركة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشكل كامل ودون معوقات، وردت موسكو على هذه الدعوات ببيان دبلوماسي غاضب.
توسع التراشق
وبانتظار الخطة الأمريكية، على الأرجح أن التراشق الأمريكي الروسي سيستمر ويتوسع فإدارة "ترامب" خيّبت آمال موسكو، كما أن هناك فشلاً كبيراً مصاحباً لجهود روسيا تمثل في مؤتمر إستانا ومحادثات جنيف الرابعة، وهو ما يظهر عدم قدرتها على فرض رؤيتها للحل في سوريا من ناحية النظام وحلفائه، مما أدى بها إلى العمل على تمييع المعارضة السورية عبر خلق معارضات لا يُعرف اسمها ولا أعضاؤها إلا من قبل موسكو وحدها، وهو أمر لا ينقذ موسكو ولا ينهي الأزمة، التي ضاقت المخارج على موسكو وحلفائها فيها.
06 / 03 / 2017, 51 : 03 AM
رد: آخر مستجدات الحرب ضد الحوثيين ...
