كبار السن..
هل ينتهي عطاؤهم ببلوغ سن التقاعد؟ أو زواج آخر الأبناء؟
أم هي بداية لحياة جديدة مثمرة من العطاء والتواصل مع المجتمع..
كم أحزن عندما أجد رجلاً فاضلاً ذا خبرة بالحياة وبتخصص معين عمل به حوالي أربعين عاماً تتبدل حياته في بضعة أسابيع أو شهور بعد إحالته إلى التقاعد .. وهذا أيضاً ينطبق على المرأة سواء العاملة أو غير العاملة والتي تنتهي علاقتها بالمجتمع غالباً بعد التقاعد أو زواج الأبناء..
لو سألت ابنك مثلاً ماذا يريد أن يصبح في المستقبل؟
سيجد ما يقوله .. يريد أن يكون طبيباً.. مهندساً .. لاعب كرة..
وإذا سألت شاباً عن أحلامه بعد التخرج سيجد أيضاً ما يقوله حتى في ظل البطالة وقسوة الظروف الاقتصادية..
ولو سألت أباً أو أماً عن أحلامهما لأبنائهما فسيجدان الكثير لقوله والكثير من الخطط لتعليمهم وتزويجهم وتأمين مستقبلهم ....... إلخ
ولكن لو سألت أياً من هؤلاء عما يريد فعله إذا أحياه الله لما بعد الستين فربما أو غالباً لن تجد إجابة..
لماذا تبدو مرحلة الشيخوخة ضبابية في أذهاننا؟
فنحن في الغالب إما أن نتجاهل التفكير فيها أو تخيلها..
أو أننا نتخيلها فترة مليئة بالضعف والوهن والمرض وانتهاء الأدوار فنسارع بنفضها من أذهاننا..
وكثيرون منا يفزعون من كلمة (الشيخوخة)
بينما هي في الحقيقة تحمل صورة الوقار، وعمرٍ طيب نحمله على كتفنا حملاً خفيفاً محبباً .. به خبرة الزمن، وعبق الأيام الطيبة، وهدوء النفس والسكينة، والاقتراب من الحكمة بعد عناء السنين..
عندما نسمع كلمة (الشيخ) لماذا نتخيل صورة مسن مريض مسكين؟
لماذا لا نتخيل وقار وهيبة سيدنا إبراهيم، وصلابة سيدنا نوح، وحنان سيدنا يعقوب عليهم جميعاً السلام؟
هذه صور حقيقية لشيخوخة طيبة..
لماذا لا ندخر مساحة في أحلامنا لشيخوختنا؟
لماذا لا ندخر من صحتنا لشيخوختنا؟
لماذا تتوقف الأحلام والتوقعات فجأة عند الوصول إلى الستين وتظهر عبارات جديدة مثل:
"يا الله.. أسألك حسن الختام"
ومن قال لهم أن هذا هو وقت الختام؟
تصور شخصاً قالها عند الستين وقد قدر الله له أن يعيش إلى التسعين مثلاً..
فهل سيقضي ثلاثين عاماً من عمره - أي ثلث عمره - في انتظار الختام؟
وعبارة أخرى تقول:
"هذا أوان الراحة بعد أن أديت رسالتي"
وما المانع من القيام بأنشطة مفيدة له ولمن حوله لا تحتاج إلى بذل جهد بدني أو حتى ذهني؟
لماذا لا نبدأ عملاً ما أو نشاطاً ما يمكن أن يستمر معنا إلى لحظاتنا الأخيرة دون أن نحال منه إلى التقاعد؟
يمكننا دائماً أن نجد شيئاً هاماً لعمله في أي مرحلة من مراحل حياتنا..
ولكن علينا البحث عنه بأنفسنا..
وهناك الكثير مما يمكن للمسن عمله ولا يحتاج لجهد بدني أو ذهني..
فعلى سبيل المثال هناك مشروعات أهلية مثل محو الأمية وتعليم الكمبيوتر وما شابه ذلك .. لماذا لا نجد بين المتطوعين الأجداد والجدات وقد توافر لهم الوقت بعد التقاعد والتخفف من أعباء تربية الأبناء؟
الحياة حولنا منجم مليء بالماس .. ولكن لابد من التنقيب والبحث لنحصل على نصيبنا الوافر من النجاح في كل لحظة من لحظات حياتنا وليس في شبابنا فقط..
ابدأ الآن فوراً في التخطيط لقضاء سنوات ربما كانت هي أجمل سنوات عمرك..
ابحث .. فكر .. وحتماً ستجد شيئاً ما ينتظرك للقيام به والنجاح فيه، بل والإبداع أيضاً..
هيا .. ماذا تنتظر؟