المحـــرومــون مــن حســــن الخـــاتمـــه !!!
ومن الناس من حُرم حسن الخاتمة:
نسأل الله حسنها، عجيبٌ حالك أيها المحروم، إنك تعلمُ أن الموتَ حقٌ، وأنه نهايةُ الجميعِ، مع ذلك تصرُ على حالِكَ وأنت تسمعُ هذه الكلماتُ مراراً وتكرارا.
أيها الأخُ، أيتها الأخت، ليسَ العيبُ أن نخطأ، ولكن العيبَ الاستمرار على الخطأ.
أيهما تريدُ أن تموتَ على خيرٍ أو على شر؟
أقولُ هذا لأننا نرى ونسمعُ نهايةُ بعضِ المحرومين، نسأل الله حسن الخاتمة.
قال أبنُ القيم في الجواب الكافي :
( ثم أمرُ أخوفُ من ذلك وأدهى وأمر، وهوَ أن يخونَه قلبَه ولسانَه عند الاحتضارِ، والانتقال إلى الله تعالى فربما تعذرُ عليه النطق بالشهادةِ كما شاهد الناس كثيرا من المحتضرين مما أصابهم ذلك.. إلى قوله وسبحان الله، كم شاهد الناس من هذا عبرا، والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم ).
ثم ذكر رحمه الله اليوم صورا لبعضهم منها :
قيل لبعضهم قل لا إله إلا الله فأخذ يهذي بالغناء.
وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فقال كلما أردت أن أقولها فلساني يمسك عنها.
ونحن اليوم نشاهد ونسمع ونقرأ صورا كثيرة لسوء الخاتمة منها:
أن رجلا ذهب إلى أحد البلاد المعروفة بالفساد، وهناك في شقته شرب الخمر أعزكم الله، قارورة ثم الثانية ثم الثالثة، هكذا حتى شعر بالغثيان، فذهب إلى دورة المياه ليتقيأ.
أتدري أيها المحب ماذا حدث له؟
مات في دورة المياه، ورأسه في المرحاض أعزكم الله.
ومنها أن شابا كان لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، وكان لا يصلي أضاع طريق الهداية، وعندما نزلت به سكرات الموت قيل له قل لا إله إلا الله، يا لها من لحظات حرجة، كربات وشدائد وأهوال.
أتدرون ماذا قال: أخذ يردد أنه كافر بها. نسأل الله حسن الخاتمة.
ومنها أن شابا حصل له حادث على إحدى الطرق السريعة.
فتوقف بعض المارة لإسعافه فوجدوه يحتضر والموسيقى الغربية تنبعث بقوة من مسجل السيارة.
فأطفئوه وقالوا له قل لا إله إلا الله، فأخذ يسب الدين ويقول لا أريد أن أصلي، لا أريد أن أصوم ومات على ذلك والعياذ بالله.
يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي.
فإذا سيارة مرتطمة بسيارة أخرى، حادث لا يكاد يوصف، شخصان في السيارة في حالة خطيرة.
أخرجناهما ووضعناهما ممددين، وأسرعنا لإخراج صاحب السيارة الأخرى فوجدناه قد فارق الحياة.
عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الاحتضار، هب زميلي يلقنهما الشهادة، لكنا اللسنتهما ارتفعت بالغناء، أرهبني الموقف، وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت.
أخذ يعيد عليهما الشهادتان وهما مستمران في الغناء، لا فائدة.
ثم بدأ صوت الغناء يخفت شيئا فشيئا، سكت الأول وتبعه الثاني. فقدوا الحياة لا حراك.
يقول لم أرى في حياتي موقفا كهذا، حملناهما في السيارة وقال زميلي إن الإنسان يختم له إما بخير أو بشر بحسب ظاهره وباطنه.
قال فخفت من الموت، وأتعضت من الحادثه، وصليت ذلك اليوم صلاة خاشعة.
قال وبعد مدة حصل حادث عجيب.
شخص يسير بسيارته سيرا عاديا، وتعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة.
ترجل عن سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات.
جاءت سيارة مسرعة فارتطمت بسيارته من الخلف، سقط مصابا إصابات بالغة فحملناه معنا في السيارة.
أتصلنا في المستشفى لاستقباله، شاب متدين في مقتبل العمر يبدو ذلك من مظهره.
عندما حملناه سمعناه يهمهم فلم نميز ما يقول، ولكن عندما وضعناه في السيارة وسرنا سمعنا صوتا مميزا.
إنه يقرأ القرآن وبصوت ندي، سبحان الله، لا تقول هذا مصاب.
الدم قد غطى ثيابه وتكسرت عظامه، بل هو على ما يبدو على مشارف الموت.
أستمر يقرأ بصوت جميل، يرتل القرآن، فجأة سكت.
التفت إلى الخلف فإذا به رافعا إصبع السبابة يتشهد ثم انحنى رأسه.
قفزت إلى الخلف، لمست يده، قلبه أنفاسه لاشيء، فارق الحياة.
نظرت إليه طويلا، سقطت دمعة من عيني، أخبرت زميلي أنه قد مات.
أنطلق زميلي في البكاء، أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.
أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا.
وصلنا إلى المستشفى، وأخبرنا كل من قابلنا عن قصته.
الكثير تأثروا، ذرفت دموعهم، أحدهم بعد أن سمع قصته ذهب وقبل جبينه.
الجميع أصروا على الجلوس حتى يصلى عليه.
أتصل أحد الموظفين بمنزل المتوفى، كان المتحدث أخوه الذي قال عنه:
أنه يذهب كل أثنين لزيارة جدته التي في القرية، كان يتفقد الأرامل واليتامى والمساكين.
