مقاومة الفلوجة تضرب الأمريكان خارجها
بغداد- سمير حداد- قدس برس- إسلام أون لاين.نت/ 16-11-2004
كشف شاهد عيان نزح من الفلوجة أن إستراتيجية المقاومة بالمدينة لا تقوم فقط على مواجهة القوات الأمريكية داخل المدينة بل على نقل جانب منها إلى خارجها من أجل استمرار المواجهات بهدف استنزاف قوات الاحتلال وتكبيدها أكبر قدر من الخسائر في الأرواح والمعدات، في حين نسب لقيادي بالمقاومة داخل المدينة أنها مستمرة في السيطرة على نحو 60% من المدينة السنية، خلافا لما أشاعته القوات الأمريكية والحكومة العراقية.
من ناحيتها، قالت المقاومة في بيان حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه الثلاثاء 16-11-2004 عن طريق شاهد العيان نفسه: إنها كبدت القوات الأمريكية مئات القتلى والجرحى وأسقطت نحو 20 طائرة ودمرت عشرات الآليات، في حين سقط نحو ألف قتيل من سكان المدينة من الأطفال والشيوخ والنساء، علاوة على أسر المئات منهم، نافية ما أعلنته قوات الاحتلال أنها قتلت نحو 1200 مقاوم.
وفي مقابلة مع "إسلام أون لاين.نت" الثلاثاء في بغداد فور وصوله من الفلوجة، قال شاهد العيان محمود زعال الدليمي: "إن الفلوجة ما زالت عصية على القوات الأمريكية في احتلالها والقضاء على مراكز المقاومة فيها".
وأضاف أن المقاومة أخذت كل احتياطاتها الاحترازية في المناورة، موضحا أنها "أبقت على قسم من قواتها داخل المدينة وجعلت البقية الأخرى خارجها من أجل ديمومة المعركة في الداخل وكذلك ضرب العدو من الخلف وقطع إمداداته قبل وصولها للمدينة".
وتابع: "وهذا ما نشاهده في المناطق المحيطة بالفلوجة مثل الكرمة، والصقلاوية، والحبانية، وعامرية الفلوجة، وكذلك في القرى والقصبات (شارع فرعي لطريق زراعي) التي تمثل امتدادا لهذه المناطق حيث تكبدت فيها القوات الأمريكية أفدح الخسائر في الأرواح والمعدات" منذ بدء الحملة العسكرية يوم 8-11-2004.
وأوضح الدليمي قائلا: "شاهدت بأم عيني كيف تمكن رجال المقاومة من محاصرة رتل من خمس آليات عسكرية في منطقة الكرمة جنوب الفلوجة، وقد رأيت قرابة 15 ما بين قتيل وجريح من الجنود الأمريكان".
وذكر مراسل لوكالة رويترز -لا يرافق القوات الأمريكية- الإثنين أنه رصد سحب دخان تتصاعد من أماكن تجمعات للقوات الأمريكية خارج الفلوجة ظهرت في أعقاب سماع أصوات قصف صاروخي عند أطراف المدينة. ورجح من جهته أن يكون مصدر تلك الهجمات خارج مدينة الفلوجة وليس داخلها، من جماعات مساندة للمقاومة قررت عدم الاكتفاء بتكثيف الهجمات ضد القوات الأمريكية في المدن الأخرى، بل المبادرة بمهاجمة حشودها حول الفلوجة لتخفيف الضغط على المقاومين داخل المدينة.
"سيطرة شكلية" للاحتلال
ووفقا للمصدر نفسه، "فقد مر اليوم الثامن (15-11-2004 ) من بدء العمليات العسكرية الكبرى فيها ولم تتم السيطرة عليها إلا بصورة شكلية شملت ثلاثة أحياء في شمال المدينة هي العسكري والجمهورية وأجزاء من حي الجولان، حيث ما زالت جيوب المقاومة مستمرة في حي الجولان رغم هول النيران المستخدمة ضده".
وقال: "إن المقاومة تتركز الآن في أحياء الفلوجة الجنوبية، وهي: الشهداء، وجبيل، والصناعي، والنعيمية". واعتبر أن "هذه الأحياء من أشد وأصعب الأحياء على القوات الأمريكية بسبب ما تواجد فيها من تحصينات ومواضع دفاعية، وهي تشبه القنابل الموقوتة بوجه المشاة والآلة الأمريكيين".
