رهابيون ينعمون باستقرار وظيفي واجتماعي يقودهم وسطاء أجانب
إدارة التحقيقات بـ"الداخلية" تكشف تفاصيل العمليات الإرهابية الأربع.. وماذا ستفعل 55 طنًّا من المتفجرات؟
A A A
عيسى الحربي - الرياض
1
0
1,835
كشف اللواء مهندس بسام عطية من إدارة التحقيقات بوزارة الداخلية عن نجاح قوات الأمن السعودي في إحباط أربع عمليات إرهابية، استهدفت منشآت نفطية وشخصيات عسكرية ومواقع دينية، مشيرًا إلى أن قوات الأمن وقفت لهذه العمليات بالمرصاد، عن طريق الرصد والمتابعة والمراقبة، وتحليل المعلومات، باستخدام وسائل تقنية عدة، أثبتت كفاءة قوات الأمن، وما بلغته من خبرة ودراية أمنية عالية.
وقدر "عطية" حجم المتفجرات التي استهدفت السعودية طيلة الـ17 عامًا الماضية، عن طريق "تنظيم القاعدة" و"حزب الله" و"داعش"، وغيرها من الجماعات الإرهابية، بنحو 55 طنًّا من المتفجرات شديدة الانفجار، مشيرًا إلى أن هذه الكمية كانت كفيلة بإحداث هزة أرضية بقوة 5.5 درجة بمقياس ريختر.
وبدأ "عطية" المؤتمر الصحفي الذي أقيم لفضح خلايا إرهابية بتوجيه الشكر والتقدير إلى قوات الأمن على نجاح موسم الحج، وقال: "أشير هنا إلى أجهزة الدولة بقطاعاتها ومؤسساتها، التي أسهمت كلٌّ في اختصاصه في نجاح موسم الحج بشكل يستحق كل التقدير والإجلال. وأستطيع أن أصف الأمن السعودي بأنه الفارس الأول لما تحقق من نجاح في موسم الحج. وكما تعرفون، فإن الأمن السعودي عوَّدنا دائمًا على النجاح والتفوق والإجادة في كل المهام المكلفة به. وقد رأينا هذا الأمن راعيًا وخادمًا لموسم الحج، كما رأيناه مكافحًا ومحاربًا للإرهاب. له أيادٍ حانية على من يستحقون، وله أياد يبطش بها الإرهاب والإرهابيين".
وأضاف "عطية": يأتي بيان وزارة الداخلية ليجسد ويؤكد هذه الحقيقة، وذلك عن طرق التعامل الاحترافي للجهات الأمنية مع عمليات إرهابية استهدفت السعودية. وقد تحركت قوات الأمن مع هذه العملية على مستويات عدة، على المستوى العملياتي ومستوى الوصف والتحليل ومستوى الإشراف والبحث، وكذلك على المستوى الميداني من رصد ومتابعة ومراقبة وتحرٍّ، وعلى المستوى التقني بكل ما تحمله التقنية من مستويات رفيعة وعالية.
وتابع: استغرقت هذه العملية الأمنية أشهرًا عدة، ووضعت هذه الخلايا خططًا زمنية ومكانية لعملياتها الإرهابية، وكانت تتحين ساعة الصفر للتنفيذ؛ للإضرار بمنشآت اقتصادية ورجال أمن ومواقع دينية ومنشآت عسكرية. ولكل جهة مستهدفة بُعد إرهابي عميق مؤثر، يسعى إلى تعزيز الخسائر البشرية والاقتصادية معًا.
وقال: أول هذه العمليات وأكثرها وحشية ودمارًا لو حدثت هي تفجير مدينة تدريب الأمن العام في 15/ 5/ 1437هـ. وقد استهدف هذا التفجير الآلاف من أبنائنا الطلاب في المدينة. وبدأ التخطيط لهذه العملية، عن طريق وسيط عملياتي من سوريا، يتبع تنظيم داعش، وقام هذا الوسيط بالتنسيق مع الإرهابي عبد الرحمن المري، أحد الموقوفين في هذه العملية، الذي كُلّف بالبحث عن أحد الأهداف العسكرية؛ حتى يتم استهدافه. ويحدد "المري" مدينة تدريب الأمن العام، والوسيط العملياتي يبارك هذا الهدف، ثم تأتي الخطوة اللاحقة بتحديد الزمان والمكان، وتأمين المتفجرات اللازمة لإتمام العملية. وقد كلف الوسيط العملياتي من سوريا المواطن سلطان العتيبي بنقل عبوات متفجرة من مكان محدد مسبقًا إلى مكان آخر. ويتوجه عبد الرحمن المري إلى المكان الثاني، ويحصل على هذه المتفجرات، ويتوجه بها إلى المكان المستهدف.
