[align=center]حين يحين وداع الأحباب....!
--------------------------------------------------------------------------------
لحظات ليست كاللحظات؛فيها تحتدم عواصف وأعاصير،وتتصاعد أنفاس، وتشرئب أعناق، وتهطل دموع، وتعلو خفقات على كل صوت عداها..وتبدأ القلوب بعد ذلك لحظات من الشجن الذي تود لو أنها قدرت على منعه لفعلت...
ما أقسى هذا الشجن العاصف في لحظات الوداع..كل من قد جرب هذا الوجد..ربما اغرورقت عيناه بالدموع واعتصره الألم وتعالت صرخاته الدفينة حين يدرك أن أحبابه قد لاتقع العين على محياهم مرة أخرى..!كم حاول كل من أن يشفي غليله ممن يحب بجعله ساكنا في سويداء النفس وقرارة الروح..لكن النفس تدرك أنها ستفارق أحبابها يوما ما سواء أبعدت هذه اللحظة أم اقتربت..!
في هذه المرابع التقت أرواحنا بأرواح أخرى..لكن الأجساد ربما لم تعرف للقاء سبيلا..بل تآلفت الأرواح واتفقت وتعاظم الحب بينها حتى صارت منصهرة في بوتقة أو سبيكة لامجال لفصل معادنها عن بعضها البعض..نبتت بينها لُحَمٌ وسُدى..وتعمقت أواصر..وسكن كل قلب الخفق المجاور لقلبه..وشيئا فشيئا بدأت كل روح تعيش العالم الذي تعيشه الروح الأخرى..لكن لحظات السعادة هذه لابد أن تنقطع يوما ما أو ينتهي طيفها وشعاعها..
ها نحن الآن كل حين وساعة نفارق أعزة علينا..بعضهم يعدنا أن غيابه سيكون استراحة تحت نخلة وارفة برهةً من الوقت،وبعضهم يقنعنا أن رحيله يحمل رؤيا جديدة سيفيدنا منها حالَ رجوعه، وبعضنا يختلق الأعذار لنفسه كي يمارس لذة الانزواء عن الأحباب...لكن معظمهم يرحل ثم يختفي في ثنايا الضباب ليصعب على أحبابه البحث عنه..
ما أقساها لحظات هذه التي نعيشها حين نودع حبيبا؛لأننا نحس أن قطعة من الروح قد قُدّت وطارت من مكانها لتغدو نورسا مهاجرا قد يعود من دفء الشتاء يوما ما بسلام وقد يسقط أثناء رحلة العودة منهكا بطيرانه وهمومه حين يعود إلى مرفئه فلا يجد من يبحثون عنه في انتظاره كعادتهم كل موسم..!
هبوب شمال [/align]