احتياطات كثيرة وجهود كبيرة لاقت إشادات عالمية
بمنظومة متكاملة.. "الصحة" تنجح في تجاوز التحديات بالحج
عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: حققت وزارة الصحة خلال موسم حج هذا العام عدداً من النجاحات توجت بإعلان نجاح الموسم صحياً، وسلامة حجاج بيت الله الحرام من الأمراض الوبائية والمحجرية، وعدم تسجيل أي أمراض خطيرة.
ومن أبرز النجاحات التي حققتها وزارة الصحة في هذا العام، تجاوز تحدي فيروس كورونا الجديد الذي كان يشكل هاجساً للكثيرين، وذلك بفضل الله ثم بالاحتياطات والإجراءات الوقائية المبكرة في المنافذ البرية والبحرية والجوية.
الإشادة العالمية من منظمة الصحة العالمية، والتي أعلنت قبل يومين، وأكدت فيها المنظمة أن السعودية نجحت في منع انتشار الأوبئة والفيروسات، خاصة "كورونا" بين أكثر من مليون و980 ألف حاج، لم تأت من فراغ، حيث يعود نجاح الصحة في تجاوز تحدي "كورونا" إلى إجراءات عديدة اتخذتها الوزارة منذ ظهور أول حالة للفيروس، حيث دعت الوزارة اللجنة العلمية الوطنية للأمراض المعدية واللجنة الوطنية لمكافحة عدوى المرافق الصحية، وفعلت خطة علمية متكاملة بداية من تعريف الحالة، واستمراراً بوضع بروتوكولات طرق الوقاية والتشخيص والأعراض، ثم العلاج، وتأكدت على أثر ذلك وكالة الصحة العامة من إدراك كافة الممارسين الصحيين والطاقم الطبي المعالج والمختبرات بالأسلوب العلمي للتفاعل مع هذا الفيروس الجديد.
دعوة خبراء ومنظمات وهيئات دولية
كما دعت الوزارة نخبة من الخبراء والاستشاريين في الدول المتقدمة، ومن الهيئات والمنظمات الدولية المختصة، مثل منظمة الصحة العالمية، وتواصلت مع الخبراء داخل الوطن وخارجه، ودعت خبراء من جامعة كولمبيا إلى المشاركة في إجراء مسح ميداني وبيئي للوصول إلى نتائج علمية تسهم في معرفة المزيد حول هذا المرض وطرق انتقاله للإنسان.
كما دعت خبراء مختصين من كندا وأمريكا ومنظمة الصحة العالمية للاطلاع على الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة للتعامل مع الفيروس.
واتبعت الوزارة خطة محكمة للتعامل مع فيروس الكورونا الجديد تتلخص في: الرصد المستمر لحالات الالتهاب الرئوي غير النمطي، والإبلاغ عنها فورا إلى منسقي الصحة العامة والأمراض المعدية في المناطق الصحية، ومن ثم إرسال العينات إلى المختبرات الإقليمية.
وعند ثبوت إيجابية العينة يتم حصر المخالطين داخل وخارج المنشآت الصحية، وإجراء الفحوصات اللازمة لهم. كما تعمل الوزارة من خلال منسقي مكافحة العدوى في المنشآت الصحية على تطبيق إجراءات العزل للحالات الإيجابية والمشتبهة ووسائل الحماية الشخصية للزوار والعاملين الصحيين وفقاً لتوصيات اللجان الوطنية ومنظمة الصحة العالمية. كما أجريت أبحاث علمية مكثفة عن النمط الوبائي للفيروس وخصائصه الجينية، وإيجاد وسائل علاجية جديدة، وكذلك عن علاقته بالبيئة.
وقبل بداية موسم الحج وتزايد مخاوف الحجاج من الفيروس ظهر دور وزارة الصحة بالتعاون مع وسائل الإعلام في بث الطمأنينة في حال كان الخطر محدوداً أو رفع درجة الاستعداد في حال وجود مخاطر محتملة فترة الحج.
