لهذه الأسباب يناصب "داعش" السعودية العداء ويشوِّه جهودها في محاربة الإرهاب
واجهت الفكر بالفكر وأفسدت مخططاته لتشويه الإسلام
A A A
حامد العلي - الرياض
0
10
10,690
منذ ظهوره على الساحة كأحد التنظيمات الإرهابية الخطرة في العالم، يسخِّر "داعش" كلَّ إمكاناته المادية وقدراته القتالية، فضلاً عن قنواته الإعلامية، لمواجهة المملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا، ومهاجمة قادتها ورموزها، في محاولات "يائسة" للتقليل من أي جهود سعودية، سعت إلى إظهار الإسلام الحقيقي الخالي من العنف والدمار والقتل والترهيب.
ويشعر قادة تنظيم داعش بأن مخططاتهم وأمنياتهم بالسيطرة على العالم الإسلامي من منطلق أنهم النموذج المثالي للجهاد في الإسلام قد باءت بالفشل الذريع بسبب المملكة العربية السعودية دون سواها، وبات العالم بأكمله يطاردهم ويحاربهم في كل مكان حلوا به، ليس لسبب سوى أن السعودية سعت منذ الدقيقة الأولى لظهور هذا التنظيم على الساحة لكشف حقيقته، والتشديد على أنه يخالف كل تعاليم الإسلام السمحة، التي تحث على تعزيز التسامح والسلام، وقبول الآخر، والدعوة بالتي هي أحسن؛ وهذا يفسر موجات الكُره والبغض اللذين يكنهما قادة هذا التنظيم لكل ما هو سعودي.
وترجم تنظيم داعش كرهه للمملكة العربية السعودية في مهاجمة المناطق الحيوية والسكانية في مناطق السعودية، وعلى رأسها المساجد، خلال السنوات الماضية. وهذا الكره مستمر حتى اليوم.
وفي المقابل، أخذت المملكة العربية السعودية على عاتقها الاستمرار على نهجها في محاربة هذا الفكر الضال لهذا التنظيم، والتشديد على أنه جماعة إرهابية، تتخذ من الإسلام ستارًا لها، وأنه يجب محاربتها، ومواجهة مخططاتها؛ حتى لا تؤثر على الإسلام الحقيقي.
نبذة عن التنظيم
تنظيم داعش - وهو تنظيم مسلح - يتبع فكر جماعات السلفية الجهادية، ويهدف أعضاؤه - حسب اعتقادهم - إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، ويوجد أفراده وينتشر نفوذه بشكل رئيسي في العراق وسوريا، مع وجوده في مناطق دول أخرى، مثل جنوب اليمن وليبيا وسيناء والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وزعيم هذا التنظيم هو أبو بكر البغدادي.
وكانت المملكة العربية السعودية أول من أدرجت التنظيم كمنظمة إرهابية، ثم الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، والولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وإندونيسيا، وإسرائيل، وتركيا، وسوريا، وإيران.. وبلدان أخرى. وتشارك أكثر من 60 دولة بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات العسكرية على داعش.
النموذج المثالي
ومنذ عقود مضت والمملكة العربية السعودية أخذت عهدًا على نفسها أن تكون نموذجًا للإسلام المعتدل، الذي يلفظ التشدد والعنف، ويدعو إلى التآخي والسلام والتراحم بين المسلمين كافة. ليس هذا فحسب، وإنما سعت السعودية إلى أن تكون بؤرة إشعاع فكري وروحي وحضاري في قلب العالم الإسلامي، تقوده إلى بر الأمان، وتعمل على التقريب بين أتباع المذاهب والأديان؛ وهو ما انعكس بالإيجاب في زيادة التعايش والتواصل بين الشعوب والحضارات. وهذا المشهد لم يعجب تنظيم داعش، الذي كان يأمل أن يجد مَن يساعده ويعاونه في تفعيل العنف والأسلوب المتشدد؛ ومن هنا اجتهد التنظيم في التشويش على جهود السعودية، خاصة جهودها في توضيح حقيقة الإسلام، ومهاجمة الفكر المنحرف والضال.
ويتعمد تنظيم "داعش" مهاجمة السعودية، والنَّيل من قادتها؛ وذلك لدورها الرائد والفاعل في التصدي له، ومحاربة مخططاته وشروره في المنطقة والعالم، عبر تأسيسها وقيادتها التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، اللذين يمارسان أدوارًا مؤثرة في محاصرته والقضاء عليه.