وأوضح اللواء مهندس بسام عطية أن آلية نقل المتفجرات هذه تكررت في معظم العمليات التي تم إحباطها، وقال: ينقل شخص متفجرات ومفرقات وأحزمة ناسفة إلى مكان محدد، ثم يأتي شخص آخر للحصول عليها من هذا المكان بدون أي وسيط.
وتابع: حُدّد لهذه العبوات المتفجرة أن توضع أمام مدخل المدينة، بالشكل الذي يضمن من خلاله حدوث أكبر قدر من الخسائر البشرية. وبتحليل العبوة المتفجرة وجدنا أنها تغطي دائرة قطرها 50 مترًا.
وأضاف: مدينة تدريب الأمن العام هي مدينة تدريبية تعليمية، تنفِّذ العديد من البرامج التدريبية الأمنية والتنشيطية، إلى جانب نشاط كبير جدًّا في العملية التعليمية الأمنية، ويقصدها العديد من الطلبة الدارسين. وفي إبريل الماضي خرّجت المدينة ما يقارب 4600 طالب متدرب؛ وهو ما يشير إلى أن عدد الطلبة فيها يقدر بالآلاف. ولو وقع هذا التفجير لكان الضحايا بالآلاف.
وحول العملية الثانية أفاد اللواء مهندس بسام عطية بأنه: تم إحباط عملية أخرى، كانت تستهدف ضرب أحد المواقع العسكرية وأحد المواقع الدينية، وهما تابعان للحرس الوطني في الأحساء، وتم تحديد هذين الموقعين من قِبل الوسيط العملياتي من سوريا، الذي حدد الشبكة العنقودية التي ستقوم بتنفيذ هذا العمل، ووزع الأدوار على أعضائها، وهم سلطان العتيبي الذي يقوم بنقل الأسلحة من الرياض إلى الأحساء، ويشارك حمد الموسى بالرصد والمتابعة، ونصار الموسى شقيق حمد الموسى هو الانتحاري في هذه العملية، ويحمل الأحزمة الناسفة إلى الأحساء. ونصار الموسى من الشخصيات التي لها أنشطة متعددة في التجهيز للعمليات الإرهابية، وتسانده في الدعم اللوجيستي "خلود الركيبي"، وهي والدة نصار، وشقيقة حمد. وتبارك خلود العمليات الإرهابية، وتشجع وتحفز الأفراد على القيام بها بالمستوى المطلوب، وقد توبخهم أيضًا إذا وجدت أن هناك قصورًا ما من أحدهم. ومن كبار الداعمين أيضًا الإرهابي ناصر الركيبي، شقيق خلود. وقد تم الكشف عن هذه العملية وإحباطها، والإيقاع بهؤلاء جميعًا.
وأضاف اللواء "عطية" بأن: العملية الثالثة كانت في مدينة الرياض، وهي عبارة عن عملية اغتيال لأحد منسوبي وزارة الدفاع، وقام على هذه العملية المنسق العملياتي في سويا، الذي كان يوجه عبد الرحمن المري. وبحسب المخطط يتم زرع عبوة ناسفة أسفل سيارة الشخصية المستهدفة أثناء وقوفها أمام منزله، ويقوم الوسيط العملياتي بالتنسيق الكامل لتفاصيل هذه العملية، وتحديد مكان المتفجرات ونوعها، وينتقل له عبد الرحمن المري لاستلامها. ورغم التنسيق المتواصل بين الوسيط العملياتي و"المري" إلا أن أمور الأسلحة والأحزمة الناسفة والمتفجرات كان يتم استعراضها في نطاقات ضيقة للغاية، وقد تكون هناك خلايا خاصة مسؤولة عن تأمين ونقل الأسلحة والمتفجرات.
