إنقلاب يهز نواكشوط في غياب الرئيس معاوية

إنقلاب يهز نواكشوط في غياب الرئيس معاوية GMT 16:00:00 2005 الأربعاء 3 أغسطس

إيلاف من نواكشوط: سكينة اصنيب لم تحد موريتانيا عن القاعدة الإفريقية في تفضيل الانقلابات عن نتائج اقتراع الصناديق غير الموثوق بها، فحذت حذو جاراتها وفضلت قلب نظام دام أكثر من عشرين عاما بدأ عهده بانقلاب عسكري ونجح بالفوز بثلاث ولايات انتخابية كان آخرها في نوفمبر 2003. وبينما كان معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في زيارة للسعودية لتقديم واجب العزاء في الراحل الملك فهد. قاد الحرس الرئاسي انقلابا عسكريا في ساعات الصباح الأولى من اليوم، بقيادة العقيد محمد ولد عبد العزيز.

وقامت أعداد كبيرة من قوات الحرس الرئاسي بقيادة محمد ولد عبد العزيز رئيس الحرس الرئاسي بالسيطرة على المراكز الحساسة بالعاصمة نواكشوط كقيادة أركان الجيش والدرك والمطار وبناني الإذاعة والتلفزيون. وقالت مصادر مطلعة للصحراء المغربية إن "الانقلاب العسكري قد نجح بالفعل حيث أن سيطرة الانقلابيين على العاصمة واضحة للعيان"، وأكدت مصادر أخرى متطابقة أن "سبب السيطرة السريعة هو أن الانقلاب تم بواسطة عسكريين كبار يتولون مراكز مهمة في الجيش مما مكنهم من تحقيق النجاح" لثامن انقلاب عسكري على معاوية ولد سيدي أحمد الطايع هذا الأخير وبعد تضارب الأنباء عن مصير طائرته التي أقلعت من الرياض.

و بدأ سيناريو محاولة الانقلاب العسكري حسب مصادر متطابقة في الواحدة فجرًا ، حيث داهمت وحدات من الحرس الرئاسي منازل كبار الضباط والقيادات السامية في جهاز المخابرات والقصر الرئاسي واعتقلتهم فيما سيطرت وحدات أخرى على قيادة أركان الجيش والمطار ومبنى الإذاعة والتلفزة.

بعد ذلك سمعت أصوات إطلاق نار ومدافع هاون تركزت المعارك بين القوات الموالية للرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع والقوات الموالية للضباط المنفذين للانقلاب في محيط مبنى القصر الجمهوري لدقائق فقط. وبعد إحكامهم السيطرة على القصر الرئاسي ومبنى الإذاعة وبعض مراكز القوات المسلحة، قام الانقلابيون بتأمين مداخل العاصمة وعادت حركة السير إلى عادتها مع استمرار الاعتقالات في صفوف كبار ضباط الجيش. وتشير آخر الأنباء إلى سيطرة كاملة للانقلابيين على زمام الأمور في البلاد بينما أفادت مصادر دبلوماسية أن "قوات موالية للرئيس ولد الطايع قد أصدرت الأوامر للقوات المرابطة خارج العاصمة وبالولايات الأخرى كروصو وسيلي بابي بالقدوم للعاصمة لتعزيز القوات الأخرى، قائد الانقلاب هو محمد ولد عبد العزيز رئيس الحرس الرئاسي وقائد أمنه الخاص وقد استلم هذا المنصب عقب المحاولة الانقلابية في 8 يونيو 2003، حيث يعتبر ولد عبد العزيز أحد العسكريين الذين أفشلوا الانقلاب. أما مساعدوه الذين سيطروا على المراكز الحساسة بالعاصمة فهم علي ولد محمد فال مدير الأمن الوطني وعلي ولد عبد الحي مساعد قائد الدرك ومحمد ولد قزوان مدير مكتب الاستخبارات العسكرية.