الضرب في مقتل
وزاد من كُره داعش للمملكة قيام الأخيرة بمحاربة الإرهاب ممثلاً في جميع التنظيمات والجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش، وضربه في مقتل. ولعل آخر هذه الضربات نجاح السعودية في تنفيذ عملية نوعية ناجحة بالداخل اليمني، تم إثرها إلقاء القبض على أمير تنظيم داعش الإرهابي باليمن الملقب بأبي أسامة المهاجر المسؤول المالي للتنظيم، وعدد من أعضاء التنظيم المرافقين له. وأكدت الدول المشاركة في الحرب على الإرهاب أن القبض على زعيم داعش في اليمن يُعدُّ عملية نوعية، تُحسب من ضمن جهود السعودية في محاربة الإرهاب، وداعش على وجه الخصوص. وقالت: "يعد هذا الأمر انتصارًا سعوديًّا خليجيًّا ضمن التحالف العربي الإسلامي العالمي".
أسباب أخرى
الحرب الشديدة التي تشنها السعودية على تنظيم داعش لها أسباب أخرى، تضاف إلى ما سبق من أسباب، يأتي في مقدمتها الدعم الذي توجهه إيران إلى هذا التنظيم، ليس حبًّا فيه، وإنما رغبة منها في استغلال التنظيم لإضعاف دول المنطقة، وتقسيمها إلى أجزاء صغيرة متناثرة، تستطيع السيطرة عليها، والتحكم فيها. وسبق أن شنت السعودية هجومًا حادًّا على إيران متهمة إياها بالسماح لتنظيم "داعش" بالاستيلاء على أراضٍ واسعة في سوريا. وتؤمن السعودية بأن إيران أكبر ممول للإرهاب في العالم، سواء بدعمها حزب الله في لبنان، أو الحوثيين في اليمن، وحتى تنظيم القاعدة في أماكن عدة.
العلماء يهاجمون داعش
ويواجه داعش منذ ظهوره انتقادات وتحذيرات من العلماء؛ إذ انتقد المفتي العام للسعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، تنظيم داعش، وقال إن النهج الذي ينتهجه التنظيم لم يعرف في التراث الإسلامي، ولا في الجماعات الإسلامية على مدى التاريخ الإسلامي، ولا يمكن تصنيف منهجه سوى أنه «منهج الإفساد والخوارج». وأكد المفتي أن الإسلام شيء، وواقع «داعش» شيء آخر؛ فهم عبارة عن عصابة إجرامية، جاؤوا لضرب الأمة وإفسادها وإضعاف قوتها، من خلال قتلهم المسلمين، واستباحة دمائهم، وتركهم أهل الكفر والأوثان. كما أنهم عاملوا أهل العراق والشام بكل خلق سيئ ورذيل. وهم بعيدون عن الإسلام كل البعد. هم العدو فاحذرهم.
وهاجم الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ عبدالرحمن السديس، داعش دون أن يسمه، مستشهدًا بحديث النبي محمد –صلى الله عليه وسلم-: "لا يعذب بالنار إلا رب النار". وقال: "إنه في الوقت الذي تعصف فيه الانتماءات والولاءات لجهات وتنظيمات ضالة، تسلك سبيل الغلو والعنف والإرهاب والتطرف والبغي والإرعاب.. تسفك الدماء، وتبعثر الأشلاء، وتسعى للفساد في الأرض قتلاً وتحريقًا، بغيًا وتفريقًا باسم الإسلام مع شديد الأسى، وبكل وحشية وبربرية، تجاوزت الحدود الشرعية والأخلاقية، ولا يقرها دين ولا قيم ولا إنسانية أيًّا كان فاعلها".
وفي الوقت نفسه، أشاد الشيخ السديس بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وجهوده في محاربة الإرهاب. وشدد السديس على أن "مسيرة التجديد في هذه البلاد المباركة ماضية برعاية من ولاة أمرها، وحرص واهتمام من الشاب الطموح المحدث الملهم ولي عهد هذه البلاد المحروسة، رغم التهديدات والضغوطات". وشدَّد الشيخ السديس على أن "أي محاولات للتهديد وإجهاض التجديد محاولات يائسة، وستنعكس سلبًا على الأمن والسلام والاستقرار. وبلادنا المباركة ستظل رائدة شامخة، وترديد الاتهامات والشائعات والحملات الإعلامية المغرضة لن يثنيها عن التمسك بمبادئها وثوابتها معتمدة في ذلك على الله وحده، ثم على حكمة قادتها، وتلاحم أبنائها.. فهي الكفيلة -بإذن الله- بمواجهة المزاعم الباطلة، والمحاولات الفاشلة. والتاريخ خير شاهد على ذلك".