وتابع: حصل المري على الأسلحة والمتفجرات في انتظار ساعة الصفر. وفي هذه الأثناء تم إسقاطه والقبض عليه. وقد رصد "المري" سيارات عدة تابعة لثلاث شخصيات عسكرية تمهيدًا لاغتيالهم.
وعن العملية الرابعة التي تم إحباطها قال اللواء مهندس بسام عطية: تم إحباط عملية تسليم عبوات وأحزمة ناسفة في مداهمة وكر في محافظة القويعية، من خلال الوسيط العملياتي في سوريا، الذي كلف خالد المالك بنقل مجموعة من الأحزمة الناسفة من مكان إلى مكان آخر، وتم التواصل مع أحمد عسيري للانتقال إلى موقع المتفجرات لنقلها، مع إبقائه على أحد الأحزمة لديه، وهو حزام دفاعي، يستخدمه في تفجير نفسه إذا ما تم القبض عليه. والمتفجرات في هذا الحزام كبيرة، يمكن أن تؤذي رجال الأمن المكلفين بالقبض عليه. وكُلف "عسيري" بنقل بعض هذه الأحزمة إلى مكان ثالث، يستلمها من هناك محمد الأحمري، ويتوجه بها إلى مكان آخر. وهذه العملية من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شمالها، استغرقت خمس ساعات من المتابعة والمراقبة الأمنية العالية.
وانتقل اللواء بسام إلى علاقة هذه الخلايا بالعمليات المنفذة سابقًا، وقال: بشأن تفجير مسجد الرضا في الأحساء في حي المحاسن تم تكليف طلحة عبده، وهو مصري الجنسية، وعبد الرحمن التويجري الهارب حاليًا، عن طريق الوسيط العملياتي في سوريا، وتم تكليف أحمد عسيري بمهام عدة لتنفيذ هذا العمل الإرهابي. ومن هذه المهام استقبال الانتحاريَّين، والتوجه بهما إلى استراحة شرق الرياض، وهناك تم التدريب على استخدام الحزام الناسف والتعبئة النفسية لإتمام العملية، كما قام بدور في العملية ذاتها نصار الموسى، عبر تكليفه بمهام عدة، منها رصد المسجد وتصويره، ونقل الانتحاريين من الرياض إلى الأحساء، وإيواؤهما، ثم التفجير الذي ذهب ضحيته 5 من الشهداء، بخلاف المصابين.
وأضاف: يظهر عبد الرحمن المري أيضًا من خلال تفجير النقطة التفتيشية في طريق الحاير، الذي نفذه عبدالله الرشيد، وسبق عملية التفجير قتله خالَه العقيد راشد الصفيان في آخر يوم من شهر رمضان المبارك. ويتلخص دور المري في مسح الطريق، والتأكد من خلوه من فرق الأمن قبل وصول الرشيد.
وأردف: وفي حادث تفجير سيارة أحد رجال الأمن في حي العزيزية في الرياض ظهر أيضًا أحمد المري من خلال تواصله مع الوسيط العملياتي في سوريا، وهي عملية إرهابية، تأتي ضمن عمليات كثيرة، استهدفت رجال الأمن. ولم تنفجر العبوة الناسفة في هذه العملية بالطريقة التقليدية نتيجة خطأ في دائرة الاتصال الكهربائي.
وقال: عملية أخرى قام بها أسامة الراجحي؛ إذ قام باغتيال إحدى الشخصيات الأمنية عن طريق مسدس كاتم للصوت، بمساعدة من عبد الرحمن المري، الذي كان عاملاً مشتركًا في معظم العمليات، وقام بأدوار متنوعة؛ إذ نلاحظ أن هناك تنوعًا في الأماكن المستهدفة، التي كان من بينها استهداف أنبوب نفط في محافظة الدوادمي في عملية فاشلة - ولله الحمد -، كان يتابعها الإرهابي خالد المالك، لكنها فشلت كما ذكرت.
