كشفت المؤسسةُ العامة للتأمينات الاجتماعية بالسعودية عن أن الحد الأدنى للمعاشات حاليا تمَّ تحديده من قِبل الدولة؛ رعايةً للفئة ذات الدخول المنخفضة من المواطنين المتقاعدين، وأن الاشتراكات واستثماراتها لا تُموِّل إلا جزءا محدودا من معاشاتهم، مؤكدةً أن أي رفعٍ إضافيٍ لهذه المعاشات سيفاقم الضررَ على النظام، ويضعف من قدرة المؤسسة في المستقبل على الوفاء بحقوق المشتركين الآخرين الذين دفعوا اشتراكاتهم.
وفي تعليقه على بعض المطالب المتعلقة برفع الحدِّ الأدنى لمعاشات المتقاعدين على نظام التأمينات الاجتماعية، ومطالب تقديم خدماتٍ وتسهيلاتٍ أخرى لهم كالقروض والتأمين الطبي، قال محافظ مؤسسة التأمينات سليمان الحميد: إن وضع حدٍّ أدنى للمعاشات يتوافق مع الحدِّ الأدنى لمتطلبات المعيشة توليه المؤسسةُ الأهميةَ البالغة، مشيرا إلى أن من الضروري أن يسبق ذلك وجود حدٍّ أدنى للأجور الخاضعة للاشتراك.
وأضاف في حديثٍ لصحيفة "الاقتصادية" السعودية نشرته اليوم الاثنين 7-4-2008، "ليس من المتصور وفق أبسط مبادئ التأمين أن يكون المعاش التقاعدي أعلى من الأجر الخاضع للاشتراك؛ لأن ذلك سيؤدي حتما وبسرعةٍ إلى إفلاس ذلك النظام التأميني، كما أنه من غير المنطقي أن يكون دخلُ المتقاعد أعلى من دخل العامل، وأن في ذلك مدعاةً للبطالة، علما أن نحو نصف المشتركين السعوديين بالنظام ممن هم على رأس العمل حاليا تقلُّ رواتبهم الشهرية عن 3 آلاف ريال".
وأفاد الحميد أن نظام التأمينات الاجتماعية السعودي قائمٌ على تقديم منافع محدودةٍ على سبيل الحصر على شكل معاشات وتعويضات مقابل اشتراكات محددة، وأنه قد تمَّ تحديد قيمة الاشتراكات على أسسٍ علميةٍ لتكون قادرةً على خلق مصادر لتمويل المنافع، معتبرا أن إيرادات استثمار الاشتراكات هي المصدر الآخر الرئيسي لتمويل النظام، وأنه تمَّ تحديد المنافع عند إنشاء النظام على هذا الأساس.
وتابع "أن هذه الأموال المتوافرة لدى المؤسسة حاليا لم تأت فجأةً أو زيادةً حتى يتم النظر أو المطالبة بتوزيعها على شكل مساعدات أو قروض، بل هي مصدرٌ أساسي لتمويل المعاشات حاليا ومستقبلاً، وأي إخلالٍ أو توجيهٍ لهذه الأصول خارج منافع النظام المحددة سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن المالي للنظام".
وتتوقع المؤسسةُ أن تحقق نقطة التعادل بين إيرادات الاشتراكات ومصروفات المعاشات خلال الأعوام القليلة المقبلة، لتعتمد بعد ذلك على إيرادات الاستثمار لتمويل المعاشات، في الوقت الذي أكد فيه أن مصروفات فرع المعاشات خلال عام 2007 تصل إلى نحو 65% من اشتراكات الفرع، إلى جانب أن معدل نمو المصروفات سنويّا يفوق معدل نمو الاشتراكات.
وذكر محافظُ المؤسسة أن نسبة الاشتراكات في فرع المعاشات من نظام التأمينات الاجتماعية، وهي بنسبة 18% من الأجر الشهري يتم دفعها مناصفةً بين المشترك وصاحب العمل.
فجوة تمويلية
وأشار إلى أنه ثبت لدى المؤسسة من خلال دراساتٍ ماليةٍ واكتواريةٍ أجرتها ذاتيا، وأكدتها بيوتُ خبرةٍ عالمية متخصصة أنها لا تكفي لتمويل المعاشات التي يقدمها النظام، وبالتالي فإن النظام غير مموّل بالكامل، وهناك فجوةٌ تمويلية، مما يستدعي المزيدَ من الخوف والحذر في المحافظة على حقوق المشتركين المتوافرة حاليا لتمكين النظام من الوفاء بالتزاماته مستقبلاً، على حد قوله.
واعتبر الزيادةَ الكبيرة في عدد المشتركين سنويّا في نظام التأمينات الاجتماعية من السعوديين أنها تأتي كعاملٍ سلبيٍ وليس إيجابيّا، لتشكل ضغطا ماليّا كبيرا على النظام؛ بسبب كون النظام غير ممول بالكامل؛ نظرا لأن الاشتراكات الفعلية تقل عن قيمة الاشتراكات المفترضة لتمويل المعاشات، وتؤكد ذلك الدراسات التي تجريها المؤسسة بشكلٍ مستمرٍ لمتابعة النظام.
وفي الوقت الذي لفت فيه المحافظ إلى أن تقديم القروض سواء للإسكان أو غيره أو تقديم خدماتٍ أخرى كالتأمين الصحي يجب أن يتم من خلال تقديم ميزةٍ نسبيةٍ عبر خفضٍ لتكلفة هذه القروض والخدمات- قروض وخدمات ميسرة- تنافس ما يتم تقديمه منها من خلال الجهات التجارية المتخصصة في تقديمها، إلا أنه أوضح أن تلك التخفيضات ستكون على حساب إيرادات استثمار اشتراكات المشتركين، مما يعني الإخلال بتوازن النظام ماليّا الذي هو في الواقع بحاجة تعزيزه بدلاً من المزيد من الضغط عليه.
وأفاد سليمان الحميد أن عددَ المسجلين في النظام بلغ حتى الآن 11.5 مليون مشترك تقريبا، فيما بلغ عددُ المشتركين على رأس العمل نحو 3.7 مليون، نسبة السعوديين منهم 20%، وبلغ من يتسلمون معاشاتٍ شهرية من المؤسسة 202.753 شخص، بلغت قيمة المنافع التي صرفتها المؤسسة حتى الآن نحو 48 مليار ريال.