كانت تلك القرية تعرفه، فهو يحضر لهم الكتب والأشرطة، وكان يذهب وسيارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين، حتى حلوى الأطفال كان لا ينساها.
وكان يرد على من يثنيه عن السفر، ويذكر له طول لطريق، كان يرد عليه بقوله إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته، وسماع الأشرطة النافعة، وإنني أحتسب إلى الله كل خطوة أخطوها.
يقول ذلك العامل في مراقبة الطريق:
كـأني أعيش مرحلة متلاطمة الأمواج تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه بكثرة فراغي وقلة معارفي، وكنت بعيدا عن الله، فلما صلينا على الشاب، ودفناه واستقبل أول أيام الآخرة، استقبلت أول أيام الدنيا، تبت إلى الله عسى أن يعفو الله عما سلف، وأن يثبتني على طاعته، وأن يختم لي بخير. انتهت القصة بتصرف من رسالة لطيفة بعنوان الزمن القادم.
قلت صدق ابن القيم لرحمه الله بقوله ( وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبرا، -أي من سوء الخاتمة- والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم).
أقولُ كيف يوفقُ لحسنِ الخاتمةِ من حُرم نفسَه الاستقامةَ والطاعةَ لله، فقلبُه بعيدٌ عن الله غافلٌ عنه، عبدٌ لشهوتِه وهواه، اللهم اجعل خير أعمالِنا خواتيمها، وتب علينا إن أنت التواب الرحيم.
وهذا موقف آخر، قال أبو عبد الله:
لا أعرف كيف أروي قصتي التي عشتها قبل فترة والتي غيرت مجرى حياتي كلها، والحقيقة أنني لم أقرر الكشف عنها إلا من خلال إحساسي بالمسؤولية اتجاه الله عز وجل، ولتحذير بعض الشباب الذي يعصي ربه، وبعض الفتيات الآتي يسعين وراء وهم زائف أسمه الحب، يقول:
كنا ثلاثة من الأصدقاء يجمع بيننا الطيش والعبث، كلا بل أربعة فقد كان الشيطان رابعنا، فكنا نذهب لاصطياد الفتيات الساذجات بالكلام المعسول ونستدرجهن إلى المزارع البعيدة، وهناك يفاجئنا بأننا قد تحولنا إلى ذئاب لا ترحم، لا نرحم توسلاتهن بعد أن ماتت قلوبنا ومات فيها الإحساس.
هكذا كانت أيامنا وليالينا في المزارع وفي المخيمات والسيارات وعلى الشاطئ.
إلى أن جاء اليوم الذي لن أنساه، ذهبنا كالمعتاد للمزرعة، كان كل شيء جاهز الفريسة لكل واحد منا، الشراب الملعون، شيء واحد نسيناه الطعام.
وبعد قليل ذهب أحدنا لشراء طعام العشاء بسيارته، كانت الساعة السادسة تقريبا عندما أنطلق.
ومرت الساعات دون أن يعود، وفي العاشرة شعرت بالقلق عليه.
فانطلقت بسيارتي أبحث عنه، وفي الطريق شاهدت بعض اللسنة النار تندلع على جانب الطريق، وعندما وصلت فوجئت بأنها سيارة صديقي، والنار تلتهمها وهي مقلوبة على حد جانبيها.
يقول أسرعت كالمجنون أحاول إخراجه من السيارة المشتعلة، وذهلت عندما وجدت نصف جسده قد تفحم تماما، لكنه كان ما يزال على قيد الحياة.
فنقلته إلى الأرض وبعدد دقيقة فتح عينيه وأخذ يهذي النار النار.
فقررت أن أحمله بسيارتي وأسرع إلى المستشفى.
لكنه قال لي بصوت باكي لا فائدة لن اصل، فخنقتني الدموع وأنا أرى صديقي يموت أمامي.
وفوجئت به يصرخ ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟
نظرت إليه بدهشة وسألته من هو ؟
قال بصوت كأنه قادم من بئر عميق، الله.
أحسست بالرعب يجتاح جسدي ومشاعري وفجأة أطلق صديقي صرخة مدوية ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
ومضت الأيام لكنا صورة صديقي الراحل وهو يصرخ والنار تلتهمه: ماذا أقول له؟ ماذا أقول له ؟
وجدت نفسي أتسأل وأنا ماذا سأقول له ؟
وليتساءل كل محروم ماذا سيقول لله ؟
يقول ففاضت عيناي واعترتني رعشة غريبة، وفي نفس اللحظة سمعت المؤذن لصلاة الفجر ينادي:
الله أكبر، الله أكبر حيا على الصلاة.
أحسست أنه نداء خاص بي يدعوني لأسدل الستار على فترة مظلمة من حياتي، يدعوني إلى طريق النور والهداية، فاغتسلت وتوضأت وطهرت جسدي من الرذيلة التي غرقت فيها لسنوات.
أديت الصلاة ومن يومها لم يفوتني فرض واحد. انتهت من رسالة لطيفة بعنوان (للشباب فقط).
ولعلَ الكثيرين من المحرومين يتساءلونَ أين الطريقَ وما هو العلاج ؟
وأقولُ العلاجُ ما قالهُ النبي (صلى الله علية وآله وسلم) لسفيانُ أبنُ عبد الله حينما قال يا رسولَ الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عنُه أحداً غيرَك؟
فقال له الرسولُ (صلى الله علية وآله وسلم) ( قل آمنتُ بالله ثم أستقم )
نســــأل اللـــه وإيـــاكـــم حســـن الخــاتمـــــه .....
منــــ ـــقـــول للفــــ ــــائـــده