وأضاف اللواء "عطية": "استهداف أنبوب نفط في منطقة صحراوية، وهي بقيق، التي تقع شرق السعودية، كبرى المدن النفطية في العالم، له أبعاد مهمة وخطيرة؛ فالمدينة قاعدة تخزين نفطية، وهي منصة تصدير للنفط، كما أنها مدينة صناعية، فيها معامل للتكرير، تغطي جزءًا كبيرًا من القطاع الغربي الجنوبي، وخريطة خطوط الأنابيب من الشرق للغرب هي من أهم المواقع الاستراتيجية لخريطة النفط في المملكة العربية السعودية، كما أن الخط الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر يقوم بتغذية الكثير من المصافي المطلة عليه، وينقل هذا الخط نحو 10 ملايين برميل نفط. ونحمد الله أن عملية تفجيره فشلت؛ لأن تفجيره كان بمنزلة كارثة كبيرة. وعلينا أن نتذكر أن "داعش" سعت إلى تفجير هذا الأنبوب؛ للإضرار بهذا الشعب بجميع أطيافه وفئاته، والإضرار بخطط التنمية والازدهار في الصناعة والزراعة والأمن.
وتابع بسام عطية: من خلال هذه العمليات نجد أن أسماء إرهابيين تكررت، مثل المري والأحمري، ونجد أيضًا أن هناك علاقات مركبة بينية بين أفراد الخلايا العنقودية. ومن خلال تحليل هذه العلاقات استطعنا الوصول إلى بعض المعلومات التي تساعدنا على الإيقاع بأفرادها؛ إذ تبيّن لنا وجود خلايا عدة، الخلية الأولى تضم أحمد عسيري ونصار الموسى وحمد الموسى وسلطان العتيبي وناصر الركيبي وخلود الركيبي، وتضم الخلية الثانية عبدالرحمن المري وعمر الزغبي وعبدالله الشهري وعبدالله اللويمي ومحمد المهقاوي، والثالثة تضم أسامة صرصور وخالد المالك ونايف البشري وإسماعيل البشري، والأخيران ليسا قريبين، وإنما تشابه أسماء. وقد تحركت هذه الخلايا في 7 مناطق بالسعودية.
وتحدث اللواء عن الهيكلة الإدارية لداعش، وقال: لا توجد هيكلة هرمية لإدارة هذه الخلايا؛ إذ إن تنظيم داعش يؤمن بالمركزية في إدارة أعماله وعملياته الإرهابية، و"داعش" نفسه يتم إدارته من واقع الصراعات الدولية والإقليمية، إلى جانب أن التنظيم تسيطر عليه العقيدة العسكرية القتالية، ويحرص "داعش" على تدوير المهام على جميع أفراده، كما أن "داعش" يعتمد مبدأ إشباع الرغبة القيادية لدى جميع أفراده، وعدم تكليف شخص بعينه بهذه الميزة بصفة دائمة.
وأضاف: معظم الموقوفين سعوديون، 67 % من فئة العزاب، والنسبة الباقية متزوجون، و13 % منهم عاطلون، والبقية تتمتع باستقرار وظيفي، ونصفهم على مقاعد الدراسة، والنصف الآخر حاصلون على شهادات جامعية وفوق الجامعية. وهذه الأرقام تشير استقرار هذه الفئة اجتماعيًّا.
وقال: وبالنسبة إلى المتفجرات وحجمها نجد أن التنظيم سعى إلى استخدام 26 كيلوجرامًا من المتفجرات في عملية ضرب مدينة تدريب الأمن العام، ونجد أنه خلال الـ17 عامًا الماضية بلغت كميات المتفجرات التي سعى الإرهابيون من القاعدة وداعش والجماعات المتطرفة إلى استخدامها في عملياتهم الإرهابية نحو 7 أطنان من المتفجرات، بينما استطاع الأمن السعودي أن يحبط ويضبط ما مقدراه 48 طنًّا من المتفجرات قبل استخدامها، أي أن هناك 55 طنًّا من المتفجرات كانت تستهدف السعودية، وهذه الكمية كفيلة بإحداث هزة أرضية بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر.