الأيام الأخيرة لعدي وقصي صدام حسين.. سورية أعادتهما الى بلادهما بعدما لجآ اليها من دون علمها
التاريخ : 30/01/1426
الحياة / يقول مواطن عراقي من سكان المنطقة الواقعة جنوب جبل سنجار في محافـظـة الموصل (شمال العراق) انه وجد نفسه فجـأة، ومن دون سابـق معرفـة، أمـام ابني الرئيس العراقي المخلوع عدي وقصي صدام حسين يرافقهما السكرتير الشخصي للرئيس الفريق عبد حمود التكريتي.
وقال المواطن الذي فضل الاشارة الى الأحرف الأولى من اسمه ع.م. والذي التقته «الحياة» في منطقة ربيعة على الحدود السورية انه وبينما كان في منزله بعيد سقوط بغداد في قبضة القوات الأميركية فوجئ بسيارة من نوع فان مضللة ترجل منها رجل في الأربعين من العمر وبادر بالسؤال: هل أنت من قبيلة شمر؟ فأجابه نعم، فطلب منه أن يدله على بيت ع.ص. فقال له ان الوقت متأخر وان بيت ع.ص. بعيد بعض الشيء من هنا، والوضع غير آمن، أضف إلى ذلك أن «العادات لا تسمح لنا بمرورك من دون القيام بواجب الضيافة».
وأوضح المواطن ع. م. الذي روى لـ»الحياة» الأيام الأخيرة لنجلي الرئيس العراقي المخلوع وطلب منا عدم نشرها إلى أن يعطينا الإشارة بذلك، أن الرجل طلب منه استشارة زملائه في السيارة مشيراً إلى انه في هذه الأثناء ترجل قصي صدام حسين من السيارة وكان في يده رشاش فيه ثلاثة مخازن مربوطة بشريط لاصق اسود اللون وقال لي: «نحن بحاجة إلى الراحة، هل المكان آمن؟ فقلت له على الرحب والسعة. وأوضح ع.م. انه بعد ذلك ترجل عدي صدام حسين وكان يرتدي زياً عربياً ويتزنر بمسدس 9 ملم وفي يده رشاس كلاشنيكوف فضي اللون ثم ترجل بعد ذلك عبد حمود وكان يرتدي الزي العربي، أيضاً، وهو يتأبط مسدساً من نوع «كولت سمث»، فيما توجه السائق إلى السيارة ووضعها في وضع استعداد أمام المنزل. بعد ذلك، قال ع.م: «اتصلت عبر هاتف الثريا بشقيقي وطلبت منه الحضور مع أبناء عمي ولما حضروا هب قصي صدام حسين موجهاً سلاحه صوبهم، فطلبت منه التريث لأن هؤلاء أخي وأبناء عمي وطلبت منهم الحضور لتأمين الحماية اللازمة لكم، وعندما عرَّفت قصي بأخي قلت: هذا شقيقي أ.م. فنهض عدي من مكانه، وقال موجهاً الكلام لشقيقي: «لقد صدرت بحقك أحكام عدة بسبب التهريب، كيف تخلصت منها»، فأجابه أخي: «باللجوء إلى الصحراء كما تفعل أنت الآن»، وأضاف أخي:» تلك مرحلة وانقضت يا أستاذ عدي، وانتم، الآن، في حمايتنا إلى أن يفرجها الله».
بعد ذلك ارتاح الضيوف ووزعت أخي وأبناء عمي حول المنزل في شكل غير ملحوظ، وطلب قصي من السائق إنزال الأسلحة والصندوق ووضعها في الغرفة التي كانوا يجلسون فيها، ثم قام عبد حمود وفتح الصندوق وطلب مني أن آخذ من الدولارات التي فيه ما أريد، فرددت عليه: «لم نتعود أن نأخذ من ضيوفنا أثناء استقبالهم وحمايتهم يا عبد حمود، وأنت تعرف ذلك»، فما كان من قصي إلا أن وبخ عبد حمود، قائلا: «ألا تعرف عادات العرب وأنت منهم».
وبعد تناول العشاء أضاف ع.م: خلدوا إلى النوم باستثناء قصي الذي بقي يسامرني حتى الفجر ولما غالبه النعاس طلب من عبد حمود أن يستيقظ لإكمال الحراسة. في الصباح وبعد تناول الإفطار طلب قصي أن أوصله إلى منزل ع.ص. فقلت له انه خارج العراق، فقال: «اعرف ذلك ولكنني أريد أن اصل إلى منزله»، فقلت له ان منزله وسط الصحراء وبعيد بعض الشيء فدعني أرسل من يستطلع الوضع هناك، مشيراً إلى أن قصي وافق على رأيي، ولكن عدياً أصر على الذهاب، وعندما وافقت على إيصالهم شرط أن أقود السيارة بنفسي وان يقود شقيقي سيارتي أمامنا بمسافة كافية، وافق الجميع.
وشرح ع.م. الذي وجد نفسه بين ورطتين: الأولى تتمثل بحمايته نجلي الرئيس الذي شرد شقيقه على مدى ثلاث سنوات والثانية أعرافه وتقاليده البدوية التي تفرض عليه حمايتهما، بحسب قوله، انه وأثناء السير في الصحراء لاحظت ان شقيقي ينحرف عن الطريق الصحراوي في شكل مفاجئ ويزيد سرعة سيارته فما كان مني إلا أن انحرفت إلى اليسار حيث كان بالقرب مني واد صغير لكنني فوجئت بقصي يضع رشاشه خلف رأسي، فأوقفت السيارة وترجلت وبيدي سلاحي، وقلت لقصي: «ليس من طبعي الخيانة، وأنا الآن أقدم لك ولأخيك خدمة ليس لأنكما نجلا الرئيس صدام حسين بل لأنكما لجأتما الى منزلي، ولو كنت أريد الخيانة لقمت بتسليمكما الى أقرب دورية اميركية عندما مررنا في مدينة بعاج وكانت الدوريات الاميركية منتشرة فيها». بعد أن أنهيت كلامي، يقول المواطن العراقي، ترجل قصي من السيارة واعتذر اليّ، وقال: «ان وضعنا لا يسمح بالخطأ ولا تنفع به الثقة»، مشيراً إلى انه في هذه الأثناء ترجل الجميع وقضى بعضهم حاجته وفجأة قرر قصي أن أغير وجهة السير بطلبه مني أن انقله إلى منزل المواطن أ.م. وهو من البدو المقربين من الرئيس المخلوع صدام حسين. وأوضح ع.م. لضيوفه انه لا بد من استشارة المواطن أ.م. في ما إذا كان في امكانه استقبالكم أم لا، لكن قصي أصر على الذهاب، ونزولاً عند رغبته قمت بإيصاله إلى المكان الذي طلبه وعدت وشقيقي إلى منزلنا.
بعد ثلاثة أيام، يقول ع.م. فوجئت بالسيارة نفسها تقف أمام منزلي، وعلى الفور ترجل عدي وقصي وعبد حمود ورحبت بهما وطلبت إليهم الجلوس. وبعد تناول القهوة طلبوا مني أن أوصلهم إلى الحدود السورية في المنطقة الواقعة إلى الشمال من ربيعة، وقالوا: «ان لديهم الاستعداد لدفع أي مبلغ احدده»، وأضافوا: «ان مواطناً سورياً نافذاً اسمه ن.ع. سيكون بانتظار اتصال منهم وان مهمتي تقتصر على إيصالهم إلى الحدود وليس داخل سورية». وأشار ع.م. إلى انه وافق على ايصالهما بعد أن يتحدث مع المواطن السوري لأنه يعرفه جيداً ولا يريد إحراجه، وعلى الفور، يقول ع.م. قام عبد حمود بالاتصال عبر هاتف فضائي بالمواطن السوري وقال له: تكلم مع فلان (يقصد ع.م) ولما تحدثت إليه أبدى استعداده لاستقبال عدي وقصي، ولما سألته عن عبد حمود، قال: «ان عبد حمود سيستقل سيارة الفان مع السائق ويعود إلى تكريت بعد أن يعبر عدي وقصي الحدود». وقال المواطن ع.م. انه قام بأخذ عدي وقصي بعد أن أخذا صندوقاً من الدولارات وعدداً من الأسلحة والرمانات اليدوية وقمت بعبور جبل سنجار ومن ثم الأراضي الزراعية شمال الجبل إلى أن وصلت إلى المكان المحدد فأوقفت سيارتي في احد الأودية بانتظار الإشارة المتفق عليها مع المواطن السوري وبعد قليل استلمنا الإشارة وتركت سيارتي وذهبت معهم سيراً على الأقدام إلى أن سلمتهما الى ن.ع. وعدت إلى سيارتي ومن ثم إلى منزلي في الليلة نفسها.
بعد اقل من 48 ساعة اتصل المواطن السوري ن.ع. بالمواطن العراقي ع.م. وهم
أقرباء وطلب منه أن يلتقيه في المكان نفسه، يقول المواطن العراقي، وذهبت إلى الموعد فوجدت عدي وقصي وعرفت أن السلطات السورية أعادتهما وطلبا (عدي وقصي) مساعدتهما في الوصول إلى منزل المواطن العراقي ا.م. الذي التجآ إليه لمدة ثلاثة أيام، قبل أن يطلبا مني ايصالهما إلى سورية. وأشار المواطن العراقي ع.م. انه نقل عدي وقصي من الحدود إلى منزله وانهما قضيا تلك الليلة في ضيافته وطلبا منه في الصباح ايصالهما إلى منزل أ.م. بعدما طلبا من عبد حمود هاتفياً الحضور إلى المنزل نفسه قبل مغيب الشمس، لافتاً إلى انه نقلهما إلى حيث يريدان بعدما استبدل سيارته البيك أب بسيارة مظللة، ولما وصل الى المكان المحدد كان عبد حمود ينتظر. بعد ذلك، توجه ع.م. إلى سورية، عبر مركز ربيعة الحدودي، والتقى المواطن السوري الذي استقبل عدي وقصي وعرف منه انه نقلهما في سيارته إلى مدينة حلب بناء على طلبهما لكن السلطات السورية أوقفته على مشارف المدينة بعدما تعطل الإطار الامامي لسيارته، وطلبت منه إعادتهما إلى المكان الذي جاءا منه.
ويضيف ع.م: بعد ذلك عدت في اليوم نفسه إلى العراق وفي اليوم التالي توجهت إلى منزل المواطن أ.م. حيث التقيت عدي وقصي وعرفت من صاحب المنزل انه مستاء من وجودهما لكن الأعراف والتقاليد لا تسمح له بطردهما، وأضاف: كان عبد حمود لا يقيم معهما بل تردد عليهما على مدى أربعة أيام وفي اليوم الرابع غادرا منزل المواطن أ.م. برفقة عبد حمود باتجاه الموصل، وهناك احتمى عدي وقصي في منزل نواف الزيدان والتحق بهما مصطفى قصي الذي كان يقيم مع جده لأمه الفريق أول ركن متقاعد ماهر عبدالرشيد، كما زارتهما والدتهما ساجدة طلفاح وابنتها الصغرى حلا صدام حسين فجر اليوم الذي قتل فيه عدي وقصي ومصطفى.
وقال المواطن العراقي ان عبد حمود الذي القي القبض عليه في 18 حزيران (يونيو) 2003 تركهما في منزل الزيدان وغادر إلى جهة مجهولة للعناية بالرئيس صدام حسين، بحسب قول قصي الذي التقيته بضع مرات في أماكن متفرقة من الموصل بعدما ارتاح الي الى درجة انه كان يطلب مني الجلوس بجانبه والعمل معه لكنني كنت ارفض ذلك، مشيراً الى انه سأل قصي قبل مقتله بأيام اذا كانت لديه نية للخروج من العراق، فأجاب نجل الرئيس المخلوع: «لم يعد هذا وارداً. سأبقى في العراق بانتظار تعليمات السيد الوالد». وكان ذلك يوم 16 تموز (يوليو) 2003، وبعد سبعة ايام قتل عدي وقصي ومصطفى ومرافقهما في منزل نواف الزيدان بعد معركة حامية الوطيس مع القوات الاميركية