مؤتمر عالمي قبل الحج
ودعت وزارة الصحة دول العالم وخبراء واستشاريين ومتخصصين من المنظمات والهيئات الصحية الدولية للمشاركة في المؤتمر العالمي الثاني لطب الحشود، والذي عقد في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة من 15-17/ 11/ 1434هـ، حيث تم استعراض توصيات تجارب الدول في مجال طب الحشود والتعامل مع الفيروس ومستجدات الوضع بالنسبة للفيروس محلياً وإقليمياً ودولياً.
وراجع المؤتمر بروتوكولات التعامل مع المرض من الناحية الوقائية والعلاجية والتشخيصية، وصدرت عنه توصيات تعزز وتؤكد التوصيات العلمية التي وضعتها المملكة في التعامل مع الفيروس والاشتراطات الخاصة بحج عام 1434هـ.
ورغبة من الحكومة السعودية في زيادة التأكد والاطمئنان من الترصد الوبائي المهني، فقد استمرت بتطبيق سحب الفحوصات المخبرية على مدار الساعة من كل حالة اشتباه، واستمرت في رصد متمكن لحالات الالتهابات التنفسية بكافة أنواعها، كما نشرت الوزارة فرقاً ميدانية في المستشفيات ونفذت جولات ميدانية على مدار الساعة على كافة المرضى في أقسام العنايات المركزة والحالات المنومة في المستشفيات.
ولم تكتف الوزارة بذلك بل كلفت نخبة من الاستشاريين في مجال الأمراض المعدية في كافة المستشفيات بالعمل على مراقبة الحالات.
اشتراطات صحية مبكرة لـ165 دولة
ومع استمرار المراقبة الوبائية للأمراض محلياً وإقليمياً ودولياً، تم تطبيق الاشتراطات الصحية وتعميمها على (165) دولة إسلامية وصديقة عبر سفارات خادم الحرمين الشريفين في هذه الدول.
كما تم تفعيل دور المركز السعودي الدولي لطب الحشود في أعمال الحج الذي اعتمد كمركز دولي متخصص في طب الحشود لما للمملكة العربية السعودية من خبرات متراكمة في التعامل مع طب الحشود خلال عقود من الزمن.
وعلاوة على تطبيق هذه الاشتراطات أخذت وزارة الصحة مسوحات مخبرية بأسلوب العينات العشوائية من جميع الجنسيات، وتناسبت هذه العينات مع العدد الكلي للحجاج الوافدين من كل دولة.
وأدركت الوزارة أن حجم الترصد الوبائي المستمر يتطلب خبرات وإمكانات وتجهيزات تواكب حجم المسوحات المسحوبة من المستفيدين، فجهزت مختبراً في المدينة المنورة، وآخر في مستشفى منى الوادي بمنطقة المشاعر، وعملت على تدريب الكفاءات الوطنية والمتخصصة على هذه التقنية لتتمكن من الإسراع في النتائج المعتمدة وسرعة اتخاذ القرارات المهنية في التشخيص والعلاج.
وفي ذات السياق شددت وزارة الصحة إجراءاتها في المنافذ، وخصصت فرقاً طبية متخصصة لمتابعة جميع الحجاج القادمين عبر المنافذ المختلفة (البرية، الجوية، البحرية)؛ لفحص وإعطاء الحجاج اللقاحات التحصينية، والتأكد من تطبيق الاشتراطات الصحية التي أرسلت لكافة الدول المعنية، والتي تعمل -بإذن الله- على نشر السلامة الصحية، وعدم انتشار أي مرض وبائي بينهم.
لا حالات تسمم بين 1.980 مليون حاج
الميزات الصحية التي خرجت بها وزارة الصحة خلال حج العام الحالي، كان من ضمنها الإعلان عن عدم تسجيل أي حالات تسمم غذائي رغم كثافة الحجيج، محققه تميزاً كبيراً توّج بإشادات وثناء الكثير من المسؤولين والحجاج.
الاستعدادات الكبيرة التي أسهمت -بتوفيق الله- في نجاح موسم الحج لاقت اهتماماً عالمياً تمثل في إبراز منظمة الصحة العالمية عبر موقعها الرسمي، وعلى صدر الواجهة الرئيسية، عبر تقرير مفصل عن الاستعدادات وإحصاءات الخدمات التي قدمت العام الماضي، حتى أنها وصفت ما تنفذه وزارة الصحة في الحج من خدمات صحية بـ"منظمة متكاملة تنفذ تدخلات طبية هائلة للحفاظ على سلامة الحجاج".
خبرات متراكمة في طب الحشود
وزارة الصحة، ومن خبرات صحية متراكمة في إدارة طب الحشود، تدخل كل عام الكثير من الخدمات والتجهيزات الحديثة لضمان تقديم أفضل الخدمات الصحية لضيوف الرحمن.
وعلى سبيل المثال رصدت الوزارة العام الماضي الحاجة إلى توافر نقاط طبية على مسار سكة قطار المشاعر، وفي ظرف عام واحد استحدثت 18 نقطة طبية شغلت هذا العام وقدمت خدمات كبيرة للحجاج.
عمليات قلب وقسطرة وغسيل كلوي
مستشفيات وزارة الصحة نجاحاتها لا تتوقف عند التعامل مع الحالات الطارئة والأمراض العادية إلى إجراء عمليات القلب المفتوح للمرضى الحجاج، والتي أجريت لـ18 حاجاً، وعمليات القسطرة القلبية التي أجريت منها أكثر من 345 عملية، وعمليات المناظير الهضمية نفذت لـ77 حاجاً، إضافة إلى 1.336 جلسة من الجلسات للغسيل الكلوي بنوعيه الدموي والبريتوني، من خلال 25 مستشفى توفرها وزارة الصحة داخل المشاعر، منها أربعة في عرفات، ومثلها في منى، وسبعة في مكة المكرمة، إضافة إلى مدينة الملك عبدالله الطبية، وتسعة مستشفيات في المدينة المنورة، يساندها 141 مركز رعاية صحية أولية منتشرة في المشاعر.
أرقى الخدمات الصحية تقدم للحجاج بالمجان
وتقدم هذه الخدمات الصحية لحجاج بيت الله الحرام بالمجان ودون مقابل، على الرغم من كثرة تكاليفها، حيث فتحت حكومتنا الرشيدة الميزانيات لتقديم أرقى الخدمات الصحية للحجاج.
وفي آخر الإحصاءات المعلنة استفاد من الخدمات الصحية المقدمة للحجاج (997.379) مريضاً حاجاً راجعوا المستشفيات والمراكز الصحية بالعاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.
وبلغ عدد القوى العاملة من منسوبي وزارة الصحة المشاركين في تقديم الخدمات الصحية خلال حج هذا العام في مكة المكرمة والمدينة المنورة 22665 موظفاً وموظفة ما بين إداريين وكوادر طبية وتمريضية.
استعدادات الحج بدأت منذ عام كامل
وزارة الصحة ووفقاً لبياناتها وتصريحات كبار مسؤوليها، تعمل على مدار العام لإنجاح مواسم الحج، حيث إنه ومنذ انتهاء أي موسم حج تقوم الوزارة وكعادتها سنوياً برصد جميع التحديات والمشاكل الصحية، وتدرس وتطبق جميع السبل لتلافي هذه المشاكل، حيث يتم في كل موسم جديد تخطي جميع الملاحظات، سواء في المرافق أو التجهيزات أو القوى العاملة.
حجاج يؤكدون: قدمت لنا خدمات صحية كبيرة
"سبق" وخلال جولاتها في مستشفيات المشاعر المقدسة بموسم الحج رصدت انطباع عدد من الحجاج المرضى من دول: باكستان، ومصر، والهند، وبنغلاديش، والمغرب، وفسلطين، والذين أكدوا أن الخدمات الصحية التي قدمت لهم في مستشفيات المشاعر كبيرة وراقية، مثمنين الاهتمام الذي وجدوه وحسن التعامل والخدمات الصحية الراقية.
لجان عدة تدير الخطط الصحية وتشرف عليها
الجهود التي تبذلها وزارة الصحة خلال الحج وتوجتها بإعلان نجاح موسم حج هذا العام، جهود كثيرة، وتتولاها عدة لجان تخطط وتشرف من خلالها على أعمال وجهود آلاف الموظفين في مئات المنشآت الصحية، بمتابعة توجيهات وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، وهي الجهود التي يصعب حصرها في تقرير واحد.