وأضاف أن "المعارك لا تزال مستمرة ومحتدمة بكل شراسة بين المقاومة والقوات الأمريكية المسنودة بقوات من الحكومة العراقية، وتدور الآن في شوارع المدينة الرئيسية في ظل قصف مركز للأحياء الجنوبية (الشهداء ونزال والصناعي) وكذلك في الأحياء التي تسيطر القوات الأمريكية على بعض أجزائها مثل حي الجولان".
وقدر الدليمي عدد المقاتلين داخل الفلوجة بما يتراوح بين 1500 و2000 يستخدمون الأسلحة البسيطة التقليدية مثل الكلاشينكوف والقذائف المضادة للدروع في حين يصل حجم القوات الأمريكية التي تحاول فرض حصار على المدينة إلى 20 ألف جندي يستخدمون أحدث الأسلحة ويمطرون الفلوجة بنحو 500 قنبلة وصاروخ يوميا.
وعن رحلة هروبه من المدينة قال الدليمي إنه تحرك إلى منطقة اسمها عامرية الفلوجة، ومنها سلك طريقا إلى مدينة المسيب، وسار نحو 150 كلم في طريق متطرف وصحراوي كانت تستخدمه الحكومة العراقية السابقة وهو طريق نصفه معبد ونصفه ترابي.
400 قتيل وجريح وإسقاط 19 طائرة
وفي البيان الذي نقله شاهد العيان النازح من الفلوجة، عدد مجلس شورى المجاهدين الذي يقود المقاومة ضد قوات الاحتلال، خسائر القوات الأمريكية، وقال إنها شملت سقوط 400 جندي أمريكي بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير عشرات الآليات العسكرية والاستيلاء على 7 دبابات بكامل عدتها، وإسقاط 14 طائرة هليكوبتر منها اثنتان من نوع شينوك، إضافة إلى إسقاط 5 طائرات استطلاع بدون طيار.
وقال أبو سعد الدليمي الناطق الرسمي باسم مجاهدي الفلوجة في البيان إن عدد شهداء المقاومة 115. وأضاف أن عدد الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ بلغ الألف شهيد غطت جثثهم الكثير من أحياء المدينة خاصة الجولان الذي دارت فيه أعنف المعارك. وأضاف المتحدث أن معظم من سقطوا أسرى هم من المدنيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة المدينة قبل حصارها. وتقول القوات الأمريكية من جانبها أن نحو 1200 مقاوم قتلوا وتم أسر 1052 آخرين.
على صعيد متصل، أكد شهود عيان لوكالة "قدس برس" الثلاثاء أن المقاومة العراقية أسقطت مروحية عسكرية أمريكية فوق منطقة "عامرية الفلوجة"، مساء الإثنين 15-11-2004 بعد إصابتها بنيران أرضية أدت إلى اشتعال النيران فيها وسقوطها في أرض زراعية، مشيرين إلى أن طاقم الطائرة ربما يكون قتل داخلها، حيث لم تظهر أي حركة أو خروج من الطائرة بعد إسقاطها.
وأكد الشهود أن هذه الطائرة هي الثانية التي تسقط خلال أربع وعشرين ساعة، حيث سبق أن أسقطت طائرة أخرى ظهر الأحد 14-11-2004.
المقاومة تسيطر على 60%
ونسبت "قدس برس" إلى الشيخ عبد الله الجنابي رئيس "مجلس شورى المجاهدين في الفلوجة" أن المقاتلين يسيطرون على ما نسبته 60% من أرض الفلوجة.
وفي كلمة له الثلاثاء أمام جمع من المقاتلين المدافعين عن المدينة، قال الجنابي: "إن المجاهدين يسيطرون بالكامل وبإحكام على 60% من أرض الفلوجة، والباقي هو عبارة عن مواقع اشتباكات وقتال، حيث تدور معارك كر وفر بين القوات الأمريكية المهاجمة والمقاتلين الذين يدافعون عن الفلوجة".
وأكد الجنابي الذي تلاحقه القوات الأمريكية لدعمه عمليات المقاومة أنه تم رفع العلم العراقي في مراسم رسمية فوق 12 موقعا في الأجزاء التي تعتبر قتالية، وأشار أيضا إلى أن المقاتلين تمكنوا من استخدام دبابة أمريكية في مهاجمة مواقع تابعة للجيش الأمريكي، وأن المهمة أنجزت وأصابت هدفها بنسبة كاملة