قصة الشمعدان الحقيقي
يحكي ان في قديم الزمان كان هناك رحالة شهير يدعي أبو النضر وكان هذا الرجل دائم السفر من مكان إلي مكان طوال حياته، وله في كل بلده يزورها صديق ، وعندما بلغ من العمر 70 عاماً اراد ان يمر علي البصرة لزيارة احد اصدقاءه هناك يدعي أبا اليسر، وعندما وصل الرجل الي صديقه لم يجده بالمنزل، فسأل عليه زوجته فأخبرته انه قد توفي منذ عام، حزن الرجل اشد الحزن علي صديقه ثم سأل عن ابنه رضوان، دعته والدته ليسلم علي الشيخ أبو النضر صديق والده، الذي سعد كثيراً برؤية رضوان الذي اصبح شاباً وكان آخر مرة رآه فيه لا يزال طفلاً رضيعاً .
قال أبو النضر لزوجة صديقه انه سوف يتكفل برعاية رضوان وسوف يأخذ معه في رحلاته ليتعلم الكثير من المعارف والعلوم ويصبر خبير في الدنيا والناس بمرور الوقت، فرحت الزوجة بعرض أبو النضر وودعت ابنها الذي بدأ اول رحلاته مع ابو النضر .. تعلم منه الكثير خلال الترحال من مكان إلي مكان، وذات يوم دعاه ابو النضر وقال له : أنت الآن يا بني قد أخذت الكثير من علمي وقد جاء الوقت المناسب لأخبرك عن سر الشمعدان الحديدي، قال رضوان في اهتمام : ما هو هذا السر ؟ فقال ابو النضر : ولكن عدني في البداية انك سوف تلتزم بعهدي وتوفي به مهما حدث، فوعده رضوان، بدأ الشيخ ابو النضر يقول : انا سوف أتلو الآن بعض العبارات والكلمات وسوف تنشق الارض، وتظهر من تحتها غرفة واسعة، سوف تنزل اليها لتجد بها كنوز هائلة، وشمعدان حديدي، اريدك ألا تقترب من اي شئ من هذه الكنوز، وان تحضر لي فقط الشمعدان الحديدي دون ان تلمس اي شئ، فقال له رضوان : حسناً سوف أنفذ ما أمرتني به .
وبالفعل تلي أبو النضر بعض العبارات الغير مفهومة فانشقت الارض ونزل رضوان في حماس شديد، رأي كنوز رائعة ومجوهرات لامعة في كل مكان، ففكر في نفسه قائلاً : كيف لي أن اترك كل هذه الكنوز ؟ لابد أن اخذ منها ما يكفيني، ثم بدأ يجمع الكنوز ويضعها في جيوبه، وفجأة ظهر له جني عملاق وهو حارس هذه المقبرة وقال له بصوت مخيف : الويل كل الويل لمن خالف العهد والوعد ، واختفي ضوء المقبرة تماماً وانغلق الباب الذي نزل منه رضوان، خاف رضوان وحاول ان يهرب مسرعاً إلا انه تذكر الشمعدان الحديدي، فأخذه علي الفور وحاول الخروج، وحينها فقط قال له الجني : الشمعدان الحديدي هو من أنقذ ولولا ذلك لما خرجت من هنا ابداً، جري رضوان وخرج مسرعاً من المقبرة ولكنه لم يستطع العثور علي أبا النضر ابداً، بحث عنه كثيراً ولكن دون جدوي .
عاد رضوان الي قريته وهو سعيد بالكنوز، وبعد ان اخبر امته بكل القصة، نصحته ان يبحث عن ابا النضر ويرد له الكنوز لانها ليست من حقه، وان يحضر له ايضاً الشمعدان الحديدي، إلا ان رضوان اصر علي ان يأخذ الكنوز واكد لها انها ملكاً له وحده وليس لأحد غيره حق فيها .. مرت الليلة ونام رضوان والكنوز بجانبه وهو ينظر اليها في سعادة، ولكن في صباح اليوم التالي وجد ان الكنوز قد اختفت تماماً، بحث عنها كثيراً ولكن لم يجدها ابداً وامه اقسمت انها لم تلمسها، فعلم رضوان انها اختفت عقاباً له علي طعمه وعدم وفائه بالعهد .
لم يتبقي معه سوي الشمعدان الحديدي، فاقترب رضوان يفحصه وقام باشعاله، كان يتكون من 12 شمعة، وعندما اشعل رضوان الشمعات لاحظ امراً عجيباً، لقد ظهر شبح 12 درويش بدأ كل منهم يلقي بدينار ثم يختفي، واستمر رضوان في هذا الأمر وكل ليلة يشعل الشمعدان فيلقي كل درويش بالدينار ويختفي، وكان الدراويش لا يظهرون إلا مرة واحدة في اليوم، سعد رضوان كثيراً بهذا الامر وأصبح يكنز العديد من الدنانير كل ليلة، ولكن والدته نصحته أنه يجب عليه ان يعمل ويستثمر هذه النقود في التجارة حتي لا تضيع، استمع رضوان الي نصيحة والدته وعمل في التجارة حتي زاع صيته واصبح من اشهر التجار في قريته، ونسي امر الشمعدان من كثرة انشغاله وامواله فهو اصبح ليس بحاجه الي دنانير الدراويش، ولكن ذات ليلة تذكر الشمعدان وقرر ان يشعله إلا انه وجد الدراويش قد اختفت، فقالت له امه ان الشيخ ابو النضر منزعج منه لأنه لم يعد له الشمعدان وهذا هو السر بالتأكيد .
عاد رضوان من جديد يبحث كثيراً عن الشيخ ابو النضر حتي عثر عليه في النهاية، وحكي له كل ما حدث معه، واعاد له الشمعدان الحديدي الذي عاد من جديد يظهر الدراويش عند اشعاله، فرح ابو النضر أن رضوان قد تعلم الدرس وعرف عاقبة الطمع وعدم الوفاء بالعهد .