العودة   منتدى مدينة تمير > الملتقى العام > الساحه الدينية
 

الساحه الدينية تهتم بجميع الامور الدينيه من فتاوى واذكار واحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03 / 03 / 2018, 51 : 03 AM   #1
تميراوي
 

رحيق مختوم is on a distinguished road
افتراضي اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر

الْحَمْدُ لِلهِ حَمْداً طَيِّباً كَثِيراً مُبَارَكاً فِيه: اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَنَا خَيْرَ اُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ اِنْ اَمَرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْنَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَآَمَنَّا بِاللهِ حَقَّ الْاِيمَان: نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى نِعْمَةَ الْاِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ الَّتِي جَمَعَتْ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَاَلَّفَتْ بَيْنَ الصُّفُوف: فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ اِخْوَةً مُتَحَابِّينَ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين: وَنَسْتَفْتِحُ بِالَّذِي هُوَ خَيْر: رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَاِلَيْكَ اَنَبْنَا وَاِلَيْكَ الْمَصِير: وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللُه وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَه: لَعَنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ بِغَيْرِ الْحَقٍّ: وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ: كَانَ اَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى الْأَرْوَاحِ وَعَلَى الدِّمَاء: اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْبَرِيئِينَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَمِنْ كُلِّ ظُلْمٍ وَمِنْ كُلِّ عُدْوَانٍ وَالَّذِينَ نَشَرُوا الْعَدْلَ وَالْاَمْنَ وَالْأَمَانَ فِي رُبُوعِ الْأَرْضِ وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِينَ اَمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله: اَلدَّمْعَةُ تَتَرَقْرَقُ فِي الْعَيْنِ: وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ: وَالْفُؤَادُ يَخْشَعُ: وَالْعَقْلُ يَكَادُ يَطِير: لَوْلَا الْاِيمَانُ الَّذِي يَضْبِطُ لَنَا كُلَّ شَيْءٍ: لِنُكْمِلَ مَسِيرَةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ الَّتِي لَاتَتَوَقَّفُ مَهْمَا حَدَثَ فِيهَا مِنْ اَحْدَاثٍ سَعِيدَةٍ اَوْ اَلِيمَة: بَعْدَ اَنْ عَلَّمَنَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَقِيقَةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ وَمَاهِيَّتَهَا: فَمَاهِيَ هَذِهِ الْحَيَاة: نعم اخي: اِسْتَمِعْ اِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سُورَةِ الْحَدِيد{اِعْلَمُوا اَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ اَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا اِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور} صَدَقْتَ يَارَبّ: تُرِيدُ اَنْ تُخْبِرَنَا بِقَوْلِكَ: اِعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاس: اِعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: اِعْلَمُوا اَيَّتُهَا الْأَجْيَالُ الْمُتَعَاقِبَةُ اِلَى اَنْ يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا: مَاذَا تُرِيدُ مِنَّا يَارَبَّنَا اَنْ نَعْلَمَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تُرِيدُ اَنْ تُخْبِرَنَا: سَاُخْبِرُكُمْ عَنِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَاهِيَ وَمَاحَقِيقَتُهَا عِنْدَ الَّذِينَ قَطَعُوا صِلَتَهُمْ بِاللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: فَهَؤُلَاءِ مَحْصُورُونَ فِي هَذِهِ الْاَوْصَافِ: نعم اخي: وَكَلِمَةُ اِنَّمَا فِي اللّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تُفِيدُ الْحَصْرَ: بِمَعْنَى اَنَّ الدُّنْيَا عِنْدَ اَهْلِ الدُّنْيَا كَذَلِكَ الَّذِي اَخْبَرَ عَنْهُ سُبْحَانَهُ مِنْ شَاْنِهَا مِنَ اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ: نعم اخي: أَوَّلاً لَعِبٌ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَلْعَبُونَ فِيهَا وَيَعْبَثُون: وَيُقَالُ لِلإِنْسَانِ قَبْلَ اَنْ يَبْلُغَ اِذَا تَصَرَّفَ تَصَرُّفاً نَاتِجاً عَنْ قُوَّتِهِ الْحَرَكِيَّةِ: وَعَنْ نَفْسِيَّتِهِ الْمُتَوَسِّدَةِ الْمُتَوَتِّرَةِ: وَعَنْ قُوَّتِهِ الذَّاتِيَّةِ الَّتِي يُرِيدُ اَنْ يُنَفِّثَ عَنْهَا: يُقَالُ فُلَانٌ يَلْعَبُ: قَدْ يُكَسِّر: قَدْ يُحَطِّم: اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالِكَ مِنْ لَعِبٍ وَعَبَثٍ طُفُولِيّ: اَمَّا اللَّهْوُ: وَهُوَ مَايَكُونُ بَعْدَ سِنِّ الْبُلُوغِ وَهُوَ كُلُّ مَايُلْهِيكَ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:و كَيْفَ النَّاسُ تَلْهُو عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ولِمَاذَا يَلْهُونَ؟ لِاَنَّهُمْ لَايَعْتَقِدُونَ بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ: لَايُؤْمِنُونَ اَنَّ هُنَاكَ يَوْماً سَيُعْرَضُ النَّاسُ فِيهِ عَلَى رَبِّهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً مَيَامِينَ: يَوْمَ تَشْخَصُ اَبْصَارُ الظَّالِمِينَ وَهُمْ مُهْطِعُو الرُّؤُوسِ لَايَسْتَطِيعُونَ اَنْ يَنْظُرُوا اِلَى مَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ الَّذِي تَمَلَّكَهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ اَخَافُوا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا: وَكَذَلِكَ سَيُخِيفُهُمُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَزَاءً وِفَاقاً يَتَّفِقُ مَعَ مَاصَنَعُوهُ مَعَ النَّاسِ مِنْ تَخْوِيفٍ وَرُبَّمَا يَكُونُ اَشَدَّ مِنْهُ نَكَالاً عِنْدَ اللهِ الَّذِي يُضَاعِفُ ذُنُوبَ الْعَذَابِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ كَمَا يُضَاعِفُ حَسَنَاتِ النَّعِيمِ بِدَلِيل{وَلَيَحْمِلُنَّ اَثْقَالَهُمْ وَاَثْقَالاً مَعَ اَثْقَالِهِمْ(أَيْ اَثْقَالاً مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمُوبِقَاتِ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ غَارِقِينَ فِي جَهَنَّمَ لَايَسْتَطِيعُونَ الْعَوْمَ عَلَى سَطْحِهَا وَلَا الْخُرُوجَ مِنْهَا بِسَبَبِ اَثْقَالٍ يَحْمِلُونَهَا مُكَبَّلِينَ بِهَا هِيَ اَقْوَى مِنَ الْاَثْقَالِ الَّتِي تُلْقَى فِي الْبَحْرِ مِنْ اَجْلِ تَثْبِيتِ السُّفُنِ عَلَى الشَّوَاطِئ ِخَوْفاً مِنْ عَاصِفَةٍ هَوْجَاءَ تُحَرِّكُهَا مِنْ مَكَانِهَا[وَمَنْ اَرْعَبَ مُؤْمِناً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ(اِلَى حِينٍ: حَتَّى يَتُوبَ تَوْبَةً نَصُوحاً وَيُؤْمِنَ اِيمَاناً صَحِيحاً مُوَحِّداً يُؤَمِّنُ النَّاسَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَاَمْوَالِهمْ وَاَعْرَاضِهِمْ(اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: نَعَمْ أَيُّها الْاِخْوَةُ: وَتَارِيخُ النَّصَارَى يَشْهَدُ عَلَى اَنَّ كَثِيراً مِنَ الطُّغَاةِ الْجَبَابِرَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَضْطَّهِدُونَ النَّصَارَى تَرَاجَعُوا عَنْ ظُلْمِهِمْ لِلنَّصَارَى وَطُغْيَانِهِمْ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ النَّصَارَى مِنْهُمْ قِدِّيسِينَ: وَاَمَّا شِيعَةُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَجَعَلُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ الَّذِينَ تَرَاجَعُوا عَنْ ظُلْمِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَطُغْيَانِهِمْ عَلَيْهِمْ: جَعَلُوا مِنْهُمْ مَنْبُوذِينَ مِنْ أَمْثَالِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَلَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ اَجْمَعِينَ وَحِيتَانِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ عَلَى شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بَاطِنِيَّةً وَاِمَامِيَّةً اِلَّا الْمُعْتَدِلِينَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ التَّيَّارِ الْحُرِّ: وَنَقُولُ لِلشِّيعَةِ الْاِمَامِيَّةِ وَالْبَاطِنِيَّة: لِمَاذَا تُصْدِرُونَ قَانُونَ عَفْوٍ عَامٍّ يَشْمَلُ الْإِرْهَابِيِّينَ الَّذِينَ عَادُوا اِلَى أَحْضَانِ الْوَطَنِ مَهْمَا ارْتَكَبُوا مِنْ مُخَالَفَاتٍ: فَهَؤُلَاءِ بَعْدَ اَنْ كَانُوا سَيْفاً عَلَى بَشَّارَ اَصْبَحُوا سَيْفاً مَعَ بَشَّارَ: وَمَعَ ذَلِكَ تَقُومُونَ بِتَسْوِيَةِ أَوْضَاعِهِمْ عِنْدَ الْجِهَاتِ الْمُخْتَصَّةِ: فَلِمَاذَا تَكِيلُونَ لِهَؤُلَاءِ بِمِكْيَالِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَاسِ: وَلِمَاذَا تَكِيلُونَ لِاَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ بَعْدَ اَنْ عَادُوا اِلَى أَحْضَانِ رَسُولِ اللهِ بِمِكْيَالِ الْحِقْدِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ: لِمَاذَا لَاتَكِيلُونَ لَهُمْ بِمِكْيَالِ الْقَدَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ اُسْوَةً بِمَا تَكِيلُونَ لِلْإِرْهَابِيِّينَ: هَذَا اِذَا سَلَّمْنَا جَدَلاً اَنَّهُمْ اِرْهَابِيُّونَ: لِمَاذَا هَذَا الْحِقْدُ وَالْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَقَدْ كَانَ النَّصَارَى يَكِيلُونَ بِمِكْيَالِ الْقَدَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ الصَّلِيبِيِّ لِلطُّغَاةِ الْجَبَابِرَةِ الَّذِينَ تَرَاجَعُوا عَنْ ظُلْمِهِمْ لِلنَّصَارَى الْمُضْطَّهَدِينَ: وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَرَاجَعُوا جَمِيعاً عَنْ ظُلْمٍ اَكْبَرَ وَاَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ وَهُوَ التَّثْلِيثُ{اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا اِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَم{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا اِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ بْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ بْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِاَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ(أَيْ يَتَنَافَسُونَ فِي الْكُفْرِ مَعَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ وَهُمُ الْوَثَنِيُّونَ: فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: تَفَوَّقَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي الْكُفرِ وَالْقَذَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ عَلَى الْوَثَنِيِّينَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْوَثَنِيِّينَ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ اَمْرِهِمْ: فَهُمْ يَعْبُدُونَ اَصْنَاماً مِنَ الْحِجَارَةِ لَاتَبُولُ وَلَايَخْرُجُ مِنْهَا نَجَاسَةٌ اَوْ قَذَارَةٌ: وَاَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَهُمْ يَعْبُدُونَ بَشَراً بِمَا تَحْتَوِي أَجْسَادُهُمْ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَقَذَارَةٍ: وَكَذَلِكَ شِيعَةُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْبَاطِنِيَّةُ وَالْاِمَامِيَّة: نعم أيها الاخوة{اِعْلَمُوا اَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ(وَالزِّينَةُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: مَاكَانَتْ زَائِدَةً عَلَى قَوَامِ الْحَيَاةِ: نعم اخي: نَحْنُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لَابُدَّ لَنَا مِنْ ضَرُورِيَّاتٍ حَتَّى تَسْتَمِرَّ حَيَاتُنَا: وَلَابُدَّ لَنَا مِنْ حَاجِيَّاتٍ حَتَّى لَانُصَابَ بِالْاِرْهَاقِ: فَاِذَا تَحَقَّقَتِ الضَّرُورِيَّاتُ وَتَحَقَّقَتِ الْحَاجِيَّاتُ وَوَسَّعَ اللهُ عَلَيْكَ اَخِي: فَلَا مَانِعَ اَنْ تَتَرَيَّشَ اَخِي عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَابَنِي آَدَمَ قَدْ اَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشَا(نعم اخي: يُقَال فُلَانٌ مُرَيَّشٌ: بِمَعْنَى اَنَّهُ حَقَّقَ ضَرُورِيَّاتِهِ وَحَاجَاتِهِ: فَلَامَانِعَ اَنْ يَتَنَعَّمَ:وَلَكِنْ دُونَ اِسْرَافٍ وَدُونَ مَخِيلَةٍ وَدُونَ تَكَبُّرٍ عَلَى النَّاسِ فِي الْأَرْضِ:كَمَا يَحْدُثُ فِي اَوْسَاطِنَا مِنْ تَصْوِيرٍ دَائِمٍ عَلَى الْفَايْسْبُوكِ لِاَفْخَمِ أَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ وَالْاَشْرِبَةِ قَبْلَ اَنْ يُبَاشِرُوا الطَّعَامَ لِيُبَاهُوا بِنِعْمَةِ اللهِ الْحَقِّ مَااَرَادُوا مِنَ الْبَاطِلِ فِي حَرْقِ قُلُوبَ الْفُقَرَاءِ الْمُنْكَسِرَةِ الْحَزِينَةِ الْمُتَلَهِّفَةِ عَلَى كَسْرَةٍ مِنَ الْخُبْزِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ( وَضَارِبِينَ بِعُرْضِ الْحَائِطِ وَمُتَجَاهِلِينَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[شَرُّ الْمَوَائِدِ عِنْدَ اللهِ مَائِدَةٌ يُدْعَى اِلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُحْرَمُ مِنْهَا الْفُقَرَاءُ( وَكَمْ وَكَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ وَمُنْذُ بِدَايَةِ تَارِيخِنَا الْإِسْلَامِيِّ نُعَانِي مِنْ كَلِمَةِ حَقٍّ اُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ: وَكَمْ عَانَى الْاِمَامُ عَلِيٌّ مَعَ الْخَوَارِجِ مِنْ كَلِمَةِ حَقٍّ اُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ وَهِيَ قَوْلُهُمْ لَاحُكْمَ اِلَّا لِلهِ: وَهَلْ سُبْحَانَهُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ يُرِيدُ مِنَّا فِي خِتَامِ سُورَةِ الضُّحَى اَنْ نُحَدِّثَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَى وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ مِنْ اَجْلِ حَرْقِ الْقُلُوبِ الْمُنْكَسِرَةِ فِي الْغُوطَةِ الَّتِي مَازَالَتْ اِلَى الْآَنَ وَمُنْذُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ لَاتَجِدُ لُقْمَةَ عَيْشِهَا اِلَّا بِالزُّورِ كَمَا يُقَالُ: اَمْ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَاْمُرُنَا اَنْ نُحَدِّثَ بِنِعْمَتِهِ مِنْ اَجْلِ جَبْرِ هَذِهِ الْقُلُوب: وَيْلٌ لِاُمَّةٍ تَتَجَبَّرُعَلَى ضُعَفَائِهَا وَمَسَاكِينِهَا وَفُقَرَائِهَا وَتُحْرِقُ قُلُوبَهُمْ مِنَ الْقَهْرِ وَتُحْرِقُ بُطُونَهُمْ وَاَمْعِدَتَهُمْ مِنَ الْجُوعِ وَتُحْرِقُ بُيُوتَهُمْ بِبَرَامِيلَ مُتَفَجِّرَةٍ وَصَوَارِيخَ وَمِدْفَعِيَّةٍ وَتَدْفِنُهُمْ تَحْتَ الْاَنْقَاضِ: بَلْ تُحْرِقُ الْاِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ بِجُوعٍ كَافِرٍ تَسْتَعْبِدُهُمْ بِهِ مُتَجَاهِلَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ{اِنَّمَا تُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ(فَاِذَا مَاتَ جَمِيعُ الضُّعَفَاءِ وَانْقَرَضُوا: فَلَنْ يَبْقَى لِجَيْشِ بَشَّارَ اَبَداً شَيْءٌ لِيَنْصُرَهُ عَلَى أَعْدَاءٍ جُدُدٍ يَخْلُقُهُمُ اللهُ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ وَخَلَايَا نَائِمَةٍ{وَمَاالنَّصْرُ اِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم(بَلْ لَمْ يَقْتَصِرِ التَّنْكِيلُ عَلَى الْاَحْيَاءِ بَلْ تَعَدَّى اِلَى الْأَمْوَاتِ فِي مَقَابِرِ حِمْصَ أَيْضاً لِيُنْبَشُوا مِنْ قُبُورِهِمْ وَتُقَامَ الْحَدَائِقُ الْعَامَّةُ مَكَانَهَا دُونَ اَدْنَى احْتِرَامٍ لِمَشَاعِرِ ذَوِيهِمُ الَّذِينَ فَقَدُوهُمْ: نعم أيها الاخوة: مَازَالَ الْحُسَيْنُ وَشِيعَتُهُ يُخْذَلُونَ حَتَّى أَيَّامِنَا هَذِهِ الَّتِي نَعِيشُهَا مِنْ خِلَالِ خُذْلَانِ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ الْمَسَاكِينِ فِي الْغُوطَةِ الَّذِينَ خَذَلَهُمْ اَهْلُ سُنَّةٍ مِنْ اَمْثَالِهِمْ قَبْلَ اَنْ تَخْذُلَهُمْ شِيعَةُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم: نعم أيها الاخوة: حِينَمَا قُطِعَ رَاْسُ الْحُسَيْنِ وَخَذَلُوهُ جَاءَ الْقُرْآَنُ بِالسَّلَامِ كَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ قَبْلُ حِينَمَا قُطِعَ رَاْسُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيَّا(وَاَمَّا شِيعَةُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَعَبْرِ تَارِيخِهِمُ الْأَسْوَدِ لَمْ يَاْتُوا بِالسَّلَامِ وَاِنَّمَا جَاؤُوا بِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ وَزَيْنَبَ وَفَاطِمَةَ{فَاَيُّ الْفَرِيقَيْنِ اَحَقُّ بِالْاَمْنِ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون اَلَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا اِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ(أَيْ بِشِرْكٍ مَزْعُومٍ لِاَهْلِ الْبَيْتِ مَعَ اللهِ فِي اُلُوهِيَّتِهِ{أُولَئِكَ لَهُمُ الْاَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُون(نَعَمْ أيها الاخوة: لَقَدْ ظَلَمُوا اللهَ الْبَرِيءَ مِنْ شِرْكِهِمْ بِشِرْكِهِمْ: فَكَيْفَ لَايَظْلِمُونَ مَخْلُوقَاتِهِ الْأَبْرِيَاء: نعم أيها الاخوة: وَبَعْدَ كُلِّ هَذَا نَرَى الشِّيعَةَ الْبَاطِنِيَّةَ الْاِمَامِيَّةَ الْيَهُودِيَّةَ الصَّلِيبِيَّةَ يَكْرَهُونَ الْإِسْلَامَ وَيَتَّهِمُونَهُ بِالْإِرْهَابِ وَيُحَمِّلُونَ مَسْؤُولِيَّةَ هَذِهِ الْجَرَائِمِ الَّتِي تَلَطَّخَتْ بِهَا أَيْدِيهِمُ الْقَذِرَةُ لِمَنْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْهَا... نَعَمْ اخي: اِنَّهُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَيَعْرِفُ قَدْرَهُ وَيَعْلَمُ اَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا لَيْسَتْ هِيَ الْغَايَةُ الْوَحِيدَةُ لِلْإِنْسَانِ: اِنَّمَا هِيَ مَعْبَرٌ يَعْبُرُ عَلَيْهِ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: وَاَمَّا الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ: فَهَؤُلَاءِ يَغُرُّهُمْ مَالُهُمْ وَتَغُرُّهُمْ مَنَاصِبُهُمْ وَتَغُرُّهُمْ قُوَّتُهُم: وَلِذَلِكَ يُظْهِرُونَ فِي الاَرْضِ الْفَسَاد: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِنْسَانُ: بِاَيِّ شَيْءٍ تَفْخَرُ: هَلْ تَفْخَرُ بِمَا عِنْدَكَ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ عَافِيَةٍ وَمِنْ صِحَّةٍ: مَنْ الَّذِي مَنَحَكَ هَذِهِ الْقُوَّة: اِنَّهُ خَالِقُكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين: مَنَحَكَ هَذِهِ الْقُوَّةَ: كَيْفَ تَشْكُرُهُ عَلَيْهَا لِتَبْقَى هَذِهِ الْقُوَّة: نَعَمْ اَخِي: لَقَدْ تَعَهَّدَ اللهُ لَكَ لِتَبْقَى هَذِهِ الْقُوَّةُ مُبَارَكَةً بِقَوْلِهِ{وَإِذْ تَاَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَاَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ(كُفْراً اَصْغَرَ اَوْ كُفْراً اَكْبَرَ{اِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ(غَيْرُ دَائِمٍ لِلْاَصْغَرِ اِنْ وَقَعَ صَاحِبُهُ مَيِّتاً عَلَى دِينِ الْاِسْلَامِ: وَدَائِمٌ اَبَدِيٌّ لِلْاَكْبَرِ اِنْ وَقَعَ مَيِّتاً عَلَى غَيْرِهِ: نعم اخي: حِينَمَا تَتَعَامَى عَنْ قُوَّةِ اللهِ: وَحِينَمَا يَحْجُبُ عَلَيْكَ بِحِجَابِ الْمَادَّةِ الْمُعْتِمِ الْمُظْلِمِ: وَتَتَقَوْقَعُ رُؤْيَتُكَ عَلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمِنْظَارِ الْهَوَى: وَلَاتَعْلَمُ اَنَّ لَكَ يَوْماً سَتَقِفُ فِيهِ بَيْنَ يَدَيِ الله: هَلْ تَغْتَرُّ بِصِحَّتِكَ وَعَافِيَتِكَ: فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ صَارَ مَرِيضاً: نَعَمْ هِيَ الدُّنْيَا: تَقُولُ بِمِلْءِ فِيهَا: حَذَارِ حَذَارِ: مِنْ فَتْكِي وَمِنْ بَطْشِي: وَلَكِنَّ النَّاسَ الْعُمْيَ الصُّمَّ: لَايَتَّعِظُونَ اَبداً: نَعَمْ اِنَّهَا الْجَرِيمَةُ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاس: اِنَّهَا الْجَرِيمَةُ الَّتِي تَقْشَعِرُّ لَهَا الْاَبْدَانُ: وَالَّتِي تَرْتَجِفُ لَهَا الْقُلُوبُ وَالْاَفْئِدَةُ: اِنَّ اَكْبَرَ جَرِيمَةٍ تُرْتَكَبُ فِي الْأَرْضِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَوْنِ كُلِّهِ: اَنْ تُزْهَقَ نَفْسٌ بِغَيْرِ حَقٍّ: نَعَمْ اِنَّ الْعَيْنَ لَتَدْمَعُ: وَاِنَّ الْقَلْبَ لَيَحْزَنُ: مِمَّا نَرَى عَلَى شَاشَةِ التَّلْفَزَةِ: وَمِمَّا نَسْمَعُهُ فِي الْإِذَاعَاتِ: وَفِيمَا نَقْرَؤُهُ فِي الصُّحُفِ: مِنْ عِصَابَاتٍ إِرْهَابِيَّةٍ يَهُودِيَّةٍ صَفَوِيَّةٍ صَلِيبِيَّةٍ: لَاتَرْعَوِي اَبَداً: اِنَّهَا صَارَتْ تُحِبُّ اَنْ تَشْرَبَ مِنَ الدِّمَاءِ الْبَشَرِيَّةِ: كَمَا تُحِبُّ اَنْ تَشْرَبَ مِنْ دِمَاءِ رَبِّهِمْ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بِزَعْمِهِمْ: وَكُلُّنَا أَبْنَاءُ اللهِ بِزَعْمِهِمْ: فَهَنِيئاً لِلْمُجْرِمِ السَّافِكِ لِلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ: نَعَمْ هَنِيئاً لَهُ لِاَنَّهُ خَلَّصَ النَّاسُوتَ مِنَ اللَّاهُوتِ لِجَمِيعِ أَبْنَاءِ اللهِ بِزَعْمِهِمْ كَمَا تَخَلَّصَتْ لَاهُوتُ الْمَسِيحِ مِنْ نَاسُوتِهِ عَلَى صَلِيبِ الْعَذَابِ بِزَعْمِهِمْ: نعم أيها الاخوة: هَلْ يُوجَدُ فِي الْإِسْلَام ِعَقِيدَةٌ شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ الصَّلِيبِيَّةِ الْعَفِنَةِ اِلَّا عِنْدَ شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْاِمَامِيَّةِ الْغَوْغَائِيَّةِ الْمَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ: فَصَارَ قَتْلُ الْاَنْفُسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ: مُتْعَةً يَتَمَتَّعُونَ بِهَا: حِينَمَا يَجْعَلُونَ النَّاسَ أَشْلَاءً مُتَنَاثِرَةً مُتَطَايِرَةً بِطَائِرَاتِهِمْ وَبَرَامِيلِهِمُ الْمُتَفَجِّرَةِ: حَتَّى انْتَقَلَتْ عَدْوَى هَذِهِ الْعَقِيدَةِ الصَّلِيبِيَّةِ الصَّفَوِيَّةِ الْعَفِنَةِ اِلَى آَلِ سُعُودَ فِي الْيَمَنِ: مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ(فَكَمَا انْتَهَكَ الْحُوثِيُّونَ حُرْمَةَ مَكَّةَ وَالرِّيَاضِ بِاِطْلَاقِ الصَّوَارِيخِ الْإِيرَانِيَّةِ عَلَيْهِمَا: فَكَذَلِكَ يَجُوزُ شَرْعاً اَنْ نَنْتَهِكَ حَرْمَةَ الدِّمَاءِ الْحُوثِيَّةِ بِالْأَسْلِحَةِ الثَّقِيلَةِ وَالطَّائِرَاتِ: وَنَقُولُ لِآَلِ سُعُودَ: نَعَمْ نَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَكُمْ: لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ الْحُوثِيَّةِ مُتَجَاهِلِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى{فَاِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى اِذَا اَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَاِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَاِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ اَوْزَارَهَا(فَاِذَا كَانَ الْكُومُونْدُسُ الْأَمْرِيكِيُّ يَسْتَطِيعُ بِعَمَلِيَّةِ اِنْزَالٍ فِي الْيَمَنِ تَحْرِيرَ مُخْتَطَفٍ اَمْرِيكِيٍّ: فَكَيْفَ اَنْتُمْ لَاتَسْتَطِيعُونَ اَسْرَهُمْ كَمَا اَمَرَ اللهُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ وَلَاتَحْرِيرَ الْاَسْرَى مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ: وَاِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ يَاْمُرُكُمْ بِعَدَمِ الِاسْتِمْرَارِ فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ فِي حَالَةِ اِثْخَانِ الْأَعْدَاءِ بِالْقَتْلِ الْكَثِيرِ وَالْجِرَاحِ الْهَائِلَةِ: فَكَيْفَ تَسْتَمِرُّونَ اَنْتُمْ فِي مُسَلْسَلِ الْاَشْلَاءِ الْمُتَنَاثِرَةِ: ثُمَّ تَعَالَوْا مَعَنَا: مَابَالُكُمْ تَقُولُونَ لَامَكَانَ بَيْنَنَا لِمُتَطَرِّفٍ يَرَى الِاعْتِدَالَ انْحِلَالاً: وَنَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَكُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ: لَكِنْ لِمَاذَا تَتَجَاهَلُونَ اَنْ لَامَكَانَ فِي الْإِسْلَامِ لِمُنْحَلٍّ يَرَى الِاعْتِدَالَ الْاِسْلَامِيَّ تَطَرُّفاً: هَلْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِرْضَاءً لِلْاِبَاحِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الصَّفَوِيَّةِ الصَّلِيبِيَّةِ الْقَذِرَةِ وَاَنْتُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَنْتَقِدُونَ زَوَاجَ الْمُتْعَةِ الشِّيعِيِّ عَلَى شَاشَاتِكُمْ: وَلَاتَنْبِسُونَ بِبِنْتِ شَفَةٍ عَمَّا يَحْدُثُ فِي الْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ الْقَذِرِ مِنْ اِبَاحَةٍ لِنِكَاح ِالْمَحَارِمِ وَالْبَهَائِمِ وَالْجِنْسِ الْمِثْلِيِّ وَاَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: لِمَاذَا تَنْظُرُونَ اِلَى مَسَائِلِ التَّطَرُّفِ وَالِاعْتِدَالِ بِعَيْنَيْنِ اِحْدَاهُمَا عَوْرَاءُ دَائِماً: هَلْ اَنْتُمْ اَدْرَى مِنْ شَرْعِ اللهِ الَّذِي{يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير(هَلْ نُقَدِّرُ مَسَائِلَ التَّطَرُّفِ وَالْإِرْهَابِ وَالِاعْتِدَالِ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ بِتَقْدِيرِ آَلِ سَعُودَ وَبَشَّارَ وَبُوتِينَ وَالْخَامِنْئِيِّ وَتْرَامْبَ وَالْحُكُومَةِ اللُّبْنَانِيَّةِ الَّتِي تَنْاَى بِنَفْسِهَا الْقَذِرَةِ: اَمْ بِتَقْدِيرِ اللهِ الَّذِي{خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرَا(وَحِينَمَا اَهْلَكَ اللهُ قَوْمَ لُوطٍ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: اَلَمْ يُهْلِكْهُمْ بِسَبَبِ هَذِهِ الْقَذَارَة: اَلَيْسَتْ هَذِهِ الْقَذَارَةُ تَطَرُّفاً فِي الْعَلَاقَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَاِرْهَاباً لِجِنْسِ حَوَّاءَ حِينَمَا يَكْتَفِي الرِّجَالُ بِبَعْضِهِمْ بَعْضاً تَارِكِينَ بَنَاتِ حَوَّاءَ لِلْمَوْتِ عَطَشاً مِنْ حُرْقَةِ اللَّوْعَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْحَلَال: اَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْمِ لُوطٍ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآَنِ اَنَّهُمْ مُتَطَرِّفُونَ اِرْهَابِيُّونَ مُجْرِمُون: بَلْ اَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَيْضاً فِي مَوْضِعٍ آَخَرَ عَنْ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَمَانِعِ الزَّكَاة: بَلْ اِنَّ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقُولُ لِبَعْضِهِمْ: يَااَوْلَادَ الْاَفَاعِي: طَيِّبْ اَلَا تُشَكِّلُ الْاَفَاعِي تَطَرُّفاً وَإِرْهَاباً فِي حَيَاةِ النَّاس: طَيِّبْ مَاتُسَمُّونَهُ مِنَ التَّطَرُّفِ الدِّينِيِّ يُشَكِّلُ خَطَراً عَلَيْكُمْ كَمَا تَزْعُمُونَ: طَيِّبْ نَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَكُمْ: لَكِنْ هَلْ سَيُنْقِذُكُمْ مَاتُسَمُّونَهُ اعْتِدَالاً اِبَاحِيّاً مِنْ عَذَابِ النَّارِ مَهْمَا لَعَنْتُمُ التَّطَرُّفَ وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً قَوْلَ رَسُولِ اللهِ لِلْمُلَاعِنَةِ الَّتِي تُلَاعِنُ زَوْجَهَا بِتُهْمَةِ الْخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْهُ لَهَا: اِتَّقِي اللهَ قَبْلَ اَنْ تُلَاعِنِي فَاِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا مَهْمَا كَانَ مُتَطَرِّفاً اَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآَخِرَةِ: اَمْ اَنَّكُمْ مَازِلْتُمْ تَسْتَمِعُونَ اِلَى هَذَا الْعَجُوزِ الْخَرِفِ الْاَحْمَقِ الْعَالِمِ الْفِيزْيَائِيِّ الْكَيَّالِيِّ وَزَعْمِهِ بِعَدَمِ وُجُودِ عَذَابٍ فِي الْقَبْرِ: وَلْنَفْرِضْ ذَلِكَ جَدَلاً: فَاِنَّ هَذَا لَايَمْنَعُ مِنْ وُجُودِ عَذَابٍ اَلِيمٍ مُهِينٍ فِي الْآَخِرَةِ: فَمَا هُوَ الْفَرْقُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ بَيْنَ هَذَا الْاَحْمَقِ الْمَعْتُوهِ: وَبَيْنَ الْكَنِيسَةِ الَّتِي ظَلَّتْ تُخْفِي عَنْ اَتْبَاعِهَا سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً وُجُودَ جَهَنَّمَ وَاَنَّهَا حَقِيقَةٌ لَامَفَرَّ مِنْهَا مِنْ اَجْلِ اَلَّا تُخِيفَ النَّاسَ وَتُرْعِبَهُمْ: فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ مِنْ تَصْرِيحَاتِ الْكَيَّالِي الْوَقِحَةِ حَوْلَ عَذَابِ الْقَبْرِ: لَقَدِ اسْتَهْزَاَ النَّاسُ مِنْ جَمِيعِ الْاَحَادِيثِ وَالْآَثَارِ الْوَارِدَةِ فِي مِصْدَاقِيَّةِ عَذَابِ الْقَبْرِ اِلَى اَنْ وَصَلَ بِهِمُ الْمَطَافُ اِلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِعَذَابِ جَهَنَّمَ أَيْضاً وَاسْتِعْجَالِهِ اسْتِهْزَاءً أَيْضاً لَاخَوْفاً مِنْهَا وَلَاشَفَقَةً عَلَى اَنْفُسِهِمْ مِنْ عَذَابِهَا الْأَلِيمِ الْمُهِينِ: وَاِنَّمَا اسْتِهْزَاءً وَتَحَدِّياً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ كَمَا ذَكَرْنَا: وَكُلُّ ذَلِكَ نَتِيجَةَ التَّرْبِيَةِ الْفِيزْيَائِيَّةِ الْوَقِحَةِ الْكَيَّالِيَّةِ الَّتِي تَكِيلُ لِلْاِسْلَامِ وَتَحُثُّ النَّاسَ عَلَى عَدَمِ تَصْدِيقِهِ اِلَّا اِذَا كَانَ خَاضِعاً لِتَجَارِبَ فِيزْيَائِيَّةٍ كِيمْيَائِيَّةٍ كَيَّالِيَّةٍ تَكِيلُ لِلْاِسْلَامِ بِعَلَامَاتِ اسْتِفْهَامٍ وَشَكٍّ كَبِيرٍ: وَكَذَبَ الْكَيَّالِيُّ: وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ حِينَمَا يَقُولُ{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ اَنَّهَا الْحَقُّ(نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَة: لَقَدْ زَرَعَتِ الصَّلِيبِيَّةُ الْحَاقِدَةُ هَذَا السَّرَطَانَ الْيَهُودِيَّ فِي فِلَسْطِينَ: وَزَرَعَتْ سَرَطَاناً آَخَرَ صَفَوِيّاً اِيرَانِيّاً خَبِيثاً قَرِيباً مِنَ الْبَقَرَةِ الْحَلُوبِ الْخَلِيجِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ لِلصَّفَوِيَّةِ: اِنَّ اللهَ يَاْمُرُكُمْ اَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ لِلصَّلِيبِيَّةِ: اَتَتَّخِذِينَا هُزُواً: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ: نَعُوذُ بِالْآَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ اَنْ نَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ بِكُتُبِكُمْ فَنَحْنُ قَرَاْنَاهَا جَيِّداً: وَاَدْرَكْنَا اَنَّهُ لَنْ يَخْرُجَ الْمَهْدِيُّ فِي كُتُبِكُمْ اِلَّا بِالذَّبْحِ: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ لِلصَّلِيبِيَّةِ: ادْعِي لَنَا رَبَّكِ يُبَيِّنْ لَنَا مَاهِيَ: هَلْ هِيَ حَلُوب: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ لَا: طَالَمَا هِيَ حَلُوبٌ فَلَا تَقْرَبُوهَا وَلَاتَضُرُّوهَا اِلَّا اَذىً وَهَلَعاً وَرُعْباً: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ وَلَكِنَّهَا لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَحْلُبَ قَطْرَةً مِنَ الْحَلِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ: نَحْنُ لَانُرِيدُ حَلِيباً مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ: وَاِنَّمَا نُرِيدُ مِنْهَا نَفْطاً وَاَمْوَالاً: وَالْوَيْلُ لَهَا اِنْ تَاَخَّرَتْ عَلَيْنَا: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ هَلْ نَذْبَحُهَا: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ لَا وَاِنَّمَا قُومُوا أَوَّلاً بِقَطْعِ اُذُنِهَا الْيُمْنَى: فَاِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ فَاقْطَعُوا الْيُسْرَى: فَاِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ فَقُومُوا بِتَعْذِيبِهَا وَطَعْنِهَا بِسَكَاكِينِ الْحُسَيْنِ وَعَلِي كَمَا تَطْعَنُونَ الثَّوْرَ حَتَّى تَخُورَ قُوَاهَا: فَاِنْ لَمْ تَسْتَجِبْ فَعَالِجُوهَا حَتَّى تَقُومَ مِنْ جَدِيدٍ عَلَى رِجْلَيْهَا: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ: طَيِّبْ اَنْتُمْ لَاتُرِيدُونَ ذَبْحَ الْبَقَرَةِ الْحَلُوبِ السُّعُودِيَّةِ الْخَلِيجِيَّةِ: فَمَا هُوَ لَوْنُ الْبَقَرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ مِنَّا اَنْ نَذْبَحَهَا: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ: اِنَّهَا بَقَرَةٌ سَوْدَاءُ مُعْتِمٌ لَوْنُهَا تَسُوءُ النَّاظِرِين: فَقَالَتِ الصَّفَوِيَّةُ: نَحْنُ لَانَذْبَحُ بَقَرَةً سَوْدَاءَ كَتَبْنَا عَلَيْهَا يَاحُسِينْ يَاعَلِي يَافَاطِمَة يَازَيْنَيبْ: فَقَالَتِ الصَّلِيبِيَّةُ: تَبّاً لَكُمْ نَحْنُ صَفَّقْنَا لِمَنْ ذَبَحَ الْمَسِيحَ عَلَى الصَّلِيبِ وَاَعْطَانَا هَذِهِ الذَّبِيحَةَ الْإِلَهِيَّةَ الْيَسُوعِيَّةَ لِنَشْرَبَ مِنْ دَمِهَا وَنَاْكُلَ مِنْ لَحْمِهَا: وَاَنْتُمْ تَبْخَلُونَ عَلَيْنَا بِبَقَرَةٍ سَوْدَاءَ يَهُودِيَّةٍ اَمَرَ بِهَا مُوسَى قَوْمَهُ فَذَبَحُوهَا وَمَاكَادُوا يَفْعَلُون: فَاَنْتُمْ اِنِ انْتَصَرْتُمْ عَلَى آَلِ سُعُودَ وَالْخَلِيجِ: فَبِفَضْلِ خُذْلَانِنَا لَهُمْ: وَاِنِ انْتَصَرَ آَلُ سُعُودَ عَلَيْكُمْ: فَبِفَضْلِ خُذْلَانِنَا لَكُمْ: وَفِي كُلِّ الْاَحْوَالِ لَنْ يَخْذُلَنَا آَلُ سُعُودَ بِاَمْوَالِهِمْ بِوُجُودِ الْبُعْبُعِ الصَّفَوِيِّ الَّذِي يَخَافُونَ مِنْهُ وَلَايَخَافُونَ مِنَ الَّذِي خَلَقَهُ وَمَا عِنْدَهُ (سُبْحَانَهُ) مِنَ الدَّوَائِرِ: فَرُبَّمَا يَجْعَلُ لَهُمُ الدَّائِرَةَ: وَرُبَّمَا يَجْعَلُهَا عَلَيْهِمْ فَيُصْبِحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ{ مَايُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ اِذَا تَرَدَّى{يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَااَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ اُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدَا(وَمِنْهُ الْوَلَاءُ الشِّرْكِيُّ الْمُحَرَّمُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مُتَجَاهِلِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا(نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَة: وَاَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى{اِلَّا اَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً(فَاَيْنَ هَذِهِ التُّقَاةُ الَّتِي نَتَّقِيهَا مِنْهُمْ: وَنَحْنُ نَرَى بِاُمِّ اَعْيُنِنَا اَنَّ الْمُسْلِمِينَ الْمَظْلُومِينَ هُمُ الْوَحِيدُونَ الْأَكْثَرُ تَضَرُّراً فِي الْعَالَمِ مِمَّا يُسَمَّى مُكَافَحَةَ الْإِرْهَابِ: وَاَنَّ هَذِهِ التُّقَاةَ لَايَقْطِفُ ثَمَرَتَهَا اِلَّا الظَّالِمُونَ: فَهَلْ خَصَّ اللهُ بِهَذِهِ التُّقَاةِ الظَّالِمِينَ دُونَ الْمَظْلُومِينَ: هَلْ حَرَمَ الْمَظْلُومِينَ مِنْهَا: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَة: هَذِهِ التُّقَاةُ هِيُ رُخْصَةٌ اَعْطَانَا اللهُ إِيَّاهَا مِنْ اَجْلِ اَنْ نُوَالِيَ الْكَافِرِينَ: لَكِنْ اِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّخْصَةُ ضَرَرُهَا اَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا: فَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ بِهَا: بَلَى اَخِي رُخْصَةٌ اَعْطَاكَ اللهُ إِيَّاهَا فِي الصَّيْدِ: لَكِنْ اِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّخْصَةُ تَجْلِبُ الضَّرَرَ اِلَى الثَّرْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ وَالسَّمَكِيَّةِ وَتُؤَدِّي اِلَى نُقْصَانِهَا: فَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِمْرَارُ بِصَيْدِ الْاِنَاثِ مِنْهَا فِي مَوْسِمِ التَّفْرِيخِ وَالْوِلَادَةِ اَوِ اسْتِعْمَالِ الدِّينَامِيتِ اَوِ الشِّبَاكِ الضَّيِّقَةِ مِنْ اَجْلِ الْقَضَاءِ عَلَى التَّفْرِيخِ السَّمَكِيِّ وَالْحَيَوَانِيِّ: فَمَا بَالُكَ اَخِي بِالثَّرْوَةِ الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي يُرِيدُونَ اِبَادَتَهَا بِحُجَّةِ مَايُسَمَّى مُكَافَحَةَ الْإِرْهَابِ: وَنَحْنُ لَسْنَا ضِدَّ مُكَافَحَةِ الْإِرْهَابِ اِلَّا اِذَا كَانَ ضَرَرُهُ اَكْبَرَ مِنْ نَفْعِهِ وَعَلَى حِسَابِ تَعَاسَةِ الْمَظْلُومِينَ: فَهُنَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ خُطَّةٍ بَدِيلَةٍ مُمْكِنَةٍ تَجْرِي بِاَقَلِّ الْخَسَائِرِ الْبَشَرِيَّةِ: وَتَضَعُ حَدّاً لِسَفْكِ الدِّمَاءِ الْبَشَرِيَّةِ: وَهَذِهِ الْخُطَّةُ الْبَدِيلَةُ مَوْجُودَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفِسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ(أَيْ نُنَزِّهُكَ عَنْ اَنْ تَكُونَ رَاضِياً بِسَفْكِ الدِّمَاءِ{قَالَ اِنِّي اَعْلَمُ مَالَاتَعْلَمُونَ(أَيْ اَعْلَمُ مَالَاتَعْلَمُونَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَإِصْلَاحِ الْأَرْضِ وَعِمَارَتِهَا بِالْخَيْرِ{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا(هَلْ مِنَ الْمَعْقُولِ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُعَلِّمْهُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ كُلِّهَا وَلَوْ خُطَّةً جَاهِزَةً مِنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ اَوْ بَدِيلَةً مِنَ الْعَفْوِ مِنْ اَجْلِ حَقْنِ الدِّمَاءِ: وَهَلْ مِنَ الْمَعْقُولِ اَنَّ آَدَمَ لَمْ يُعَلِّمْ أَوْلَادَهُ اِلَى أَيَّامِنَا هَذِهِ شَيْئاً عَنْ هَذِهِ الْخُطَّةِ{وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ اِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَاِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَاِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ(مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يُحَارِبُونَ الْاِرْهَابَ وَهُمْ قَبْلَ اَنْ يُحَارِبُوا الْاِرْهَابَ يُحَارِبُونَ النَّاسَ فِي اَرْزَاقِهِمْ وَلُقْمَةِ عَيْشِهِمْ: نَعَمْ اَخِي: هَذَا الْيَتِيمُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ خَلِيَّةٍ نَائِمَةٍ: وَلَدَيْهِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِلتَّطَرُّفِ مَايَفُوقُ الْخَيَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ هل اَمَرَ سُبْحَانَهُ بِتَعْنِيفِهِ وَنَبْذِهِ مِنَ الْمُجْتَمَعِ وَاَكْلِ اَمْوَالِهِ ظُلْماً بِالْبَاطِلِ بِحُجَّةِ مُكَافَحَةِ الْاِرْهَابِ: اَمْ بِاِصْلَاحِهِ مِنْ خِلَالِ مُخَالَطَتِهِ وَالْاَكْلِ وَالشُّرْبِ مَعَهُ جَنْباً اِلَى جَنْبٍ مِنْ خِلَالِ مُمَارَسَةِ عَلَاقَةٍ اَخَوِيَّةٍ وُدِّيَّةٍ حَمِيمِيَّةٍ غَيْرَ مِثْلِيَّةٍ شَاذَّةٍ مَعَهُ: فَلَوْ كَانَتْ مُكَافَحَةُ الْاِرْهَابِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ عَلَى اِطْلَاقِهَا لَيْسَ لَهَا حُدُودٌ وَلَاضَوَابِطُ شَرْعِيَّةٌ: لَاَمَرَ اللهُ بِاسْتِهْدَافِ هَؤُلَاءِ الْيَتَامَى وَوَضْعِهِمْ فِي اَعْلَى قَوَائِمِهِ السَّوْدَاءِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ شَرِّهِمْ؟ لِمَا لِبِذْرَةِ التَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ مِنْ تَمَكُّنٍ فِي قُلُوبِهِمْ اَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ: وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَفْعَلْ؟ لِاَنَّهُ يُدْرِكُ جَيِّداً اَنَّهُ اِنْ فَعَلَ: فَاِنَّهُمْ سَيَكُونُونَ اَكْثَرَ نَقْمَةً وَوَحْشِيَّةً عَلَى الْمُجْتَمَعِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَخَاصَّةً عَلَى مَنْ يَاْكُلُ اَمْوَالَهُمْ ظُلْماً{اِنَّ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً اِنَّمَا يَاْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً(بَلْ اِنَّهُ كَانَ يُدْرِكُ جَيِّداً سُبْحَانَهُ اَنَّ الْيَتَامَى لَايَكْتَفُونَ بِحُقُوقِهِمْ: بَلْ يُرِيدُونَ مِنَ الْمُجْتَمَعِ اَكْثَرَ مِنْ حُقُوقِهِمْ: لِمَا يُعَانُونَ مِنْ جُوعٍ اِلَى الْحُبِّ وَالْحَنَانِ الْاَبَوِيِّ: وَلِذَلِكَ اَمَرَ بِالْاِشْهَادِ عَلَيْهِمْ قَائِلاً{فَاِذَا دَفَعْتُمْ اِلَيْهِمْ اَمْوَالَهُمْ فَاَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ{لَاتَظْلِمُونَ وَلَاتُظْلَمُونَ( نَعَمْ اَيُّهَا النَّاسُ: اَيُّهَا الْحُقُوقِيُّونَ: اَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: اَيُّهَا الْبَشَرُ: مَاهَذَا الْحِقْدُ الَّذِي تَمَلَّكَ هَذِهِ الْاَنْفُسَ الَّتِي تَجْعَلُ الْاَبْرِيَاءَ اَشْلَاءً مُتَنَاثِرَةً بِالْمُفَخَّخَاتِ مِنَ السَّيَّارَاتِ وَالطَّائِرَاتِ وَالْبَرَامِيلِ وَالْاَسْلِحَةِ الْقَمْعِيَّةِ فِي السُّجُونِ وَخَارِجِهَا: فَاِنَّهَا فِيمَا مَضَى قَتَلَتْ اَطْفَالَ الْحُولَةِ ذَبْحاً بِالسَّكَاكِينِ: وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا فَاِنَّهَا لَاتَقْتُلُ الْاَبْرِيَاءَ بِرَصَاصَةٍ وَلَاسِكِّينٍ: وَاِنَّمَا تَقْتُلُهُمْ ذَبْحاً بِاَسْلِحَةِ الدَّمَارِ الشَّامِلِ: نَعَمْ تَقْتُلُهُمْ ذَبْحاً عَلَى مَذَابِحَ كَانَتْ فِيمَا مَضَى لَاتَرْحَمُ رِقَابَهُمْ: وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا فَاِنَّهَا اَصْبَحَتْ لَاتَرْحَمُ عُضْواً فِي اَجْسَادِهِمْ: نَعَمْ ذَبْحاً عَلَى مَذَابِحَ سَتَجْعَلُ اَهْلَهَا يَسْتَغِيثُونَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَظَنَّ هَؤُلَاءِ وَمَازَالُوا يَظُنُّونَ اَنَّهُمْ سَيُفْلِتُونَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْقَبْرِ وَالْآَخِرَةِ: نَعَمْ اَخِي: هَؤُلَاءِ لَايُمْكِنُ اَبَداً اَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ: وَلَايُمْكِنُ اَبَداً اَنْ يُؤْمِنُوا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ: اِلَّا مَنْ اَرَادَهُ اللهُ لِهَذَا الْاِيمَانِ؟ لِاَنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ حَقَّ التَّمْثِيلِ فِرْعَوْنَ فِي قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{يُذَبِّحُ اَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ(نَعَمْ اِنَّهُمْ صُورَةٌ مُصَغَّرَةٌ تَمَثَّلَتْ بِكُلِّ الصِّفَاتِ السَّيِّئَةِ وَتَقَمَّصَتْهَا مِنْ اَجْلِ اَنْ تُعْطِيَ لِلْاِنْسَانِيَّةِ نَمُوذَجاً يُمَثِّلُ صُورَةً لِاَبْشَعَ مَخْلُوقَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: اِنَّهَا الْخَوَاطِرُ الْمَاْسَاوِيَّةُ الَّتِي تَعْتَلِجُ فِي نَفْسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا وَفِي نَفْسِ كُلِّ اِنْسَانٍ عِنْدَهُ ذَرَّةٌ مِنَ الْاِنْسَانِيَّةِ: نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالُ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا: كَيْفَ يَجْرُؤُ اِنْسَانٌ اَنْ يَاْتِيَ اِلَى هَذِهِ الزَّهْرَةِ فَيَقْطُفُهَا: بَلْ كَيْفَ يَجْرُؤُ اَنْ يَاْتِيَ اِلَى هَذَا الْمَخْلُوقِ الْبَرِيءِ الَّذِي مَازَالُوا اِلَى اَيَّامِنَا يَنْتَشِلُونَهُ مِنْ تَحْتِ الرُّكَامِ لِيَذْبَحَهُ: لِيُشَوِّهَهُ بِقَصْفِ الطَّيَرَانِ: لِيَدْفِنَهُ تَحْتَ الْاَنْقَاضِ: لِيَقْتُلَهُ: لِيَمُوتَ اخْتِنَاقاً: فَهَؤُلَاءِ مِنْ اَيِّ جِنْسٍ مِنَ الْبَشَرِ: وَكَمْ آَلَمَنِي جِدّاً حِينَمَا رَاَيْتُ بَعْضَ الْاَطْفَالِ يُنْتَشَلُونَ: كَمَا آَلَمَنِي مِنْ قَبْلُ مَنْظَرَ اَطْفَالِ الْحُولَةِ الْمَذْبُوحِينَ: وَمَنْظَرَ بَعْضِ الْاَدَوَاتِ الَّتِي اسْتُعْمِلَتْ فِي ذَبْحِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ مَاكُتِبَ عَلَيْهَا حَقِيقِيّاً اَوْ مُدَبْلَجاً كَمَا اَخْبَرَتْ عَنْ ذَلِكَ الْعَاهِرَاتُ مِنَ الْقَنَوَاتِ الصَّفَوِيَّةِ: وَلَكِنَّنَا فِي كُلِّ الْحَالَاتِ رَاَيْنَا ذَلِكَ بِاُمِّ اَعْيُنِنَا: فَعَفْواً عَفْواً يَااِمَامَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى: عَفْواً يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: عَفْواً يَاابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ: عَفْواً عَفْواً يَاسَيِّدَا شَبَابِ اَهْلِ الْجَنَّةِ: كَيْفَ تُشَوَّهُ سُمْعَتُكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ قَاتِلِي الْاَطْفَالِ حِينَمَا كَتَبُوا اَسْمَاءَكُمْ عَلَى سَكَاكِينِهِمْ: وَلَكِنْ مَهْمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ فَاِنَّ الشَّمْسَ لَاتُحْجَبُ؟ بَلْ تَبْقَى سَاطِعَةً مُنِيرَةً: نَعَمْ حِينَمَا رَاَيْتُ مَكْتُوباً عَلَى السِّكِّينِ لَبَّيْكَ يَااَبَا الْحَسَنَيْنِ: اَللهُ اَكْبَرُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَتَّهِمُونَ اَبَا الْحَسَنَيْنِ بِقَتْلِ الْاَطْفَالِ الْاَبْرِيَاءِ: نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: حِينَمَا يُسْفَكُ دَمٌ بِاسْمِ هَؤُلَاءِ الْاَطْهَارِ: بِاسْمِ هَؤُلَاءِ الْاَبْرَارِ: اُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ: اَنَّ حُبِّي لَهُمْ يَزْدَادُ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ بُرَآَءُ مُتَّهَمُونَ بِذَلِكَ مِنْ شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: وَاَنْتَ يَجِبُ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَكُونَ مَعَ الْبَرِيءِ: اَنْ تَكُونَ مَعَ الْمُتَّهَمِ ظُلْماً وَعُدْوَاناً مِنْ شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم: نَعَمْ اَخِي: سَاَسْرُدُ عَلَيْكَ بَعْضَ كَلَامِ هَذَا الْاِمَامِ الْعَظِيمِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: لَكِنْ قَبْلَ اَنْ اَسْرُدَهُ نَاْخُذُ اسْتِرَاحَةً قَصِيرَةً مَعَ بَعْضِ الْأَسْئِلَةِ وَالْاِجَابَةِ عَلَيْهَا: سَاَلنِي بَعْضُ الْاِخْوَةِ فِي رِسَالَةٍ يَقُولُ فِيهَا: اِنْسَانٌ خَضَرْجِيٌّ بَقَّالٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ: فَاَرَادَ اِنْسَانٌ آَخَرُ اَنْ يُوَفِّيَ عَنْهُ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ زَكَاةِ اَمْوَالِهِ: فَهَلْ يَجُوزُ اِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ اَجْلِ قَضَاءِ دَيْنِهِ عَنْهُ؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ هَذَا جَائِزٌ؟ لِاَنَّ الْغَارِمِينَ الَّذِينَ رَكِبَتْهُمُ الدُّيُونُ وَلَايَسْتَطِيعُونَ وَفَاءَهَا: هُمْ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِيفِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ فِي الزَّكَاةِ فِي سُورَةِ الْتَّوْبَةِ: لَكِنْ لَايُعْطَى لِهَذَا الْاِنْسَانِ الَّذِي رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ شَيْءٌ مِنَ الزَّكَاةِ اِنْ تَبَيَّنَ اَنَّهُ سَفِيهٌ لَايُرِيدُ قَضَاءَ دَيْنِهِ بَلْ يُرِيدُ اسْتِجْدَاءً مُحَرَّماً لِاَمْوَالِ النَّاسِ مِنَ الزَّكَاةِ: وَاِنَّمَا تُجْمَعُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الزَّكَاةِ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إِخْرَاجُهَا: وَتَقُومُ هَيْئَةٌ خَاصَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ بِاسْتِثْمَارِهَا: وَيُعْطَى هَذَا السَّفِيهُ مِنْ أَرْبَاحِهَا عَمَلاً بِقَوْلِه تَعَالَى{وَلَاتُؤْتُوا السُّفَهَاءَ اَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً(وَمِنْهَا اَمْوَالُ الزَّكَاةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ قِيَاماً لِلنَّاسِ فِي مَعِيشَتِهِمْ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ يُنْقِذُهُمْ مِنَ الْمَوْتِ جُوعاً وَلَوْ اِلَى حِين{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا(أَيْ مِنْ أَرْبَاحِهَا الِاسْتِثْمَارِيَّةِ{وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً(فَاِنْ تَبَيَّنَ لِمَنْ يُرِيدُ اِخْرَاجَ الزَّكَاةِ اَنَّ هَذَا الَّذِي رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ لَايُرِيدُ قَضَاءَ دَيْنِهِ وَلَا اَنْ يُعْطِيَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ: فَعَلَيْهِ هُنَا اَنْ يَقُومَ هُوَ بِنَفْسِهِ بِقَضَاءِ دَيْنِ هَذَا السَّفِيهِ وَلَايَتَّكِلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ اَبَداً: وَيُمْكِنُ اَنْ يَبْعَثَ بِحَوَّالَةٍ مَالِيَّةٍ اِلَى مَصْرِفٍ مُخْتَصٍّ بِاُمُورِ الزَّكَاةِ وَالتَّدَايُنِ يَقُومُ بِاِيصَالِ زَكَاةِ الْغَارِمِينَ اِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ: مَعَ الْاَخْذِ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ قَوْلَهُ تَعَالَى{اَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ(أَيْ لَايَضُرُّ بِحُقُوقِ الْوَرَثَةِ وَلَا الْمُوصَى لَهُمْ بِمَا لَايَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَابِبَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ: فَلَايَجُوزُ اَنْ يُكْفَى هَؤُلَاءِ الْغَارِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ عَلَى حِسَابِ ضَرَرِ وَ تَعَاسَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الثَّمَانِيَةِ: وَاِنَّمَا هَدَفُ الزَّكَاةِ هِيَ خَلْقُ تَوَازُنٍ يُسَاعِدُ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً: وَلَاحُجَّةَ لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ مُشِيراً اِلَى اسْتِحْقَاقِ الْغَارِمِينَ لِسَهْمٍ مِنْ اَسْهُمِ الزَّكَاةِ الثَّمَانِيَةِ بِقَوْلِهِمْ: اِنَّ الزَّكَاةَ هِيَ إِضَافَةُ تَمْلِيكٍ اِلَى الْغَارِمِينَ فَاِنْ لَمْ يَحْصَلْ هَذَا التَّمْلِيكُ لِلسُّفَهَاءِ الْغَارِمِينَ وَذَهَبَتْ أَمْوَالُ الزَّكَاةِ اِلَى أَصْحَابِ الْحُقُوقِ الْمُقْرِضِينَ بِغَيْرِ رِضَا السُّفَهَاءِ الْمُقَرَضِينَ فَاِنَّ هَذَا تَهَرُّبٌ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَتَنَصُّلٌ مِنْ مَسْؤُولِيَّتِهَا: وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ نَعَمْ اِلَّا السَّفُهَاءُ مِنْهُمْ: اِلَّا ِاذَا كَانَ هَدَفُ الزَّكَاةِ هُوَ إِضَاعَةُ الْمَالِ عَبَثاً عَلَى هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ وَحِرْمَانٌ لِاَصْحَابِ الْحُقُوقِ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَهَذَا لَايَقُولُ بِهِ عَاقِلٌ يَخَافُ الله: نعم اخي: وَأَصْحَابُ الْحُقُوقِ هَؤُلَاءِ نُكِبُوا أَوَّلاً مِنْ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ الَّذِينَ اَضَاعُوا لَهُمْ أَمْوَالَهُمْ: وَنُكِبُوا ثَانِياً مِنْ فِئَةٍ أُخْرَى مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْمُمَاطِلُونَ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُونَ اَنْ يُؤَدُّوا اِلَيْهِمْ حُقُوقَهُمْ وَلَايُؤَدُّونَهَا: وَنَحْنُ هُنَا لَانَتَكَلَّمُ عَنِ الْمُعْسِرِينَ: فَاللهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لِلْمُعْسِرِينَ اِنْ مَاتُوا مُعْسِرِينَ يُرِيدُونَ أَدَاءَ الدَّيْنِ وَلَايَسْتَطِيعُونَ: وَلَكِنْ لَايَغْفِرُ اللهُ الدَّيْنَ لِلْمُمَاطِلِينَ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُونَ وَلَايُؤَدُّونَ اِنْ مَاتُوا عَلَى هَذَا اَبَداً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ أَصْحَابَ الْحُقُوقِ بِسَبَبِ هَؤُلَاءِ الْمُمَاطِلِينَ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ نُكِبُوا نَكْبَةً ثَالِثَةً أَيْضاً فِي مَالٍ اَقْرَضُوهُ وَلَمْ يَعُدْ بِاسْتِطَاعَتِهِمْ اَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنْهُ اَوْ اَنْ يَسْتَثْمِرُوهُ حَذَراً مِنْ اَنْ تَاْكُلَهُ الصَّدَقَةُ: فَاَكَلَهُ هَؤُلَاءِ الْمُمَاطِلُونَ بِالْبَاطِلِ: وَاَكَلَتْهُ الصَّدَقَةُ بِالْحَقِّ: فَتَعَاوَنَ الْحَقُّ مَعَ الْبَاطِلِ عَلَى اَكْلِ أَمْوَالِ هَؤُلَاءِ الْمُقْرِضِينَ بِنَكْبَةٍ ثَالِثَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا: وَهِيَ اَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ عَنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي اَقْرَضُوهُ مَهْمَا أَضَاعَ مِنْهُ السُّفَهَاءُ وَمَهْمَا مَاطَلَ بِهِ الْمُمَاطِلُونَ وَلَوْ لِعَشَرَاتٍ مِنَ السِّنِينِ وَمَهْمَا كَانَ هَذَا الْمَالُ صَغِيراً اَوْ كَبِيراً فِي نَظَرِ النَّاسِ اِذَا بَلَغَ نِصَاباً وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ: وَلِذَلِكَ اَعْلَنَ اللهُ حَرْباً لَاهَوَادَةَ فِيهَا عَلَى الْمُرَابِي لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ فِي أَمْوَالِهِ الَّتِي اَقْرَضَهَا بِحَبْسِ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ وَالْاَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الله: وَلَمْ يَكْتَفِ اَنَّهَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَبَلَغَتْ نِصَاباً وَلَمْ يُخْرِجْ مُسْتَحَقَّاتِهَا مِنَ الزَّكَاةِ: بَلْ زَادَ عَلَى بُخْلِهِ طَمَعاً وَاَنَانِيَّةً وَجَشَعاً: اَنَّهُ يُرِيدُ زِيَادَةً عَلَى أَمْوَالِهِ الَّتِي اَقْرَضَهَا ِلاِنْسَانٍ آَخَرَ رُبَّمَا يَكُونُ غَارِماً مُعْسِراً مِنَ الْأَصْنَافِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ الَّتِي يَنْبَغِي هُنَا اَنْ تُنْقِصَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُرَابِي وَلَاتَزِيدَهَا اِلَّا بِمَا قَدَّرَهُ اللهُ لَهَا مِنَ الْبَرَكَةِ وَلَهُ مِنَ الْاَجْرِ وَالثَّوَابِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[مَانَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ( فَاِنْ أَرَدْتَّ اَخِي الْمُرَابِي زِيَادَةً لِاَمْوَالِكَ وَاَرْبَاحاً كَبِيرَةً: فَلَمْ تَنْقَطِعْ سُرَّتُكَ وَلَمْ تَفْطِمْكَ اُمُّكَ عَلَى الرِّبَا وَاَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: بَلْ مَا اَكْثَرَ طُرُقَ الْحَلَالِ الْمَشْرُوعَةِ الَّتِي تَسْتَطِيعُ اَنْ تَسْتَثْمِرَ بِهَا أَمْوَالَكَ لِتُحَقِّقَ اَعْظَمَ الْأَرْبَاحِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللهُ لَكَ: وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَايُؤْتُونَ الزَّكَاةَ(وَالشِّرْكُ هُنَا هُوَ شِرْكٌ اَصْغَرُ لَايَتَحَوَّلُ اِلَى شِرْكٍ اَكْبَرَ وَلَايُخْرِجُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ اِلَّا اِذَا كَانَ صَاحِبُهُ مُسْتَبِيحاً لِلرِّبَا وَاَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَمِنْهَا الدَّيْنُ: نَعَمْ اَخِي: وَسَمَّاهُمْ سُبْحَانَهُ مُشْرِكِينَ؟ لِاَنَّهُمْ اَشْرَكُوا عِبَادَةَ الْمَالِ مَعَ عِبَادَةِ اللهِ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام[تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَاِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ( نعم أيها الاخوة: وَوُجُودُ هَذِهِ الْمَصَارِفِ الْمُخْتَصَّةِ بِاُمُورِ الزَّكَاةِ وَالتَّدَايُنِ فِي الْمُجْتَمَعِ الْإِسْلَامِيِّ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ اِنْ اَدَّاهُ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ وَاِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ اَحَدٌ اَثِمَ الْجَمِيعُ فِي مُجْتَمَعٍ خَرِبَتْ فِيهِ الذِّمَمُ مَعَ الْأَسَفِ بِسَبَبِ سَعْيٍ حَثِيثٍ مَحْمُومٍ مَسْعُورٍ فِي اَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ عِنْدَ اَكْثَرِالنَّاس: بَعْدَ ذَلِك سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيهِ عِنْدِي خَمْسَةُ اَشْخَاصٍ فِي بَيْتِي: اُرِيدُ اَنْ اُخْرِجَ صَدَقَةَ الْفِطْرِعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: فَهَلْ يَجُوزُ اَنْ اُعْطِيَ عِدَّةَ صَدَقَاتِ فِطْرٍ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ اِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: نَعَمْ يَجُوزُ اَنْ تُدْفَعَ عِدَّةُ صَدَقَاتِ فِطْرٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ بِالِاتِّفَاقِ الْفُقَهَائِيِّ: نعم اخي: لَكِنْ مَاذَا لَوْ عَكَسْنَا هَذِهِ الْمَسْاَلَةَ؟ وَأَقُولُ لَكَ اَخِي: وَاَمَّا تَجْزِئَةُ الزَّكَاةِ الْوَاحِدَةِ اِلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ سَوَاءٌ اَخْرَجْتَهَا اَخِي عَيْنِيَّةً مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ اَوْ اَخْرَجْتَهَا بِقِيمَتِهَا وَوَزَّعْتَهَا بِقِلَّتِهَا عَلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ: فَالْبَعْضُ قَالَ يَجُوزُ: وَالْبَعْضُ الْآَخَرُ لَايُجِيزُ هَذَا التَّوْزِيعَ: نعم اخي: وَاِذَا اَرَدْنَا اَنْ نُنَاقِشَ اَدِلَّةَ الْفَرِيقَيْنِ: فَالَّذِينَ قَالُوا يَجُوزُ: قَالُوا قُضِيَ الْاَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ وَاَجْزَاَتْهُ وَسَقَطَ التَّكْلِيفُ عَنْهُ؟ لِاَنَّهُ اَوْصَلَهَا اِلَى مُسْتَحِقِّيهَا: وَنَقُولُ لِلَّذِينَ قَالُوا لَايَجُوزُ: مَاهُوَ تَعْقِيبُكُمْ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ قَوْلِكُمْ لَايَجُوزُ: قَالُوا اِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ تَفْقِدُ قِيمَتَها حِينَمَا تُوزَّعُ عَلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ: بَلْ مَاذَا يَسْتَفِيدُ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْ 2 كِيلُو مِنَ الْأَرُزِّ اَوِ الشَّعِيرِ اَوْ غَيْرِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ الْعَيْنِيَّةِ: وَمَاذَا يَسْتَفِيدُونَ أَيْضاً مِنْ اِخْرَاجِ الْبَدَلِ مِنَ الصَّدَقَةِ النَّقْدِيَّةِ الْقَلِيلَةِ: نعم اخي: وَنَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ: اَلرَّاْيُ الْحَكِيمُ فِي هَذَا: اَنَّ الْمُجْتَمَعَ اِذَا كَانَ فِيهِ فَقْرٌ وَفِيهِ مَجَاعَةٌ: فَاِنَّهُ يَجُوزُ اَنْ تُوَزَّعَ الصَّدَقَةُ الْوَاحِدَةُ عَلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ؟ لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[اِتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ[تَصَدَّقْ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ(وَلَابُدَّ اَنْ نَفْهَمَ مِنْ هَذَا اَنَّ رَسُولَ اللهِ لَايَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ اِلَّا فِي مُجْتَمَعٍ جَائِعٍ: فَحِينَمَا تَرَى اَخِي اِنْسَاناً يَقْسِمُ تَمْرَتَهُ اِلَى قِسْمَيْنِ لِيُطْعِمَهَا لِاثْنَيْنِ مِنَ النَّاسِ: فَهَذَا مَعْنَاهُ وُجُودُ الْمُعَانَاةِ مِنَ الْمَجَاعَةِ فِي هَذَا الْمُجْتَمَعِ: فَحِينَمَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ [تَصَدَّقْ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ(فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْمُجْتَمَعَ الَّذِي تَسُودُ فِيهِ الْمَجَاعَةُ: يَجُوزُ شَرْعاً اَنْ تُوَزَّعَ فِيهِ الصَّدَقَةُ الْوَاحِدَةُ اِلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ: اَمَّا اِذَا مُجْتَمَعٌ لَايُوجَدُ فِيهِ مَجَاعَةٌ: فَلَادَاعِيَ هُنَا اَنْ تُوَزَّعَ الصَّدَقَةُ الْوَاحِدَةُ عَلَى عِدَّةِ اَشْخَاصٍ: وَهَذَا يَجِبُ اَنْ نَفْهَمَهُ جَيِّداً: اَنَّ بَعْضَ الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ: تُرَاعِي أَحْوَالَ النَّاسِ مَالَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ قَوِيٌّ يَمْنَعُهَا مِنْ هَذِهِ الْمُرَاعَاةِ وَالتَّسَاهُلِ فِي الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ اَجْلِ عَدَمِ وُقُوعِ النَّاسِ فِي الْحَرَجِ فِي مَوْضِعٍ يَقُولُ اللهُ فِيهِ{وَمَاجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ(وَفِي مَوْضِعٍ آَخَرَ لَابُدَّ لَنَا مِنْ مُرَاعَاتِهِ اِنْ كُنَّا حَقّاً نُؤْمِنُ بِكُلِّ الْكِتَابِ وَلَانُؤْمِنُ بِبَعْضِهِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْاَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقِيدَةِ وَاَرْكَانِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَامِ{خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ(..... بَعْدَ ذَلِكَ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: سَنَتَحَدَّثُ الْآَنَ عَنِ الْبَطَرِ الَّذِي وَصَلْنَا اِلَيْهِ: وَهُوَ بَطَرُ النِّعْمَةِ: اَوْ الْبَطَرُ بِالنِّعْمَةِ: نعم أيها الاخوة: كُلُّ الْاَحْدَاثِ الْأَلِيمَةِ الَّتِي تَحْدُثُ لَنَا مِنْ تَكَالُبِ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا لَاتُوقِظُ ضَمَائِرَنَا اِلَّا َقَلِيلاً مِنَّا وَلَامَشَاعِرَنَا: وَلَاتُشْعرُنَا بِالْاَخْطَارِ الْمُحْدِقَةِ بِنَا: وَلَا بِالْاَخْطَاءِ الَّتِي نَرْتَكِبُهَا وَنَقَعُ فِيهَا اِمَّا جَهْلاً اَوْ سَهْواً اَوْ عَمْداً: نعم اخي: اِلَى الْآَنَ تَرَى فِي حَاوِيَاتِ الْقُمَامَةِ: اَطْعِمَةً مُلْقَاةً فِيهَا: نعم اخي: فِيمَا مَضَى كَانَ النَّاسُ مَعْذُورِينَ بِاِلْقَاءِ هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ وَسَائِلَ لِتَبْرِيدِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَحِمَايَتِهَا مِنَ الْعَفَنِ أَطْوَلَ فَتْرَةٍ مُمْكِنَةٍ: وَاَمَّا فِي أَيَّامِنَا: فَقَدِ اسْتَحْدَثَ النَّاسُ اَرْقَى وَسَائِلِ التَّبْرِيدِ الَّتِي تُحَافِظُ عَلَى الْأَطْعِمَةِ: بَلْ تُحَافِظُ عَلَى جُثَثِ الْمَوْتَى وَتَمْنَعُهَا مِنَ التَّفَسُّخِ وَالِانْحِلَالِ وَالتَّعَفُّنِ أَطْوَلَ فَتْرَةٍ مُمْكِنَةٍ: فَالطَّعَامُ يَبْقَى عِدَّةَ أَيَّامٍ فِيهَا: وَمَعَ ذَلِكَ يَبْقَى مُحَافِظاً عَلَى صَلَاحِيَتِهِ: فَكَيْفَ يُرْمَى فِي الزُّبَالَةِ: وَكَيْفَ يُلْقَى فِي الْقُمَامَةِ: هَذَا نَوْعٌ مِنَ الْبَطَرِ: وَالْبَطَرُ بِالنِّعْمَةِ يُؤَدِّي اِلَى سَلْبِهَا{وَكَاَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ اَهْلَكْنَاهَا بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ اِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ(وَكَلِمَةُ{كَاَيِّنْ(بِمَعْنَى كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ: أَيْ بَلَدٍ اَوْ مَكَانٍ: أَيُّ مَكَانٍ كَانَ لَا عَلَى التَّعْيِينِ{اَهْلَكْنَاهَا( فَصَارَتْ مَسَاكِنُهَا خَاوِيَةً وَطُرِدَتْ مِنْ مَسَاكِنِهَا: وَكَانَ اللهُ تَعَالَى الْوَارِثَ لِكُلِّ شَيْءٍ: وَلِذَلِكَ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: نَحْنُ نُعَانِي مِنَ الْبَطَرِ: وَخَاصَّةً مَعَ الْأَسَفِ هَذَا النَّشْىءُ الْجَدِيدُ الَّذِي لَمْ يَتَرَبَّ فِي غِذَائِهِ عَلَى طَعَامِ اُمِّهِ الَّذِي تَطْهُوهُ بِعَوَاطِفِهَا وَنَفَسِهَا الطَّيِّبِ: وَاِنَّمَا يَلْجَاُ اِلَى هَذِهِ الْمَطْعُومَاتِ الْمُصَنَّعَةِ الْمُشَبَّعَةِ بِالدُّهُونِ وَغَيْرِهَا: فَاَفْقَدَتْهُ صِحَّتَهُ وَعَافِيَتَهُ: نعم اخي: كَانَ النَّاسُ فِيمَا مَضَى وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ جَهْلِهِمْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَتَّبِعُونَ الْقَوَاعِدَ الصِّحِّيَّةَ فِي الْغِذَاءِ: وَاَمَّا فِي أَيَّامِنَا مَعَ الْأَسَفِ: فَتَرَى تَعَلُّماً وَثَقَافَةً وَحَضَارَةً: وَمَعَ ذَلِكَ لَايَتَّبِعُونَ الْقَوَاعِدَ الصِّحِّيَّةَ فِي غِذَائِهِمْ: وَتَرَاهُمْ دَائِماً يَفْتَقِرُونَ اِلَى الْمُكَمِّلَاتِ الْغِذَائِيَّةِ خَوْفاً مِنَ الْاَمْرَاضِ الَّتِي قَدْ تُضْعِفُ أَجْسَادَهُمْ: نَعَمْ اَخِي: تَرَى كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْجِيلِ: لَايَاْكُلُ اِلَّا أَنْوَاعاً قَلِيلَةً مِنَ الطَّعَامِ بِحُجَّةِ الرِّيجِيمِ الْقَاسِي الصَّارِمِ: مَعَ اَنَّ الْجِسْمَ بِحَاجَةٍ اِلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الطَّعَامِ خَلَقَهَا اللهُ لِيَتَنَاوَلَهَا الْجِسْمُ بِاعْتِدَالٍ وَوَسَطِيَّةٍ؟ لِاَنَّ هَذَا الْجِسْمَ ضَعِيفٌ بِحَاجَةٍ اِلَيْهَا كُلَّهَا بِمَا تَحْتَوِيهِ مِنْ فِيتَامِينَاتٍ وَمَعَادِنَ مُهِمَّةٍ لِبِنَاءِ الْجِسْمِ وَبَقَائِهِ سَلِيماً عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ كَمَا هُوَ بِحَاجَةٍ اِلَى الِاعْتِدَالِ: وَمَعَ ذَلِكَ نَرَى بَعْضَ النَّاسِ الْمَرْضَى يُمْنَعُونَ مِنْ تَنَاوُلِ بَعْضِ الْأَطْعِمَةِ؟ لِاَنَّهُمْ يُسْرِفُونَ عَلَى اَنْفُسِهِمْ فِي تَنَاوُلِهَا وَلَايَلْتَزِمُونَ بِالِاعْتِدَالِ: نعم أيها الاخوة: اَللهُ تَعَالَى يُقَنِّنُ لِكُلِّ اِنْسَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَطْعُومَاتِ: فَمَثَلاً اَنْتَ اَخِي لَكَ فِي حَيَاتِكَ حُظُوظاً مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَالْخَبَائِثِ قَدَّرَهَا اللهُ عَلَيْكَ دُونَ زِيَادَةٍ عَلَى مَاقَدَّرَهُ اللهُ عَلَيْكَ: فَمَثَلاً فِي الطَّيِّبَاتِ لَكَ فِي حَيَاتِكَ كَذَا كِيلُو مِنَ السُّكَّرِ قَدَّرَهَا اللهُ لَكَ كَمَا شَرَعَ لِنَفْسِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي تَقُولُ{لَايُسْاَلُ عَمَّا يَفْعَلُ( فَاِذَا اَخَذْتَهَا بِاعْتِدَالٍ كَمَا شَرَعَهُ اللهُ لَكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي تَقُولُ{وَهُمْ يُسْاَلُونَ(أَيْ وَاَنْتَ مَعَهُمْ أَيْضاً اَخِي تُسْاَلُ أَيْ اَنْتَ مَسْؤُولٌ عَنْ تَصَرُّفَاتِكَ اَمَامَ اللهِ: وَاللهُ لَيْسَ مَسْؤُولاً عَنْ تَصَرُّفَاتِهِ اَمَامَكَ وَلَا اَمَامَ اَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ جَمِيعاً: نَعَمْ اَخِي وَهَذَا يَشْمَلُ نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفاً غَيْرَ مَسْؤُولٍ اَمَامَ اَحَدٍ مِنَ النَّاسِ لَا اَمَامَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ الْمَخْلُوقُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِحَمَاقَةٍ كَالدُّوَلِ الدَّائِمَةِ الْعُضْوِيَّةِ فِي مَجْلِسِ الْاَمْنِ: وَنَوْعٌ آَخَرُ غَيْرُ مَسْؤُولٍ عَنْ تَصَرُّفَاتِهِ اَمَامَ اَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ وَهُوَ اللهُ الْخَالِقُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِحِكْمَةٍ لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نُحِيطَ بِهَا عِلْماً مَهْمَا اسْتَكْشَفْنَا مِنْ اَسْرَارِهَا: نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَخَذْتَ هَذِهِ الْكَمِّيَّةَ مِنَ السُّكَّرِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللهُ لَكَ بِاعْتِدَالٍ كَمَا شَرَعَهُ اللهُ لَكَ: بَقِيَتْ صِحَّتُكَ وَعَافِيَتُكَ جَيِّدَةً وَبَقِيَ السُّكَّرُ عِنْدَكَ طَبِيعِيّاً: وَاَمَّا حِينَمَا تُسْرِفُ فِي تَنَاوُلِ السُّكَّرِ: فَلَابُدَّ اَنْ يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي يَقُولُ لَكَ الطَّبِيبُ: اِبْتَعِدْ عَنِ السُّكَّرِيَّاتِ وَاعْمَلْ بِنَصِيحَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَاتُسْرِفُوا اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ( فِي الْاَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْقَتْلِ أَيْضاً بِدَلِيل{فَلَايُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ( لَكِنْ لِمَاذَا لَايَتَدَخَّلُ سُبْحَانَهُ مِنْ اَجْلِ وَقْفِ الْقَتْلِ وَمَنْعِ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ؟ نعم اخي : يُجِيبُ عَنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى{لِيَزْدَادُوا اِثْماً(أَيْ لِيَزْدَادَ الْقَتَلَةُ اِثْماً{وَلَايَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا(بِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ لِغَيْرِهِمْ وَحَرَمُوا الْاَبْرِيَاءَ مِنْهَا وَآَمَنُوا بِهَا لِاَنْفُسِهِمْ فَقَطْ فَهُمْ مُخْطِئُونَ اِذَا ظَنُّوا{اَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِاَنْفُسِهِمْ اِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ(اَيْ نُمْهِلُهُمْ وَنُعْطِيهِمْ حَقَّهُمْ فِي الْحَيَاةِ{ لِيَزْدَادُوا اِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين{اِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآَتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً(نعم اخي: وَهَذِهِ الْآَيَةُ هِيَ اَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى بُطْلَانِ الْأُسْطُورَةِ الْكَاذِبَةِ الَّتِي تَقُولُ بِوُجُودِ صَلِيبٍ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا: فَلَوْ كَانَ هَذَا الصَّلِيبُ مَوْجُوداً: لَنَقَصَتِ الْخَطَايَا وَالْآَثَامُ: وَلَكِنَّ الْآَيَةَ الْكَرِيمَةَ تَقُولُ بِازْدِيَادِهَا يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ: وَلَاتَقُولُ بِنُقْصَانِهَا: وَلَاتَقُولُ بِفِدَائِهَا عَلَى الصَّلِيبِ: وَلَاتَقُولُ بِمَحْوِهَا اِلَّا لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً{وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً(لَاحِظْ مَعِي جَيِّداً اَخِي الْكَرِيمُ اَنَّنَا نَجِدُ عِنْدَ النَّصَارَى فِدَاءً لِلْخَطَايَا بِعَمَلٍ وَحْشِيٍّ غَيْرِ صَالِحٍ وَهُوَ صَلِيبُ الْعَذَابِ الْوَحْشِيِّ: وَاَمَّا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فَلَايُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ فِدَاءُ الْخَطَايَا اِلَّا بِعَمَلٍ صَالِحٍ تُرَافِقُهُ التَّوْبَةُ وَالْاِيمَانُ: وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَفَتَتْ نَظَرِي اَخِي الْكَرِيمُ وَالَّتِي لَانَجِدُهَا عِنْدَ النَّصَارَى اَبَداً: هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى بِحَقِّ الْعَدُوِّ الْمُجْرِمِ الْقَاتِلِ بَعْدَ اَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً{فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآَتِهِمْ حَسَنَاتٍ(فَهَلْ تَجِدُونَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ مِثْلَ هَذِهِ الْآَيَةِ فِي اَنَاجِيلِ النَّصَارَى الَّتِي تَاْمُرُهُمْ بِمَحَبَّةِ اَعْدَائِهِمْ كَمَا يَزْعُمُونَ: فَاِذَا كَانَ النَّصَارَى يُحِبُّونَ اَعْدَاءَهُمْ فِي اَنَاجِيلِهِمْ: فَالْمُسْلِمُونَ فِي قُرْآَنِهِمْ اَشَدُّ حُبّاً مِنْهُمْ لِاَعْدَائِهِمْ: وَاِذَا كَانَ اللهُ الْمَحَبَّةُ الَّذِي يَتَشَدَّقُ بِهِ النَّصَارَى مَخْلُوقاً فَدَى خَطَايَاهُمْ بِعَمَلٍ وَحْشِيٍّ غَيْرِ صَالِحٍ وَهُوَ الصَّلِيبُ: فَاِنَّ اِلَهَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي خَلَقَ اِلَهَهُمْ فَدَى خَطَايَاهُمْ بِعَمَلٍ صَالِحٍ وَزَادَ عَلَيْهِ زِيَادَةً غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عِنْدَ النَّصَارَى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآَتِهِمْ حَسَنَاتٍ(فَهَلِ الْيَسُوعُ الْمَخْلُوقُ اِلَهُ النَّصَارَى بَعْدَ كُلِّ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ: اَشَدُّ حُبّاً لِمَنْ يَعْبُدُونَهُ: اَمْ اَنَّ اِلَهَ الْمُسْلِمِينَ الْخَالِقَ هُوَ اَشَدُّ حُبّاً لِمَخْلُوقَاتِهِ: نَعَمْ اَخِي حُبُّ اللهِ الْخَالِقِ لَكَ اَشَدُّ مِنْ حُبِّ الْيَسُوعِ الْمَخْلُوقِ لَكَ سَوَاءٌ كَانَ اِيمَانُكَ بِهَذَا الْيَسُوعِ اِيمَاناً صَحِيحاً اَوْ خَاطِئاً: وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى يَطْلُبُ مِنْكَ اَخِي جَزَاءً وِفَاقاً لِخَالِقِكَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ شِدَّةِ مَحَبَّتِهِ لَكَ{وَالَّذِينَ آَمَنُوا اَشَدُّ حُبّاً لِلهِ( الْخَالِقِ الَّذِي يُحِبُّكَ اَشَدَّ مِنْ حُبِّ وَالِدَيْكَ لَكَ مَهْمَا كَانَا حَنُونَيْنِ عَلَيْكَ وَمَهْمَا كَانَتْ مَرْيَمُ حَنُونَةً وَكَانِزَةً لِلرَّحْمَةِ وَالْمَعُونَةِ وَمُمْتَلِئَةً نِعْمَةً: فَلايَنْبَغِي اَنْ يَكُونَ حُبُّكَ لَهَا وَلَا لِيَسُوعِ النَّصَارَى الْاِلَهِ الْمَزْعُومِ: بَلْ لِعَبْدِ اللهِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ بِحُبٍّ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِاُمِّهِ وَحُبٍّ اَشَدَّ لِخَالِقِهِمَا: نعم اخي: وَلِذَلِكَ هَذِهِ الْأَطْعِمَةُ الدَّارِجَةُ مِنَ الْوَجَبَاتِ السَّرِيعَةِ: جَلَبَتْ لَنَا الْمَصَائِبَ: فَاَصْبَحَ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ بَلْ وَالْأَطْفَالُ أَيْضاً: لَايَاْكُلُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ: بَلْ يَتَّجِهُونَ فَوْراً اِلَى الشَّاوُرْمَا وَشِيشِ الطَّاوُوقِ وَغَيْرِهَا مِنَ الدُّهُونِ: وَكُلُّهَا اَطْعِمَةٌ غَيْرُ صِحِّيَّةٍ بِشَهَادَةِ الْأَطِبَّاءِ وَغَيْرِهِمْ: بَلْ فِي الْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ هُنَاكَ حَمْلَةٌ كَبْرَى مِنْ اَجْلِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الظَّاهِرَةِ غَيْرِ الصِّحِّيَّةِ وَمَا نَتَجَ عَنْهَا مِنْ سُمْنَةٍ وَاِفْرَاطٍ وَزِيَادَةٍ فِي الْوَزْنِ مُنْتَشِرَةٍ بَيْنَ النَّاسِ هُنَاكَ بِشَكْلٍ مُخِيفٍ: وَانْتَقَلَتْ عَدْوَى هَذِهِ الْوَجَبَاتِ السَّرِيعَةِ اِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْحَضَارَةِ الصَّلِيبِيَّةِ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنْ نَقْصِ الشَّخْصِيَّةِ فَيُذِيبُونَ شَخْصِيَّتَهُمُ الْإِسْلَامِيَّةَ الَّتِي لَايَثِقُونَ بِهَا وَيَتَّهِمُونَهَا بِالتَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ وَالدَّجَلِ: وَلِذَلِكَ يَذُوبُونَ كَمَا يَذُوبُ الدَّجَّالُ اَمَامَ الْمَسِيحِ حِينَ يَراهُ: وَيَبْقَى الْإِسْلَامُ شَامِخاً لَايَرْضَى الْمَسِيحُ اِلَّا بِرَايَتِهِ مُرَفْرِفَةً خَفَّاقَةً كَاسِحَةً وَكَاسِرَةً لِزَيْفِ هَذِهِ الْحَضَارَةِ وَصُلْبَانِهَا الَّتِي يَتَشَدَّقُ بِهَا الْحَاقِدُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي أَيَّامِنَا: نعم أيها الاخوة: وَاَمَّا فِي أَيَّامِنَا: فَقَدْ غَزَوْنَا فِي كُلِّ شَيْءٍ: فِي لِبَاسِنَا: فِي طَعَامِنَا: فِي عَادَاتِنَا: فِي كُلِّ شَيْءٍ: فَتَخَلَّيْنَا عَمَّا كَانَ عِنْدَنَا مِنْ قِيَمٍ وَاُمُورٍ طَيِّبَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ نَعْتَزُّ بِهَا: وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّشَدُّقِ بِهَذِهِ الْحَضَارَةِ الصَّلِيبِيَّةِ الزَّائِفَةِ هِيَ عَيْنُ الْبَطَرِ: وَكَانَتْ نِهَايَةُ الْبَطَرِ هِيَ الْحِرْمَانُ{ وَكَمْ اَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا( نَعَمْ اَخِي: اَلْاَكْلُ الَّذِي بَاتَ عِنْدِي فِي الْبَرَّادِ: سُبْحَانَ الله:اَجِدُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي اَطْيَبَ مِنْ اَوَّلِ يَوْمٍ طُبِخَ فِيهِ: فَلِمَاذَا نَرْفُضُ هَذِهِ النِّعْمَةَ وَرُبَّمَا لَاتَزَالُ الْبَرَكَةُ فِي وَسَطِهَا وَلَوْ بَاتَتْ فِي الْبَرَّادِ عِدَّةَ أَيَّامٍ: لِمَاذَا نَرْفُضُ ذَلِكَ (اِلَّا اِذَا تَعَفَّنَتْ بِسَبَبِ قَطْعِ الْكَهْرَبَاءِ فَتَرَاتٍ طَوِيلَةً: فَهُنَا لَاضَرَرَ وَلَاضِرَارَ: فَلَايَجُوزُ اَكْلُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: بَلْ تُلْقَى اِلَى الدَّجَاجِ: وَيُحْبَسُ الدَّجَاجُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْاَقْفَاصِ عَلَى طَعَامٍ نَظِيفٍ قَبْلَ ذَبْحِهِ وَبَيْعِهِ اِلَى النَّاسِ مَعَ فَرْضِ الْعُقُوبَةِ اللَّازِمَةِ بِحَقِّ الْمُخَالِفِينَ( طَيِّبْ: رَبَّةُ الْبَيْتِ لِمَاذَا تَطْبُخُ زِيَادَةً عَلَى الْمَطْلُوبِ ثُمَّ تُلْقِي بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي الْقُمَامَةِ؟ اَلَيْسَ لِلطَّعَامِ قِيمَةٌ؟ لِمَاذَا تُهْدَرُ هَذِهِ الْقِيمَةُ؟ نَعَمْ اَخِي: كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى لَهُ قِيمَةٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ: فَالطَّعَامُ لَهُ قِيمَةٌ: وَالْمَالُ لَهُ قِيمَةٌ: وَاللِّبَاسُ لَهُ قِيمَةٌ: فَاِذَا اَهْدَرْتَ اَخِي هَذِهِ الْقِيمَةَ: فَاِنَّكَ سَتُسْاَلُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَبَبِ الْبَطَرِ فِي هَذِهِ النِّعْمَةِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى: نَعَمْ اَخِي: بَلْ اِنَّكَ تَرَى بَطَراً اَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ: فَتَرَى الْوَلَائِمَ الْعَدِيدَةَ وَاللُّحُومَ وَالْحَلْوَى يَاْكُلُونَ جُزْءاً مِنْهَا كَمَا اَسْمَعُ: ثُمَّ يُلْقُونَ بِالْبَاقِي فِي الْقَاذُورَاتِ وَيَحْرِمُونَ مِنْهَا مَخْلُوقَاتِ اللهِ الْجَائِعَةَ مِنْ اِنْسَانٍ وَجَانٍّ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمْ: وَلِذَلِكَ يُخْشَى عَلَى هَذِهِ الْاُمَّةِ مِنْ اَنْ تُسْلَبَ مِنْهَا نِعَمٌ كَثِيرَةٌ مِنْ نِعَمِ الطَّعَامِ وَمِنْ نِعَمِ الشَّرَابِ وَغَيْرِهَا مِنَ النِّعَمِ: نعم اخي: حَتَّى الْاِسْرَافُ فِي الْمَاءِ لَايَجُوزُ شَرْعاً: فَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَاَى سَعْداً يَتَوَضَّاُ وَيُسْرِفُ فِي الْمَاءِ: فَقَالَ لَاتُسْرِفْ يَاسَعْدُ: قَالَ اَفِي الْمَاءِ سَرَفٌ يَارَسُولَ اللهِ: قَالَ نَعَمْ وَلَوْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ: نعم اخي: اَلْعُقُولُ الْقَاصِرَةُ تَقُولُ: مَاذَا سَيَنْقُصُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ وَمِنْ مَاءِ النَّهْرِ مَهْمَا اَسْرَفْنَا فِي اسْتِعْمَالِهِ: وَنَقُولُ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ يُرِيدُ اَنْ يُرَبِّيَ اَجْيَالاً مِنَ النَّاسِ فِي عَهْدِهِ وَمِنْ بَعْدِهِ مِنَ النَّاحِيَةِ النَّفْسِيَّةِ فِي اَنَّ مَنْ تَعَوَّدَ الْاِسْرَافَ فِي شَيْءٍ تَعَوَّدَ مَعَهُ وَتَعَدَّى بِهِ اَنْ يُسْرِفَ فِي كُلِّ شَيْءٍ: وَلِذَلِكَ يُكْرَهُ الْاِسْرَافُ حَتَّى فِي الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ لِتَحْقِيقِ اَعْظَمِ رُكْنٍ مِنْ اَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ الصَّلَاةُ: نَعَمْ اَخِي: نُقْطَةُ الْمَاءِ لَهَا قِيمَةٌ: وَالْيَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ اِلَى هَذِهِ النُّقْطَةِ: وَلِذَلِكَ لِمَاذَا نَحْنُ وَصَلْنَا اِلَى مَاوَصَلْنَا اِلَيْهِ؟ لِأَنَّنَا تَخَلَّيْنَا عَنْ هَذِهِ الْاِرْشَادَاتِ وَعَنْ هَذِهِ الْقِيَمِ: وَلِذَلِكَ الصَّالِحُونَ اِذَا شَرِبُوا الْمَاءَ: فَاِنَّهُمْ يَشْرَبُونَهُ بِقَدَرٍ دُونَ اِسْرَافٍ: وَلَايَهْدِرُونَ نُقْطَةً مِنَ الْمَاءِ مِنْ دُونِ فَائِدَةٍ: وَلَايَسْكُبُونَ شَيْئاً مِنَ الْمَاءِ عَلَى اَرْضٍ لَاتَسْتَفِيدُ مِنْهُ: وَلَا يَجْعَلُونَهُ عَبثاً فِي مَوْضِعٍ لَايَسْتَفِيدُ مِنْهُ: نَعَمْ اَخِي: اَلْمَاءُ شَيْءٌ غَالٍ جِدّاً فِي حَالِ تَوَفُّرِهِ وَفِي حَالِ فَقْدِهِ أَيْضاً: بَلْ تَبْقَى لَهُ قِيمَتُهُ مَهْمَا كَانَ مُتَوَفِّراً: نعم اخي: اَنْتَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَبْقَى بِدُونِ طَعَامٍ فَتْرَةً طَوِيلَةً يَتَغَذَّى فِيهَا جِسْمُكَ عَلَى مَا خَزَّنَهُ سَابِقاً مِنْ دُهْنٍ وَشَحْمٍ وَلَحْمٍ: وَلَكِنَّكَ لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَبْقَى بِدُونِ مَاءٍ اَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: وَاَمَّا الْهَوَاءُ فَاَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ اَنْ تَبْقَى بِدُونِهِ اَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ دَقَائِقَ وَاِلَّا انْقَطَعَ نَفَسُكَ وَاخْتَنَقْتَ وَقَدْ يُؤَدِّي هَذَا اِلَى مَوْتِكَ اِنْ لَمْ تُسْعِفْكَ أَجْهِزَةُ الْإِنْعَاشِ: نعم اخي: وَلِذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى اَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي خَلَقَهُ مِنَ الْعَدَمِ كُلَّمَا كَانَ ضَرُورِيّاً: كَانَ اَرْخَصَ ثَمَناً: نعم اخي: لَوْ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرَادَ اَنْ يُمَلِّكَ الْهَوَاءَ لِلتُّجَّارِ: لَجَعَلُونَا مِنْ جَشَعِهِمْ وَطَمَعِهِمْ نَمُوتُ اخْتِنَاقاً خِلَالَ ثَلَاثِ دَقَائِقَ وَمَابَقِيَ حَيٌّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى: وَاَمَّا الْمَاءُ فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَمْنَعَكَ عَنْهُ اِنْسَانٌ مَا ثُمَّ يَرِقُّ قَلْبُهُ لَكَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَسْقِيكَ: وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ: نعم اخي: وَاَمَّا الْهَوَاءُ فَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى اَنْ جَعَلَهُ مُشَاعاً: وَمِنَ الْجَرِيمَةِ الْكُبْرَى اَنْ يُعْتَدَى عَلَى الْهَوَاءِ بِالتَّلَوُّثِ كَمَا يَفْعَلُ النِّظَامُ الْاِرْهَابِيُّ الْاَسَدِيُّ الْمُجْرِمُ مَعَ الْمُعَارَضَةِ الْبَائِسَةِ الَّتِي يَجْعَلُ الْهَوَاءَ الَّذِي يَتَنَفَّسُهُ اَطْفَالُهَا مُلَوَّثاً بِغَازِ الْكْلُورِ وَالسَّارِينِ السَّامَّيْنِ: نعم اخي: رَبُّنَا خَلَقَ الْهَوَاءَ بِقَدَرٍ أَيْ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَادَّةِ كَذَا مِنَ الْاُوكْسِجِينِ وَكَذَا مِنَ الْهَيْدْرُوجِين{اِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً{وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار(فَحِينَمَا اَخِي تُفْسِدُ الْهَوَاءَ بِمَصَانِعَ غَيْرِ صِحِّيَّةٍ تَنْبَعِثُ مِنْهَا الْاَبْخِرَةُ الْفَاسِدَةُ: وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ هُنَا عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَامِّ: وَحِينَمَا تَاْتِي اِلَى بَيْتِكَ عَلَى الْمُسْتَوَى الْخَاصِّ أَيْضاً فَتُفْسِدُ هَوَاءَهُ بِالتَّدْخِينِ وَالنَّارْجِيلَةِ وَالْمُعَسَّلِ: هَلْ تَظُنُّ نَفْسَكَ اَخِي اَنَّكَ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئاً وَلَا اِثْمَ عَلَيْكَ وَلَاحَرَجَ عَلَيْكَ: اَلَا تَدْرِي اَخِي اَنَّكَ اعْتَدَيْتَ بِهَذَا التَّدْخِينِ وَالْبُخَارِ الْفَاسِدِ وَالِكْلُورِ عَلَى اَكْبَرِ ضَرُورَةٍ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْحَيَاةِ وَهِيَ الْهَوَاءُ: فَبَدَلَ اَنْ تَكُونَ هَذِهِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ: تَصِيرُ ضَارَّةً وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى بِمَا فَعَلْتَهُ اَخِي مِنْ مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا(نعم اخي: اَللهُ تَعَالَى جَعَلَ هَذَا الْهَوَاءَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ صَالِحاً لِلتَّنَفُّسِ: فَاِذَا بِكَ تُفْسِدُهُ بِهَذِهِ الْخَبَائِثِ الَّتِي تَفُوحُ اَبْخِرَتُهَا الْخَبِيثَةُ مِنْ دَاخِلِ جِسْمِكَ الْخَبِيثِ وَمَايَحْمِلُهُ الْفَحْمُ أَيْضاً مِنْ خَطَرِ التَّفَحُّمِ اَثْنَاءَ النَّوْمِ وَالْحَاجَةِ اِلَى اِسْعَافِ الْمُتَفَحِّمِ اِلَى الْمَشْفَى وَرُبَّمَا يَنْجُو وَرُبَّمَا لَايَنْجُو مِنْ خَطَرِ الْمَوْتِ: نَعَمْ اَخِي: قَرَاْتُ تَقْرِيراً نَشَرُوهُ فِي الْيَوْمِ الْعَالَمِيِّ لِمُكَافَحَةِ التَّدْخِينِ يَقُولُ: اِنَّ نِسْبَةَ الْمُدَخِّنِينَ فِي الْعَالَمِ الْآَخَرِ الثَّالِثِ أَيْ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ: هِيَ اَكْبَرُ نِسْبَةٍ فِي الْعَالَمِ: نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ؟ لِاَنَّ دِينَنَا الْإِسْلَامِيَّ يُحَرِّمُ عَلَيْنَا كُلَّ ضَارٍّ زَادَ بِضَرَرِهِ عَلَى نَفْعِهِ: وَلِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: سُلُوكُنَا مَعَ الْأَسَفِ لَايَنْبُعُ مِنْ اِيمَانٍ صَادِقٍ: فَاِذَا كُنْتَ مَرِيضاً اَخِي لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَصُومَ لِاَنَّ الصَّوْمَ الْمَشْرُوعَ يَضُرُّكَ: فَمَا بَالُنَا بِالتَّدْخِينِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَضُرُّنَا بِمَا لَايُعَدُّ وَلَايُحْصَى مِنَ الضَّرَرِ: نعم اَخِي: لَوْ سِرْتَ فِي الشَّارِعِ وَنَظَرْتَ كَمْ يُحْرَقُ مِنْ أَمْوَالٍ عَبَثاً عَلَى التَّدْخِينِ وَالْمُعَسَّلِ وَعَبَثاً أَيضاً عَمَّا يَنْتُجُ عَنْهُمَا مِنْ اَمْرَاضٍ: وَنَحْنُ بِاَمَسِّ الْحَاجَةِ اِلَى هَذِهِ الْأَمْوَالِ لِنَحْمِيَ أَطْفَالَنَا مِنْ وَحْشِيَّةِ الْمُجْرِمِينَ وَنَشْتَرِيَ بِهَا الْمُضَادَّاتِ: كَمْ نَحْنُ مُجْرِمُونَ حِينَمَا نُشَجِّعُ شَرِكَاتِ التَّدْخِينِ لِتَعْتَدِيَ عَلَى صِحَّتِنَا وَنُشَجِّعُ الْأَعْدَاءَ لِيَعْتَدُوا عَلَى أَطْفَالِنَا وَيَقْتُلُوهُمْ بِدَمٍ بَارِدٍ بِسَبَبِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الَّتِي نَصْرِفُهَا عَبَثاً عَلَى التَّدْخِينِ وَلَانَشْتَرِي بِهَا مَايَحْمِي أَطْفَالَنَا مِنْ أَسْلِحَةِ الرَّدْعِ: نعم اخي: هَذِهِ الْأَمْوَالُ الَّتِي نُحْرِقُهَا خَارِجَ اَجْسَامِنَا وَنُحْرِقُ بِهَا أَيْضاً دَاخِلَ اَجْسَامِنَا بِاَمْرَاضٍ خَبِيثَةٍ بِسَبَبِ هَذَا التَّدْخِينِ الْحَرَامِ: فَكَيْفَ اِذَا جِئْتَ اِلَى الْمَسْجِدِ اَخِي وَاَنْتَ مُعَبَّاٌ بِهَذِهِ الرَّوَائِحِ وَبِهَذِهِ السُّمُومِ الضَّارَّةِ تَقُولُ يَارَبّ: فَكَيْفَ يَسْتَجِيبُ اللهُ لَكَ: نعم أيها الاخوة: اَلتَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ وَ الصِّيَاحُ وَالدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِينَ وَقَائِدِهِمْ بَشَّارَ لَيْسَ بِالْكَلَامِ: وَاِنَّمَا هُوَ جَمِيعاً بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ: نعم اخي: هَذَا الْاِفْسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْجَوِّ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ سَبَبُهُ الْاِنْسَانُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ اَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون(أَيْ لِيُعَاقِبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ بِقَرْصَةٍ فِي آَذَانِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أَيْ يَتُوبُونَ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيَعْدِلُونَ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ فَسَادٍ وَاِفْسَادٍ: نعم اخي: وَلِذَلِكَ الْقُرْآَنُ يَقُولُ{وَلَاتُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا(نَعَمْ اَخِي: يَامَا فِي ذُنُوبْ خَفِيَّة نَحْنُ لَانُفَكِّرُ فِيهَا وَهَذِهِ هِيَ الْمُصِيبَةُ الْكُبْرَى: نعم اخي: اَلْاَمْرَاضُ الْخَفِيَّةُ اَصْعَبُ مِنَ الْاَمْرَاضِ الظَّاهِرَةِ: فَحِينَمَا تَشْتَكِي اَخِي مِنْ وَجَعٍ وَاَلَمِ عُضْوٍ مِنْ اَعْضَائِكَ: فَهَذَا اِنْذَارٌ مَحْمُودٌ يَقُولُ لَكَ اَسْرِعْ اِلَى الطَّبِيبِ وَتَلَقَّ الْعِلَاجَ: وَاَمَّا حِينَمَا يَكُونُ مَرَضُكَ خَفِيّاً لَاتَشْعُرُ بِهِ فَتَمُوتُ: فَيَقُولُونَ فُلَانٌ مَاتَ فَجْاَةً وَدُونَ اِنْذَارٍ مُسْبَقٍ: وَالْحَقِيقَةُ اَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ دُونِ سَبَبٍ: وَاِنَّمَا هُنَاكَ مَرَضٌ خَفِيٌّ لَايَشْعُرُ بِهِ هَذَا الْاِنْسَانُ وَيَسْتَدْرِجُهُ اِلَى الْمَوْتِ دُونَ اَنْ يَشْعُرَ كَالتَّدْخِينِ الَّذِي يَجْعَلُ مُعْظَمَ الْاَمْرَاضِ خَفِيَّةً لَاتَظْهَرُ اِلَّا بِتَرْكِهِ وَالْاِقْلَاعِ عَنْهُ وَهَذِهِ نِعْمَةٌ كُبْرَى؟ لِاَنَّ الطَّبِيبَ غَالِباً لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْاَمْرَاضِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يُخْفِيهَا التَّدْخِينُ فِي الْجِسْمِ وَيُؤَخِّرُ ظُهُورَهَا اِلَّا بِتَشْخِيصٍ خَاطِئٍ وَعِلَاجٍ خَاطِىءٍ اَيْضاً: نعم اخي: وَكَذَلِكَ الذُّنُوبُ لَايَشْعُرُ بِاَمْرَاضِهَا الْخَفِيَّةِ الَّتِي تَسْتَدْرِجُ اِلَى الْمَوْتِ وَالْهَلَاكِ اِلَّا الْمُؤْمِنُ: فَالْمُؤْمِنُ يَرَى الذَّنْبَ وَلَوْ كَانَ صَغِيراً كَاَنَّهُ جَبَلٌ يُرِيدُ اَنْ يَنْهَدَّ عَلَيْهِ: وَلِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ اَنْ يُذْنِبَ فَوْراً يَتُوبُ اِلَى اللهِ: نعم اخي: وَاَمَّا ضَعِيفُ الْاِيمَانِ وَالْمُنَافِقِ وَالَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ: فَيَرَى الذَّنْبَ كَاَنَّهُ ذُبَابَةٌ كُلَّمَا غَطَّتْ عَلَيْهِ ذَبَّهَا فَعَادَتْ اِلَيْهِ اِلَى اَنْ يَتَعَوَّدَ عَلَيْهَا فَتَقْرُصُهُ وَلَايَشْعُرُ بِهَا فَتَبْقَى مُلَازِمَةً لَهُ وَلَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئاً: نعم اخي الانسان: اَنْتَ ضَعِيفٌ لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَتَحَكَّمَ بِذُبَابَةٍ وَلَابِبَرْغَشَةٍ وَلَوْ كَانَ وَلَدُكَ الصَّغِيرُ يَسْتَطِيعُ عَلَى هَوْدَجٍ صَغِيرٍ اَنْ يَقُودَ قَوَافِلَ كَبِيرَةً مِنَ الْاِبِلِ وَالْجِمَالِ لِمَاذَا؟ لِيُشْعِرَكَ اللهُ بِضَعْفِكَ أَيُّهَا الْاِنْسَانُ مَهْمَا كُنْتَ قَوِيّاً: فَاَنْتَ بِحَاجَةٍ اِلَى اللهِ خَالِقِكَ وَلَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَسْتَغْنِيَ عَنْهُ مَهْمَا تَحَدَّيْتَهُ وَاغْتَرَرْتَ بِرَحْمَتِهِ لَكَ وَفَضْلِهِ عَلَيْكَ: بَلْ لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَتَحَدَّى اَضْعَفَ مَخْلُوقَاتِهِ مَهْمَا تَحَدَّيْتَهُ وَغَلَبْتَ غَضَبَهُ بِرَحْمَتِهِ وَمَهْمَا اَطْفَاْتَ غَضَبَهُ عَلَيْكَ بِالصَّدَقَاتِ سُبْحَانَهُ: فَاِنَّكَ مَعَ ذَلِكَ لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تُطْفِىءَ غَضَبَ الْأَضْعَفِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ حِينَمَا يَنْزِعُ مِنْ قَلْبِ حَشَرَةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً رَحْمَةً عَلَيْكَ بِنَوْمٍ هَنِيءٍ: نعم اخي: تَاْتِي بَرْغَشَةٌ وَتَحُومُ فَوْقَ رَاْسِكَ وَاَنْتَ تُحَاوِلُ النَّوْمَ طَوَالَ اللَّيْلِ دُونَ اَنْ تَسْتَطِيعَ اِلَى النَّوْمِ سَبِيلاً فَتَضْرِبُهَا وَلَكِنَّكَ فِي الْحَقِيقَةِ تَضْرُبُ وَجْهَكَ دُونَ اَنْ تَسْتَطِيعَ اَذِيَّتَهَا اِلَّا بِصُعُوبَةٍ بَالِغَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يُسَخِّرْهَا لَكَ: بَلْ سَخَّرَ لَكَ الْجَمَلَ وَالْبَقَرَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ لَكَ بِاَمْرِهِ لَابِاَمْرِكَ: فَلَاتَطْغَ وَلَاتَغْتَرَّ بِنَفْسِكَ: فَاللهُ هُوَ الْمُسَخِّرُ: فَاِذَا لَمْ يُسَخِّرْ لَكَ الْأَشْيَاءَ غَلَبَتْكَ مَهْمَا كَانَتْ ضَعِيفَةً وَمَهْمَا كُنْتَ قَوِيّاً: وَلَاتَفْهَمْ مِنْ كَلَامِي اَنِّي اَدْعُوكَ اِلَى الْيَاْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ لَا: فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى كَمَا سَلَّطَ هَذَا الْبَرْغَشَ عَلَى دِمَائِكَ فِي الدُّنْيَا وَاَنْتَ نَائِمٌ: فَاِنَّهُ سَيُسَلِّطُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ مِنَ الْمِسْكِ مَايَجْعَلُ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ يَحْسُدُكَ حَسَدَ غِبْطَةٍ عَلَى هَذِهِ الْكَرَامَاتِ الَّتِي سَتَحْصَلُ لَكَ حِينَمَا تُبْعَثُ مَعَ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِلاً: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ: لَوَدِدْتُّ اَنْ اَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاُقْتَلَ: ثُمَّ اَغْزُوَ فَاُقْتَلَ: ثُمَّ اَغْزُوَ فَاُقْتَلَ(لِمَا يَرَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الْكَرَامَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي اَعَدَّهَا اللهُ لِلشَّهِيدِ[وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَامِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ اِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ: لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ: وَرِيحُهُ رِيحُ مِسْكٍ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ: لَوْلَا اَنْ اَشُقَّ عَلَى اُمَّتِي مَاقَعَدْتُّ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ اَبَداً: وَلَكِنِّي لَااَجِدُ سَعَةً فَاَحْمِلَهُمْ وَلَايَجِدُونَ سَعَةً: وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ اَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي(وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ يُذَكِّرُنَا بِمَا كَانَ يُنْشِدُهُ اَبْطَالُ الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ فِي بِدَايَتِهَا بِقَوْلِهِمْ فَتَنْتَ رُوحِي يَاشَهِيد عَلَّمْتَنِي مَعْنَى الْخُلُود رَحِمَهُمُ اللهُ وَاَسْكَنَهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً... نَعَمْ اَخِي: سَاَسْرُدُ عَلَيْكَ بَعْضَ كَلَامِ هَذَا الْاِمَامِ الْعَظِيمِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ حِينَمَا دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ اَنْصَارِهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ اَبِي سُفْيَانٍ: فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَكَانَ خَلِيفَةً آَنَذَاكَ عَلَى الْمُسْلِمِين: صِفْ لَنَا أَبَا الْحَسَنِ: فَقَالَ اَتُعْطِينِي الْأَمَانَ: فَقَالَ نَعَمْ: فَقَالَ لَهُ هَذَا الْاِنْسَانُ الْمُؤْمِنُ وَاصِفاً أَبَا الْحَسَنِ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ: وَاِنَّمَا نَجْتَزِىءُ الْآَنَ الْكَلَامَ الَّذِي يُنَاسِبُ الْمَوْقِفَ: يَقُولُ هَذَا الْاِنْسَانُ: وَاللهِ اِنِّي لَاَشْهَدُ اَنِّي رَاَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَقَدْ اَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ وَغَارَتْ نُجُومُهُ: وَقَدْ مَثُلَ فِي مِحْرَابِهِ قَابِضاً عَلَى لِحْيَتِهِ: يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ: وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ: وَيَقُولُ يَادُنْيَا غُرِّي غَيْرِي: هَلْ اِلَيَّ تَشَوَّفْتِ اَوْ تَشَوَّقْتِ: هَلْ اِلَيَّ تَطَلَّعْتِ: لَا :هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ: قَدْ بَايَنْتُكِ ثَلَاثاً لَارَجْعَةَ فِيهَا اَبَداً: فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ: وَاَمْرُكِ خَطِيرٌ: وَخَطَرُكِ حَقِيرٌ: آَهٍ(مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَتَاَوَّهُ يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: هَلْ تَتَاَوَّهُ مِنْ قِلَّةِ الدُّولَارَاتِ وَالرِّيَالَاتِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير(آَهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ: وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَالسَّفَرِ: وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: هَؤُلَاءِ النَّاسُ الَّذِينَ يَخْشَعُونَ لِلهِ تَعَالَى فِي مِحْرَابِ الْعِبَادَةِ: يَتَمَلْمَلُ اَحَدُهُمْ كَالسَّلِيمِ: نَعَمْ اَخِي: وَالسَّلِيمُ هُوَ اللَّدِيغُ: وَهُوَ مَنْ لَدَغَتْهُ حَيَّةٌ اَوْ عَقْرَبٌ: وَيُقَالُ فِي الْبَلَاغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلَّدِيغِ سَلِيماً مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ: نَعَمْ اَخِي: تَصَوَّرْ كَيْفَ يَتَمَلْمَلُ: وَكَيْفَ يَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ: ثُمَّ يُنَادِي الدُّنْيَا وَيَقُولُ لَهَا: لَاتَغُرِّينِي اَبَداً: غُرِّي غَيْرِي لِمَاذَا؟ لِاَنِّي طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً بَائِنَاتٍ بَيْنُونَةً كُبْرَى لَارَجْعَةَ فِيهَا اَبَداً: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ: نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ هَيْهَاتَ: اِسْمُ فِعْلٍ مَاضِيٍّ بِمَعْنَى: بَعُدَ عَنْكِ يَادُنْيَا اَنْ تَغُرِّينِي اَبَداً: نَعَمْ اَخِي: اَتَاَوَّهُ وَاَتَاَلَّمُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ؟ اَتَاَلَّمُ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ: اَعْلَمُ اَنَّ زَادِي قَلِيلٌ: وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ{وَتَزَوَّدُوا فَاِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَااُولِي الْاَلْبَاب(نَعَمْ اَخِي: هَذِهِ الصَّفْوَةُ الْمُخْتَارَةُ مِنْ خِيرَةِ خَلْقِ اللهِ دَائِماً يَتَّهِمُونَ اَنْفُسَهُمْ مِنْ بَابِ التَّوَاضُعِ قَبْلَ اَنْ يَتَّهِمُوا غَيْرَهُمْ{وَمَااُبَرِّىءُ نَفْسِي اِنَّ النَّفْسَ لَاَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ اِلَّا مَارَحِمَ رَبِّي( هَذَا اِنِ اسْتَبْعَدْنَا اَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ صَادِراً مِنِ امْرَاَةِ الْعَزِيزِ: وَمَانَحْسَبُهُ صَادِراً اِلَّا مِنْ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمِنْ وَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَمْثَالِ عَلِيٍّ بْنِ اَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ وَآَلِ بَيْتِهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ: نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ يُتَابِعُ اَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ تَاَوُّهَاتِهِ مِنْ بُعْدِ السَّفَرِ؟ لِاَنَّ مَنْ مَاتَ لَنْ يَعُودَ اِلَى الدُّنْيَا اَبَداً: ثُمَّ يَتَاَوَّهُ مِنْ وَحْشَةِ الطَّرِيقِ الطَّوِيلَةِ الْمُوحِشَةِ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: مَاالَّذِي يُنَوِّرُهَا؟ اِنَّهُ الْاِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: فَهَلْ تُصَدِّقُونَ بَعْدَ كُلِّ هَذَا اَنَّ أَمْثَالَ هَذَا الْاِمَامِ الْعَظِيمِ يُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ مُظَاهِراً لِشِيعَةِ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ عَلَى ذَبْحِ الْأَطْفَالِ بِالسَّكَاكِينِ: لَقَدْ اَعْلَنَ حَرْباً لَاهَوَادَةَ فِيهَا عَلَى مَنْ كَانُوا يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ مِنْ اَشَدِّ الْمُخْلِصِينَ لَهُ وَالْمُحِبِّينَ وَالْمُوَالِينَ وَالْمُبَايِعِينَ لَا لِاَنَّهُمْ خَرَجُوا عَلَيْهِ: بَلْ لِاَنَّهُمْ بَقَرُوا بَطْنَ امْرَاَةٍ فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ لَمْ يَكْتَمِلْ نُمُوُّهُ بَعْدُ: فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقاً كَثِيراً فِي مَعْرَكَةِ النَّهْرَوَانَ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: هَؤُلَاءِ الْمُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الْقُرْآَنُ{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَافِي قَلْبِهِ وَهُوَ اَلَدُّ الْخِصَامِ وَاِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَايُحِبُّ الْفَسَادَ وَاِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ اَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْاِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمَ وَلَبِئْسَ الْمِهَادِ(نَعَمْ هَذَا الَّذِي يَقْتُلُ: هَذَا الَّذِي يُفْسِدُ الْحَرْثَ: يُفْسِدُ الزَّرْعَ: هَذَا الَّذِي يَهْدِمُ الْبِنَاءَ: هَذَا الَّذِي يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا: يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُوَ عَدُوٌّ لِلهِ {اِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآَتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيمَا(نَعَمْ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِي يَعْتَدِي عَلَيْهَا: اِنْ كَانَتْ فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ: فَهُوَ عَدُوٌّ لِلهِ: وَاِنْ كَانَتْ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ: فَهُوَ عَدُوٌّ لِلهِ أَيْضاً بِدَلِيلِ{مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَاِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ(مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِمَخْلُوقَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَاللهُ عَدُوٌّ لَهُ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: نَعَمْ أَيُّهَا النَّاسُ: نَعَمْ أَيُّهَا الشَّعْبُ الْعَظِيمُ مِنْ اَفْلَاذِ اَكْبَادِنَا: نَعَمْ يَامَنْ اَنْتُمْ فِي دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَخَارِجِهِ وَيَامَنْ اَنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَيَامَنْ تَتَصَنَّعُونَ الْخَوْفَ وَلَاتَاْتُونَ اِلَى الْمَسَاجِدِ: مَتَى سَنَعُودُ اِلَى اُخُوَّتِنَا: مَتَى سَنَعُودُ اِلَى تَضَامُنِنَا: مَتَى سَنَعُودُ اِلَى مَحَبَّتِنَا: أَيُّهَا النَّاسُ الْعَادِيُّونَ: أَيُّهَا الْمَسْؤُولُونَ: يَارِجَالَ الْاَمْنِ: وَيَارِجَالَ الْاُمَّةِ: أَيُّهَا الشَّعْبُ الْعَظِيمُ: فَلْنَشْعُرْ جَمِيعاً بِاَنَّنَا اِخْوَةٌ مُتَحَابُّونَ: فَالْعَدَاوَةُ لَاتُنْتِجُ اِلَّا الْخَرَابَ: وَالْمَحَبَّةُ لَايَتَمَخَّضُ عَنْهَا اِلَّا الْخَيْرُ: فَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ غَيْرُهُ: لَا نُرِيدُ اِلَّا اَنْ نَعِيشَ اِخْوَةً مُتَحَابِّينَ مُتَآَلِفِينَ مُتَعَاضِدِينَ عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ: اَنْ يَحْتَرِمَ بَعْضُنَا بَعْضاً وَمَشَاعِرَ بَعْضٍ أَيْضاً: وَاَنْ نَعِيشَ فِي وَطَنٍ وَاحِدٍ: وَفِي بَلَدٍ وَاحِدٍ: وَاَنْ نَنْزِعَ الْأَحْقَادَ وَالضَّغَائِنَ مِنَ الْقُلُوبِ: وَاِيَّاكُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ الطَّائِفِيَّةِ: وَمِنَ الْحَرْبِ الطَّائِفِيَّةِ: اِيَّاكُمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: فَوَاللهِ اِذَا حَدَثَ ذَلِكَ: فَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَالِبٌ وَلَامَغْلُوبٌ: بَلِ الْكُلُّ سَيَكُونُ مَغْلُوباً: وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنْ نُلْغِيَ الطَّائِفِيَّةِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَقَطْ لِيَبْقَى الْجَانِبُ الْآَخَرُ مَظْلُوماً كَمَا يَحْدُثُ لِاِخْوَانِنَا الْمَظْلُومِينَ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ: فَهَؤُلَاءِ مِنْ حَقِّهِمْ اَنْ يَكُونَ لَهُمْ اَقْوَى جَيْشٍ فِي الْعَالَمِ يَحْمِيهِمْ مِنْ شَرِّ الطَّائِفِيَّةِ وَتَبِعَاتِهَا اِنْ اَصَرَّ الْجَانِبُ الْآَخَرُ عَلَى اِظْهَارِ مَافِي كُتُبِهِ مِنْ طَائِفِيَّةِ يَزْعُمُ فِيهَا اَنَّهُ شَعْبُ اللهِ الْمَعْصُومُ الْمُخْتَارُ: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ أَيَّ اِنْسَانٍ يُثِيرُ الْفِتْنَةَ وَالْاَحْقَادَ وَالضَّغَائِنَ وَالْبَغْضَاءَ وَالْكَرَاهِيَة بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَلَى الْمَظْلُومِينَ دُونَ مَنْ ظَلَمَهُمْ: يَجِبُ اَنْ نَقِفَ اَمَامَهُ بِالْمِرْصَادِ: اِلَّا مَنْ قَالَ اللهُ فِيهِ{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَاُولَئِكَ مَاعَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ(يَحْرُمُ اَنْ نَقِفَ اَمَامَهُ بِالْمِرْصَادِ: اِلَّا اِذَا تَجَاوَزَ حُدُودَهُ فَيَجِبُ عَلَيْنَا اَنْ نَضْبِطَهَا لَهُ عَلَى السَّنْتِي مِتِرْ: بَلْ عَلَى الْمِيلِّي مِتِرْ: اِنْ كُنَّا نَعْلَمُ اَنَّهُ سَيَحْصَلُ عَلَى اَكْثَرَ مِنْ حُقُوقِهِ دُونَ اَنْ نُضِيعَ لَهُ حُقُوقَهُ الَّتِي يُطَالِبُ بِهَا{اِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ(مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْحُكَّامِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ يَنْبَغِي لَنَا اَنْ نُقَوِّمَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ اِنْ رَاَيْنَا فِيهِمُ اعْوِجَاجاً: بَلْ بِنَفْسِ الْأَسْلِحَةِ الْقَمْعِيَّةِ الَّتِي يَقْمَعُونَ بِهَا أَصْحَابَ الْحُقُوقِ الْمَظْلُومِينَ بِسُلْطَةٍ حَاكِمَةٍ جَائِرَةٍ فَاقِدَةٍ لِلشَّرْعِيَّةِ مَااَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان: فَالشَّعْبُ السُّورِيُّ بَايَعَهُ وَوَثِقَ بِهِ وَبِقَسَمِهِ عَلَى كِتَابِ اللهِ : وَلَكِنَّهُ غَدَرَ بِهِ وَنَكَّلَ بِهِ تَنْكِيلاً وَاَفْشَى اَسْرَارَهُ اِلَى اَعْدَائِهِ الْمُتَرَبِّصِينَ الطَّامِعِينَ بِخَيْرَاتِهِ: فَاسْتَبَاحُوا اَرْضَهُ وَدِمَاءَهُ وَاَعْرَاضَهُ وَاَمْوَالَهُ: فَالطَّبِيبُ الْجَرَّاحُ الْمَاهِرُ أَعْطَاهُ الشَّرْعُ الْحَقَّ وَالرُّخْصَةَ فِي مُمَارَسَةِ هَذِهِ الْمِهْنَةِ وَلَوْ أَدَّتْ اِلَى الْمُخَاطَرَةِ بِحَيَاةِ الْمَرِيضِ اِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سَبِيلٍ آَخَرَ لِعِلَاجِهِ: بَلْ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَتَجَاوَبْ مَعَ الْكُرْسِيِّ: عَفْواً أَيُّهَا الْاِخْوَة لَعْنَةُ اللهِ عَلَى هَذِهِ الْكُرْسِيِّ وَعَلَى الْجَالِسِ عَلَيْهَا: بَلْ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَتَجَاوَبْ مَعَ الْعِلَاجِ: وَلَكِنَّ الشَّرْعَ الْحَكِيمَ لَمْ يُعْطِ الْحَقَّ لِهَذَا الطَّبِيبِ بِاَيِّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ اَنْ يُفْشِيَ اَسْرَارَ مَرْضَاهُ مَهْمَا كَانُوا مُتَوَحِّشِينَ بِسَبَبِ الْاَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ اَوِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي يُعَانُونَ مِنْهَا: وَلِذَلِكَ يَجِبُ اَنْ يُعَاقَبَ هَذَا الطَّبِيبُ بِعَزْلِهِ عَنْ مِهْنَةِ الطِّبِّ نِهَائِيّاً وَبِعَزْلِهِ عَنِ الْكُرْسِيِّ لِاَنَّهُ خَانَ شَرَفَ الْمِهْنَةِ بِاِفْشَاءِ اَسْرَارِ مَرْضَى الثَّوْرَةِ وَالرَّبِيعِ الْعَرَبِيِّ فحَصَلَتْ مَعَهُمْ نَتِيجَةَ خِيَانَتِهِ مُضَاعَفَاتٌ خَطِيرَةٌ جِدّاً خَدَمَتِ الرَّبِيعَ الصَّلِيبِيَّ الصَّفَوِيَّ الْيَهُودِيَّ بِحُقُولِ تَجْرِبَةٍ عَلَى الشَّعْبِ السُّورِيِّ لِاَقْوَى سُوقٍ سَوْدَاءٍ رَابِحَةٍ فِي تِجَارَةِ الْأَسْلِحَةِ الْمَسْمُوحَةِ وَالْمُحَرَّمَةِ دَوْلِيّاً: نَسْاَلُ اللهَ اَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْكُرْسِيَّ خَازُوقاً يَقْعُدُ عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُوَالِينَ لَهُ الظَّالِمِينَ انْتِقَاماً لِدِمَاءِ هَؤُلَاءِ الْأَبْرِيَاءِ وَاَعْرَاضِهِمْ وَاَمْوَالِهِمْ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: نَحْنُ نُقَدِّرُ اَنْبِيَاءَ اللهِ: وَنُقَدِّرُ رُسُلَ اللهِ: وَنُقَدِّرُ آَلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ: وَنُقَدِّرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ وَاَزْوَاجَهُ: وَلَيْسَ الْعَيْبُ فِينَا: وَاِنَّمَا الْعَيْبُ فِي شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الَّذِينَ يَنْقِمُونَ مِنَّا تَقْدِيرَنَا لِهَؤُلَاءِ جَمِيعاً حِينَمَا انْتَقَلَتْ اِلَيْهِمْ عَدْوَى هَذِهِ النَّقْمَةِ مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى نَقْمَةً جَلِيَّةً وَاضِحَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{قُلْ يَااَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا اِلَّا اَنْ آَمَنَّا بِاللهِ وَمَااُنْزِلَ اِلَيْنَا وَمَااُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَاَنَّ اَكْثَرَكُمْ فَاسِقُون( فَالْيَهُودُ يُرِيدُونَ مِنَّا اَنْ نَكْفُرَ بِعِيسَى وَبِمُحَمَّدٍ: وَالنَّصَارَى يُرِيدُونَ مِنَّا اَنْ نَكْفُرَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ: وَاَنْ نَكْفُرَ بِعُبُودِيَّةِ عِيسَى الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّدٌ: وَنُؤْمِنَ بِاُلُوهِيَّةِ عِيسَى الَّتِي يَكْفُرُ بِهَا مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ شِيعَةُ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: يُرِيدُونَ مِنَّا اَنْ نُؤْمِنَ بِمَا كَفَرَ بِهِ صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْعِصْمَةِ وَالْاُلُوهِيَّةِ لِاَحَدٍ مِنْ آَلِ بَيْتِ مُحَمَّد... لِمَاذَا نَحْنُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ لَانَكُونُ اِخْوَةً مُتَحَابِّينَ: لِمَاذَا نُثِيرُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رِجَالِ الْاَمْنِ: وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِاِخْوَتِنَا جَمِيعاً مِنْ رِجَالِ الْاَمْنِ: يَااِخْوَتِي: أَيُّ اِنْسَانٍ مَوْقُوفٍ عِنْدَكُمْ وَلَادَلِيلَ عَلَى تَجْرِيمِهِ: اَنْ تُطْلِقُوا سَرَاحَهُ فَوْراً: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ مِنْ رِجَالِ الْاَمْنِ: اَلْعُنْفُ لَايُوَلِّدُ اِلَّا الْعُنْفَ: اِنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ هِيَ الَّتِي تَاْسُرُ قَلْبَ مَنْ يَسْتَمِعُ اِلَيْهَا وَلَيْسَ الْعُنْفُ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ الطَّيِّبُونَ مِنْ رِجَالِ الْاَمْنِ: نَعَمْ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي ضَرَبَهَا اللهُ مَثَلاً{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ اَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي اُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِاِذْنِ رَبِّهَا(نعم أيها الاخوة: لَقَدْ وَصَلَ بِنَا الْحَالُ كَمَا نَرَى وَكَمَا نَسْمَعُ وَكَمَا وَكَمَا اِلَى آَخِرِهِ: فَهَلَّا يَعْقِلُ النَّاسُ: وَيَاحَبَّذَا لَوْ يَعُودُونَ اِلَى صَوَابِهِمْ وَاِلَى رُشْدِهِمْ: وَهَذَا اُخَاطِبُ بِهِ النَّاسَ جَمِيعاً عَلَى كُلِّ مُسْتَوَيَاتِهمْ وَعَلَى كُلِّ مَشَارِبِهِمْ: نعم أيها الاخوة جَمِيعاً{اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ(حَتَّى الْاِنْسَانُ اَخُو الْاِنْسَانِ اَحَبَّ ذَلِكَ اَوْ كَرِهَهُ رَضِيَ بِهِ اَوْ لَمْ يَرْضَ: اَلَسْنَا جَمِيعاً اَوْلَادًا لِآَدَمَ وَحَوَّاءَ مُؤْمِنِينَ وَكَافِرِينَ: فَهُنَاكَ اُخُوَّةُ النَّسَبِ: وَهُنَاكَ اُخُوَّةُ الْإِنْسَانِيَّةِ: وَهُنَاكَ اُخُوَّةُ الْاِيمَانِ: نَعَمْ اُخُوَّةُ الْإِنْسَانِيَّةِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِيهَا {يَااَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْاَرْحَامَ اِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكمْ رَقِيبَا(نعم اخي: وَاَمَّا اُخُوَّةُ الْاِيمَانِ{اِنَّمَا الْمُؤْمنُونَ اِخْوَةٌ فَاَصْلِحُوا بَيْنَ اَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون( نَعَمْ يَااَيُّهَا الْوَطَنُ الْغَالِي: يَامَنْ سُفِكَتْ عَلَى اَرْضِكَ الدِّمَاءُ: يَامَنْ فِيكَ اُزْهِقَتِ الْأَرْوَاحُ: وَكَانَ يُضْرَبُ فِيكَ الْمَثَلُ اَنَّكَ الْوَطَنُ الْوَدِيعُ: اَنَّكَ الْوَطَنُ الطَّيِّبُ: اَنَّكَ الْوَطَنُ الْمُثْمِرُ: فَمَنِ الَّذِي بَدَّلَ هَذَا بِذَاكَ: اِنَّهُ عَدَمُ الْاِيمَانِ بِاللهِ: اِنَّهُ التَّكَالُبُ عَلَى الدُّنْيَا: اِنَّهَا الْاَنَانِيَّةُ: اِنَّهُ حُبُّ التَّكَاثُرِ فِي الْأَمْوَالِ طَمَعاً وَاَنَانِيَّةً مِنْ اَجْلِ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ ضَيِّقَةٍ عَلَى حِسَابِ التَّعَاسَةِ لِمَصْلَحَةِ الشَّرِيحَةِ الْوَاسِعَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ{اَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ(نَعَمْ اَلنَّاسُ الْآَن يَلْهُونَ: تَرَى هَذَا عِنْدَهُ اَكْثَرَ مِنْ هَذَا: اِنَّهُ السِّبَاقُ وَالتَّسَابُقُ مِنْ اَجْلِ مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ضَارِبِينَ بِعُرْضِ الْحَائِطِ مَاتَقُولُهُ سُورَةُ الْحَدِيدِ{سَابِقُوا اِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ اُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ( كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ أَيُّهَا الْاِخْوَةُ اِلَى اَنْ نُوقِظَ الْاِيمَانَ مِنْ جَدِيدٍ فِي قُلُوبِنَا: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى مَصَابِيحِ الرَّحْمَةِ: كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِذَا رَاَى اَحَدُنَا اَخَاهُ اَنْ يَبْتَسِمَ فِي وَجْهِهِ: وَاَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ: لَا اَنْ يُدِيرَ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ: وَلَا اَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ: فَهَذِهِ الْقُوَّةُ الْمَادِّيَّةُ اِلَى زَوَالٍ: اَيْنَ الْمُصَارِعُونَ: اَيْنَ الْأَقْوِيَاءُ: اُنْظُرْ اَخِي اِلَى الْمُصَارِعِ الْأَوَّلِ مُحَمَّد عَلِي كْلَايْ: كَيْفَ الْآَنَ يَرْتَجِفُ بَعْدَ اَنْ دَوَّخَ النَّاسَ بِقُوَّتِهِ وَبِمُصَارَعَتِهِ: فَكُلُّ قَوِيٍّ لَابُدَّ اَنْ يَضْعُفَ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ:بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَجَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً( وَلِذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَايَغْتَرُّ بِقُوَّتِهِ: لِاَنَّهُ يَعْلَمُ اَنَّهَا مِنْحَةٌ مِنَ اللهِ: وَاَنَّ الَّذِي اَعْطَى قَادِرٌ عَلَى اَنْ يَسْلُبَ: وَسَنُصَلِّي اِنْ شَاءَ اللهُ صَلَاَةَ الْغَائِبِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَى اَرْوَاحِ شُهَدَاءِ الْغُوطَةِ وَعَلَى كُلِّ شَهِيدٍ قُتِلَ ظُلْماً وَعُدْوَاناً: فَنَرْجُو مِنَ اللهِ اَنْ يُحَقِّقَ كُلَّ خَيْرٍ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ: عَلَى الْجَنَّةِ رَايْحِينْ: شُهَدَاءْ بِالْمَلَايِين: أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُاللهَ لِي وَلَكُمْ... اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي اَدَّبَنَا بِآَدَابِ الْإِسْلَامِ: اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَ اَلْسِنَتَنَا تَلْهَجُ بِمَا يُرْضِي الله : نعم ايها الاخوة: لَايَنْبَغِي لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اِلَى خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ: اَنْ يُشَوِّشُوا عَلَى الْخَطِيبِ وَلَوْ بِذِكْرِ اللهِ: وَلَايَنْبَغِي لَهُمْ اَنْ يَقْطَعُوا عَلَيْهِ سِلْسِلَةَ اَفْكَارِهِ وَيُعَطِّلُوا عَلَيْهِ مَايَقُولُ: فَاِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنَ الْعُقُوقِ لِخَطِيبِ الْجُمُعَةِ الَّذِي يَقُودُ الْمَسْجِدَ بِمَا فِيهِ مِنْ مِنْبَرٍ وَمِحْرَابٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فِيهِ مِنْ اَجْلِ الصَّلَاةِ: فَاِنْ كَانَ الْمُصَلُّونَ يُحِبُّونَ مِنْ خَطِيبِ الْجُمُعَةِ اَنْ يَصْدَعَ بِالْحَقِّ وَلَاتَاْخُذَهُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ: فَعَلَيْهِمْ اَنْ يَنْضَبِطُوا فِي الْمَسْجِدِ وَيَتْرُكُوا الْكَلَامَ وَالصِّيَاحَ عَلَى الْبَاطِلِ لَهُ فَهُوَ يُمَثِّلُ الْجَمِيعَ: وَعَلَى الدَّوْلَةِ اَنْ تَسْمَحَ لَهُ بِذَلِكَ: فَهَذَا اَفْضَلُ مِنْ اَنْ يَصِيحَ الْجَمِيعُ: فَاِذَا صَاحَ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْبَاطِلِ: فَاِنَّهُ يَصِيحُ بِحِكْمَةٍ وَتَعَقُّلٍ وَرَوِيَّةٍ وَانْضِبَاطٍ لَايَجْعَلُ الْمُصَلِّينَ يَحْتَقِنُونَ احْتِقَاناً مُتَطَرِّفاً مُبَالَغاً فِيهِ عَلَى الْبَاطِلِ: وَاَمَّا اِذَا صَاحَ الْمُصَلُّونَ: فَاِنَّهُمْ غَالِباً يَصِيحُونَ صِيَاحاً مُفْعَماً بِالْفَوْضَى مُتَجَاهِلِينَ لِلْبَاطِلِ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِالْعَدْلِ مَعَهُ مَهْمَا صَاحُوا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى اَلَّا تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوَى(فَاِنَّ الْعَدْلَ رُبَّمَا يَجْذُبُ اَصْحَابَ الْبَاطِلِ لِيَتَحَالَفُوا مَعَ اَصْحَابِ الْحَقِّ وَيَنْصُرُوا قَضَايَاهُمُ الْمَصِيرِيَّةَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْوَطَنِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ بَاطِلِهِمْ: وَلِذَلِكَ صِيَاحُ خَطِيبِ الْجُمُعَةِ رُبَّمَا يَمْتَصُّ كَثِيراً مِنِ احْتِقَانِ الْمُصَلِّينَ: وَرُبَّمَا يَشْفِي صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ وَيُذْهِبُ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ: اِلَّا اِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي مَكَانٍ مَا مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ تَقْتَضِي بِبَقَاءِ هَذَا الِاحْتِقَانِ فِي الصُّدُورِ وَتَحْرِيضِ الْمَظْلُومِينَ عَلَى الدِّفَاعِ عَنْ اَنْفُسِهِمْ دِفَاعاً شَرْعِيّاً مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ اَطْفَالِهِمْ وَاَبْرِيَائِهِمْ: وَقَدْ بَعَثَ اِلَيَّ اَحَدُ الْاِخْوَةِ بِسُؤَالٍ مُهِمٍّ يَقُولُ فِيهِ: لِمَاذَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْنَا اَنْ نَقْتُلَ مِنَ الْاَعْدَاءِ اَطْفَالَهُمْ وَضُعَفَاءَهُمْ فِي وَقْتٍ يُنَكِّلُونَ هُمْ فِيهِ بِاَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ وَضُعَفَائِهِمْ وَمَشَافِيهِمْ وَمَدَارِسِهِمْ: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: مِنْ اَجْلِ اَنْ يَبْقَى الِاحْتِقَانُ قَائِماً فِي صُدُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اَعْدَائِهِمْ: وَهَذَا لَايَتَحَقَّقُ اَبَداً بِقَتْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْاَطْفَالِ وَالْاَبْرِيَاءِ مِنَ الْاَعْدَاءِ الَّذِينَ لَايُشَارِكُونَ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ: فَاِذَا قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ اَطْفَالَ هَؤُلَاءِ وَضُعَفَاءَهُمْ: فَمَا اَسْهَلَ اَنْ يَنْقَضَ الْاَعْدَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِضَرْبَةٍ قَاضِيَةٍ لَاتَقُومُ لِلْمُسْلِمِينَ قَائِمَةٌ بَعْدَهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ مِنَ الصُّعُوبَةِ بِمَكَانٍ اِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلاً: اَنْ يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ اَعْدَاءَهُمْ قِتَالاً رَادِعاً بِقُلُوبٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الْغَيْظِ وَالِاحْتِقَانِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ: وَخَاصَّةً اِذَا قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِالتَّمْثِيلِ بِجُثَثِ اَعْدَائِهِمْ اَوْ سَالَ لُعَابُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ عَلَى الْغَنَائِمِ فَتَرَكُوا الْغَيْظَ وَالْحِقْدَ وَالتَّعْنِيفَ فِي قُلُوبِهِمْ وَتَرَكُوا مَوَاقِعَهُمْ: فَهَذَا التَّمْثِيلُ بِالْجُثَثِ خَطِيرٌ جِدّاً جِدّاً: وَهُوَ مِنْ اَكْبَرِ عَوَامِلِ الْهَزِيمَةِ الَّتِي سَتَلْحَقُ الْمُسْلِمِينَ وَيُمْنَوْنَ بِهَا؟ لِاَنَّهُ يَجْعَلُ بَطَّارِيَّةَ الْقَلْبِ خَالِيَةً تَمَاماً مِنَ الشَّحْنِ الْقِتَالِيِّ بَعْدَ اَنِ اسْتَهْلَكَتْ جَمِيعَ طَاقَتِهَا فِي التَّمْثِيلِ بِجُثَثِ الْاَعْدَاءِ وَقَتْلِ اَطْفَالِهِمْ عَنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْخَطَاِ: اَلْاَمْرُ الَّذِي يُسَهِّلُ عَلَى الْعَدُوِّ بَعْدَ ذَلِكَ اَنْ يَبْدَاَ الطَّعْنَ فِي هَذِهِ الْقُلُوبِ بِخَنَاجِرِهِ وَاَسْلِحَتِهِ الثَّقِيلَةِ وَالْخَفِيفَةِ؟ لِاَنَّ قَلْباً خَالِياً مِنَ الْحِقْدِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَالضَّغِينَةِ عَلَى اَعْدَاءِ اللهِ وَخَالِياً مِنْ اِرَادَةِ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ وَمَلِيئاً بِمَحَبَّتِهِمْ: لَايُمْكِنُ اَنْ يَحْمِلَ سَيْفاً لِيَقْتُلَهُمْ بِهِ: بَلْ لَايُمْكِنُ اَنْ يَحْمِلَ سَيْفاً وَلَاسِلَاحاً ثَقِيلاً وَلَاخَفِيفاً مِنْ اَجْلِ اَنْ يُدَافِعَ عَنْ اَطْفَالِهِ مِنْ غَدْرِهِمْ: فَتَبّاً وَسُحْقاً لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَرْحَمُ عَدُوَّهُ الَّذِي يَقْتُلُ اَطْفَالَهُ: وَتَبّاً لِهَذِهِ الرَّحْمَةِ الْعَاهِرَةِ وَسُحْقاً لَهَا: اِنَّهَا الرَّحْمَةُ الْعَاهِرَةُ الَّتِي تُمَثِّلُ الْخِيَانَةَ الْعُظْمَى بِكُلِّ مَعَانِيهَا فِي مِيزَانِ اللهِ: وَلِذَلِكَ جَاءَتْ حَمَاقَةُ النَّصَارَى وَعُهْرُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا يُسَمُّونَهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ الْاِلَهِيَّةِ فِي مَوْضِعِهَا وَفِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا اَيْضاً: وَاَمَّا حِكْمَةُ الْاِسْلَامِ فَلَمْ تَاْتِ بِهَذِهِ الْمَحَبَّةِ الْاِلَهِيَّةِ اِلَّا فِي مَوْضِعِهَا الصَّحِيحِ: وَاَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَاِنَّ{اللهَ لَايُحِبُّ الظَّالِمِينَ(وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ(مِنْ اَجْلِ حِمَايَةٍ رَادِعَةٍ لِلْاَعْدَاءِ عَنْ دِمَاءِ الْاَطْفَالِ وَ الْاَبْرِيَاءِ الَّذِينَ لَاتَنْفَعُهُمْ مَحَبَّةٌ اِلَهِيَّةٌ فِي الدُّنْيَا اِنْ مَاتُوا غَدْراً: وَاِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَحَبَّةُ سَتَنْفَعُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ: وَلَكِنَّ النَّصَارَى بِحَمَاقَتِهِمْ وَغَدْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ يَسْعَوْنَ دَائِماً اِلَى اَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَحَبَّةُ الْاِلَهِيَّةُ مَحْصُورَةً بِالْاَعْدَاءِ فَقَطْ دُونَ الْاَبْرِيَاءِ وَالْاَطْفَالِ الَّذِينَ يَقْتُلُهُمْ هَؤُلَاءِ الْاَعْدَاءُ: وَلِذَلِكَ يَرْحَمُونَ الْمُجْرِمَ دَائِماً وَلَايَرْحَمُونَ الضَّحِيَّةَ: فَتَبّاً لِهَذِهِ الْمَحَبَّةِ الْاِلَهِيَّةِ الزَّائِفَةِ الْمَهْزَلَةِ الَّتِي يَدْعُو اِلَيْهَا النَّصَارَى: وَكَمْ رَاحَ ضَحِيَّتَهَا مِنْ اُنَاسٍ اَبْرِيَاءَ مَظْلُومِينَ عَبْرَ التَّارِيخِ: اَللَّهُمَّ يَارَبّ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ: يَارَبَّ الْاَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ: يَامَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ: يَامَنْ يُجِيرُ وَلَايُجَارُ عَلَيْكَ: اَللَّهُمَّ هَذَا حَالُنَا بَيْنَ يَدَيْكَ: لَاتَخْفَى عَلَيْكَ خَافِيَةٌ فِي الْاَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ: اَللَّهُمَّ اَعِدْ اِلَيْنَا اَمْنَنَا وَسِلْمَنَا وَعِزَّتَنَا وَكَرَامَتَنَا وَكُلَّ مَانَبْغِيهِ مِنْ خَيْرٍ: اَللَّهُمَّ ثَبِّتِ الْاِيمَانَ فِي نُفُوسِنَا: وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا: وَكَرِّهْ اِلَيْنَا مَايُزَيِّنُهُ شَيَاطِينُ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ فِي قُلُوبِنَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ: وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ الْاَخْيَارِ: مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَهُ: اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يُحَافِظُ عَلَى كِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ: اَللَّهُمَّ ازْرَعْ حُبَّ الْاِيمَانِ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي قُلُوبِنَا وَنُفُوسِنَا يَارَبَّ الْعَالَمِينَ: اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تَعْلَمُ وَلَانَعْلَمُ وَاَنْتَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم: اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَااَسْرَرْنَا وَمَااَعْلَنَّا وَمَاعَلِمْنَا وَمَالَانَعْلَمُ وَمَااَنْتَ بِهِ اَعْلَمُ: وَلَاتُؤَاخِذْنَا يَارَبَّنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا: لَاتُؤَاخِذْنَا بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَعْصُونَكَ وَنَحْنُ فِي صَلَاةٍ لَكَ نَصَلِّي الْجُمُعَةَ وَنَسْتَمِعُ اِلَى خُطْبَتَيْهَا وَهُمْ فِي لَهْوِ وَفِي لَعِبٍ فِي الْمَقَاهِي عَلَى اَوْثَانٍ وَاَصْنَامٍ مِنَ الشَّدَّةِ وَالضَّامَا وَالْاَرْكِيلَة: نَعَمْ اِنَّهَا الْمُصِيبَةُ الْكُبْرَى ايها الاخوة: فَكَيْفَ سَيُبَارِكُ اللهُ لِاَصْحَابِ الْمَقَاهِي الَّذِينَ لَايُغْلِقُونَهَا عِنْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتَيْهَا مَهْمَا رَزَقَهُمْ مِنْ اَمْوَال: اَلَا يَخَافُونَ اَنْ يَمْحَقَهَا اللهُ لَهُمْ مَحْقاً: وَمَهْمَا رَزَقَكَ اللهُ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ الْكَثِيرَةِ يَاصَاحِبَ الْمَقْهَى فَهَلْ تَضْمَنُ اَنَّهُ سَيَرْزُقُكَ صِحَّةً دَائِمَةً لَاتَمْرَضُ بَعْدَهَا اَبَداً وَلَاتُنْفِقُ جَمِيعَ اَمْوَالِكَ عَلَيْهَا: اَللَّهُمَّ سَلِّطِ الْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ وَالْجِرْذَانَ وَاَمْرَاضَ الْجُثَثِ الْبَرِيئَةِ الَّتِي يَقْتُلُونَهَا يَارَبَّ الْعَالَمِين: سَلِّطْهَا عَلَى كُلِّ ظَالِمٍ لَئِيمٍ: وَعَلَى بَشَّارَ وَحُلَفَائِهِ وَالْمُوَالِينَ لَهُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ يَاذَا انْتِقَام: عِبَادَ الله{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُمْ اَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ اَمْ عَلَى قُلُوبٍ اَقْفَالُهَا(اَللَّهُمَّ يَامَنْ تَقْبَلُ النَّصِيحَةَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عُقُولَنَا الضَّيِّقَةَ الْمَحْدُودَةَ: اَللَّهُمَّ لَقَدْ قَطَعَ بَشَّارُ اَرْحَامَنَا فَاقْطَعْهُ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ مِصْدَاقاً لِقَسَمِكَ فِي قَوْلِكَ اَنَا الرَّحْمَنُ وَاَنْتِ الرَّحِمُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَاَصِلَنَّ مَنْ وَصَلَكِ وَلَاَقْطَعَنَّ مَنْ قَطَعَكِ: اَللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَى بَشَّارَ وَبُوتِينَ وَالْخَامِنْئِيَّ وَمَنْ عَلَى شَاكِلَتِهِمْ وَحُلَفَاءَهُمْ وَالْمُوَالِينَ لَهُمْ صَمَماً فِي آَذَانِهِمْ وَعُمْياً فِي بَصَرِهِمْ وَبَصَائِرِهِمْ وَلَعْنَةً لَاتَقُومُ لَهُمْ قَائِمَةٌ بَعْدَهَا اَبَداً يَارَبَّ الْعَالَمِين: اَللَّهُمَّ احْرِمْهُمْ مِنَ النَّوْمِ الْهَنِيءِ وَالْاَكْلِ وَالشُّرْبِ الْهَنِيءِ وَالْجِنْسِ الْحَمِيمِيِّ الْهَنِيءِ وَالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ الْهَنِيئَةِ وَالْاَحْلَامِ السَّعِيدَةِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ وَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكَوَابِيسِ الْمُزْعِجَةِ مَايَجْعَلُهُمْ يَخْتَنِقُونَ وَيَجْعَلُ قُلُوبَهُمْ تَنْخَلِعُ مِنْ مَكَانِهَا خَوْفاً وَهَلَعاً وَرُعْباً: اَللَّهُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ انْتِقَاماً لِمَخْلُوقَاتِكَ الْمَظْلُومِينَ الَّذِينَ اسْتَبَاحُوا دِمَاءَهُمْ وَاَمْوَالَهُمْ وَاَعْرَاضَهُمْ: مَتَى نَصْرُكَ يَارَبّ: اَلَا اِنَّ نَصْرَكَ قَرِيب: عِبَادَ الله{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون(وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله آلاء: وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


















رحيق مختوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 45 : 01 PM.


تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم