قال تعالى : " وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ " سورة الرعد 21 .
المتأمل في هذه الآية الكريمة يجد فروقًا دلالية بين الخشية والخوف ، وهذا يدلنا على أنَّه لا ترادف في كتاب الله – عز وجل ، فبين الخشية والخوف فرق في المعنى ، وإنْ ظنَّ بعض الناس أنَّهما مترادفتان .
دعونا في البداية نتعرف على معنى الكلمتين عند اللغويين ،فقد فرَّق أبو هلال العسكري بين الكلمتين في كتابه الفروق اللغوية بقوله : "إنَّ الخوف تألم النفس من العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المنهيات، والتقصير في الطاعات.وهو يحصل لأكثر الخلق ، وإن كانت مراتبه متفاوتة جدًا ، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل ، والخشية: حالة تحصل عند الشعور بعظمة الخالق وهيبته وخوف الحجب عنه، وهذه حالة لا تحصل إلا لمن اطلع على حال الكبرياء وذاق لذة القرب، ولذا قال تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء ". فالخشية: خوف خاص، " اهـ .
أمَّا المفسرون فقد فرَّقوا – أيضًا – بين الكلمتين ، فقال الألوسي في تفسيره : "بأن الخشية تكون من عظم المخشي وإن كان الخاشي قوياً والخوف من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمراً يسيراً ، يدل على ذلك أن تقاليب الخاء والشين والياء تدل على الغفلة وفيه تدبر " اهـ
قال الرازي في مفاتح الغيب : " هذه الخشية نوعان : أحدهما : أن يكون خائفاً من أن يقع زيادة أو نقصان أو خلل في عباداته وطاعاته ، بحيث يوجب فساد العبادة أو يوجب نقصان ثوابها . والثاني : وهو خوف الجلال وذلك لأن العبد إذا حضر عند السلطان المهيب القاهر فإنه وإن كان في غير طاعته إلا أنه لا يزول عن قلبه مهابة الجلالة والرفعة والعظمة "