وتعتبر المؤسسة العسكرية أولى ضحايا انقلاب 8 يونيو 2003 حيث أحدثت عدة تعديلات أقيل على إثرها مسؤولين كبار كالعقيدان ولد عبد المالك قائد أركان الدرك بعد 16 عاما قضاها بالمنصب وهو أكثر العسكريين قربا من الرئيس، ليخلفه العقيد محمد محمود ولد الديه• ثم اقالة وَلاد ولد حيمدون قائد أركان الحرس الوطني ليخلفه عينينه ولد اييه رئيس المخابرات العامة، وإقالة عبد الرحمن ولد أكور قائد قوات البحرية ليحل مكانه الشيخ ولد بايه• وفي خطوة اعتبرت مفاجأة بكل المقاييس عزل المرافق العسكري لرئيس الجمهورية ورئيس أركان الحرس الرئاسي الذي قضى في هذا المنصب أكثر من 12 سنة محمد ولد عبدي وعين مكانه حنانا ولد حنانا، ويجمع المراقبون أن هذه التعديلات أتت عقابا لأصحابها على سوء إدارتهم وتخاذلهم إبان أزمة الانقلاب. معاوية ولد الطايع الذي حكم البلاد مدة 19 عاما بدأها بانقلاب شكلي على محمد خونه ولد هيدالة في 12 نوفمبر 1984 ليفوز بعدها بثلاث ولايات أعوام 1991 و1997 و 2000، يحسب له اعتماد التعددية الحزبية لأول مرة في تاريخ البلاد وإعطاء هامش لا يستهان به من الحرية وتحقيق نماء اقتصادي واجتماعي مهم، رغم أن هذه المكتسبات لم تحصن نظامه من محاولات قلبه بين الفينة والأخرى وصلت إلى سبع محاولات منفذة وأخرى اكتشفت قبل تنفيذها.

وتأتي محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها موريتانيا في ظل ظرف دقيق تعيشه البلاد والمنطقة حيث شنت السلطات الأمنية حملة واسعة ضد نشطاء التيار الإسلامي شملت أئمة المساجد والعلماء والأساتذة والسياسيين ووجه لهم القضاء تهم قيادة جمعية غير مرخصة وتعريض موريتانيا للانتقام الخارجي، كما تتهمه السلطات بزعامة حركة سلفية جهادية تؤطر الشباب وتقيم علاقات وصلات بحركات سلفية خارج البلاد، وبشنها حملة مفتوحة ضد من تصفهم بالجماعات الإسلامية المتطرفة، أشهرها الجماعة السلفية للدعوة والجهاد أعلنت السلطات عن تفكيك شبكة يشتبه في انتماء أعضائها إلى تنظيم القاعدة، تقول السلطات إنهم كانوا يخططون لأعمال إرهابية منها اغتيال مسؤولين كبار مواطنين وأجانب والإعداد لعمليات هجومية داخل موريتانيا من بينها الهجوم الذي تعرضت له كتيبة الدرك في مدينة العيون شرق البلاد ليلة 28 من أبريل الماضي.

بيان حول نجاح الانقلاب على النظام بموريتانيا

بسم الله الرحمن الرحيم

إن القوات المسلحة وقوات الأمن الوطنية قررت بالإجماع وضع حد نهائي للممارسات الاستبدادية للحكم البائد، التي عانى شعبنا منها خلال السنوات الأخيرة. إن هذه الممارسات أدت إلى انحراف خطير أصبح يهدد مستقبل بلدنا وقد قررت القوات المسلحة وقوات الأمن الوطنية إنشاء مجلس عسكري للعدالة والديمقراطية . وهذا المجلس يلتزم أمام الشعب الموريتاني أن يخلق الظروف المواتية لديمقراطية نزيهة وشفافة وسيمكن المجتمع المدني وجميع الفاعلين السياسيين أن يشاركوا فيه بكل حرية. إن قواتنا المسلحة وقوات أمننا لن تمارس الحكم أكثر من المرحلة اللازمة لتهيئة وخلق مؤسسات ديمقراطية حقيقية ولن تتجاوز هذه الفترة سنتين كحد أقصى ويؤكد المجلس في الأخير التزام موريتانيا بجميع المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها

المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية