تقرير دولي: الأسد هدد الحريري بـ"أذى بدني"
رئيس بعثة الأمم المتحدة بيتر فيتزجيرالد نائب مفوض الشرطة الأيرلندي يسارا يصافح كوفى عنان
قالت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري إن الرئيس السوري بشار الأسد هدده بـ"أذى بدني" أثناء رئاسته للحكومة اللبنانية.
وفي تقرير لاذع اللهجة قدمته البعثة الخميس 24-3-2005 إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، قالت البعثة إن تهديد الأسد للحريري جاء في اجتماع له مع رئيس الحكومة اللبنانية قبل أن يستقيل يوم 9-9-2004.
وذكر التقرير أن التهديد شمل الحريري وزعيم المعارضة اللبنانية الدرزي وليد جنبلاط إذا هما عارضا تمديد ولاية الرئيس اللبناني المؤيد لسوريا إميل لحود.
واستشهدت البعثة بعدد من الروايات لوقائع هذا الاجتماع استنادا إلى تصريحات الحريري نفسه لآخرين.
ونسب تقرير البعثة إلى الأسد قوله إنه "يفضل أن يكسر لبنان على رؤوس الحريري وجنبلاط على أن تكسر كلمته في لبنان".
وجاء في التقرير "أن الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية للتوتر السياسي الذي كان سائدا (في لبنان) قبل الاغتيال... كانت تمارس نفوذا يذهب إلى أبعد من الممارسة المعقولة لعلاقات التعاون والجوار".
وأضاف أن دمشق "كانت تتدخل في تفاصيل شؤون الحكم في لبنان بشكل كبير وصارم وهذا كان السبب الرئيسي للاستقطاب السياسي الذي تبع ذلك".
وأوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة بإرسال بعثة تحقيق دولية مستقلة في أقرب وقت ممكن، ودعا إلى مساعدة لبنان وإدخال إصلاحات هيكلية وجذرية على أجهزة الاستخبارات والسلطات الأمنية اللبنانية.
وقد وافق الأمين العام للأمم المتحدة على توصيات التقرير في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي وتبنى ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل في واقعة اغتيال الحريري يوم 14-2-2005.
تقصير لبناني
كما اتهمت البعثة التي رأسها نائب مفوض الشرطة الأيرلندي "بيتر فيتزجيرالد"، الأجهزة الأمنية اللبنانية بالتقصير في تحقيقاتها.
وقال فريق الأمم المتحدة إنه يعتقد أن الانفجار الذي أودى بحياة الحريري ربما تسبب فيه مفجر انتحاري في شاحنة ميتسوبيشي كانت تحمل شحنة من نحو ألف كيلوجرام من مادة "تي.إن.تي" الشديدة الانفجار.
وأضاف الفريق أنه قبل الاغتيال وعلى الرغم من الشائعات التي ترددت على نطاق واسع بأن الحريري وجنبلاط في خطر "فإنه لا أحد من الأجهزة الأمنية اتخذ إجراءات إضافية لحماية أحد منهما".
وقال التقرير إنه بعد الاغتيال أزالت الأجهزة الأمنية اللبنانية بعض الأدلة من مسرح الحادث وزورت أو دمرت أدلة أخرى بدلا من أن تقوم بتأمين المنطقة. وأضاف أن الأجهزة الأمنية لم تتابع الأدلة المتصلة بشاحنة الميتسوبيشي.
كما حمل التقرير المخابرات السورية المسؤولية الأساسية عن نقص الأمن والحماية وسيادة القانون والنظام في لبنان، وقال إن فرق الأمن اللبنانية تبدي "إهمالا معتادا" في أداء واجباتها.
ومكث فريق الأمم المتحدة الذي يضم خبراء في المتفجرات والطب الشرعي والقضاء في بيروت في الفترة من 24 فبراير 2005 إلى 15 مارس 2005.
نفي سوري
وردا على ما ورد في التقرير قال فيصل مقداد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة إنه على يقين تام بأن الأسد "لم يهدد بأذى بدني"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء اللبناني الراحل كان حليفا كبيرا لدمشق وتعاون معها طوال 15 سنة.
وأضاف مقداد أن سوريا خلقت "مناخا سلميا" في لبنان بينما تسببت الولايات المتحدة وفرنسا في إثارة الانقسامات هناك بدعوة سوريا إلى سحب قواتها وأجهزتها الأمنية في قرار مجلس الأمن رقم 1559.
وانتقد المقداد عمل اللجنة قائلا إن فيتزجيرالد اعتمد منطق المعارضة وانحاز إلى جانب ضد الآخر ما يرفع من مستوى التوتر في لبنان، وخلص الدبلوماسي السوري إلى القول إن تقرير تقصّي الحقائق لا صفة قضائية له.
"فخ" لسوريا
وفى حوار مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الخميس أثناء زيارته لباريس قال الرئيس المصري حسنى مبارك إن اغتيال الحريري يمكن أن يكون من صنع "يد خارجية" أرادت "نصب فخ لسوريا".
وردا على سؤال عما إذا كان يرغب في إلقاء "الضوء كاملا" على هذه الجريمة قال مبارك "نعم. لكننا حتى اليوم لا نعرف من يقف وراء هذه العملية. ربما تكون يد خارجية أرادت بث الفرقة أو نصب فخ لسوريا. كل شيء جائز".
تأييد أمريكي بريطاني فرنسي
وأشادت الولايات المتحدة الخميس بالعمل الذي قامت يه بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تقريرها أثار"مزاعم خطيرة ومثيرة للقلق" وإن واشنطن تريد أن تجري لجنة دولية مستقلة تحقيقا في الأمر.
وقال آدم آريلي نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان "التقرير يوضح مرة أخرى أهمية الانسحاب الفوري الكامل للقوات وأجهزة المخابرات السورية من لبنان".
كما أعلن مسؤول بريطاني تأييده لفكرة إجراء تحقيق دولي وقال دبلوماسيون إنه من المتوقع أن تسارع الولايات المتحدة وفرنسا إلى تقديم مشروع قانون في مجلس الأمن الدولي يطلب إجراء تحقيق دولي في اغتيال الحريري.
لحود
وفى لبنان، دعا الرئيس إميل لحود الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى "أن يفعل ما هو ضروري" لكشف الحقيقة في اغتيال الحريري.
من ناحيته قال النائب المعارض مروان حمادة الذي كان نجا من محاولة اغتيال إن بيان لحود "يعني أن لبنان يستعد لقبول فكرة لجنة تحقيق دولية" حول اغتيال الحريري.
وقال وزير العدل اللبناني السابق بهيج طباره "من الواضح أننا نتجه نحو تشكيل لجنة تحقيق دولية مع صلاحيات واسعة... وقد يترجم هذا الأمر بتشكيل محكمة دولية".
عريضة
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية الخميس أن تيار المستقبل الذي يضم مؤيدي الحريري دعا اللبنانيين للتوقيع على عريضة تطالب بتحقيق دولي في حادث الاغتيال.
وتدعو العريضة التي علقت في جوار ضريح الحريري في وسط بيروت التجاري "مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار بإجراء تحقيق دولي وتأليف محكمة خاصة تتولى محاكمة مرتكبي الجريمة".
وسيتولى نحو خمسة آلاف متطوع جمع التواقيع في كل المناطق اللبنانية، ويأمل المنظمون في جمع مليون توقيع خلال شهر من الآن