اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَيْهِمْ اِلَى يَوْمِ الدِّين اَمَّا بَعْد؟ قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَة تَعْتَذِرُ اِلَيْكُمْ اُخْتِي فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ اَيْضاً بِسَبَبِ مَرَضِهَا؟ وَقَدْ اَوْكَلَتْنِي بِالْقِيَامِ بِمُهِمَّتِهَا اِلَى اَنْ تُشْفَى بِاِذْنِ الله؟ و نُجِيبُ عَنْ سُؤَالٍ نِسَائِيٍّ وَرَدَنِي مِنْ اِحْدَى الْاَخَوَاتِ تَقُولُ فِيه؟ هَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْاَةِ الْحَائِضِ اَنْ تَصُومَ فِي رَمَضَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَنَّ الْمُؤْمِنَةَ وَالْمُؤْمِنَ دَائِماً حَرِيصَانِ عَلَى اَنْ تَكُونَ عِبَادَتُهُمَا كَامِلَةً غَيْرَ مَنْقُوصَة؟ وَاَحْيَاناً هَذَا الْحِرْصُ يَدْعُو بَعْضَ النَّاسِ اِلَى شَيْءٍ مِنَ التَّزَمُّتِ وَالتَّشَدُّدِ عَلَى اَنْفُسِهِمْ وَغَيْرِهِمْ؟ فَمَثَلاً اَللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى طَلَبَ مِنَ الْحَائِضِ الْاِفْطَارَ فِي شَهْرِ رَمَضَان؟ وَاَمَرَهَا بِاَنْ تَقْضِيَ بَعْدَ رَمَضَانَ صَوْماً بِعَدَدِ الْاَيَّامِ الَّتِي اَفْطَرَتْهَا؟ وَهَذَا وَارِدٌ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ كَمَا تَقُولُ اُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا[كُنَّا نُاْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُاْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاة( بِمَعْنَى اَنَّ الْمَرْاَةَ اِذَا كَانَتْ فِي حَالَةِ الْحَيْض؟ اَوْ كَانَتْ فِي حَالَةِ النِّفَاس؟ فَيِجِبُ عَلَيْهَا اَنْ تَتْرُكَ الصَّوْم؟ وَاَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاة؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَمَا تَطْهُرُ وَيَنْتَهِي رَمَضَان؟ فَعَلَيْهَا اَنْ تَقْضِيَ الصَّوْم؟ وَلَاتَقْضِي الصَّلَاة؟ وَلِذَلِكَ قَالَتِ امْرَاَةٌ لِاُمِّنَا عَائِشَة؟ مَابَالُنَا نَقْضِي الصَّوْمَ وَلَانَقْضِي الصَّلَاة؟ فَقَالَتْ لَهَا[ اَحَرُورِيَّةٌ اَنْتِ؟ هَكَذَا كُنَّا نُاْمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام( وَكَلِمَةُ حَرُورِيَّة هِيَ طَائِفَةٌ اَوْ فِرْقَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ لَاهَمَّ لَهُمْ اِلَّا اَنْ يُجَادِلُوا وَلَوْ بِالْبَاطِل؟ بِمَعْنَى اَنَّهَا قَالَتْ لَهَا؟ لَاتَقُولِي هَذَا الْكَلَام؟ هَذَا مَا كُنَّا نَعْهَدُهُ اَيَّامَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَهُوَ اَنْ نُاْمَرَ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ؟ وَلَا نُاْمَرَ بِقَضَاءِ الصَّلَاة] ثُمَّ تَقُولُ السَّائِلَة الْاُخْتُ الْكَرِيمَة؟ بَعْضُ النِّسَاءِ يُرِدْنَ اَنْ يُشَدِّدْنَ عَلَى اَنْفُسِهِنَّ؟ فَيَاْخُذْنَ دَوَاءً مِنَ الْاَدْوِيَةِ؟ مِنْ اَجْلِ تَاْجِيلِ حَيْضِ الدَّوْرَةِ الشَّهْرِيَّة؟ وَاَقُولُ لَكِ اُخْتِي؟ مِنَ النَّاحِيَةِ الْفِقْهِيَّة صَوْمُهُنَّ صَحِيح؟ لِاَنَّ دَمَ الْحَيْضِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ جِسْمِهِنَّ مِنَ الْمَكَانِ الْمُعْتَادِ الْمَعْرُوف؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ صَوْمَهَا صَحِيح؟ لَكِنْ رُبَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ اَوْ نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ صِحِّيّ؟ لِاَنَّ هَذَا الدَّمَ فَاسِدٌ لَايَجُوزُ اَنْ يَبْقَى مَحْبُوساً فِي جِسْمِهَا؟ فَحِينَمَا تَمْتَنِعُ اَوْ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ خُرُوجِ هَذَا الدَّمِ؟ فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ يُؤَثّرُ عَلَى حَالَتِهَا الصِّحِّيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ فِي آنٍ وَاحِد؟ وَلِذَلِكَ يَجِبُ اَنْ نُلَاحِظَ هَذِه ِالْاُمُور؟ وَالْاَفْضَلُ لَهَا اَنْ تَتْرُكَ نَفْسَهَا عَلَى طَبِيعَتِهَا؟ لِاَنَّ هَذَا الْحَيْضَ هُوَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَنَاتِ حَوَّاء؟ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ شَرْعاً اَنْ يَضْجُرْنَ مِنْه؟ لِاَنَّ الْمُؤْمِنَةَ وَالْمُؤْمِنَ الْحَقَّ وَبِصِدْق؟ لَايَضْجَرَانِ وَلَا يَمَلَّانِ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِه؟ وَلِذَلِكَ كَانَتِ الصَّحَابِيَّاتُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَمَابَعْدَه؟ لَايَاْخُذْنَ بِهَذِهِ الْاَسْبَابِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ الْحَيْض؟ وَاِنَّمَا كَانُوا اَحْيَاناً يَاْخُذُونَ ذَلِكَ فِي الْحَجّ؟ بِاَدْوِيَةٍ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي تِلْكَ الْاَيَّامِ؟ كَانُوا يُضِيفُونَهَا عَلَى مَاءٍ يُسَمَّى مَاءَ الْاَرَاك؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَتَاَجَّلَ حَيْضُ الْمَرْاَة؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَطُوفَ طَوَافاً وَاحِداً؟ هُوَ طَوَافُ الْاِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ مَعاً؟ بَعْدَ التَّعَجُّلِ فِي رَمْيِ الْجَمَرَات؟ حَتَّى تَلْتَحِقَ سَرِيعاً بِالْقَافِلَةِ الْعَائِدَةِ اِلَى بِلَادِهَا بَعْدَ اَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ اَوْ نَافِلَتِهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ التَّاْجِيلَ لَحَيْضِ الدَّوْرَةِ الشَّهْرِيَّةِ؟ فَاِنَّ حَجَّهَا وَصَوْمَهَا صَحِيحَانِ؟ وَلَكِنَّهَا شَدَّدَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَسْاَلَةِ الصَّوْمِ؟ وَنَخْشَى اَنْ يُشَدِّدَ اللهُ عَلَيْهَا؟ كَمَا شَدَّدَ عَلَى بَنِي اِسْرَائِيلَ فِي الْبَقَرَةِ الَّتِي اَمَرَهُمْ بِذَبْحِهَا سُبْحَانَه؟ حِينَمَا شَدَّدُوا عَلَى اَنْفُسِهِمْ؟ فَكَانَ جَزَاؤُهُمْ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِمْ؟ وَرُبَّمَا هَذَا التَّشْدِيدُ يَنْقَلِبُ ضِدَّ صِحَّتِهَا؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ رِجَالِيّ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَة عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَة؟ وَهَلْ يَجِبُ تَعْوِيدُ الصَّبَايَا وَالصِّبْيَان ِعَلَى ذَلِكَ مُنْذُ الصِّغَر؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي نَعَمْ وَبِكُلِّ تَاْكِيد؟ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ لَايَخْجَلُونَ مِنَ الله وَلَايَسْتَحُونَ وَلاَيَخَافُونَ مِنْهُ سُبْحَانَه يُلْبِسُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مَا يُسَمَّى بِالشَّقَّالِ فِي اللَّهْجَةِ السُّورِيَّة؟ مِمَّا يَجْعَلُ صَدْرَهَا مَكْشُوفاً وَبَطْنَهَا مَكْشُوفاً اَيْضاً؟ بِحُجَّةِ اَنَّهَا صَغِيرَة؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ هَذَا لَيْسَ مِنْ آدَابِ اللّبَاسِ فِي شَيْءٍ اَبَداً وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَة؟ فَهُنَاكَ اُمُورٌ يَجِبُ اَنْ تُرَاعَى ؟فَلَيْسَ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْاِنْسَانِ اَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ؟ بَلْ يَجِبُ اَنْ يُعَوِّدَ اَوْلَادَهُ مُنْذُ صِغَرِهِمْ عَلَى سَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ اَيْضاً؟ فَمَثَلاً اَخِي؟ لَوْ قَالَتْ لَكَ زَوْجَتُك؟ اُنْظُرْ اِلَى ابْنَتِك؟ اِنَّهَا تُدَخِّن؟ اِنَّهَا تَشْرَبُ الْخَمْر؟ اِنَّهَا تَتَعَاطَى الْمُخَدِّرَات؟ فَهَلْ تَقُولُ لِزَوْجَتِكَ؟ اتْرُكِي ابْنَتَنَا عَلَى رَاحَتِهَا؟ اِنَّهَا مَاتَزَالُ صَغِيرَة؟ وَنَحْنُ لَانَقُولُ لَكَ اَخِي؟ عَلَيْكَ اَنْ تُرْغِمَ ابْنَتَكَ مُنْذُ صِغَرِهَا؟ عَلَى لِبْسِ النِّقَابِ اَوِ الْخِمَارِ اَوْ غِطَاءِ الرَّاْسِ؟ لِاَنَّهَا اِذَا بَلَغَت ِالْحَيْضَ؟ اَوْ بَلَغَتْ سِنَّ الرُّشْدِ؟ فَرُبَّمَا تَحْصَلُ عِنْدَهَا رَدَّةُ فِعْلٍ شَيْطَانِيَّةٍ قَوِيَّة؟ مِمَّا يَجْعَلُهَا تَخْلَعُ الْحِجَابَ وَتَكْرَهُهُ وَتَنْفِرُ وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ؟ لَا نَحْنُ لَا نَقُولُ بِذَلِكَ؟ وَاِنَّمَا عَلَيْكَ اَخِي اِذَا رَاَيْتَ ابْنَتَكَ الصَّغِيرَةَ تَجَاوَبَتْ مَعَ النِّقَابَ اَوْ اكْتَفَتْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْخِمَارِ وَغِطَاءِ الرَّاْسِ وَانْسَجَمَتْ مَعَهُ بِاِيجَابِيَّةٍ وَحُبّ؟ فَبِهَا وَنَعِمَتْ؟ فَاتْرُكْهَا عَلَى رَاحَتِهَا؟ فَاِذَا رَاَيْتَهَا قَدْ نَفَرَتْ مِنْهُ؟ فَاتْرُكْهَا عَلَى رَاحَتِهَا اَيْضاً مَكْشُوفَةَ الرَّاْسِ حَتَّى تَبْلُغَ سِنَّ الْحَيْضِ؟ فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُرْغِمَهَا هُنَا بِاللّينِ وَالْهُوَيْنَى وَبِالَّتِي هِيَ اَحْسَن؟ لَكِنْ لَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَرَاهَا مَكْشُوفَةَ الْبَطْنِ اَوِ الصَّدْرِ اَوِ الْاَفْخَاذِ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَة؟ وَلَايَجُوزُ لِلْاُمِّ كَذَلِكَ اَنْ تَرَى اَعْضَاءَ وَلَدِهَا الذَّكَرِيَّةِ وَلَامَقْعَدَتَهُ اِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَ وَلَدُهَا صَغِيراً؟ لَكِنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ مُلِحَّةٌ سَاَلَنِي عَنْهَا اَحَدُ الْاِخْوَةِ قَائِلاً؟ عِنْدِي وَلَدٌ ذَكَر؟ لَدَيْهِ حَالَةٌ مَرَضِيَّة؟ وَهِيَ اَنَّهُ لَايَسْتَطِيعُ الْبَوْلَ اِذَا لَمْ اَقُمْ بِتَحْرِيضِهِ عَلَى الْبَوْلِ بِيَدِي؟ وَقَدْ اَمَرَنِي الطَّبِيبُ بِذَلِك؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي يَجُوزُ لَكَ اَنْ تَقُومَ بِتَحْرِيضِ عُضْوِهِ الذَّكَرِيِّ عَلَى الْبَوْلِ وَلَوْ اَمْسَكْتَهُ بِيَدَيْكَ وَحَرَّكْتَهُ لَهُ اِلَى الْاَمَامِ ثُمَّ اِلَى الْخَلْفِ بِهُدُوء؟ لَكِنْ عَلَيْكَ اَنْ تَتَوَقَّفَ عَنْ ذَلِكَ فَوْراً اِذَا كَانَ وَلَدُكَ يَشْعُرُ بِتَحْرِيضٍ جِنْسِيّ؟ لِاَنِّي اَخَافُ عَلَيْهِ اَنْ يَشْعُرَ بِمُيُولٍ خَاطِئَةٍ تُوقِعُهُ فِي فَاحِشَةِ اللّوَاطِ فِي الْمُسْتَقْبَل؟ وَيَحْرُمُ عَلَيْكَ اِذَا بَلَغَ وَلَدُكَ سِنّ الِاحْتِلَامِ؟ اَنْ تَرَى اَعْضَاءَهُ الذَّكَرِيَّةَ؟ اِلَّا اِذَا كُنْتَ طَبِيباً مُعَالِجاً لِمَرَضٍ يَرْتَبِطُ بِهَذِهِ الْاَعْضَاء؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ عَنِ الْمِقْدَارِ الشَّرْعِيِّ الْمَطْلُوبِ سَتْرُهُ مِنْ عَوْرَةِ الرَّجُل؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ اَلرَّاْيُ الرَّاجِحُ؟ اَنَّهَا مِنَ السُّرَّةِ؟ اِلَى مَاتَحْتَ الرُّكْبَتَيْن؟ لَكِنْ هُنَاكَ آدَابٌ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ اَنْ يَاْتِيَ اِلَى الْمَسْجِدِ كَاشِفاً صَدْرَهُ وَظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ وَلَوْ كَانَ لَابِسَاً سَاتِراً لِعَوْرَتِهِ مِنَ السُّرَّةِ اِلَى الرُّكْبَةِ فَقَط؟ فَهَلْ هَذَا مِنَ الزِّينَةِ الْمَشْرُوعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد( فَلَيْسَ الْاَمْرُ اَخِي مَقْصُوراً عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَحَسْب؟ بَلْ هُنَاكَ اَدَبِيَّاتٌ لَابُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا؟ فَمِنَ الْجَائِزِ اَخِي اَنْ تَكُونَ عَامِلاً فِي الْبَرِيَّةِ اَوْ فِي الْبِنَاءِ؟ اَوْ كُنْتَ عَلَى الْبَحْرِ ثُمَّ شَعَرْتَ بِحَرِّ الطَّقْسِ وَسُخُونَتِهِ وَشَوْبِهِ؟ فَاِذَا صَلَّيْتَ مُكْتَفِياً بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنَ السُّرَّةِ اِلَى الرُّكْبَةِ فَلَا بَاْسَ وَلَاغُبَارَ عَلَيْك؟ لَكِنْ هَلْ يَلِيقُ بِكَ اَخِي اَنْ تَسِيرَ فِي الشَّوَارِعِ هَكَذَا؟ فَهُنَاكَ اَعْرَافٌ يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا؟ كَذَلِكَ بَعْضُ الشَّبَابِ تَرَاهُ يَلْبَسُ مَا يُسَمَّى بِالْمُحَفَّرِ اَوِ الْحَفْرِ؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ كُلُّ مَاعَدَا السُّرَّةِ اِلَى الرُّكْبَةِ مِنَ الْمُحَفَّرِ فَلَيْسَ بِعَوْرَة؟ وَلَكِنَّ مَا تَفْعَلُونَهُ مِنَ الْمُحَفَّرِ هُوَ حَفْرٌ لِقُبُورِكُمُ الَّتِي سَوْفَ تَشْتَعِلُ عَلَيْكُمْ مِنْ جَحِيمِ جَهَنَّمَ اِذَا لَمْ تَتَوَقَّفُوا عَنْ لِبْسِ الْحَفْرِ؟ لِاَنَّ فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ غَيْرِ الْمُلْتَزِمَاتِ بِشَرْعِ الله؟ وَ اللَّوَاتِي يَلْبَسْنَ اَمْثَالَ هَذَا اللّبَاسِ الْحَفْرِ؟ فَلَا يَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَتَشَبَّهَ بِهِنَّ وَلَوْ كُنْتَ سَاتِراً لِعَوْرَتِكَ كَمَا اَمَرَ الله؟ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الْحَفْرِ فِي اللّبَاسِ؟ وَنَهَى عَنِ الْحَفْرِ فِي حِلَاقَةِ الشَّعْرِ اَيْضاً؟ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِحِلَاقَةِ الْقَزَعِ؟ وَهُوَ اَنْ يَقُومَ الْحَلَّاقُ بِحَلْقِ بَعْضِ الرَّاْسِ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ الْآخَرَ مِنْ دُونِ حِلَاقَة وَعَلَى شَكْلِ مَايُسَمَّى بِالْحِلَاقَةِ الْانْكِلِيزِيَّةِ اَوِ الْفَرَنْسِيَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ الْحِلَاقَةَ التَّشْبِيحِيَّة؟ كَذَلِكَ هُنَاكَ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِين يُطِيلُونَ شَعْرَ رَاْسِهِمْ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَاد؟ فَاِذَا سَاَلْتَهُمْ اَخِي؟ قَالُوا لَكَ؟ لَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وِلِصَحَابَتِهِ اَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ شَعْرٌ طَوِيلٌ اِلَى اَكْتَافِهِمْ؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ اِنَّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللهِ وَاَصْحَابُهُ هُوَ تَابِعٌ لِلْعُرْفِ الْمَوْجُودِ فِي اَيَّامِهِمْ؟ وَاَمَّا مَا تَفْعَلُونَهُ الْيَوْمَ اَنْتُمْ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْعُرْفِ الْمَوْجُودِ فِي اَيَّامِنَا؟ وَبِالنَّتِيجَةِ هُوَ مُخَالِفٌ اَيْضاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى{خُذِ الْعَفْوَ وَاْمُرْ بِالْعُرْفِ(الْمَوْجُودِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَان؟ لِاَنَّ مَنْ اَطَالَ شَعْرَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؟ اَوْ وَضَعَ الْكُحْلَ عَلَى عَيْنَيْهِ؟ فَاِنَّ النَّاسَ لَايَنْظُرُونَ اِلَيْهِ نَظْرَةَ احْتِرَام؟ وَكَمَا تَعْلَمُونَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ؟ اَنَّ الْكُحْلَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضاً مُلْزِماً؟ لِاَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام كَانَ يَعْلَمُ اَنَّ بَعْضَ الْمُجْتَمَعَاتِ غَيْرِ الْبَدَوِيَّةِ لَنْ تَتَقَبَّلَهَا؟ وَاَنَّهُمْ سَيَنْظُرُونَ اِلَى الرَّجُلِ الَّذِي يَتَكَحَّلُ نَظْرَةَ احْتِقَارٍ تَدُلُّ عَلَى اَنَّهُ مُخَنَّثٌ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فِي كُحْلِهِنَّ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مِنْ رَحْمَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ اَنَّهُ لَمْ يُلْزِمِ الرِّجَالَ بِالْكُحْلِ؟ وَلَا بِاِطَالَةِ الشَّعْرِ؟ وَلَمْ يُلْزِمْنَا بِالْعُرْفِ الْمَوْجُودِ فِي اَيَّامِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَان؟ اِلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَعْرُوفَة وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَات؟ وَاَمَّا السُّنَنُ وَالْمَنْدُوبَاتُ وَالْمُسْتَحَبَّاتُ؟ فَقَدْ قَيَّدَ بَعْضَهَا بِالْعُرْفِ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهِ وَالْمَاْلُوفِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَان؟ وَاَعُودُ وَاَقُولُ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ فَاِنَّ مُصِيبَتَنَا الْكُبْرَى فِي هَذِهِ الْاَيَّام؟ هِيَ عَدَمُ وُجُودِ تَوْجِيهٍ دِينِيٍّ بِالنِّسْبَةِ لِسَتْرِ الْعَوْرَاتِ يَجْعَلُ النَّاسَ يَسْتَحِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْض؟ وَرُبَّمَا الْآن؟ وَنَحْنُ جَالِسُونَ ضُيُوفاً فِي اَحَدِ الْبُيُوتِ الْاِسْلَامِيَّة؟ نَرَى الْاَبَ يَتَعَرَّى اَمَامَ اَوْلاَدِه؟ وَالْاُمَّ اَمَامَ اَوْلَادِهَا؟ وَالْاَوْلَادَ اَمَامَ اَبِيهِمْ وَاُمِّهِمْ؟ وَالْاَخَ اَمَامَ اُخْتِهِ وَاَخِيه؟ وَالْاُخْتَ اَمَامَ اَخِيهَا وَاُخْتِهَا؟ بِلَا خَجَلٍ وَلَاحَيَاءٍ مِنَ الله؟ وَلَابَعْضُهُمْ يَخْجَلُ مِنْ بَعْض؟ وَلَا يَخْجَلُ مِنَّا حَتَّى وَنَحْنُ ضُيُوفٌ فِي بَيْتِه؟ وَهُمْ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ الْاَسَف؟ وَحَدِّثْ وَلَاحَرَجَ عَنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِين؟ وَقَدْ رَاَيْتُ ذَلِكَ بِاُمِّ عَيْنِي؟ وَدُونَ اَنْ تُوجَدَ هُنَاكَ اَيَّةُ ضَوَابِطُ تَضْبِطُ هَؤُلَاءِ عَلَى الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ فَكَيْفَ سَيُثَبِّتُ اللهُ قَلْبِي بَعْدَ اَنْ هَدَانِي اِلَى الدِّينِ الصَّحِيحِ وَهُوَ دِينُ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بَعْدَ اَنْ كُنْتُ امْرَاَةً نُصَيْرِيَّة؟ اَسْتَحْلِفُكُمْ بِاللهِ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ كَيْفَ سَيُثَبِّتُ اللهُ قَلْبِي عَلَى الْاِيمَان؟ وَاَنَا اَرَى هَذِهِ الْمَنَاظِرَ؟ مِمَّنْ يَنْبَغِي عَلَيْهِمْ اَنْ يُعَلّمُونِي الْاِيمَانَ الصَّحِيح؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ اَنَّنِي لَمْ اَجِدْ دِيناً مِنَ الْاَدْيَانِ؟ فِيهِ مِنَ الْآدَابِ وَالذَّوْقِ الرَّفِيعِ؟ كَمَا وَجَدْتُّ فِي دِينِ الْاِسْلَامِ السُّنِّي؟ لَكِنْ اَيْنَ الَّذِينَ يُطَبِّقُونَ هَذِهِ الْآدَابَ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ؟ حَتَّى يُسَاعِدُونِي عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ؟ لِاَنِّي وَاللِه الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ؟ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ اِلَى هَذِهِ الْقُدْوَةِ الصَّالِحَةِ؟ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْاِيمَانُ مِنْ قَلْبِي بِقُوَّة؟ لَا بِضَعْفٍ شَدِيد؟ وَلِذَلِكَ اَخِي؟ فَاِنَّ هُنَاكَ الْتِزَامَاتٍ اَدَبِيَّة؟ لَابُدَّ مِنْهَا فِي هَذَا الدِّينِ الْعَظِيم؟ فَهَلْ يَجُوزُ لِخَطِيبِ الْجُمُعَةِ مَثَلاً؟ اَنْ يَصْعَدَ اِلَى الْمِنْبَرِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَخْطُبَ وُدَّ النَّاسِ وَاقْتِدَاءَهُمْ بِهِ؟ لَابِساً شُورْتاً قَصِيراً وَلَوْ كَانَ يَسْتُرُهُ مِنَ السُّرَّةِ اِلَى مَا تَحْتَ الرُّكْبَة؟ هَلْ يَجُوزُ لَهُ اَنْ يَلْبَسَ بَنْطَلُوناً مُكَسَّماً اَوْ مُجَسَّماً ضَيِّقاً يُجَسِّمُ لَهُ عَوْرَتَهُ اَوْ جَلَّابِيَّةً تَشِفُّ مَا تَحْتَهَا مِنَ الْعَوْرَة؟ ثُمَّ يَصْعَدَ اِلَى الْمِنْبَرِ دُونَ عِمَامَةٍ اَوْ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِخَطِيبِ الْجُمُعَة؟ اَمْ لِكُلِّ مِهْنَةٍ لِبَاسُهَا الْخَاصُّ بِهَا؟ بَلْ لِكُلِّ وَقْتِ يُنَاسِبُهَا اَيْضاً؟ فَلَا يَجُوزُ لِاِنْسَانٍ اَنْ يَاْتِيَ بِثِيَابِ الْعَمَلِ الْمُلَوَّثَةِ الْمُتَّسِخَةِ مِنْ اَجْلِ اَدَاءِ صَلَاةِ الْجُمُعَة؟ لِاَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَايُنَاسِبُهُ اَبَداً اِلَّا ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ نَظِيفَةٌ مَكْوِيَّةٌ مُرَتَّبَةٌ تَخْرُجُ مِنْهَا الرَّوَائِحُ الْعِطْرِيَّةُ الزَّكِيَّةُ عَلَى جِسْمٍ طَاهِرٍ نَظِيفٍ اَيْضاً؟ وَلَكِنَّكَ مَعَ الْاَسَفِ اَخِي؟ اِذَا قُلْتَ لِاَمْثَالِ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُمْ بِالنَّظَافَةِ وَالنَّظَافَةُ مِنَ الْاِيمَان؟ قَالُوا لَكَ بِوَقَاحَةٍ لَمْ اَسْمَعْ بِهَا مِنْ قَبْل؟ هَذِهِ بَدْلَةُ الْعَمَل؟ هَذِهِ بَدْلَةُ الشَّرَف؟ وَاَقُولُ لِاَمْثَالِ هَؤُلَاءِ نَعَمْ؟ اِنَّ الْعَمَلَ مِنْ اَجْلِ كَسْبِ لُقْمَةِ الْحَلَالِ وَالصَّرْفِ عَلَى الْحَلَال ِهُوَ قِمَّةُ الشَّرَف؟ وَلَكِنْ هَلْ اَذِيَّتُكُمْ لِلنَّاسِ بِرَوَائِحِكُمُ الْكَرِيهَةِ الْمُقْرِفَةِ شَرَف؟ هَلْ تَلْوِيثُكُمْ لِلْمَسْجِدِ وَتَلْطِيخُكُمْ لَهُ شَرَف؟ اِذَا اَرَدْتُّمْ اَنْ تَبْحَثُوا عَنِ الشَّرَفِ؟ فَابْحَثُوا عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[رَاَيْتُ مِنْ اَفْضَلِ مَحَاسِنِ اَعْمَالِ اُمَّتِي اِزَالَةَ الْاَوْسَاخِ وَالْاَقْذَارِ مِنْ الشَّارِعِ وَالْمَسْجِد؟ وَرَاَيْتُ مِنْ اَحْقَرِ مَخَازِي وَمَسَاوِىءِ اَعْمَالِ اُمَّتِي اِلْقَاءَ الْاَوْسَاخ ِوَالْاَقْذَارِ فِي الشَّارِعِ وَالْمَسْجِد؟ اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام(فَهَلْ قُدُومُكُمْ اِلَى الْمَسْجِدِ بِالْاَوْسَاخِ وَالْاَقذَارِ مِنْ ثِيَابِكُمْ وَجَسَدِكُمْ وَرَوَائِحِكُمُ الْقَذِرَة؟ هَلْ ذَلِكَ مِنَ الشَّرَفِ فِي شَيْء؟ اَلَمْ تَعْلَمُوا اَنَّكُمْ لَنْ تَحْصَلُوا عَلَى حُورِيَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ حُورِيَّاتِ الْجَنَّة؟ اِلَّا اِذَا دَفَعْتُمْ لَهُنَّ مُهُورَهُنّ؟ اَلَمْ تَعْلَمُوا اَنَّ مُهُورَ الْحُورِ الْعِينِ هِيَ تَنْظِيفُ الشَّوَارِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَخَاصَّةً فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُحِيطُ بِالْمَسْجِد؟ وَاَتَحَدَّاكُمْ اَنْ تَجِدُوا شَيْئاً مِنَ الْقُمَامَةِ اَوِ الْاَقْذَارِ اَوِ الْاَوْسَاخِ؟ فِي الْمَكَانِ الّذِي يُحِيطُ بِالْكَنَائِسِ عِنْدَ اِخْوَانِنَا مِنَ النَّصَارَى؟ بَلْ اِنَّكَ لَاتَجِدُ اَخِي اِلَّا اَعْقَابَ السَّجَائِرِ بِكَثْرَةٍ كَبِيرَةٍ جِدّاً؟ وَحَدِّثْ وَلَاحَرَجَ عَنِ الزُّبَالَةِ الْهَائِلَةِ مِنَ الْحُمُّصِ الْاَخْضَرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَحَارِمِ الْوَرَقِيَّةِ وَاَعْقَابِ السَّجَائِرِ وَاَكْيَاسِ الْقُمَامَةِ وَعُلَبِ التَّنَكِ مِنَ الْبِيبْسِي كُولَا وَغَيْرِهَا وَهِيَ مُلْقَاةٌ حَوْلَ الْمَكَانِ الَّذِي يُحِيطُ بِالْمَسْجِد؟ وَلَايَهُمُّهُمْ اِنْ رَمَوْهَا مِنْ نَوَافِذِ الْبُيُوت؟ وَلَايَهُمُّهُمْ اِنْ بَصَقُوا مِنْ نَوَافِذِ الْبُيُوتِ اَيْضاً؟ بَلْ قَدْ رَاَيْتُ بِاُمِّ عَيْنِي مَنْ يَبْصُقُ مِنْ نَوَافِذِ الْجَوَامِعِ اَيْضاً عَلَى الْمَارَّةِ فِي الطَّرِيق؟ بَلْ قَدْ رَاَيْتُ بِاُمِّ عَيْنِي مِنَ السُّكَارَى الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَلَايَخَافُونَ اللهَ اَبَداً مَنْ يُلْقِي مِنْهُمْ بِقَنَانِي الْخَمْرِ فِي الشَّوَارِعِ وَمِنْ نَوَافِذِ الْبُيُوتِ ثُمَّ يَقُومُ بِتَكْسِيرِهَا فِي مُنْتَصَفِ الشَّوَارِعِ حَتَّى تَدُوسَ عَلَيْهَا عَجَلَاتُ السَّيَّارَاتِ وَحَتَّى يَدُوسَ عَلَيْهَا الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ لَايَجِدُونَ مِنْ قُسَاةِ الْقُلُوبِ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ بِلِبَاسٍ وَلَاحِذَاءٍ مِنْ اَجْلِ اَلَّا يَسِيرُوا فِي الشَّوَارِعِ حُفَاةَ الْاَقْدَامِ وَعُرَاةَ الْاَجْسَامِ وَهُمْ يَرْتَجِفُونَ مِنَ الْبَرْد؟ وَاَتَحَدَّاكَ اَخِي اَنْ تَجِدَ مِثْلَ هَذِهِ الْقَذَارَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْاَسَف فِي الْبِلَادِ الَّتِي نَقُولُ عَنْهَا اِنَّهَا بِلَادُ الْقَذَارَةِ الصَّلِيبِيَّة اللاَّاَخْلَاقِيَّةِ الْاِبَاحِيَّة؟ وَاَتَحَدَّاكَ اَخِي اَنْ تَجِدَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الصَّلِيبِيَّةِ مِنْدِيلاً وَرَقِيّاً اَوْعُقْباً مِنْ اَعْقَابِ السَّجَائِرِ اَوْ قُمَامَةً مُلْقَاةً فِي شَوَارِعِهِمْ اَوْ فِي حَدَائِقِهِمُ الْعَامَّة؟ وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّ كُلَّ مَكَانٍ لَهُ ثِيَابُهُ الخَاصَّةُ الَّتِي تَلِيقُ بِهِ؟ وَخَاصَّةً بُيُوتُ اللهِ فِي الْمَسَاجِد؟ وَكُلُّ مِهْنَةٍ اَيْضاً لَهَا ثِيَابُهَا الْخَاصَّةُ الَّتِي تَلِيقُ بِهَا فِي اَمَاكِنِ الْعَمَل؟ فَحِينَمَا تَاْتِي اَخِي اِلَى مَسْجِدٍ اَوْ جَامِعٍ؟ فَيَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تَتَاَدَّبَ مَعَ بُيُوتِ اللهِ خَاصَّةً؟ وَاَتَحَدَّاكَ اَخِي اِنْ كُنْتَ تَجْرُؤُ عَلَى اَنْ تَاْتِيَ اِلَى الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ مَثَلاً بِغَيْرِ الثّيَابِ الْمَاْلُوفَةِ كَالدَّارِج ِفي اَيَّامِنَا مَثَلاً مِمَّا يُسَمَّى بَرْمُودَا؟ فَهَلْ يَسْمَحُ لَكَ الْقَاضِي اَنْ تَدْخُلَ اِلَى قَاعَةِ الْمَحْكَمَةِ بِالْبَرْمُودَا حَتَّى وَلَوْ كُنْتَ تَعِيشُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي فِيهَا مُثَلَّثُ بَرْمُودَا؟ اَمْ يَطْرُدُكَ عَنْ بَابِ الْمَحْكَمَةِ اِلَى جَحِيمِ مُثَلَّثِ بَرْمُودَا؟ فَاِذَا كَانَتْ هَيْبَةُ الْمَحَاكِمِ مَحْفُوظَةً فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَشَدِيدَةً اِلَى هَذِهِ الدَّرَجَة؟ فَاَيْنَ هَيْبَةُ الله؟ وَاَيْنَ هَيْبَةُ بُيُوتِ اللهِ وَمَسَاجِدِهِ فِي قُلُوبِنَا؟ فَهَلْ يَلِيقُ بِكَ اَخِي اَنْ تَاْتِيَ بِالْبَرْمُودَا مِنْ اَجْلِ عِبَادَةِ اللهِ وَالصَّلَاةِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ وَرَبُّ الْعَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُه؟ فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَلْتَزِمَ بِهَذِهِ الْآدَابِ الْاِسْلَامِيَّةِ الْعَظِيمَة؟ حَتَّى تَكُونَ عِبَادَتُكَ كَامِلَة؟ وَحَتَّى تَكُونَ هَيْئَةُ عِبَادَتِكَ رَاقِيَةً عِنْدَ الله؟ لِاَنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَال؟ وَلَايَكُونُ الْجَمَالُ اِلَّا فِي الْمُبَالَغَةِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ مِنَ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ؟ اَنْ تَلْبَسَ اَخِي مَايُسَمَّى بِالسِّرْوَال؟ وَهُوَ الْبِيجَامَا اَوِ الْبِنْطَالُ الْفَضْفَاضُ الْوَاسِعُ الَّذِي يَكُونُ تَحْتَ الْجَلَابِيَّةِ؟ وَاِلَّا فَالْبَسْ فَوْقَهُ اَخِي ثَوْباً اَوْ قَمِيصاً طَوِيلاً يُغَطّي مَقْعَدَتَكَ اِذَا سَجَدْتّ؟ وَالْمَقْعَدَة هِيَ مَايُسَمِّيهِ الْعَوَامُّ بِالطّيز؟ وَمَنْ تَعَمَّدَ اَنْ تَنْكَشِفَ مَقْعَدَتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ؟ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَة؟ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[كَاشِفُ الْعَوْرَةِ مَلْعُون؟ وَالنَّاظِرُ اِلَيْهَا مَلْعُونٌ اَيْضاً( نَعَمْ اَخِي؟ سِرْوَالٌ فَوْقَهُ قَمِيصٌ طَوِيل؟ وَكَذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ اَنْ تُصَلّيَ اَخِي وَاَنْتَ سَاتِرٌ لِرَاْسِك؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نَرَى فِي اَيَّامِنَا؟ اَنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ يُصَلُّونَ وَهُمْ عُرَاةُ الرُّؤُوس؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاءِ؟ لَابَاْسَ بِذَلِكَ؟ وَلَيْسَ مَا تَفْعَلُونَهُ حَرَاماً؟ وَلَكِنِّي قَرَاْتُ فِي كُتُب ِالْفِقْهِ؟ اَنَّ مِنَ السُّنَّةِ الْمَنْدُوبَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ؟ وَمِنْ آدَابِ الصَّلَاةِ؟ اَنْ تَكُونَ الثّيَابُ ثَلَاثَة؟ وَهِيَ سِرْوَالٌ؟ وَقَمِيصٌ طَوِيل؟ وَشَيْءٌ يُغَطّي الرَّاْسَ؟ وَهَذَا هُوَ الْمَظْهَرُ اللَّائِقُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ؟ وَخَاصَّةً صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ الَّتِي نَحْنُ مَاْمُورُونَ بِهَا رِجَالاً فِي جَمِيعِ الْاَوْقَاتِ وَنِسَاءً فِي اَوْقَاتٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ اَجْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيّ؟ وَلَنْ نَبْخَلَ عَلَى اَنْفُسِنَا رِجَالاً وَنِسَاءً مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِينَ بِالِاجْتِمَاعِ مَعَ اِخْوَانِنَا مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ وَالْجِنِّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسَاجِدِ وَمَا يَجْلِبُهُ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ مِنْ بَرَكَاتِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَااجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ اِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ سَكِينَةُ الله وَغَشِيَتْهُمْ رَحْمَةُ الله وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَبَسَطَتْ لَهُمْ اَجْنِحَتَهَا رِضاً بِمَا يَفْعَلُونَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فَيمَنْ عِنْدَه(فَلِمَاذَا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ تَبْخَلُونَ عَلَى اَنْفُسْكُمْ بِهَذِهِ الْبَرَكَاتِ وَالْفُيُوضَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ الْمُتَجَلّيَة؟ لِمَاذَا لَاتَاْتُونَ اِلَى مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ اَجْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ فَقَطْ وَلَانُرِيدُ مِنْكُمُ الصَّلَاةَ اِلَّا لِمَنْ يَرْغَبُ بِالْاِسْلَامِ مِنْكُمْ؟ لِمَاذَا نَرَى اَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ يَتَسَابَقُونَ مِنْ اَجْلِ حُضُورِ قَدَادِيسِ النَّصَارَى وَلَانَرَى مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ اِلَّا مَنْ يَتَكَبَّرُ عَلَى بُيُوتِ اللهِ وَهِيَ مَسَاجِدُ اَهْلِ السُّنَّةِ حَقِيقَة؟ وَاَقُولُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِين؟ اُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنُّهُ لَاشَيْءَ بَعْدَ الْيَوْم يُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَاَعَاصِيرِهِ الْمُدَمِّرَة اِلَّا حُضُورُكُمْ اِلَى مَسَاجِدِ اللهِ الَّتِي يُنْهَى فِيهَا عَنِ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوء؟ وَاَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون( وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ كُنْتُ فِي تُرْكِيَّا مِنْ اَجْلِ السِّيَاحَة؟ فَدَخَلْتُ اِلَى مَسْجِدٍ مِنَ مَسَاجِدِهِمْ؟ وَمَا رَاَيْتُ اِنْسَاناً يُصَلّي كَاشِفَ الرَّاْسِ اَبَداً؟ وَكُلُّهُمْ كَانَتْ رُؤُوسُهُمْ مُغَطّاة؟ فَرَاقَبْتُهُمْ عَنْ كَثَب؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ وَاللهُ عَلَى مَااَقُولُ شَهِيد؟ اَنِّي مَا رَاَيْتُ اِنْسَاناً وَاحِداً مِنْهُمْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ الْاِمَام؟ وَلِذَلِكَ مَاشَعَرْتُ بِعِزَّةِ الْاِسْلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهَا؟ اِلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَاجِد؟ بِسَبَبِ تَعْظِيمِ الْاَتْرَاكِ الْهَائِلِ لِشَعَائِرِ الله؟ وَيَا لَيْتَهُمْ يُعَظّمُونَ شَعَائِرَ اللهِ اَيْضاً فِي الْجِهَادِ الْمُقَدَّسِ مِنْ اَجْلِ نُصْرَةِ اِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَان وَخَاصَّةً جِيرَانَهُمْ مِنَ السُّورِيِّين؟ وَاَمَّا فِي مَسَاجِدِ الْعَرَب؟ فَمَعَ الْاَسَف؟ فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى اَكْثَرَ الْمُصَلّينَ يَتْرُكُونَ الْاِمَامَ وَهُوَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ ثُمَّ يَخْرُجُونَ وَكَاَنَّهُمْ كَانُوا فِي سِجْنٍ يُرِيدُونَ اَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ اِطْبَاقِهِ عَلَى صُدُورِهِمْ؟ وَلَمْ اَجِدْ وَاحِداً مِنَ الْاَتْرَاكِ اَبَداً يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَتْرُكُ الْاِمَامَ لِيُدَرِّسَ حِيطَانَ الْمَسْجِدِ وَالْجِنَّ وَالْمَلَائِكَةَ الْمَوْجُودِينَ فِيهِ كَمَا يَفْعَلُ اَكْثَرُ الْعَرَبِ فِي مَسَاجِدِهِمْ؟ وَالْمُصِيبَةُ الْكُبْرَى اَنَّنَا نَحْنُ فِي هَذِهِ الْاُمُورِ لَانُرَاعِيهَا اَبَداً؟ وَقَدْ قَالَ لِي بَعْضُ الْاِخْوَةِ الْمَسِيحِيِّين؟ نَحْنُ اِذَا اَرَادَ رَجُلُ الدِّينِ فِي الْكَنِيسَةِ اَنْ يَتَكَلّم؟ فَلَا يُمْكِنُ اَنْ يَخْرُجَ اَحَدٌ مِنَ الْكَنِيسَة؟ فَاِذَا خَرَجَ اِنْسَانٌ؟ فَاِنَّ الْعُيُونَ كُلَّهَا تَاْكُلُه؟ لِاَنَّنَا نَعْتَبِرُ ذَلِكَ مِنْ قِلَّةِ الْاَدَب؟ فَقُلْتُ لَهُ؟ وَاحَسْرَتَاهُ عَلَى اَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاجِدِهِمْ وَمَجَالِسِ عِلْمِهِمْ؟ وَاحَسْرَتَاه؟ وَااَسَفَاهُ؟ لَايُوجَدُ اَدَبٌ مِنْ هَذِهِ الْآدَابِ الرَّاقِيَة؟ اِلَّا وَهُوَ مُوْجُودٌ مُسْبَقاً عِنْدَنَا قَبْلَ اَنْ يُوجَدَ عِنْدَ غَيْرِنَا؟ بَلْ اِنَّ اللهَ جَمَعَ الْآدَابَ الْكَوْنِيَّةَ كُلَّهَا وَوَضَعَهَا فِي هَذَا الدِّينِ الْاِسْلَامِيِّ الْعَظِيم؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَرْضَ بِدِينٍ غَيْرِهِ مِنَ الْاَدْيَانِ اَنْ يَكُونَ كَامِلاً اَبَداً كَمَا رَضِيَ ذَلِكَ فِي دِينِ الْاِسْلَام؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {اَلْيَوْمَ اَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَاَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاِسْلَامَ دِينَا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْاِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْه{هُوَ الَّذِي اَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون( فَهَذِهِ الْآدَابُ الْحَضَارِيَّةُ الرَّاقِيَة مَوْجُودَةٌ عِنْدَنَا بِكَثْرَةٍ؟ وَبِكَمٍّ هَائِلٍ لَاحُدُودَ لَه؟ وَلَكِنَّنَا تَرَكْنَاهَا لِغَيْرِنَا؟ وَلَمْ نَعْمَلْ بِهَا؟ وَغَيْرُنَا عَمِلَ بِهَا؟ فَاَصَابَ مِنَ الْحَضَارَةِ الرَّاقِيَةِ الَّتِي جَعَلَتْهُ يَتَقَدَّمُ عَلَيْنَا؟ وَنَحْنُ مَا زِلْنَا اِلَى الْآنَ فِي مُؤَخِّرَةِ الرَّكْبِ الْاُمَمِي؟ اُعْذُرْنِي يَا اَخِي؟ فَاِنَّ هَذِهِ آدَابُنَا؟ قَبْلَ اَنْ تَكُونَ آدَابَكُمْ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللِه وَرَسُولِهِ؟ وَاِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى اَمْرٍ جَامِعٍ؟ لَمْ يَذْهَبُوا؟ حَتَّى يَسْتَاْذِنُوه؟ اِنَّ الَّذِينَ يَسْتَاْذِنُونَكَ؟ اُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللِه وَرَسُولِه؟ فَاِذَا اسْتَاْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَاْنِهِمْ؟ فَاْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ؟ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ الله؟ اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم؟ لَاتَجْعَلُوا دُعَاءَ الرًّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَا؟ قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذَا(وَهُمُ الَّذِينَ يَلُوذُونَ بِالْفِرَارِ هَرَباً مِنَ الْمَسْجِدِ وَدُرُوسِ الْعِلْمِ؟ وَهَرَباً مِنْ رَسُولِ اللهِ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ مِنَ الْعُلَمَاء بَلْ هُمْ وَرَثَةُ جَمِيعِ الْاَنْبِيَاءِ اَيْضاً؟ وَهُمْ اَيْضاً الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ دُونِ اسْتِئْذَانٍ حَتَّى وَلَوْ كَانُوا مُضْطَّرِّين؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانُوا مُضْطّرِّين؟ وَحَتَّى وَلَوْ خَرَجُوا مُسْتَاْذِنِين؟ فَاِنَّ هَذَا ذَنْبٌ عَظِيم؟ يَحْتَاجُ اِلَى اسْتِغْفَارٍ لَهُمْ مِنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الْاَمِين؟ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى الرُّسُلِ وَالْاَنْبِيَاءِ اَجْمَعِين؟ بَدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي قَرَاْتَهَا اَخِي قَبْلَ حِين؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى اَخْطَرِ تَهْدِيدٍ هَدَّدَهُ اللهُ لِهَؤُلاَء الْمُنْصَرِفِين؟ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَالدِّين{صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ(عَنِ الْاِيمَانِ وَالْاِخْلَاصِ وَالْيَقِين{بِاَنَّهُمْ قَوْمٌ لَايَفْقَهُون( وَقَدْ نَفّذَ سُبْحَانَهُ تَهْدِيدَهُ فِعْلاً بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي بَلَادِنَا السُّورِيَّة؟ بِسَبَبِ اِهْمَالِنَا لِمَجَالِسِ الْعِلْم؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْمَصَائِبِ الْكُبْرَى الَّتِي جَرَّتْهَا مَحْظُورَاتُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى بِلَادِ الشَّام؟ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ اَمْرِهِ؟ اَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَة؟ اَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ اَلِيم(لَاحِظْ مَعِي جَيِّداً اَخِي؟ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ يُخَالِفُونَ اَمْرَه؟ وَاِنَّمَا قَالَ يُخَالِفُونَ عَنْ اَمْرِهِ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يُعْرِضُونَ عَنْ اَمْرِهِ فِي الْبَقَاءِ فِي مَجَالِسِ الْعِلْم؟ ثُمَّ تَنْتَقِلُ هَذِهِ الْعَدْوَى مِنْ اِعْرَاضِهِمْ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ اِلَى بَقِيَّةِ النَّاس؟ وَلَايَبْقَى اِلَّا الْجُهَّالُ الَّذِينَ لَايَفْقَهُونَ فِي اُمُورِ دِينِهِمْ شَيْئَا؟ وَلَايَفْقَهُونَ اِلَّا السَّرِقَةَ وَالتَّشْبِيحَ وَالْقَتْلَ وَالْاِجْرَامَ وَاَكْلَ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِل؟ وَهُنَا يَتَدَخَّلُ الشَّيْطَانُ بِالْفِتْنَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَاِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ فِي عَمَلِهِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ؟ مِنْ اَجْلِ اِيقَادِ نَارِ الْحِقْدِ وَالضَّغِينَةِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ فِي الْمُجْتَمَعِ كَمَا تَقُولُ الْآيَةُ الْكَرِيمَة؟ فَيَتَجَاوَبُ الْمُجْتَمَعُ مَعَ تَعَالِيمِ الشَّيْطَانِ وَيَتْرُكُ تَعَالِيمَ الْاِسْلَام؟ فَيَاْتِي الْعَذَابُ الْاَلِيمُ الَّذِي تَوَعَّدَتْ بِهِ الْآيَةُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَة؟ فَيَقْتُلُ بَعْضُنَا بَعْضاً مِنْ اَجْلِ الْمَال؟ فَيُصْبِحُ كُلُّ شَيْءٍ رَخِيصاً عِنْدَ اللِه وَعِنْدَ النَّاس؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ اَصْبَحَ رَخِيصاً عِنْدَ اَكْثَرِ النَّاس؟ وَاَمَّا الشَّيْطَانُ فَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَالِي عَلَى قُلُوبِ اَكْثَرِ النَّاس؟ وَلِذَلِكَ لَايَتَقَبَّلُ اللهُ دُعَاءَ اَكْثَرِ النَّاس؟ لِاَنَّهُ اَصْبَحَ رَخِيصاً عِنْدَهُ اَيْضاً؟ بَسَبَبِ انْعِدَامِ الْاِخْلَاص ِلَهُ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ فِي دُعَائِهِمْ؟ نَسْاَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ لَنَا وَلَكُمْ؟؟ بَعْدَ ذَلكَ سَاَلَنِي بَعْضُ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ عَلَى الْاِسْلَامِ وَاَهْلِهِ قَائِلاً لَقَدْ قُمْنَا بِدَرَاسَاتٍ مُسْتَفِيضَةٍ وَعَمِيقَةٍ عَلَى ظَاهِرَةِ التَّحَرُّشِ الْجِنْسِيِّ وَوَجَدْنَا اَنَّ نِسْبَةَ التَّحَرُّشِ الْجِنْسِيِّ عَلَى الْمُنَقّبَاتِ تَزْدَادُ بِشَكْلٍ هَائِلٍ جِدّاً عَلَيْهِنَّ اَكْثَرَ مِنَ السَّافِرَاتِ غَيْرِ الْمُلْتَزِمَاتِ بِشَرْعِ الله؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي نَعَمْ وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ شَرْعاً مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ اَوْ بَعِيدَة؟ لَكِنْ مِنْ دُونِ تَحَرُّشٍ جِنْسِيٍّ بِالْاَيْدِي؟ بَلْ بِالْقُلُوبِ فَقَط؟ وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ اَيْضاً شَرْعاً؟ وَهُوَ اَنْ يَحْصَلَ انْتِصَابٌ لِعُضْوِ الرَّجُلِ الذَّكَرِيِّ عَلَى اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ الْمُنَقَبَّات؟ وَصَدِّقْنِي فَاِنَّ التَّحْرِيضَ الْجِنْسِيَّ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْآمِنَةِ مِنَ الْحِجَابِ وَالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَطْلُوبَة؟ يَجْعَلُ نَسْلَ الرَّجُلِ وَذُرِّيَّتَهُ وَاَوْلَادَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ اَقْوَى الذُّرِّيَّةِ بِاِذْنِ الله؟ لِاَنَّ الرَّجُلَ غَالِباً لَايَسْتَهِينُ بِكَرَامَةِ الْمَرْاَةِ الْمُنَقّبَةِ اَوِ الْمُتَحَجِّبَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِم؟ بَلْ يَعْتَبِرُهَا قِدِّيسَة؟ وَيُرِيدُ اَنْ يَصِلَ اِلَيْهَا عَنْ طَرِيقِ الْحَلَالِ اَوِ الْحَرَامِ وَلَايَهُمُّه؟ اَلْمُهِمُّ عِنْدَهُ اَنْ يَتَّحِدَ مَعَهَا فِي رُوحٍ وَاحِدَة؟ تَجْعَلُ رُوحَهُ الْجَائِعَةَ اِلَى الطَّهَارَةِ وَالْقِيَمِ وَالْمُثُلِ الْعُلْيَا؟ تَشْتَاقُ اِلَى الِاتِّحَادِ مَعَ رُوحِهَا الطَّاهِرَةِ الْمُؤْمِنَة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الرَّجُلَ يَسْتَهِينُ غَالِباً بِكَرَامَةِ الْمَرْاَةِ الَّتِي تَعْرِضُ نَفْسَهَا سَافِرَةً مُتَبَرِّجَةً لِمَنْ هَبَّ وَدَبَّ مِنَ النَّاس؟ لِاَنَّ كُلَّ مَعْرُوضٍ مُهَانٌ وَرَخِيصٌ جِدّاً فِي اَعْيُنِ النَّاسِ وَقُلُوبِهِمُ الَّتِي يَقْذِفُ اللهُ فِيهَا رَغْماً عَنْهُمْ مِنَ الِاحْتَقَارِ الشَّدِيدِ لِاَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْمُتَبَرِّجَاتِ الْكَاسِيَاتِ الْعَارِيَات؟ لِاَنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ اِصْبَعَيْنِ مِنْ اَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ سُبْحَانَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَقُدْسِيَّتِه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الرَّجُلَ تَنْفِرُ رُوحُهُ وَتَتَعَذّبُ وَيُصِيبُهَا الْقَرَفُ وَالِاشْمِئْزَازُ مِنَ الِاتِّحَادِ مَعَ الْاَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْخَبِيثَةِ لِاَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْمُتَبَرِّجَاتِ السَّافِرَاتِ اللَّوَاتِي تَفَوَّقْنَ بِوَقَاحَتِهِنَّ عَلَى الشَّيْطَانِ الرَّجِيم؟ وَلِذَلِكَ اَقُولُ اِنَّ التَّحَرُّشَ الْجِنْسِيَّ بِهَؤُلَاءِ الْمُنَقَّبَاتِ لَهُوَ وَاللِه وَحَاشَ لِلَّهِ اَرْحَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ اَنْ يَتَحَرَّشَ الرِّجَالُ بِبَعْضِهِمْ ثُمَّ يَرْتَكِبُوا فَاحِشَةَ اللّوَاطِ مَعَ بَعْضِهِمْ؟ ثُمَّ يُصْبِحُ لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْحَقِيرَةِ قَانُونٌ يَسْمَحُ بِتَعَاطِيهَا وَتَبَنِّي اَوْلَاداً صِغَاراً لَاذَنْبَ لَهُمْ؟ وَقَدْ يُصْبِحُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ضَحَايَا لِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي سَيُنْشِؤُهُمْ مَنْ تَبَنَّاهُمْ مِنَ الْمِثْلِيِّينَ عَلَيْهَا؟ بَلْ قَدْ يَفْعَلُونَ الْفَاحِشَةَ مَعَهُمْ اَيْضاً وَيَعْتَدُونَ عَلَى الطُّفُولَةِ الْبَرِيئَةِ جِنْسِيّاً وَنَفْسِيّاً وَمَادِّيّاً وَمَعْنَوِيّاً؟ بَلْ اِنَّهُمْ سَيَقُومُونَ بِاسْتِغْلَالِ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اَبْشَعَ اسْتِغْلَال وَهُمْ مَازَالُوا اَطْفَالاً صِغَاراً فِي مُقْتَبَلِ الْعُمْر؟ فَيُصْبِحُ بِذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَهُ قِيمَة اِلَّا كَرَامَةَ الْاِنْسَانِ الرَّخِيصَةَ بِلَا قِيمَة؟ وَبِذَلِكَ يَكُونُ النَّسْلُ الْبَشَرِيُّ مُهَدَّدٌ بِالِانْقِرَاضِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْمِثْلِيِّينَ؟ بِسَبَبِ حَمَاقَةِ خَنَازِيرِ الصُّلْبَانِ وَغَبَائِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ الْمُرَّة؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّ مَنْ يَسْمَحُ لَهُمْ بِتَبَنِّي هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ هُوَ اَشَدُّ اِجْرَاماً مِنَ الْمِثْلِيِّينَ اَنْفُسِهِمْ؟ لِاَنَّهُ يُسْلِمُ هَؤُلَاءِ الْاَطْفَالِ اِلَى مَصِيرِهِمُ الْمَاْسَاوِيِّ الْمَجْهُولِ وَالْمَشْؤُومِ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاِسْلَامَ كَانَ يَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينَ اَنَّ كُلَّ مَمْنُوعٍ مَرْغُوب؟ وَاَنَّ كُلَّ مَحْجُوبٍ مَرْغُوبٌ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ مَا شَرَعَ الْاِسْلَامُ النِّقَابَ وَالْحِجَابَ وَالْخِمَارَ اِلَّا مِنْ اَجْلِ التَّحْرِيضِ الْجِنْسِيِّ الْهَائِلِ لِلرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ بِالنِّكَاحِ الْمَشْرُوعِ وَلَوْ لِاَرْبَعٍ مِنَ النِّسْوَةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْه؟ لَا مِنْ اَجْلِ التَّحْرِيضِ لِلرِّجَالِ عَلَى اَمْثَالِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ بِمَا يُسَمَّى لِوَاطاً؟ وَلَا لِلنِّسَاءِ عَلَى اَمْثَالِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ بِمَا يُسَمَّى سِحَاقاً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الدَّوْلَةَ الَّتِي تُرِيدُ الزِّنَى وَالْبِغَاءَ وَاللّوَاطَ وَالسِّحَاقَ وَالْاِبَاحِيَّةَ بِكُلِّ اَشْكَالِهَا وَلَاتُرِيدُ اَنْ تَتَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّاتِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْاَعْبَاءِ الْمُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِهَا مِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ اَبْنَاءِ مُجْتَمَعِهَا عَلَى اِزَالَةِ الْعَقَبَاتِ مِنْ طَرِيقِ الزَّوَاجِ الْمُشْرُوع وَبِحُجَّةِ وُجُودِ اَعْبَاءٍ مَالِيَّةٍ كَاذِبَة مَسْرُوقَة وَمَنْهُوبَة وَقَادِمَة مِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ دَوْلَةِ الْفَسَادِ وَالْمُفْسِدِينَ فِي الْاَرْضِ عَلَى اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مِنْ اَجْلِ الِاسْتِعْلَاءِ فِي الْاَرْضِ بِالْبَاطِلِ اَيْضاً؟عَفْواً اَقْصِدُ اَعْبَاءَ مَالِيَّةً هَائِلَةً مُسْتَحَقّةً عَلَيْهَا لِلدُّوَل ِالْاُخْرَى وَهِيَ اَوْلَى مِنْ مُسَاعَدَةِ هَؤُلَاءِ الشَّبَابِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ بِالزَّوَاج؟ فَهَذِهِ مُشْكِلَتُهَا هِيَ وَلَيْسَتْ مُشْكِلَةَ الْاِسْلَام؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ حَرَّمَ اَكْلَ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَجَعَلَ مُسَاعَدَةَ هَؤُلَاءِ الرَّاغِبِينَ فِي الزَّوَاجِ الْحَلَالِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْحَرَامِ اَفْضَلَ بَلْ اَوْلَى مِنْ حَجِّ النَّافِلَةِ وَعُمْرَةِ النَّافِلَة؟ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنْ ذَلِكَ كَثِيراً فِي مُشَارَكَاتٍ سَابِقَة بِمَا يَكْفِي؟ وَاَمَّا الْمَرْاَةُ الْمُتَنَقّبَةُ اَوِ الْمُتَحَجِّبَةُ الَّتِي قَدْ تَتَعَرَّضُ لِلِاغْتِصَابِ بِسَبَبِ التَّحَرُّشِ الْجِنْسِيّ؟ فَهَذِهِ اَيْضاً مُشْكِلَتُهَا وَلَيْسَتْ مُشْكَلَةَ الْاِسْلَام؟ لِاَنَّ الْاِسْلَامَ حَرَّمَ عَلَيْهَا اَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا اِلَى بَيْتِ جَارَتِهَا الْمُلَاصِقِ لِبَيْتِهَا مِنْ دُونِ مَحْرَمٍ وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي سَيُدَافِعُ عَنْهَا اِذَا تَعَرَّضَتْ لِاَيَّةِ مُضَايَقَاتٍ فِي الشَّارِع ِاَوْ فِي غَيْرِه؟ فَانْظُرْ اَخِي وَانْظُرِي اُخْتِي السَّافِرَة الْمُتَبَرِّجَة اِلَى الْمُصْيبَةِ الْعُظْمَى وَالْعَذَابِ الْهَائِلِ الَّذِي يَنْتَظِرُكِ بِمُجَرَّدِ دَفْنِكِ فِي الْقَبْرِ وَاِهَالَةِ التَّرَابِ عَلَيْكِ وَانْصِرَافِ الْمُشَيِّعِينَ عَنْكِ؟ وَهِيَ اَنَّ الْاِسْلَامَ لَمْ يَكْتَفِ مِنْكِ بِالْحِجَابِ وَالنِّقَاب؟ بَلْ لَابُدَّ اَيْضاً مِنْ وُجُودِ رَجُلٍ مَحْرَمٍ مُرَافِقٍ مَعَكِ اَيْنَمَا تَذْهَبِين؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ سَاَلَنِي اَحَدُ الْاِخْوَة اَنَّهُ يُعَانِي مِنْ مُيُولٍ خَاطِئَةٍ مِنَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيّ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَشْتَهِي الرِّجَالَ اَمْثَالَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ اِلَيْهِمْ فِي الصُّفُوفِ الْاَمَامِيَّةِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ حِينَمَا يَكُونُ هُوَ وَاقِفاً فِي الصَّفِّ الْخَلْفِيّ؟ وَيَقُولُ هَذَا السَّائِلُ وَهُوَ يَبْكِي بِحُرْقَةٍ وَهُوَ مَعِي عَلَى سَمَّاعَةِ الْهَاتِف؟ اَرْجُوكِ يَااُخْت آلاء؟ اَخَافُ عَلَى نَفْسِي كَثِيراً؟ اَنْ اَقَعَ فِي فَاحِشَةِ اللّوَاط؟ اُرِيدُ اِعْفَائِي مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ؟ وَسَاَبْقَى مُحَافِظاً دَائِماً عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْبَيْت؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِك؟ لَا اَسْتَطِيعُ اِعْفَاءَكَ اَبَداً مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِد؟ اَمَا تَسْمَعُ نِدَاءَ الْاَذَان؟ فَقَالَ نَعَمْ؟ فَقُلْتُ لَهُ؟ اِذاً عَلَيْكَ اَنْ تُلَبِّي؟ لِاَنَّ مِنْ اَكْبَرِ الْاَسْبَابِ الَّتِي تَجْعَلُ الرَّجُلَ يَقَعُ فِي فَاحِشَةِ اللّوَاط؟ هِيَ عَدَمُ انْخِرَاطِهِ فِي الْمُجْتَمَعِ الذُّكُورِي؟ بَلْ يَبْقَى مُلَازِماً لِبَيْتِهِ مُنْخَرِطاً فِي الْمُجْتَمَعِ الْاُنُوثِي النِّسَائِي؟ وَلِذَلِكَ اَخِي لَايُوجَدُ اِلَّا حَلٌّ وَاحِد؟ وَهُوَ اَنْ تُصَلّيَ مَعَ اِخْوَانِكَ فِي الْمَسْجِدِ مُغْمِضاً عَيْنَيْكَ مِنْ بِدَايَةِ الصَّلَاةِ اِلَى نِهَايَتِهَا؟ ثُمَّ تَخْرُجَ فَوْراً مِنَ الْمَسْجِدِ وَتُصَلّيَ السُّنَنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ مِمَّا يُسَمَّى سُنَنَ الرَّوَاتِبِ فِي بَيْتِك؟ وَاَمَّا فَرَائِضُ الصَّلَاةِ؟ فَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تُصَلّيَهَا اِلَّا فِي الْمَسْجِدِ؟ اِلَّا اِذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ قَاهِر؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِدُرُوسِ الْعِلْمِ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَلَا اُعْفِيكَ مِنْهَا اَبَداً اَيْضاً؟ فَعَلَيْكَ اَنْ تَجْلِسَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ لَاتَرَى فِيهَا الرِّجَال؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَسْتَوْعِبَهَا وَتَفْهَمَهَا جَيِّداً؟ وَاِلَّا فَاِنَّكَ لَنْ تَفْهَمَ مِنْهَا شَيْئاً اِذَا بَقِيتَ تَنْظُرُ اِلَى الرِّجَال؟ وَاللهُ يُرِيدُ مِنْكَ اَنْ تَنْشَغِلَ بِدُرُوسِ الْعِلْمِ بِكَثَافَةٍ عَنِ النَّظَرِ اِلَى الرِّجَال؟ وَلَايُرِيدُ مِنْكَ اَبَداً سُبْحَانَهُ اَنْ تَنْشَغِلَ بِالنَّظَرِ اِلَى الرِّجَالِ وَالْاِعْجَابِ بِهِمْ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْم؟ لِاَنَّ اَكْثَرَهُمْ مَعَ الْاَسَفِ اَخِي وَلَا اَقُولُ الْكُلّ؟ لَايَسْتَحِقُّونَ اَنْ تَنْظُرَ اِلَيْهِمْ اِلَّا بِاحْتِقَارٍ وَازْدِرَاءٍ وَحَذَرٍ شَدِيد؟ وَخَاصَّةً اَشْبَاهَ الرِّجَالِ اُولَئِكَ الْمُتَخَاذِلِينَ وَالْمُتَقَاعِسِينَ وَالْقَابِعِينَ فِي مُخَيَّمَاتِ الذُّلِّ وَالْعَارِ مِنْ مُجَاهِدِي شَيْطَانِ الْفَايْسْبُوك وَالتْوِيتَر وَالْيُوتْيُوب؟ وَالَّذِينَ لَايَاْتُونَ لِنُصْرَةِ اِخْوَانِهِمْ فِي سُورِيّا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِذَا رَاَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ اَجْسَامُهُمْ؟ وَاِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ؟ كَاَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَة؟ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ؟ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ؟ قَاتَلَهُمْ اللهُ؟ اَنَّى يُؤْفَكُون(هَلْ اَعْجَبَكُمْ جَمَالُ الْوَجْهِ الْفَلَسْطِينِي اَيُّهَا الْحُثَالَةُ الْاَقْذَارُ الْعَوَاهِرُ اللُّوطِيُّونَ فِي بَرْنَامَج عَرَب آيْدِل؟ هَلْ اَعْجَبَكُمْ اِلَى هَذِهِ الدَّرَجَة؟ اُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّهُ لَايُسَاوِي عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَة؟ بَلْ لَايُسَاوِي حِذَاءً مِنْ اَحْذِيَتِكُمُ الَّتِي تَنْتَعِلُونَهَا؟ لِاَنَّهُ شَيْطَانٌ مِنَ التَّخَاذُلِ وَالتَّقَاعُسِ عَنْ نُصْرَةِ اِخْوَانِهِ السُّورِيِّينَ قَبْلَ اَنْ يَكُونَ شَيْطَانَ الْغِنَاء؟هَلْ اَعْجَبَكُمْ غِنَاؤُكُمْ وَرَقْصُكُمْ مَعَهُ عَلَى جُثَثِ اَطْفَالِ سُورِيَّا الْمُحْتَرِقَة الْمُتَفَحِّمَة؟ هَلْ تُغَنُّونَ وَتَرْقُصُونَ لِلشَّبِّيحَةِ الْاَقْذَارِ الْاَنْجَاس وَهُمْ يَقُومُونَ بِاغْتِصَابِ الْحَرَائِرِ وَالرِّجَالِ فِي السُّجُونِ وَاِذْلَالِهِمْ؟ كَيْفَ يَحْلُو لَكُمُ الْغِنَاءُ وَالرَّقْصُ وَهُمْ يَصْرُخُونَ وَيَتَاَلَّمُونَ مِنْ قُوَّةِ تَعْذِيبِهِمْ فِي السُّجُون؟اَلَيْسَ مَا تَفْعَلُونَهُ يُعَبِّرُ عَنْ شَمَاتَتِكُمُ الْكُبْرَى بِمَا يَحْصَلُ لِلْمُسْلِمِين يَااَعْدَاءَ الدِّين؟ مِنْ أيَّةِ عَجِينَةٍ مَصْنُوعُونَ اَنْتُمْ؟ مَا هِيَ هَذِهِ الْقُلُوبُ الْعَفِنَةُ الْقَذِرَةُ الْقَاسِيَةُ الْاَقْسَى مِنْ قَسْوَةِ الْحِجَارَة؟ صَوِّتُوا مَا شِئْتُمْ وَمَا اَكْثَرَ التَّصْوِيت؟ رَشِّحُوا مَنْ شِئْتُمْ وَمَا اَكْثَرَ التَّرْشِيح؟ هَلْ مَا زِلْتُمْ اِلَى الْآنَ تُصَوِّتُونَ عَلَى الْمُطْرِبِ الْمُفَضَّلِ لَدَيْكُمْ؟ اُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم وَاللهُ عَلَى مَا اَقُولُ شَهِيد؟ اَنَّ مَلَائِكَةَ الْعَذَابِ مَا زَالُوا اِلَى الْآنَ يُصَوِّتُونَ اَيْضاً؟ وَمُنْذُ اَنْ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْض؟ اِلَى اَنْ تَقُومَ السَّاعَة؟ عَلَى اخْتِيَارِ الشَّقِيِّ الْجَهَنَّمِيِّ الْمُفَضَّلِ الْمَحْبُوبِ لَدَيْهِمْ؟ مِنْ اَجْلِ الْقِيَامِ بِتَعْذِيبِهِ وَاِهَانَتِهِ وَحَرْقِهِ وَالتَّنْكِيلِ بِهِ؟ بِمَا لَاعَيْنٌ رَاَتْ؟ وَلَا اُذُنٌ سَمِعَتْ؟ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ اَبَداً؟ مِنَ الْعَذَابِ وَالسَّلَاسِلِ وَالْاَغْلَالِ الْمُخِيفَةِ الْهَائِلَةِ الْمُرْعِبَةِ الْمُحَمَّاةِ بِسَعِيرِ جَحِيمِ جَهَنَّمَ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَم{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيَّا؟ ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ اَيُّهُمْ اَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيَّا؟ ثُمَّ لَنَحْنُ اَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ اَوْلَى بِهَا صِلِيَّا؟ وَاِنْ مِنْكُمْ اِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيَّا؟ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيَّا(هَلْ مَا زَالَ صَوْتُ الْغِنَاءِ الرَّقَّاص؟ اَحَبَّ اِلَيْكُمْ مِنْ صَوْت ِالرَّصَاص؟ اُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم؟ اَنَّ صُرَاخَكُمْ وَاسْتِغَاثَاتِكُمُ الْهَائِلَةِ فِي الْقُبُور؟ وَفِي جَحِيمِ جَهَنَّم؟ اَحَبُّ اِلَى مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ؟ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ الْعَامِّ وَالْخَاصّ؟اِلَّا اِذَا رَجَعْتُمْ اِلَى اللهِ تَائِبِينَ بِاِخْلَاص؟ وَنَبْدَاُ بِالْمُشَارَكَةِ عَلَى بَرَكَةِ اللهِ شَدِيدِ الْعِقَابِ الْجَبَّارِ الْمُنْتَقِمِ بِاَعْدَلِ الْقِصَاص؟ اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَتَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَبَعْد؟ فَقَدْ وَرَدَنِي سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه؟ مَاهِيَ حَقِيقَةُ الْمُعْتَزِلَة؟ وَمَاهُوَ مَوْقِفُ اَهْلِ السُّنَّةِ مِنْهُمْ؟ وَحَبَّذَا لَوْ تُسَلّطِينَ شَيْئاً مِنَ الضَّوْءِ عَلَيْهِمْ؟ وَاَقُولُ وَبِاللهِ اَسْتَعِين؟ اَوَّلاً لَابُدَّ اَنْ نُبَيِّنَ اَنَّ هُنَاكَ عُلُوماً حَدَثَتْ بَعْدَ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الْاَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ وَلَاسِيَّمَا فِي الْعَصْرِ الْاُمَوِيِّ وَالْعَصْرِ الْعَبَّاسِيّ؟ وَكَانَتِ الْعُلُومُ بَعْضُهَا مُخْتَلِطاً بِبَعْض؟ فَجَاءَ مَايُسَمَّى بِالتَّمْيِيز؟ لِتَصْنِيفِ الْعُلُومِ وَتَنْوِيعِهَا؟ فَمَثَلاً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَايُسَمَّى بِعِلْمِ التَّوْحِيدِ اَوْ بِعِلْمِ التَّفْسِيرِ اَوْ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ اَوْ بِعِلْمِ اللَّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي لَهَا صِلَةٌ قَوِيَّةٌ بِالشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ وَحَتَّى كَلِمَةُ فِقْه؟ كَانُوا يَفْهَمُونَ مِنْهَا اَنَّهَا بِمَعْنَى الْفَهْمِ لِاُمُورٍ دَقِيقَةٍ لَاتَخْطُرُ اِلَّا عَلَى بَالِ مَنْ هَدَاهُ اللهُ لِفَهْمِهَا بِشَرْط؟ اَنْ يَفْتَحَ لَهَا قَلْبَهُ وَعَقْلَه؟ وَاَنْ تَكُونَ لَدَيْهِ الرَّغْبَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الصَّادِقَةُ الْجَادَّةُ فِي فَهْمِهَا وَتَقَبُّلِهَا وَعَدَمِ النُّفُورِ مِنْهَا لِمُجَرَّدِ الْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ الْاَعْمَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَايَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثَا( أيْ لَايَفْهَمُونَ مَا يُقَالُ لَهُمْ؟ وَتَمُرُّ الْاَيَّامُ بَعْدَ ذَلِك؟ اِلَى اَنْ خُصِّصَ الْفِقْهُ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّة؟ وَتَمُرُّ الْاَيَّامُ بَعْدَ ذَلِكَ اَيْضاً؟ اِلَى اَنْ خُصِّصَ الْفِقْهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِالْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَمَا يُسَمَّى بِالْاَحْوَالِ الشَّخْصِيَّة؟ ثُمَّ اسْتُحْدِثَ بَعْدَ ذَلِكَ عِلْمُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة؟ وَتَمَيَّزَتِ كَذَلِكَ بِعِلْمِ النَّحْوِ وَعِلْمِ الصَّرْفِ وَعِلْمِ الْاِمْلَاءِ وَعِلْمِ الْبَلَاغَةِ وَعِلْمِ الْبَدِيعِ وَعِلْمِ الْعَرُوضِ وَعِلْمِ الشِّعْرِ وَالنَّثْرِ وَالْقِصَّةِ وَالْمَسْرَحِيَّةِ وَعِلْمِ النَّقْدِ لِلشِّعْرِ وَالنَّثْرِ اِلَى غَيْرِ ذَلِك؟ وَنَشَاَ كَذَلِكَ مَا يُسَمَّى بِعِلْمِ التَّوْحِيدِ وَعِلْمِ الْعَقِيدَةِ وَعِلْمِ الْكَلَام؟ وَكُلُّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسَمَّى وَاحدٍ وَهُوَ عِلْمُ الْعَقِيدَة؟ وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ اَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ قَلْبِهِ بِالتَّوْحِيدِ اَوّلاً وَقَبْلَ جَمِيعِ الْعُلُومِ الَّتِي تُخَالِفُ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ وَقَبْلَ عِلْمِ الْكَلَامِ اَيْضاً؟ لِاَنَّ عِلْمَ الْكَلَامِ يَاْخُذُ طَالِبَ الْعِلْمِ اِلَى دَوَّامَةٍ خَطِيرَةٍ وَمَتَاهَةٍ عَظِيمَةٍ عَنْ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ الصَّحِيحَة؟ بَلْ يَصْعُبُ فَهْمُهَا جِدّاً اِذَا بَدَاَ بِدِرَاسَتِهِ قَبْلَ غَيْرِه ِمنَ الْعُلُوم؟ وَلِذَلِكَ وَلِلضَّرُورَةِ الْقُصْوَى؟ فَاِنَّ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ؟ اَنْ يَبْدَاَ بِتَحْصِينِ عِلْمِهِ وَقَلْبِهِ وَعَقْلِهِ بِعَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْوَهَّابِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّة؟ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَذْهَبُ اِلَى دِرَاسَةِ عِلْمِ الْكَلَامِ وَغَيْرِه ِمنَ الْعُلُوم؟ وَسُمِّيَ عِلْمَ الْعَقِيدَة؟ لِاَنَّهُ يَبْحَثُ فِي عَقِيدَةِ الْمُسْلِم؟ وَاَمَّا عِلْمُ الْكَلَامِ فَقَدْ سُمِّيَ بِعِلْمِ الْكَلَامِ؟ لِاَنَّهُمْ كَانُوا يَتَجَادَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَبْنُونَ آرَاءَهُمْ عَلَى قَضَايَا مَنْطِقِيَّةٍ لِيُقْنِعُوا النَّاسَ بِصِحَّتِهَا؟ وَخَاصَّةً بَعْدَ اَنْ تَطَعَّمَتِ الثَّقَافَةُ الْاِسْلَامِيَّةُ طُعْماً قَدْ يَكُونُ شَيْطَانِيّاً فِي بَعْضِ الْاَحْوَال بِالثَّقَافَةِ الْيُونَانِيَّةِ الدَّخِيلَةِ عَلَيْهَا؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ اَنْ يَتَغَيَّرَ اُسْلُوبُ الدَّعْوَةِ اِلَى الْاِسْلَام؟ مِنَ الْمَنْطِقِ الْاِيمَانِيِّ الَّذِي قَدْ لَايَقْتَنِعُ بِهِ بَعْضُ النَّاس؟ اِلَى الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ الشَّيْطَانِيِّ الَّذِي يَجْعَلُ الْمَنْطِقَ الْبَاطِلَ الَّذِي يَخُصُّهُمْ فِي خِدْمَةِ الْحَقِّ الْاَبْلَجِ الْوَاضِحِ وَالَّذِي يَدِينُ الْبَاطِلَ مِنْ اَلْسِنَةِ اَهْلِ الْبَاطِل ِاَنْفُسِهِمْ وَمَنْطِقِهِمْ؟ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْاُسْلُوبَ وَلَا هَذَا الْمَنْطِقُ الْيُونَانِيُّ مَوْجُوداً فِي عَصْرِ الْاِسْلَامِ الْاَوَّلِ وَلَا عِنْدَ الرَّعِيلِ الْاَوَّلِ مِنَ الصَّحَابَة؟ وَلَكِنَّهُ بَدَاَ يَظْهَرُ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ وَمِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الَّذِي اعْتَزَلَهُ تِلْمِيذُهُ كَمَا سَيَاْتِي؟ ثُمَّ تَطَوَّرَ شَيْئاً فَشَيْئاً؟ اِلَى اَنْ سُمِّيَ بِعِلْمِ الْكَلَام؟ وَاَمَّا جَوْهَرُعَقِيدَةِ التَّوْحِيد؟ فَقَدْ بَقِيَ وَاحِداً وَعِلْماً مُسْتَقِلّاً عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُوم؟ لِمَتَانَتِهِ وَقُوَّتِهِ فِي نُفُوسِ الْمُوَحِّدِين؟ وَلَمْ يَتَاَثَّرْ بِعِلْمِ الْكَلَامِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَعْتَبِرُونَ الْكَلَامَ وَالتَّوْحِيدَ عِلْماً وَاحِداً؟ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَعْتَبِرُونَ عِلْمَ التَّوْحِيدِ جُزْءاً مِنْ عِلْمِ الْكَلَام؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء؟ بَلْ اِنَّ عِلْمَ التَّوْحِيدِ عِلْمٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ وَلَاعَلَاقَةَ لِعِلْمِ الْكَلَامِ بِه؟ اِلَّا مِنْ بَابِ الِاسْتِئْنَاس؟ مِنْ اَجْلِ اُنَاس؟ لَايَقْتَنِعُونَ اِلَّا بِالْمَنْطِقِ الْوَثَنِيِّ الْيُونَانِيِّ عَدِيمِ الْاِحْسَاس؟ وَلَيْسَ عِنْدَهُ اِيمَانٌ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ مِنَ الْاَسَاس؟ وَاِذَا اَرَدْتُّمْ اِدْرَاجَ عِلْمِ التَّوْحِيدِ فِي الْجُزْئِيَّةِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ عِنْدَ النَّاس؟ فَاِنَّ الْجُزْءَ فِي اللَّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْكُلُّ بِلَا شَكٍّ وَلَاظَنٍّ وَلَا الْتِبَاس؟ بِدَلِيلِ الرَّقَبَةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِفَكِّهَا مِنْ اَجْلِ تَحْرِيرِهَا مِنْ ظُلْمِ النَّاس؟ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ كُلٍّ وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَشْمَلُ جَمِيعَ اَعْضَاءِ الْاَمَةِ اَوِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ بِلَا نُقْصَانٍ وَلَا تَقْسِيمٍ اِلَى اَسْدَاسٍ اَوْ اَخْمَاس؟بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَد{وَمَا اَدْرَاكَ مَاالْعَقَبَة؟ فَكُّ رَقَبَة(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ عِلْمَ الْكَلَامِ اِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ اَجْلِ دَعْمِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ فَهُوَ تَجْدِيفٌ وَهَرْطَقَةٌ وَهُرَاء بَاطِلٌ وَلَا اعْتِبَارَ لَهُ عِنْدَ اللهِ وَلَا وَزْنَ وَلَا مِقْيَاس؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ وَلَقَدْ نَشَاَ عِلْمُ الْكَلَامِ هَذَا فِي عَهْدِ الدَّوْلَةِ الْاُمَوِيَّة؟ حِينَمَا بَلَغَ النَّاسُ دَرَجَةَ مَا يُسَمَّى بِالتَّرَفِ الْعِلْمِيِّ وَالْعَقْلِيّ؟ وَلِلهِ الْمَثَلُ الْاَعْلَى بِمَعْنَى اَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَكَ اَخِي مِنْ الْمَالِ الْقَلِيل؟ فَاِنَّكَ تُنْفِقُهُ عَلَى ضَرُورِيَّاتِك؟ فَاِذَا صَارَ عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ اَكْثَرَ؟ فَاِنَّكَ تُنْفِقُهُ عَلَى حَاجِيَاتِك؟ فَاِذَا صَارَ عِنْدَكَ اَكْثَرُ؟ فَاِنَّكَ تُنْفِقُهُ عَلَى تَحْسِينَاتِكَ وَكَمَالِيَاتِك؟ فَاِذَا صَارَ عِنْدَكَ اَكْثَر؟ فَاِنَّكَ تُنْفِقُهُ هُنَا وَهُنَاك؟ وَعِنْدَ ذَلِكَ يُقَالُ عَنْكَ اَنَّكَ بَلَغْتَ دَرَجَةَ التَّرَفِ فِي الْاِنْفَاق؟ وَهَذَا مَا حَصَلَ مَعَ هَذِهِ الْعُلُوم؟ فَاِنَّهَا بَلَغَتْ دَرَجَةَ التَّرَف؟ وَلِذَلِكَ اسْتُحْدِثَتْ هَذِهِ الْعُلُومُ بِاِلْهَامٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى؟ حِفْظاً لِهَذَا الدِّين؟ وَاِنْ كَانَتْ تَقَعُ اَحْيَاناً بَعْضُ الْمُنَاكَفَاتِ وَبَعْضُ الْمُجَادَلَاتِ فِي تِلْكَ الْاَيَّام؟ وَرُبَّمَا تَجَاوَزُوا فِيهَا حُدُودَ الْعَقْلِ وَالْمَنْطِقِ وْالْاَدَب؟ لَكِنَّهَا فِعْلاً خَدَمَتْ هَذَا الدِّينَ مِنَ الْخِدْمَةِ الْعُظْمَى؟ وَعَلَى ضَوْءٍ مِنْ قَوْلِ اَحَدِ الصَّحَابَة؟ كُنْتُ اُحِبُّ اَنْ اَتَعَلَّمَ الْخَيْرَ مِنْ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ حَتَّى اَعْمَلَ بِهِ؟ وَكُنْتُ اُحِبُّ اَنْ اَتَعَلَّمَ الشَّرَّ مِنَ الْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ الْمُنْحَرِفَةِ حَتَّى لَا اَقَعَ فِيهَا؟ وَلِذَلِكَ نَحْنُ دَائِماً نَتَرَحَّمُ عَلَى عُلَمَاءِ التَّوْحِيدِ مِنَ الْوَهَّابِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ الْاَفْذَاذِ الْعَبَاقِرَةِ الَّذِينَ بَنَوْا عُلُومَهُمْ عَلَى اُسُسٍ سَلِيمَة؟ وَكَمْ نَتَرَحَّمُ اَيْضاً عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِمْ لِيَشْرَحُوا كُتُبَهُمْ بِاُسْلُوبٍ مُيَسَّرٍ مُبَسَّطٍ يُسَهِّلُ عَلَى عَامَّةِ النَّاسِ الْجُهَّالِ فَهْمَهَا؟ وَكَمْ نَتَرَحَّمُ اَيْضاً عَلَى مَنْ يَقُومُ بِتَرْجَمَتِهَا وَلَوْ اِلَى بَعْضِ اللُّغَاتِ الْاَجْنَبِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ الْمَشْهُورَة؟ فَمَنْ هُمُ الْمُعْتَزِلَة؟ وَمَا هِيَ قِصَّتُهُمْ بِشَيْءٍ بَسِيطٍ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة؟ وَاَقُولُ وَاللهُ وَرَسُولُهُ اَعْلَم؟ اَلْمُعْتَزِلَةُ؟ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ؟ لَهَا تَفْكِيرٌ خَاصٌّ فِي بَعْضِ الْاُمُور؟ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ؟ كَانَ لَهَا فَضْلٌ كَبِيرُ فِي اِقْنَاعِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِدُخُولِ الْاِسْلَام لِمَاذَا؟ لِاَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعْمِلُ الْعَقْلَ؟ بَلْ وَتُبَالِغُ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَقْل؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَلَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ هِيَ خُرُوجٌ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَال؟ وَقَدْ يَشْرُدُ الْعَقْلُ عَنِ الصَّوَابِ؟ وَقَدْ يَدْخُلُ فِي مَتَاهَاتٍ وَشَطَحَاتٍ ضَلَالِيَّةٍ عَظِيمَةٍ بَعِيداً جِدّاً عَنِ الْحَقِّ الْمُقْنِعِ كَمَا حَصَلَ مَعَ الْمُتَصَوِّفَة؟ وَكَمَا حَصَلَ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى اضْطّرَّ رِجَالُ دِينِهِمْ اَنْ يَقُولُوا لِاَتْبَاعِهِمْ اَلْغُوا عُقُولَكُمْ وَاتَّبِعُونَا حَتَّى لَانَدْخُلَ فِي الْهَرْطَقَةِ وَالتَّجْدِيفِ؟ لِاَنَّنَا لَمْ نَعُدْ قَادِرِينَ عَلَى اِقْنَاعِكُمْ عَنْ طَرِيقِ الْعَقْل؟ فَمَنِ الَّذِي يَضْبِطُ الْعَقْلَ عَنْ شُرُودِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟وَمَنْ الَّذِي يَبْقَى مُحَافِظاً عَلَى اُسْلُوبِ الْاِقْنَاعِ اِلَى آخِرِ لَحْظَة وَمِنْ دُونِ هَرْطَقَةٍ اَوْ تَجْدِيف اِلَّا الشَّرْعُ الْاِسْلَامِيِّ؟ قَالُوا؟ نَعَمْ وَلَكِنَّنَا اِذَا دَعَوْنَا النَّاسَ اِلَى اللهِ وَدِينِهِ الْاِسْلَامِيِّ وَخَاصَّةً الْمُثَقَّفِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ اَنْ يُخْضِعُوا الثَّقَافَةَ الْاِسْلَامِيَّةَ لِلثَّقَافَةِ الْيُونَانِيَّةِ وَلَايُرِيدُونَ اَنْ يَنْظُرُوا اِلَى الْاِسْلَامِ اِلَّا مِنْ مِنْظَارِ الثَّقَافَةِ الْيُونَانِيَّة؟ فَرُبَّمَا لَايَقْتَنِعُونَ بِالْاُسْلُوبِ الْقُرْآنِيِّ فِي الدَّعْوَةِ اِلَى اللهِ؟ لِاَنَّهُمْ لَايُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآن؟ فَحِينَمَا نَقُولُ لَهُمْ قَالَ الْقُرْآنُ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْآيَاتِ؟ فَاِنَّهُمْ فِي الْاَصْلِ لَايُؤْمِنُونَ بِقَوْل ِالْقُرْآن؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ لِلدَّعْوَةِ اُسْلُوبٌ آخَرُ مِنَ الْمَنْطِقِ الَّذِي يَقْتَنِعُونَ بِهِ وَيَعْتَزُّونَ بِبَاطِلِهِ وَالَّذِي يَجْعَلُنَا نُمْسِكُهُمْ مِنَ الْيَدِ الَّتِي تُؤْلِمُهُمْ؟ وَمِنَ الْمَنْطِقِ الْبَاطِلِ الْمُؤْلِمِ الَّذِي يَخْدِمُ الْحَقَّ رَغْماً عَنْهُمْ حَتَّى يَصْرُخُوا مِنَ الْاَلَمِ الْفِكْرِيِّ وَيَنْفُضُوا عَنْ عُقُولِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ مَا عَلِقَ عَلَيْهَا مِنْ غُبَارِ الشَّيْطَانِ السَّمِيكِ عَلَى مُخٍّ غَبِيٍّ سَمِيكٍ اَيْضاً لِيَخْضَعُوا لِلْحَقّ بَعْدَ اَنْ نُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَهَلْ يُمْكِنُ لِلْبَاطِلِ اَنْ يَكُونَ فِي خِدْمَةِ الْحَقّ؟ قَالُوا؟ اَحْيَاناً يَكُونُ فِي خِدْمَةِ الْحَقِّ كَمَا جَعَلَ اللهُ جُنُودَ الْبَاطِلِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ فِي خِدْمَةِ الرِّسَالَةِ الْمُوسَوِيَّةِ التَّوْرَاتِيَّة؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي{قَالَ اَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِين(وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَمَا هُوَ اُسْلُوبُكُمْ فِي الدَّعْوَة؟ قَالُوا؟ لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ لِلدَّعْوَةِ اِلَى اللهِ اُسْلُوبٌ آخَرُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْاُسْلُوبُ الْمَنْطِقِيُّ الَّذِي يَسْتَنِدُ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ الصُّغْرَى وَالْمُقَدِّمَاتِ الْكُبْرَى وَالنَّتَائِج؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَمَا هُوَ هَذَا الْمَنْطِق؟ قَالُوا؟ هُوَ الْقَضِيَّةُ الْمَنْطِقِيَّةُ الَّتِي تَقُولُ مَثَلاً عَنِ الْعَالَمِ اَنَّهُ مُتَغَيِّر؟ وَكُلُّ مُتَغَيِّرٍ حَادِث؟ فَالنَّتِيجَةُ اَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ مَخْلُوق؟ قَالُوا؟ وَاَمَّا الْقَوْلُ بِاَنَّ الْعَالَمَ مُتَغَيِّر؟ فَهُوَ قَضِيَّةٌ صُغْرَى؟ وَاَمَّا الْقَضِيَّةُ الْكُبْرَى؟ فَهِيَ قَوْلُنَا كُلُّ مُتَغَيِّرٍ حَادِث؟ وَاَمَّا النَّتِيجَةُ الْمَنْطِقِيَّة؟ فَهِيَ قَوْلُنَا اَنَّ الْعَالَمَ حَادِث؟ قَالُوا؟ وَقَوْلُنَا مَثَلاً عَنِ التَّدْخِينِ اَنَّهُ ضَارٌّ هُوَ قَضِيَّةٌ صُغْرَى؟ وَكُلُّ ضَارٍّ حَرَامٌ هُوَ قَضِيَّةٌ كُبْرَى؟ فَالتَّدْخِينُ حَرَام هُوَ النَّتِيجَةُ الْمَنْطِقِيَّةُ لِلْقَضِيَّتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى؟ قَالُوا؟ فَلَابُدَّ لِاُسْلُوبِ الدَّعْوَةِ اِلَى اللهِ اَنْ يَتَغَيَّرَ وَيَسْتَنِدَ اِلَى الْجِدَالِ الْمَنْطِقِيِّ وَاِلَى الْجِدَالِ الْفَلْسَفِيّ؟ وَالْخُلَاصَةُ اَنَّهُ كَانَ لِلْمُعْتَزِلَةِ قَدَمٌ رَاسِخَةٌ وَفَضْلٌ عَظِيمٌ فِي ذَلِك؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَابُدَّ لَنَا اَخِي اَنْ نُؤَاخِذَهُمْ وَنُحَاسِبَهُمْ؟ وَلَابُدَّ اَنْ يُؤْخَذَ عَلَيْهِمْ اَوّلاً مُؤَاخَذَةً صُغْرَى؟ اَنَّهُمْ بَالَغُوا فِي الْعَقْل؟ ثَانِياً مُؤَاخَذَةً كُبْرَى؟ اَنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ مَذْهَباً فِكْرِيّاً شَعْبِيَاً يَعْتَنِقُهُ مَنْ شَاءَ وَهُوَ فِي اعْتِنَاقِهِ اَوْ عَدَمِ اعْتِنَاقِهِ حُرّ؟ لَكِنْ مَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ صَارَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ مَذْهَباً لِلْخُلَفَاء وَمِنْهُمُ الْخَلِيفَةُ الْمَاْمُونُ الْعَبَّاسِيُّ الَّذِي اعْتَنَقَ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَة؟ وَنَقُولُ لِلْمَاْمُونِ الْعَبَّاسِيِّ؟ اَنْتَ حُرّ؟ اِعْتَنِقْ مَاشِئْتَ؟ فَمَاذَا قَالَ الْمَاْمُونُ بِتَحْرِيضٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَتَعَصُّبٍ مِنْهُمْ وَمِنْهُ لِمَذْهَبِهِمْ؟ قَال؟ كُلُّ مَنْ يُخْالِفُ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ سَنُنَكِّلُ بِهِ بِالتَّعَاوُنِ مَعَهُمْ؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة وَحَامِي حِمَاهُمُ الْمَاْمُون؟ لَقَدْ اَخْطَاْتُمْ خَطَاً شَنِيعاً؟ لِاَنَّ اَفْكَارَكُمْ لَايُمْكِنُكُمْ اَنْ تَفْرِضُوهَا عَلَى النَّاسِ فَرْضاً بِالْاِكْرَاه؟ لِمَاذَا لَمْ تَفْرِضُوهَا بِمُحَاوَلَةِ اِقْنَاعِهِمْ كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ مِنْ قَبْل؟؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ مَقَتَ النَّاسُ الْمُعْتَزِلَة وَكَرِهُوهُمْ وَلَاسِيَّمَا الْفُقَهَاءُ مِنْهُمْ؟ وَلَاسِيَّمَا حِينَمَا اُوذِيَ فُقَهَاءُ اَهْلِ السُّنَّةِ وَمِنْهُمْ اِمَامُ السُّنَّةِ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ اِيذَاءً شَدِيداً لَامَثِيلَ لَه؟ اِلَى دَرَجَةِ اَنَّ الْخُلَفَاءَ الْعَبَّاسِيِّينَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ وَيُوصِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْ اَجْلِ اَنْ يَضْطَّهِدُوا الْاِمَامَ اَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَاَرْضَاه؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَ الْمُعْتَزِلَةُ بِذَلِك؟ فَكَيْفَ نَشَاَ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَة؟ وَمَاهِيَ قِصَّتُهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ التَّفْصِيل؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ؟ وَاسْمُهُ وَاصِلُ بْنُ عَطَاء؟ وَكَانَ يَحْضُرُ دُرُوسَ الْعِلْمِ عِنْدَ التَّابِعِيِّ الْجَلِيل؟ وَاسْمُهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ الله؟ وَكَانَتِ الْمَسَاجِدُ حَلَقَاتٍ حَلَقَات؟ حَلْقَةٌ مِنْ اَجْلِ التَّوْحِيد؟ وَحَلَقَةٌ مِنْ اَجْلِ الْفِقْهِ؟ وَحَلْقَةٌ مِنْ اَجْلِ الْحَدِيث؟ اِلَى آخِرِ مَا هُنَالِك؟ فَكَانَ وَاصِلٌ هَذَا يَجْلِسُ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ؟ وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّات؟ تَطَرَّقُوا اِلَى الْبَحْثِ فِي مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَة؟ هَلْ يُعْتَبَرُ فَاسِقاً؟ اَوْ فَاجِراً؟ اَمْ يُعْتَبَرُ مُؤْمِناً؟ فَكَانَ رَاْيُ الْاَكْثَرِيَّةِ اَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهَا؟ اِذَا لَمْ يَعْتَقِدْ اَنَّهَا حَلَال؟ وَلَمْ يُجَاهِرْ بِهَا حَرْباً عَلَى الْاِسْلَامِ وَاحْتِقَاراً لَهُ اَوْ اِضْعَافاً لِهَيْبَتِهِ اَمَامَ النَّاس؟ فَاِنَّهُ عَاصٍ؟ وَلَايُعْتَبَرُ كَافِراً؟ وَهُنَا وَقَفَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ وَقَال؟ وَاَمَّا رَاْيِي؟ فَاِنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ عِنْدِي لَيْسَ كَافِراً عَلَى الْاِطْلَاق؟ وَلَكِنَّهُ اَيْضاً لَيْسَ مُؤْمِناً عَلَى الْاِطْلَاق؟ وَاِنَّمَا هُوَ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ الْكُفْرِ وَالْاِيمَان؟ فَلَمَّا قَالَ وَاصِلُ هَذَا الْكَلَام؟ وَاَخَذَ يُجَادِلُ شَيْخَهُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيّ؟ فَلَمْ يَقْتَنِعْ مِنْ قَوْلِ شَيْخِه؟ وَلَمْ يَقْتَنِعْ مِنْ قَوْلِ اَهْلِ السُّنَّةِ اَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ مَا زَالَ عَلَى اِيمَانِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَلَوْ كَانَ اِيمَاناً ضَعِيفاً؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ اِعْتَزَلَ وَاصِلٌ هَذَا حَلْقَةَ شَيْخِهِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ؟ وَلَمْ يَعُدْ يَحْضُرُ دُرُوسَ الْعِلْمِ عِنْدَه؟ وَاَنْشَاَ لِنَفْسِهِ حَلْقَةً اُخْرَى؟ بِسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا اَيْضاً وَهُمْا لُغَتَانِ صَحِيحَتَان مَعاً؟ وَجَمَعَ حَوْلَهُ اَنْصَارَهُ الَّذِينَ اَيَّدُوهُ وَقَالُوا بِرَاْيِهِ اَيْضاً فِي مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَة؟ فَمَاذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ؟ لَقَدِ اعْتَزَلَنَا وَاصِلُ بْنُ عَطَاء؟ وَلِذَلِكَ اَخَذَ هَؤُلَاءِ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ وَالصِّبْغَةَ مِنْ يَوْمِهَا وَهِيَ تَسْمِيَةُ وَصِبْغَةُ الِاعْتِزَال؟؟ بَعْضُ الْمُسْتَشْرِقِينَ يَدَّعِي بِاَنُّهُمْ سُمُّوا بِالْمُعْتَزِلَةِ؟ لِاَنَّهُمُ اعْتَزَلُوا مَتَاعَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا وَرَفَاهِيَتَهَا؟ وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَشْرِقِين؟ اِنَّ مَا زَعَمْتُمُوهُ يُنَاقِضُ الْوَاقِع؟ لِاَنَّ بَعْضَ الْمُعْتَزِلَةِ كَانَ يَعِيشُ فِي رَفَاهِيَةٍ وَفِي نَعِيمٍ؟ وَمِنْهُمُ الصَّالِحُ؟ وَمِنْهُمُ الْفَاسِقُ؟ وَمِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا؟ فَالرَّاْيُ الرَّاجِحُ اَنَّهُمْ سُمُّوا بِالْمُعْتَزِلَةِ؟ لِاَنَّ شَيْخَهُمْ وَاصِلَ بْنَ عَطَاءٍ؟ اِعْتَزَلَ مَجْلِسَ شَيْخِ اَهْلِ السُّنَّةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ؟؟ وَاَرْجُو مِنْكَ اَخِي اَنْ يَكُونَ حُضُورُكَ مَعِي فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ بِعَقْلِكَ وَقَلْبِكَ وَرُوحِكَ وَجِسْمِكَ مَعَاً جَمِيعاً حَتَّى تَفْهَمَ مِنِّي وَلَوْ قَلِيلاً مَاهِيَ الْاُمُورُ الَّتِي جَادَلَ فِيهَا هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَة؟ يَقُولُ اَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاط وَهُوَ مِنَ الْمُعْتَزِلَة فِي كِتَابِهِ؟ اَلِانْتِصَارُ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَة؟ يَقُول؟ لَايَسْتَحِقُّ هَذَا اللَّقَبَ؟ وَهُوَ اَنْ يَكُونَ مُعْتَزِلِيّاً بِحَقّ؟ اِلَّا مَنْ يَقُولُ بِهَذِهِ الْاُمُورِ الْخَمْسَةِ؟ وَهِيَ؟ اَلتَّوْحِيد؟ اَلْعَدْل؟ اَلْوَعْدُ وَالْوَعِيد؟ اَلْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْن؟ اَلْاَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَر؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ يُؤمِنُونَ بِهَذِهِ الْاُمُورِ الْخَمْسَة؟ فَهَلْ هِيَ تَخُصُّكُمْ وَحَدَكُمْ؟ قَالُوا؟ لَا تَخُصُّنَا وَحْدَنَا؟ وَلَكِنَّنَا بَنَيْنَا عَلَيْهَا اَشْيَاءَ اُخْرَى؟ جَعَلَتْنَا مُمَيَّزِينَ عَنْ غَيْرِنَا؟ وَنَحْنُ نَعْلَمُ اَنَّ اَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ يَعْتَقِدُونَ اَنَّ اللهَ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَاَفْعَالِه؟ وَاَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ ذَاتٌ تُشْبِهُ ذَاتَ اللهِ لَاحَقِيقَةً وَلَا مَجَازاً؟ وَلَا صِفَةً تُشْبِهُ صِفَةَ اللهِ حَقِيقَةً اِلَّا مَجَازاً؟ وَلَافِعْلَ يُشْبِهُ فِعْلَ اللهِ حَقِيقَةً اِلَّا مَجَازاً؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحاً وَاللهُ رَحِيم وَفُلَانٌ مِنَ النَّاسِ مَثَلاً رَحِيمٌ اَيْضاً؟ اُرِيدُ مَزِيداً مِنَ التَّوْضِيح؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي كَلَامُكَ صَحِيح؟ وَالْوَصْفُ بِالرَّحْمَةِ وَاحِد؟ لَكِنْ هَلِ الرَّحْمَةِ عِنْدَ الْاِنْسَانِ؟ كَالرَّحْمَةِ عِنْدَ الله؟ وَاللهُ تَعَالَى عَالِمٌ عَلِيمٌ عَلَّامُ الْغُيُوب؟ وَفُلَانٌ مِنَ النَّاسِ عَالِم؟ لَكِنَّ عِلْمَ اللهِ تَعَالَى غَيْرُ عِلْمِ الْاِنْسَانِ وَيَخْتَلِفُ عَنْهُ؟ لِاَنَّ عِلْمَ الْاِنْسَانِ مَحْدُودٌ؟ وَعِلْمُهُ سُبْحَانَهُ غَيْرُ مَحْدُود وَلَا مُتَنَاهِي وَلَايَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ اَبَداً؟ فَاِذَا كَانَ هُنَاكَ اشْتِرَاكٌ لَفْظِيٌّ يَجْمَعُ بَيْنَ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى وَبَيْنَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ؟ فَعَلَيْكَ اَخِي دَائِماً اَنْ تَضَعَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ هَذِهِ اللَّافِتَةَ وَالْاِشْعَارَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير(وَاَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَالُوا؟ مَا دُمْنَا نَعْتَقِدُ بِالتَّوْحِيد؟ فَاللهُ تَعَالَى اِذاً لَايَتَّصِفُ بِصِفَاتِ الْحَوَادِثِ وَالْمَخْلُوقَات؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة اِلَى هُنَا كَلَامُكُمْ صَحِيح؟ لَكِنْ؟ نُرِيدُ اَنْ نَغُوصَ فِي مُعْتَقَدَاتِكُمْ اَكْثَر؟ وَنُرِيدُ اَنْ نَعْرِفَ مَاذَا بَنَيْتُمْ عَلَى هَذَا الْكَلَام؟ قَالُوا؟ وَلِهَذَا فَاِنَّ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ رُؤْيَةُ اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَاِنَّ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ اَيْضاً اَنْ يَرَى اَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ لِمَاذَا؟ قَالُوا؟ لِاَنَّ الرُّؤْيَةَ تَقْتَضِي تَحْدِيدَ الْجِسْمِيَّةِ وَالْجِهَةِ الَّتِي نَرَى اللهَ مِنْهَا؟ وَاللهُ غَيْرُ مَحْدُود؟ بِمَعْنَى اَنِّي اَرَاكَ الْآنَ اَخِي بِجِسْمِك؟ فَاَنْتَ اَمَامِي فِي جِهَةٍ مَحْدُودَةٍ مَحْصُورَةٍ مَسَاحَتُهَا فِي جِهَةِ الْاَمَامِ فَقَطْ؟ وَاَرَى فُلَاناً عَنْ يَمِينِي؟ وَاَرَى فُلَاناً عَنْ شِمَالِي فِي جِهَةٍ مَحْدُودَةٍ اَيْضاً؟ اِلَى غَيْرِ ذَلِك؟ بِمَعْنَى اَنَّ رُؤْيَةَ اللهِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ؟ تَقْتَضِي الْجِسْمِيَّةَ وَالْمَكَانَ الْمَحْدُودَ مِثْلَ رُؤْيَةِ مَخْلُوقَاتِه؟ وَكِلَاهُمَا جِسْماً وَمَكَاناً مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ لِاَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة؟ وَمَادَامَ الْاَمْرُ مُسْتَحِيلاً عَلَى الله؟ فَلَا تَثْبُتُ رُؤْيَةُ اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَكَاَنَّكُمْ تَتَّهِمُونَ اللهَ بِعَجْزِهِ عَنِ التَّحَكُّمِ بِحُدُودِ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ كَمَا يَشَاءُ وَيَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ؟حَتَّى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْهَزِيعِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ يَنْزِلُ اِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نُزُولاً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ يُرِيدُ اَنْ يَحُلَّ ضَيْفاً كَرِيماً فِي بُيُوتِ الدَّاعِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ وَالْفُقَرَاءِ الْجَائِعِينَ وَالْمَرْضَى وَهُوَ يَقُول[ اَمَا مِنْ دَاعٍ فَاَسْتَجِيبَ لَه؟ اَمَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَاَغْفِرَ لَه؟ يَاابْنَ آدَم؟ جِئْتُكَ ضَيْفاً عِنْدَ هَؤُلَاءِ فَلَمْ تُكْرِمْنِي؟ اِسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي؟ وَمَرِضْتُّ فَلَمْ تَعُدْنِي؟ مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ اِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ وَهُوَ يَعْلَمُ بِه؟ اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام(وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ اِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى التَّحَكُّمِ بِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ فِي الْحَيِّزِ اَوِ الْمَكَانِ الْمَحْدُودِ الَّذِي يَخْتَارُه؟ فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ التَّحَكُّمَ فِي هَذَا الْكَوْنِ اللَّامَحْدُود؟ وَاِذَا كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ يَتَحَكَّمُ بِالنَّوْمِ وَلَا يَسْتَطِيعُ النَّوْمُ اَوِ النُّعَاسُ اَنْ يَتَحَكَّمَ بِهِ عَزَّ وَجَل بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَاتَاْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَانَوْم( فَهَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ النَّوْمِ سُبْحَانَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَايَحْتَاجُ اِلَى النَّوْم؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة اَللهُ تَعَالَى اَيْضاً لَايَحْتَاجُ اِلَى اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ وَالْعَبَث؟ لَكِنْ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَاجِزٌ عَنِ اتِّخَاذِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالْعَبَثِ الَّذِي وَرَدَ فِي قَوْلِهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَحَاشَاه{لَوْ اَرَدْنَا اَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا اِنْ كُنَّا فَاعِلِين؟ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَاِذَا هُوَ زَاهِق( قَالُوا؟نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ هَذَا الْكَلَام؟ وَحَاشَاهُ سُبْحَانَه؟ فَنَحْنُ نُنَزِّهُهُ عَنِ الْمَحْدُودِيَّةِ وَالنَّوْمِ وَاللَّعِبِ وَالْعَبَث؟ وَنَقُول لِلْمُعْتَزِلَة بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ؟ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ اَوّلاً اَيُّهَا الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاء اَنْ تُنَزِّهُوا اللهَ عَنِ الْعَجْزِ قَبْلَ اَنْ تُنَزِّهُوهُ سُبْحَانَهُ عَمَّا قُلْتُمْ؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ؟ اِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة(قَالُوا؟ مَااَسْهَلَ اَنْ نَجْعَلَ هَذِهِ الْآيَةَ تَخْضَعُ لِمَذْهَبِنَا؟ وَمَا اَسْهَلَ اَنْ نَقُولَ فِيهَا؟ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة؟ اِلَى نَعِيمِ رَبِّهَا نَاظِرَة؟ فَتَكُونُ الرُّؤْيَةُ فِي هَذِهِ الْآيَة لَيْسَتْ لِذَاتِ اللهِ تَعَالَى؟ وَاِنَّمَا هِيَ لِنَعِيمِ الله؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَاذَا تَقُولُونَ اَيْضاً فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دُونَ اَنْ يُزْعِجَ اَحَدُكُمُ الْآخَرَ مِنْ اَجْلِ التَّزَاحُمِ عَلَى رُؤْيَتِه؟ كَمَا تَرَوْنَ الْبَدْرَ فِي مُنْتَصَفِ السَّمَاءِ وَالشَّهْرِ وَلَاتَشُكُّونَ فِي رُؤْيَتِه؟ اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام(قَالُوا؟ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحَدِيث؟ مَااَسْهَلَ عَلَيْنَا اَنْ نُؤَوِّلَهُ بِمَا يَتَّفِقُ مَعَ آرَائِنَا فِي عَدَمِ اِمْكَانِيَّةِ رُؤْيَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْآخِرَة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ لَقَدْ وَقَعْتُمْ فِي خَطَاٍ شَنِيعٍ جِدّاً؟ حِينَمَا اَخْضَعْتُمْ نُصُوصاً قُرْآنِيَّةً وَنَبَوِيَّةً وَاضِحَةَ الدَّلَالَةِ وَاَوَّلْتُمُوهَا دُونَ ضَرُورَةٍ وَلَا قَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ تَصْرِفُهَا اِلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ غَيْرِ مَوْجُود؟ بَلْ زَعَمْتُمُوهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِلَى <نَعِيمِ> رَبِّها نَاظِرَة(وَنَقُولُ لِاَهْلِ السُّنَّة؟ مَا رَاْيُكُمْ فِي رُؤْيَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ قَالُوا؟ بَلْ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَة؟ لَاتَحُدُّهُ جِهَة؟ وَلَايَتَشَكَّلُ بِشَكْلٍ؟ وَاِنَّمَا يَخْلُقُ اَوْ يَجْعَلُ قُدْرَةً مَا غَيْبِيَّةً مَجْهُولَةً وَغَيْرَ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ اَهْلِ الْجَنَّةِ لِيَرَوْا رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ رُؤْيَةً تَخْتَلِفُ عَنْ كُلِّ الرُّؤَى الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ لِلْاَجْسَادِ وَتَرَاهَا الْعُيُونُ فِي اَجْسَادِ الْمَخْلُوقِين؟ وَنَحْنُ لَانَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهَا؟ لَكِنْ؟ مَا دَامَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ قَدْ اَخْبَرَ عَنْهَا؟ وَمَادَامَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يَقُول{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة؟ اِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة( فَاِنَّنَا نُثْبِتُهَا كَمَا وَرَدَت؟ وَلَا نُؤَوِّلُ الْآيَةَ؟ وَلَانُعَطّلُ مَضْمُونَهَا فِي اِثْبَاتِهَا ؟وَمَاالَّذِي يَدْعُونَا اِلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة؟ اِلَى نَعِيمِ رَبِّهَا نَاظِرَة(وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{لَاتُدْرِكُهُ الْاَبْصَارُ؟ وَهُوَ يُدْرِكُ الْاَبْصَار{بِمَعْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْتَطِيعُ اَنْ يُدْرِكَ هَذِهِ الْاَبْصَارَ اِلَى دَرَجَةٍ تَعْجَزُ فِيهَا عَنْ رُؤْيَةِ مَااَرَادَ اللهُ مِنْ عَجْزِهَا؟ وَيَسْتَطِيعُ اَيْضاً سُبْحَانَهُ اَنْ يُدْرِكَ هَذِهِ الْاَبْصَارَ وَيَتَحَكَّمَ بِهَا ثُمَّ يُسْعِفَهَا اِلَى دَرَجَةٍ تَسْتَطِيعُ فِيهَا اَنْ تَرَى مَايُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ مِنْهَا اَنْ تَرَاهُ مِنْ جَلَالِهِ وَجَمَالِهِ وَبَهَائِهِ وَحُسْنِهِ وَالْحُسْنَى وَالزِّيَادَةِ الَّتِي وَعَدَ اللهُ بِهَا اَيْضاً وَهِيَ رُؤْيَةُ وَجْهِهِ الْكَرِيم؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ اَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة(وَبِدَلِيلٍ آخَرَ اَنَّ الْاِنْسَانَ فِي الْاَصْلِ هُوَ نَفْخَةٌ مِنْ رُوحِ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَاِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي(فَكَيْفَ يَسْتَحِيلُ عَلَى هَذَا الْاِنْسَانِ اَنْ يَتَفَاعَلَ مَعَ مَا اَرَادَهُ اللهُ لَهُ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَهُوَ نَفْخَةٌ مِنْ رُوحِهِ سُبْحَانَه؟اِنْتَهَى كَلَامُنَا وَكَلَامُ اَهْلِ السُّنَّة؟؟ ثُمَّ يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة؟ اِنَّ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ صِفَاتِهِ مَثَلاً اَلْكَلَام؟ بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى يَتَكَلَّمُ سُبْحَانَه؟ وَنَحْنُ لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نُنْكِرَ كَلَامَه؟ وَلَكِنَّنَا نَعْتَقِدُ اَنَّهُ كَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْنَا اَنْ نَرَاه؟ فَاِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْنَا اَيْضاً اَنْ نَسْمَعَ صَوْتَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟ لِاَنَّنَا لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نَجْعَلَ لِصَوْتِهِ سُبْحَانَهُ حُدُوداً اَيْضاً؟ وَلَانَسْتَطِيعُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نَقُولَ اَنَّ صَوْتَهُ اَتَانَا مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ اَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ اَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْجِهَات؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكُمْ لَاتَعْتَقِدُونَ اَنَّ اللهَ قَدْ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيماً كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم؟ قَالُوا؟ نَعَمْ اَللهُ تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَكَيْفَ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى بِرَاْيِكُمْ هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ بِسُرْعَة؟ قَالُوا؟ خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَة؟ ثُمَّ اَخَذَتِ الشَّجَرَةُ تُكَلّمُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَلَمَّا اَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِىءِ الْوَادِ الْاَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ اَنْ يَا مُوسَى اِنَّنِي اَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين(قَالُوا؟ اِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْكَلَامَ فِي الشَّجَرَةِ الَّتِي كَلَّمَتْ مُوسَى ؟ بِمَعْنَى اَنَّ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى هُوَ الشَّجَرَةُ وَلَيْسَ اللهُ بِزَعْمِهِمْ؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَامَعْنَى كَلَامَكُمْ هَذَا؟ وَمَاالَّذِي تَرْمُونَ اِلَيْهِ مِنْ هَذَا الْكَلَام؟ قَالُوا؟ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ كَلَامَ اللهِ لِمُوسَى مَخْلُوقٌ فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ الْقَضِيَّةُ الصُّغْرَى؟ وَاَمَّا الْقَضِيَّةُ الْكُبْرَى فَهِيَ اَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ هُوَ كَلَامُ الله؟ وَبِالتَّالِي فَاِنَّ النَّتِيجَةَ الْمَنْطِقِيَّةَ لِلْقَضِيَّتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى هِيَ اَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوق؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ نُرِيدُ مَزِيداً مِنَ الْاِيضَاحِ فِي هَذِهِ النَّتِيجَةِ الْمَنْطِقِيَّةِ الَّتِي تَزْعُمُونَهَا؟ وَمَاذَا تَقُولُونَ فِي تَكْلِيمِ اللهِ لِنُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ؟ قَالَ رَبِّ اِنَّ ابْنِي مِنْ اَهْلِي؟ وَاِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ؟ وَاَنْتَ اَحْكَمُ الْحَاكِمِين؟ قَالَ يَا نُوحُ اِنَّهُ لَيْسَ مِنْ اَهْلِكَ( قَالُوا؟ اِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ؟ وَلَمْ يَنْطِقْ بِالْقُرْآنِ؟ وَاِنَّمَا خَلَقَ قُدْرَةَ الْكَلَامِ عِنْدَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ لِيَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ؟ ثُمَّ اَوْحَى جِبْرِيلُ بِهَذَا الْكَلَامِ اِلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَاِلَى اَخِيهِ نُوحٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَاهِيَ الْخُلَاصَةُ الَّتِي تُرِيدُونَ اَنْ تَصِلُوا اِلَيْهَا؟ قَالُوا؟ نَحْنُ لَانَقُولُ اَبَداً بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ اِنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ اَزَلِيٌّ غَيْرُ مَخْلُوق؟ ومَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَنَا مَخْلُوق؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ وَهُنَا وَقَعَتِ الْخُصُومَةُ الْكُبْرَى؟ وَالْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى؟ وَوَقَعَ الِابْتِلَاءُ الشَّدِيدُ لِمَنْ لَايَعْتَقِدُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ الْمُعْتَزِلِيِّ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الْمَخْلُوقِ بِزَعْمِهِمْ؟ وَلِذَلِكَ امْتُحِنِ الْاِمَامُ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ اَشَدَّ الِامْتِحَانِ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى رَاْيِهِ الْمُخَالِفِ لِرَاْيِ الْمُعْتَزِلَة؟ حَتَّى اَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمَاْمُونَ الْعَبَّاسِيَّ قَال؟ اَرْسِلُوا اِلَيَّ فُلَاناً وَفُلَاناً وَفُلَاناً وَمِنْهُمْ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ رَضِيَ اللهُ عَنْه؟ فَاَرْسَلُوهُمْ اِلَيْهِ مُكَبَّلِينَ بِالْاَغْلَالِ؟ وَلَكِنْ سُبْحَانَ الله؟ قَبْلَ اَنْ يَصِلَ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ مُكَبَّلاً بِالْاَغْلَالِ اِلَى الْمَاْمُون؟ تُوِفّيَ الْمَاْمُونُ وَمَاتَ وَدَفَنُوهُ فِي تُرْكِيَّا؟ وَالْخُلَاصَةُ اَخِي اَنَّ مِنْ اَعْظَمِ الْبَلَاءِ الَّذِي تُصَابُ بِهِ اُمَّةُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْاِرْهَابُ الْفِكْرِيّ الظّنِّيّ غَيْرُ الْقَطْعِيّ وَالَّذِي يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ وْالْاَصْوَب ؟اَوْ يَحْتَمِلُ الرَّاجِحَ وَالْاَرْجَح؟ اَوْ يُلْزِمُهُمْ اَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِاتِّبَاعِ رَاْيِهِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْخَطَاَ كَمَا يَحْتَمِلُ الصَّوَاب؟ وَاَمَّا الْاِرْهَابُ الْفِكْرِيُّ الْقَطْعِيُّ الثَّابِتُ فِي دَلَالَتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَلَايَحْتَمِلُ التَّاْوِيلَ وَالِاجْتِهَاد فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى مَثَلاً{فَاعْلَمْ اَنَّهُ لَا اِلَهَ اِلَّا الله( فَهُوَ اِرْهَابٌ فِكْرِيٌّ مَشْرُوعٌ مَطْلُوبٌ مَحْمُودٌ مَمْدُوحٌ وَلَاغُبَارَ عَلَيْهِ اَبَداً بِشَرْط؟اَلَّا يَحْصَلَ فِيهِ تَحْرِيضٌ عَلَى قَتْلِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَالِمِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَا اِكْرَاهَ فِي الدِّين(بِمَعْنَى لَا اِكْرَاهَ فِي اعْتِنَاقِ الْاَفْكَارِ وَتَبَنِّيهَا؟ بِمَعْنَى لَا اِرْهَابَ فِكْرِيّ مِنْ اَجْلِ اعْتِنَاقِ الْاِسْلَام؟ وَلَا اِرْهَابَ بِالسَّيْفِ اَيْضاً اِلَّا عَلَى الْمُحَارِبِينَ الْبَاغِينَ مِنَّا وَمِنْهُمْ؟ وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ اَنْ نُخْفِيَ عَنْهُمْ حَقِيقَةَ جَحِيمِ جَهَنَّمَ الْاَبَدِيَّةِ اِذَا مَاتُوا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْاِرْهَابِ الْفِكْرِيِّ الظَّنِّيِّ غَيْرُ قَطْعِيّ الثُّبُوتِ بِالْاَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِين فَهُوَ اِرْهَابٌ غَيْرُ مَشْرُوع؟ فَاَنْتَ اَخِي حُرٌّ مَثَلاً اَنْ تَعْتَقِدَ اَنَّ اَبَا بَكْرٍ اَوْلَى بِالْخِلَافَةِ مِنْ عَلِيّ اَوِ الْعَكْس؟ فَلَايَحِقُّ لِي اَنْ اُكَفّرَكَ لِمُجَرَّدِ هَذَا الِاعْتِقَاد؟ وَلَايَحِقُّ لَكَ اَنْتَ اَيْضاً اَخِي اَنْ تَحْكُمَ عَلَيَّ بِالْكُفْر؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاِرْهَابَ الْفِكْرِيَّ الدِّينِيَّ خَطِيرٌ جِدّاً؟ وَهُوَ اَنْ يَتَبَنَّى قَوْمٌ رُؤْيَا هُمْ يَرَوْنَهَا صَوَاباً؟ ثُمَّ يُجْبِرُونَ النَّاسَ عَلَيْهَا؟ وَمَنْ خَالَفَهُمْ يَعْتَبِرُونَهُ كَافِراً؟ فَهَذَا هُوَ التَّكْفِيرُ الَّذِي نُهِينَا عَنْهُ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاِرْهَابَ الدِّينِيَّ الْفِكْرِيَّ الْبَاطِلَ اَيْضاً هُوَ مِنْ اَعْظَمِ اَنْوَاعِ الْاِرْهَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلْاِرْشَادِ وَالنَّصِيحَةِ وَدَعْوَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ اِلَى الله؟ وَاَمَّا الْاِرْهَابُ الْفِكْرِيُّ الدِّينِيُّ الْحَقُّ فَهُوَ اِرْهَابٌ مَشْرُوعٌ بِشَرْط؟ اَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ شَقِيقِهِ اِرْغَاب؟ بِمَعْنَى اَنْ يُقْصَدَ بِهِ دَعْوَةُ النَّاسِ اِلَى اللهِ رَهَباً مِنْ عَذَابِهِ ؟وَرَغَباً فِي نَعِيمِهِ؟ وَخَوْفاً مِنْ عِقَابِهِ؟ وَطَمَعاً فِي ثَوَابِه؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين(وَكَيْفَ يَاْتِي الْخُشُوعُ مِنْ دُونِ الْاِرْهَابِ وَالرَّهْبَةِ مِنْ مَقَامِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَعَذَابِهِ الْاَلِيمِ الْمُهِينِ الْمُخْزِي؟ وَالرَّغْبَةِ اَيْضاً بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْفُسْحَةِ الْهَائِلَةِ مِنْ رَحْمَتِهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ نَعِيمِهِ الْمُقِيمِ سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟ فَاِذَا دَعَوْنَا اِنْسَاناً طَاعِناً فِي السِّنِّ اِلَى الله؟ فَالْاَفْضَلُ اَنْ نَدْعُوَهُ بِالرَّجَاءِ بِرَحْمَةِ اللهِ اَكْثَرَ مِنْ تَخْوِيفِهِ مِنْ عَذَابِهِ سُبْحَانَهُ حَتَّى يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاللهِ وَلَايَيْاَسَ مِنْ رَحْمَتِهِ قَبْلَ اَنْ يَمُوت؟وَالْاَفْضَلُ اَنْ نَفْعَلَ الْعَكْسَ مَعَ الشَّابِّ فِي مُقْتَبَلِ الْعُمْرِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَلْتَزِمَ وَيَنْضَبِطَ بِشَرْع ِاللهِ وَمِنْ اَجْلِ اَلَّا يَاْمَنَ مِنْ مَكْرِ اللهِ اَيْضاً؟ فَقَدْ لَايُثَبِّتُ اللهُ قَلْبَهُ عَلَى الْاِيمَانِ اِذَا اَهْمَلْنَا جَانِبَ التَّرْهِيبِ وَالتَّخْوِيفِ مِنْ عَذَابِ اللهِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي طَرِيقَةِ الدَّعْوَةِ اِلَى الله؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نَاْخُذُ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَنَضْرِبُ عَلَى اَيْدِيهِمْ وَاَفْكَارِهِمْ؟ لِاَنَّ خُلَفَاءَهُمُ اعْتَنَقُوا هَذَا الْمَذْهَبَ؟ وَاَخَذُوا يُجْبِرُونَ النَّاسَ عَلَى اعْتِنَاقِهِ؟ وَيُنْكِّلُونَ بِمَنْ لَايَرْضَى بِهِ؟؟ ثُمَّ يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة؟ وَيَنْتُجُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِحَالَةِ الرُّؤْيَا لِلهِ سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَا يَتَرَتَّبُ مِنِ اسْتِحَالَةِ سَمَاعِ صَوْتِهِ اَيْضاً؟ لِاَنَّ صِفَاتِ اللهِ عِنْدَنَا هِيَ عَيْنُ ذَاتِهِ سُبْحَانَه؟ بِمَعْنَى اَنَّ صِفَاتِهِ لَايُمْكِنُ فَصْلُهَا اَبَداً عَنْ ذَاتِهِ سُبْحَانَه؟ بِمَعْنَى اَنَّ صِفَاتِ اللهِ مُتَّحِدَةٌ مَعَ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى رَاْيِ الْمُعْتَزِلَةِ حَتَّى اَصْبَحَ سُبْحَانَهُ بِرَاْيِهِمْ عَلِيماً بِلَا عِلْمٍ مَفْصُولٍ عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ؟ وَقَادِراً بِلَا قُدْرَةٍ مَفْصُولَةٍ عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ لِمَاذَا لَانَسْتَطِيعُ فَصْلَهَا عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَه؟ قَالُوا؟ لِاَنَّنَا اِذَا فَصَلْنَاهَا عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ؟ تُصْبِحُ الْآلِهَةُ مُتَعَدِّدَة؟ وَعَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ اَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً لِلْخَيْرِ؟ وَاَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً آخَرَ لِلشَّرّ؟ وَاَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً آخَرَ لِلْعِلْمِ؟ وَاَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً آخَرَ خَاصّاً بِالْقُدْرَةِ؟ وَاَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً آخَرَ خَاصّاً بِالرَّحْمَةِ؟ وَاَنْ نَعْبُدَ اِلَهاً آخَرَ خَاصّاً بِالْاَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَّحِدَةِ فِي اِلَهٍ وَاحِدٍ وَهِيَ الْآبُ وَالْاِبْنُ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَمَا يَزْعُمُ النَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ الْمُتَتَابِعَةِ اِلَى يَوْمِ الدِّين؟ اِلَى آخِر مَا هُنَالِك؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ رَاْيُكُمْ وَجِيه؟ وَلَكِنَّكُمْ اَيْضاً تُثْبِتُونَ الْعَجْزَ لِلهِ فِيه؟ فَاِذَا كَانَ الْاِنْسَانُ لَايَعْجَزُ اَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدَ الْمَوَاهِبِ فِي شَخْصِيَّةٍ وَاحِدَة؟ وَمُتَمَيِّزاً فِي كُلِّ مَوْهِبَة؟ تَمَيُّزاً مُخْتَلِفاً عَنِ الْمَوْهِبَةِ الْاُخْرَى؟ فَهَلْ يَعْجَزُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ اَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدَ الصِّفَاتِ وَالْاَسْمَاءِ فِي اُلُوهِيَّةٍ وَاحِدَة؟ وَمُتَمَيِّزاً فِي صِفَةٍ مَا تَمَيُّزاً خَارِقاً لِلْعَادَةِ؟ يَخْتَلِفُ عَنْ تَمَيُّزِهِ الْخَارِقِ لِلْعَادَةِ اَيْضاً فِي الصِّفَةِ الْاُخْرَى؟ اَمْ تُرِيدُونَ اللهَ عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْاَسْمَاءِ وَالصِّفَات؟ فِي ذَاتٍ وَاحِدَةٍ تَعْجَزُ عَنْ بَقِيَّةِ الْاَلْوَانِ الْاُخْرَى الْمُخْتَلِفَةِ مِنْهَا؟فَاللهُ تَعَالَى مَثَلاً خَلَقَنَا غَالِباً عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقُدْرَةِ مِنْ اُمِّ وَاَبّ؟ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ سُبْحَانَهُ عَاجِزاً اَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَى لَوْنٍ آخَرَ مِنَ الْقُدْرَةِ مِنْ دُونِ اُمٍّ وَمِنْ دُونِ اَبّ؟ وَلَمْ يَكُنْ اَيْضاً عَاجِزاً اَنْ يَخْلُقَ عِيسَى عَلَى لَوْنٍ مُخْتَلِفٍ آخَرَ اَيْضاً مِنْ اُمٍّ وَمِنْ دُونِ اَبّ؟ وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَوَّاء مِنْ زَوْجٍ وَهُوَ آدَمُ وَبِدُونِ اُمّ؟ قَالُوا؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَانَسْتَطِيعُ اَنْ نَفْصِلَ صِفَاتِهِ عَنْ ذَاتِهِ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَبَداً؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ اَللهُ تَعَالَى اَثْبَتَ لِنَفْسِهِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْاَسْمَاءَ مُرَافِقَةً لَهُ مُنْذُ اْلاَزَلِ وَلَايَعْجَزُ سُبْحَانَهُ اَنْ يَفْصِلَهَا عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ اِنْ اَرَادَ ذَلِك الْفَصْل؟ وَلَكِنَّنَا نُنَزِّهُهُ عَنْ ذَلِكَ اِلَّا اِذَا اَرَدْنَا التَّمْيِيزَ الْمَعْنَوِيَّ بَيْنَ صِفَاتِه؟ فَلِمَاذَا تُعَطّلُونَ مَا اَثْبَتَهُ اللهُ لِنفْسِهِ مِنْ هَذِهِ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَات؟ وَلِمَاذَا لَاتُرِيدُونَ تَسْلِيطَ الضَّوْءِ الْمَعْنَوِيِّ الْقَلْبِيِّ عَلَى جَمِيعِ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الْعُلَى؟ لِمَاذَا تُرِيدُونَ اِخْفَاءَهَا جَمِيعاً وَاِذَابَتَهَا فِي ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَه؟ هَلْ اَصَابَكُمْ عَمَى الْاَلْوَانِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَالْمَادِّيَّة؟ هَلْ تُرِيدُونَ مِنَّا اَنْ نَعْبُدَ اللهَ عَلَى بَصِيرَةٍ اَمْ عَلَى عَمَى اَلْوَانِكُمْ؟ لِمَاذَا تُرِيدُونَ مِنَّا اَلَّا نَرَى اللهَ بِقُلُوبِنَا؟ لِمَاذَا تُرِيدُونَ مِنَّا اَيْضاً اَلَّا نَرَى اللهَ بِاَبْصَارِنَا لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة؟ قَالُوا؟هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيح؟ اَللهُ تَعَالَى لَايُرِيدُ اَنْ يُثْبِتَ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِنَفْسِهِ مُنْفَصِلَةً عَنْ ذَاتِهِ؟ وَاِنَّمَا يُرِيدُ اَنْ يَنْفِي؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ اَمْرُكُمْ عَجِيبٌ وَالله؟ اَوْضِحُوا كَلَامَكُمْ اَكْثَر؟ قَالُوا؟ اِنَّ اللهَ لَايُرِيدُ اَنْ يُثْبِتَ لِنَفْسِهِ صِفَةَ الْعِلْمِ مَثَلاً اَبَداً؟ وَاِنَّمَا يُرِيدُ اَنْ يَنْفِيَ عَنْ نَفْسِهِ نَقِيضَهَا مِنَ الْجَهْلِ؟ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ اَخِي فِي بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ وَالْاَسْمَاء؟ ثُمَّ يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة؟وَصِفَاتُ اللهِ وَاَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى قَدِيمَةٌ اَزَلِيَّةٌ لَابِدَايَةَ لَهَا وَلَانِهَايَة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ وَمَاالَّذِي يَمْنَعُ اَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصِّفَاتُ جَدِيدَةً عَلَى الْاِنْسَانِ الْمَخْلُوقِ الْجَدِيد وَقَدِيمَةً بِحَقِّ اللهِ الْاَزَلِيِّ الْقَدِيمِ فِي آنٍ وَاحِد؟ وَهَلْ كَانَ الْاِنْسَانُ الْمَخْلُوقُ الْجَدِيدُ مُرَافِقاً لِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ مُنْذُ الْاَزَلِ الْقَدِيم{اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ اَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئَا(وَمَاالَّذِي يَمْنَعُ اَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ الَّذِي زَعَمْتُمْ اَنَّهُ مَخْلُوق؟ مَاالْمَانِعُ اَنْ يَكُونَ جَدِيداً حَادِثاً عَلَى الْاِنْسَانِ الْمَخْلُوقِ الْجَدِيد وَقَدِيماً اَزَلِيّاً بِحَقِّ اللهِ سُبْحَانَهُ فِي آنٍ وَاحِد؟ مَاالْمَانِعُ اَنْ تَكُونَ جَمِيعُ صِفَاتِ اللهِ وَاَسْمَائِهِ جَدِيدَةً عَلَى الْاِنْسَانِ وَقَدِيمَةً بِحَقِّ اللهِ سُبْحَانَه؟قَالُوا؟ وَمَا عَلَاقَةُ الْقُرْآنِ بِصِفَاتِ الله؟ قُلْنَا؟ اِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ اَيْضاً؟ لِاَنَّهُ كَلَامُ الله؟ وَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ سُبْحَانَه؟ فَلَايُمْكِنُ اَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقاً اَبَداً لِاَنَّهُ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ اَزَلِيَّةٌ بِلَا بِدَايَةٍ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ اللهِ الْخَالِقِ سُبْحَانَه؟ فَلِمَاذَا فَصَلْتُمْ صِفَةَ الْكَلَامِ عَنْ ذَاتِ اللهِ الْخَالِقِ وَاعْتَبَرْتُمُوهَا مَخْلُوقَةً؟ كَمَا اعْتَبَرتُمُ الْقُرْآنَ مَخْلُوقاً؟ لِمَاذَا لَمْ تَدْمِجُوهُ مُتَّحِداً مَعَ ذَاتِ اللهِ وَلَايُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهَا اَبَداً؟ وَاَيْنَ ذَهَبْتُمْ بِقَوْلِكُمْ عَنْ صِفَاتِ اللهِ اَنَّهَا عَيْنُ ذَاتِهِ سُبْحَانَه؟ لِمَاذَا لَمْ يَشْمَلْ قَوْلُكُمْ هَذَا الْقُرْآنَ الْاَزَلِيَّ الْقَدِيمَ اَيْضاً بِحَقَّ الله؟ وَالْجَدِيدَ الْحَادِثَ بِحَقِّ الْاِنْسَانِ وَالْجَانِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَخْلُوقَات؟قَالُوا؟ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْقُرْآنَ خَالِقٌ وَلَيْسَ مَخْلُوقاً؟ قُلْنَا؟ اِنَّ اللهَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَاَسْمَائِهِ الْحُسْنَى هُوَ خَالِقٌ سُبْحَانَه؟ فَالْعَلِيمُ مَثَلاً خَالِق؟ وَالْقَاهِرُ خَالِق؟ وَشَدِيدُ الْعِقَابِ خَالِق؟ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ خَالِق؟ وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ خَالِقٌ لِاَنَّهُ كَلِمَة الله؟ لِاَنَّ اللهَ يَخْلُقُ بِالْكَلِمَة؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْه{كُنْ فَيَكُون( وِلِذَلِكَ يَجُوزُ السُّجُودُ لِلْقُرْآنِ عَلَى رَاْيِ بَعْضِ الْعُلَمَاء؟ لِاَنَّ الْقُرْآنَ يَخْلُقُ الْاِيمَانَ فِي قُلُوبِ النَّاس؟ بَلْ يَخْلُقُ الْخُشُوعَ وَالتَّصَدُّعَ فِي الْجَمَادِ وَالْجِبَال؟ بَلْ اِنَّ الْقُرْآنَ يَخْلُقُ الْاِعْجَازَ الْبَلَاغِيَّ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ اَنْ يَاْتُوا بِمِثْلِهِ وَلَنْ يَسْتَطِيعُوا؟ وَلِذَلِكَ سَجَدَ الْاَعْرَابِيُّ الْكَافِرُ لِبَلَاغَةِ الْقُرْآنِ حِينَمَا سَمَعَ قَوْلَهُ تَعَالَى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَاَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين(فَقِيلَ لَهُ هَلْ صَبَاْتَ وَرَجَعْتَ عَنْ دِينِ الْكُفَّارِ مِنَ الْآبَاءِ وَالْاَجْدَادِ وَتَقْلِيدِكَ الْاَعْمَى لَهُمْ؟ فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي سَجَدْتُّ لِبَلَاغَتِهَا؟ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرْضَ الْاِمَامُ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ اَبَداً؟ وَلَمْ يُوَافِقِ الْمُعْتَزِلَةَ فِي قَوْلِهِمْ اِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ لِمُجَرَّدِ اَنَّهُ حَدِيث؟ لِاَنَّ اللهَ عَلَى رَاْيِ الْمُعْتَزِلَة نَقَلَهُ اِلَى جِبْرِيلَ؟ ثُمَّ نَقَلَهُ جِبْرِيلُ اِلَى النَّبِيِّ؟ ثُمَّ نَقَلَهُ النَّبِيُّ اِلَيْنَا؟ فَقَالَ لَهُمُ الْاِمَامُ اَحْمَد؟ وَمَاذَا فِي ذَلِكَ؟ وَمَاهُوَ الْاِشْكَال؟ قَالُوا مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْقُرْآنَ جَدِيدٌ حَدِيثٌ حَادِثٌ طَارِىءٌ وَلَيْسَ قَدِيماً؟ لِاَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدِيماً لَاسْتَحَالَتْ رُؤْيَتُهُ وَقِرَاءَتُهُ وَسَمَاعُ صَوْتِ مَنْ يَقْرَؤُهُ كَمَا تَسْتَحِيلُ رُؤْيَةُ اللهِ عِنْدَنَا وَسَمَاعُ صَوْتِهِ اَيْضاً وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوق؟ فَقَالَ لَهُمُ الْاِمَامُ اَحْمَد؟ بَلْ اِنَّ الْقُرْآنَ اَزَلِيٌّ قَدِيمٌ كَمَا اَنَّ اللهَ اَزَلِيٌّ قَدِيمٌ بِلَا بِدَايَةٍ وَلَانِهَايَة؟ وَاَمَّا الْحَدَاثَةُ الْحَادِثَةُ الْجَدِيدَةُ الطَّارِئَةُ الَّتِي تَتَكَلَّمُونَ عَنْهَا فَلَيْسَتْ فِي الْقُرْآن؟ وَاِنَّمَا هِيَ فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ مِنَ اللهِ عز وجل اِلَى جِبْرِيلَ اِلَى النَّبِيِّ عليهما الصلاة والسلام حَتَّى وَصَلَ اِلَيْنَا؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ اَزَلِيٌّ غَيْرُ مَخْلُوق؟ بَلْ كَانَ مَوْجُوداً مَعَ اللهِ مُنْذُ الْاَزَلِ السَّحِيقِ وَالْمَاضِي الْبَعِيدِ بِلَا بِدَايَة وَاِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفاً مِنْ قَبْل وَلَكِنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً كَمَا اَنَّ الدَّوَاءَ مَوْجُودٌ وَلَوْ لَمْ يَكْتَشِفْهُ الْاَطِبَّاءُ بَعْدُ مِنْ اَجْلِ عِلَاجِ الْمَرْضَى وَلَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فِعْلاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَا اَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاء اِلَّا وَاَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً اِلَّا الْهِرَم( ثُمَّ تَعَالَوْا مَعِي كَيْفَ يَكُونُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقاً وَقَدْ تَحَدَّى اللهُ جَمِيعَ المَخْلُوقِينَ اَنْ يَاْتُوا بِمِثْلِهِ؟ فَلَوْ كَانَ مَخْلُوقاً لَاسْتَطَاعُوا اَنْ يَاْتُوا بِمِثْلِهِ لِاَنُّهُ مَخْلُوقٌ مِثْلُهُمْ وَمِنْ جِنْسِهِمْ؟ اِنْتَهَى كَلَامُ الْاِمَامِ اَحْمَدَ رَحَمِهُ الله؟ وَالْخُلَاصَةُ اَخِي اَنَّ هَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَنَا يَعْتَقِدُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ الله؟ وَيَعْتَقِدُونَ اَيْضاً بِاَنَّ اللهَ رَحْمَنٌ رَحِيم؟ فَاِذَا اَرَادَ اَنْ يُعَامِلَ اِنْسَاناً مَا بِعَمَلِهِ فَهُوَ عَادِلٌ مُنَزَّهٌ عَنِ الظُّلْم بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَظْلِمُ رَبُّكَ اَحَدَا( فَمَا هُوَ حَالُ الْعَدْلِ عِنْدَكُمْ؟ وَمَا قِصَّتُهُ؟ هَلْ يُوجَدُ دِينٌ جَدِيدٌ فِي مَسْاَلَةِ الْعَدْلِ اَيْضاً؟ قَالُوا؟ اَعْمَالُ الْاِنْسَانِ مِنَ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالتَّقْوَى وَ الشَّرِّ وَالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ؟ لَيْسَ مِنْ الْعَدْلِ اَنْ تَكُونَ مَخْلُوقَةً مِنَ الله؟ لِاَنَّ اللهَ لَايَخْلُقُ الظُّلْم؟ لِاَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِم؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ نَحْنُ نَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ؟ فَمَاذَا تَقُولُونَ اِذاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون(لِاَنَّكُمْ اِذَا اَنْكَرْتُمْ هَذِهِ الْآيَةَ؟ فَقَدْ كَفَرْتُمْ؟ وَمَنِ الَّذِي يَخْلُقُ اَفْعَالَ الْاِنْسَانِ اِذاً؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى خُبْثِ الْمُعْتَزِلَة وَذَكَائِهِمْ وَدَهَائِهِمُ الَّذِي اَنْقَذَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ حِينَمَا قَالُوا؟ اَلْعَدْلُ اَوِ الظُّلْمُ؟ وَالْخَيْرُ اَوِ الشَّرُّ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُ اَفْعَالَ نَفْسِهِ؟ بِتَمْكِينِ اللهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْخَلْق؟ كَمَا مَكَّنَ اللهُ عِيسَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَنِّي اَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَاَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِاِذْنِ الله( بِمَعْنَى اَنَّهُمْ قَالُوا؟ اِنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ اَفْعَالَهُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؟ لَكِنْ بِتَمْكِينِ اللهِ تَعَالَى لَهُ بِذَلِك؟ وَنَقُولُ لِاَهْلِ السُّنَّة؟ مَارَاْيُكُمْ فِيمَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ فِي مَسْاَلَةِ الْعَدْلِ؟ قَالُوا؟ اَللهُ تَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْء؟ وَهُوَ اَيْضاً خَالِقُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؟ وَاَمَّا الْاِنْسَانُ؟ فَاِنَّهُ يَكْتَسِبُ مِنَ الطَّرَفَيْن؟ فَاِمَّا اَنْ يَكْتَسِبَ الْخَيْرَ؟ فَيُجْزَى عَلَيْهِ خَيْراً؟ اَوْ يَكْتَسِبَ الشَّرَّ؟ فَيُجْزَى عَلَيْهِ شَرّاً؟ وَالْعَدْلُ كَمَا يَكُونُ فِي الْخَيْرِ؟ فَاِنَّهُ اَحْيَاناً يَكُونُ فِي الشَّرِّ اَيْضاً؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ؟ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَااعْتَدَى عَلَيْكُمْ(لِاَنَّ الِاعْتِدَاءَ فِي الْاَصْلِ هُوَ شَرّ؟ وَلَكِنَّهُ حِينَمَا تَعَلَّقَ بِالْقِصَاصِ الْعَادِلِ؟ اَصْبَحَ عَدْلاً؟ وَتَحَوَّلَ مِنْ شَرٍّ اِلَى خَيْر؟ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ(وَبِالْعَكْسِ؟ فَاِنَّ الْخَيْرَ مِنَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ اَيْضاً فِي بَعْضِ الْاَحْيَان؟ قَدْ يَتَحَوَّلُ مِنْ خَيْرٍ اِلَى شَرٍّ مِنَ الْاِسْرَافِ وَالتَّبْذِير؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كُلُوا وَاشْرَبُوا(وَالْاَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنَ الْخَيْرِ الْحَلَال كَمَا هُوَ مَعْلُوم{ وَلَاتُسْرِفُوا(وَهُنَا انْقَلَبَ الْخَيْرُ الْحَلَالُ اِلَى شَرٍّ حَرَامٍ؟ بِسَبَبِ الْاِسْرَاف{ اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيل(وَصِلَةُ رَحِمِ ذِي الْقُرْبَى وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ مِنْ اَعْظَمِ الْخَيْرِ وَالْقُرُبَات ِعِنْدَ اللهِ بِشَرْط{وَلَاتُبَذّرْ تَبْذِيرَا(وَهُنْا انْقَلَبَ الْاَمْرُ مِنَ الْخَيْرِ اِلَى الشَّرِّ؟ بِسَبَبِ التَّبْذِيرِ الْمُحَرَّمِ وَلَوْ كَانَ مِنْ اَجْلِ صِلَةِ الْاَرْحَامِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْمِسْكِين ِوَابْنِ السَّبِيل؟ وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ اَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى تَحْرِيمِ التَّوْزِيعِ الْعَشْوَائِيِّ لِلصَّدَقَاتِ خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَقَ وَلَوْ كَانَ الْفَقِيرُ مِنْ ذَوِي الْاَرْحَام؟ وَالْآيَةُ صَرِيحَةُ فِي اَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ التَّوْزِيعَ الْعَشْوَائِيَّ فَهُوَ مِنْ اِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللِه وَلَاثَوَابَ لَهُ عَلَى صَدَقَاتِهِ مَهْمَا صَرَفَ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ عَلَى غَيْرِ مُسْتَحِقّيهَا؟ اِنْتَهَى كَلَامُ اَهْلِ السُّنَّة؟ ثُمَّ يَقُولُ الْمُعْتَزِلَة؟ اِنَّ اللهَ تَعَالَى وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِعْلُ الْاَصْلَح؟ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ اَنْ يَرْحَمَ الْمُتَّقِين؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كَتَبَ رَبُّكْمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة( وَنَقُولُ لِاَهْلِ السُّنَّة؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الْكَلَام؟ قَالُوا؟ هَذِهِ وَقَاحَةٌ كُبْرَى مِنْ كَلِمَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّتِي لَا تَتَمَشَّى مَعَ الْاَدَبِ مَعَ اللهِ تَعَالَى؟ لِاَنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة؟ وَلَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْهِ اَحَدٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِه؟ وَلَمْ يُلْزِمْهُ بِهَا كَمَا نَفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ لَايُرِيدُونَ اَنْ يُلَطّفُوا اَجْوَاءَ التَّوْحِيدِ اِلَّا بِقِلَّةِ الْاَدَبِ مَعَ الله؟ لِاَنَّ اللهَ غَيْرُ مُلْزَم؟ بَلْ لَايَسْتَطِيعُ اَحَدٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ مَهْمَا عَظُمَ شَاْنُهُ؟ اَنْ يُلْزِمَهُ بِوَاجِبٍ اَوْ حَلَالٍ اَوْ حَرَام؟ لِاَنَّ الَّذِي يَلْتَزِمُ بِالْوَاجِبِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَام؟ يَنْبَغِي عَلَيْهِ اَنْ يَخْضَعَ لِمَا سِوَاهُ عَبْداً ذَلِيلاً؟ وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى؟ اِلَّا اِذَا اَخْضَعَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ سُبْحَانُهُ فَقَطْ دُونَ اَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ بِمَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلاً{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة( ثُمَّ يَقُولُ اَهْلُ السُّنَّة؟ وَلَقَدْ تَعَلَّمْنَا فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ؟ اَنَّ مَنْ يَقُلْ بِفِعْلِ الصَّلَاحِ عَلَى اللهِ قَدْ وَجَب؟ فَقَدْ اَسَاءَ الْاَدَب؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ قَدْ اَسَاؤُوا الْاَدَبَ مَعَ اللهِ جَهْلاً مِنْهُمْ؟ وَلِذَلِكَ نَحْنُ وَاَهْلُ السُّنَّةِ لَانُسِيءُ الْاَدَبَ مَعَهُمْ؟ وَلَانَقُولُ بِكُفْرِهِمْ؟ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ؟ وَلِذَلِكَ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تَكُونَ حَرِيصاً جِدّاً فِي مَسْاَلَةِ التَّكْفِير؟ وَاِيَّاكَ اَنْ تُكَفّرَ اِنْسَاناً اِلَّا بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَايَحْتَمِلُ التَّاْوِيل؟ وَلَوْ كَانَ اَهْلُ السُّنَّةِ مُتَعَصِّبِينَ؟ لَقَالُوا عَنْ هَؤُلاَءِ الْمُعْتَزِلَةِ اَنَّهُمْ كُفَّار؟ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوهَا؟ وَاِنَّمَا قَالُوا عَنْهُمْ اَنَّهُمْ قَدْ اَسَاؤُوا الْاَدَبَ فَقَطْ؟ وَلَمْ يَقُولُوا اَنَّهُمْ كَفَرُوا؟ وَالْخُلَاصَةُ اَخِي اَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ يَعْتَقِدُونَ اَنَّ الْاِنْسَانَ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُ اَفْعَالَ نَفْسِهِ لَهُ وَلَكِنْ بِتَمْكِينِ اللهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْخَلْق؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيد؟ قَالُوا؟ اِذَا وَعَدَ اللهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ؟ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُه؟ وَاِذَا اَوْعَدَ اَوْ تَوَعَّدَ بِشَيْءٍ؟ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ مَا تَوَعَّدَ بِهِ؟ فَمَثَلاً اِذَا وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ بِالْجَنَّةِ؟ وَوَعَدَ الْكَافِرِينَ بِالنَّارِ الْاَبَدِيَّةِ؟ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّنْفِيذُ فِي الْحَالَتَيْنِ؟ وَنَقُولُ لِاَهْلِ السُّنَّةِ؟ مَاذَا تَقُولُونَ اَنْتُمْ اَيْضاً فِي الْوَعْدِ وْالْوَعِيد؟ قَالُوا؟ اَللهُ تَعَالَى يُنْفِذُ وَعْدَه؟ لَكِنْ لَايَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِك؟ وَلَا اَحَدَ يُلْزِمُهُ بِذَلِكَ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لِلهِ الْاَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ{يَخْلُقُ مَايَشَاءُ وَيَخْتَار؟ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَة{لَايُسْاَلُ عَمَّا يَفْعَلُ؟ وَهُمْ يُسْاَلُون( وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَعِيد؟ فَاِذَا هَدَّدَ سُبْحَانَهُ بِعُقُوبَة؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَحْصَلَ التَّهْدِيد؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَحْصَلَ شَيْءٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ اَبَداً اِلَّا بَرَغْبَتِهِ سُبْحَانَه؟ وَلَهُ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ حَتَّى وَلَوْ تَغَلَّبَ الشَّرُّ عَلَى الْخَيْرِ فِي هَذَا الْكَوْن؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَاعْلَمْ اَنَّ الْاُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَمْ يَنْفَعُوكَ اِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَك؟ وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَمْ يَضُرُّوكَ اِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْك؟ رُفْعَتِ الْاَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُف(ثُمَّ يَقُولُ اَهْلُ السُّنَّة؟ فَاِذَا هَدَّدَ اللهُ تَعَالَى بِعُقُوبَة؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَحْصَلَ التَّهْدِيدُ بِتَدَاعِيَاتِهِ كَمَا اَرَادَهُ سُبْحَانَه؟ وَمَعَ ذَلِكَ نَقُول؟ اَللهُ تَعَالَى لَايَسْتَطِيعُ اَحَدٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ مَهْمَا عَظُمَ شَاْنُهُ اَنْ يُلْزِمَهُ بِتَنْفِيذِ تَهْدِيدَاتِهِ اِذَا هَدَّد؟ فَاِنْ شَاءَ نَفَّذَ تَهْدِيدَهُ؟ وَاِنْ شَاءَ تَرَاجَعَ عَنْ تَهْدِيدِهِ وَعَفَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ(ِمِنْ تَهْدِيدِهِ{وَيُثْبِتُ؟ وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتَاب(وَهُوَ الْاَرْشِيفُ الْكَبِيرُ الْاَعْظَمُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ مَا تَرَاجَعَ عَنْ تَهْدِيدَاتِهِ لِيَمُنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَفْوِهِ وَكَرَمِهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَنَّانُ الْمَنَّان؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ وَمَا اَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ اَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير(اِنْتَهَى كَلَامُ اَهْلِ السُّنَّة؟ وَنَقُولُ لِلْمُعْتَزِلَة؟ مَاذَا عَنْ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ كَالزِّنَى وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْكَبَائِر؟ هَلْ تَقُولُونَ بِكُفْرِهِ كَمَا يَقُولُ الْخَوَارِج؟ وَهَلْ اَنْتُمْ مُتَاَثّرُونَ بِعَقِيدَةِ الْخَوَارِجِ اِلَى حَدٍّ مَا فِي مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي يَعْتَقِدُ الْخَوَارِجُ بِكُفْرِه؟ سَوْفَ نَرَى بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ خِلَالِ جَوَابِكُمْ؟ قَالُوا؟ مُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ لَيْسَ بِكَافِر؟ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ اَيْضاً؟ وَاِنَّمَا هُوَ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْن؟ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار؟ وَنَقُولُ لَهُمْ؟ وَكَيْفَ ذَلِك؟ هَلْ هُوَ لُغْزٌ عَجِيب؟ هَلْ هِيَ اُحْجِيَة تَعْجِيزِيَّة تَحْتَفِظُونَ بِجَوَابِهَا لِاَنْفُسِكُمْ؟ مَاذَا تَقُولُونَ فِي اَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ تَابُوا مِنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِمْ؟ قَالُوا؟ سَوَاءٌ تَابُوا قَبْلَ مَوْتِهِمْ؟ اَوْ مَاتُوا وَلَمْ يَتُوبُوا؟ فَاِنَّهُ يَسُوقُهُمْ اِلَى نَارِ جَهَنَّمَ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ خَالِدِينَ فِيهَا اَبَداً؟ وَلَكِنْ يَكُونُ عَذَابُ اَصْحَابِ الْكَبَائِرِ غَيْرِ التَّائِبِينَ؟ اَشَدَّ مِنْ عَذَابِ اَصْحَابِ الْكَبَائِرِ التَّائِبِين؟ وَهُوَ اَيْضاً اَخَفُّ مِنْ عَذَابِ الْكُفَّارِ الْمُشْرِكِين؟ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْن؟ وَنَقُولُ لِاَهْلِ السُّنَّةِ؟ مَا رَاْيُكُمْ فِيمَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَة؟ قَالُوا؟ هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيح؟ وَاَمَّا الصَّحِيحُ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْه؟ فَهُوَ اَنَّ اَصْحَابَ الْكَبَائِرِ؟ سَوَاءٌ تَابُوا مِنْهَا اَوْ لَمْ يَتُوبُوا؟ وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا اِذَا مَاتُوا عَلَى ذَلِكَ بِتَوْبَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ اَوْ مِنْ غَيْرِ تَوْبَة؟ فَاِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْجُو مِنْ عَذَابِ اللهِ الْاَبَدِيِّ وَلَوْ بَقِيَ فِي جَهَنَّمَ مَلَايِينَ السِّنِينِ بِشَرْط؟ وَانْتَبِهْ اَخِي لِمَا اَقُولُهُ جَيِّداً؟ وَاَرْجُوكَ اَخِي اَنْ تَتَحَمَّلَنِي وَلَوْ قَلِيلاً؟ فَقَدْ شَارَفَتْ هَذِهِ الْمُشَارَكَةُ عَلَى نِهَايَتِهَا؟ وَلَا اُرِيدُكَ اَخِي اَنْ تَنْتَهِيَ مِنْ قِرَاءَتِهَا اِلَّا وَقَدْ فَهِمْتَهَا حَرْفاً حَرْفاً وَكَلِمَةً كَلِمَة؟ حَتَّى تَسْتَطِيعَ اَنْ تَنْتَقِدَنِي نَقْداً بَنَّاءً اِذَا اَخْطَاْتُ فِي اَيَّةِ كَلِمَة؟ وَصَدِّقْنِي اَخِي؟ فَاِنَّ نَقْدَكَ لِي مَطْلُوبٌ شَرْعاً؟ وَاَنْتَ بِذَلِكَ النَّقْدِ تَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّةً كُبْرَى عِنْدَ اللهِ تَعَالَى اِذَا اَهْمَلْتَه؟ لِاَنِّي مَعَ الْاَسَفِ لَمْ اَنْشَاْ فِي اَجْوَاءِ التَّوْحِيد؟ وَاِنَّمَا نَشَاْتُ وَتَرَعْرَعْتُ فِي اَجْوَاءٍ مِنْ اَشَدِّ الْكُفْرِ وَالْاِلْحَادِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَالْعَيَاذُ بِهِ سبحانه؟ فَاَرْجُوكَ اَخِي اَنْ تُسَاعِدَنِي عَلَى اِيصَالِ حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ الصَّحِيحِ اِلَى قَلْبِي؟ اَرْجُوكَ اَخِي فَاِنِّي اُخَاطِرُ بِحَيَاتِي مِنْ اَجْلِ اِيصَالِ هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ وَغَيْرَهَا اِلَيْك وَلَايَهُمُّنِي اَنْ اَمُوت؟ لكن لَا اُرِيدُ اَنْ اَمُوتَ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي نَشَاْتُ عَلَيْه؟ وَلَاَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً اَوِ امْرَاَةً خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا؟ وَخَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ؟ وَخَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي اَحَادِيثَ صَحِيحَة؟ فَقَطْ اُرِيدُ اَنْ اَسْمَعَ مِنْكَ اَخِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْن؟ وَلَا اُرِيدُ مِنْكَ اَخِي غَيْرَهُمَا؟ وَهُمَا قَوْلُكَ لِي؟ عَرَفْتِ اَيَّتُهَا الْاُخْتُ فَالْزَمِي؟ اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَلِذَلِكَ اَقُولُ بِشَرْط؟ اَن تَكُونَ عَقِيدَةُ اَصْحَابِ الْكَبَائِرِ فِي جَمِيعِ الْكَبَائِرِ سَلِيمَةً لَاتُكَذّبُ اللهَ وَرَسُولَه؟ لِاَنَّ مَنْ كَذَّبَ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ فَاِنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَاِنَّهُ لَايَنْجُو اَبَداً مِنَ الْخُلُودِ الْاَبَدِيِّ فِي نَارِ جَهَنَّم؟ لَكِنْ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَتَّفِقَ مَعِي اَوَّلاً اَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَامِ وَمِنْ دُونِ تَوْبَةٍ اَيْضاً مِنَ الْكُفْرِ وَالْاِشْرَاكِ بِاللهِ وَالرِّدَّةِ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ؟ فَاِنّهُ لَايَنْجُو مِنَ الْعَذَابِ الْاَبَدِيِّ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَلَوْ كَانَ مِنَ السَّابِقِينَ اِلَى الْاِسْلَام؟ وَاَمَّا مَنْ مَاتَ عَلَى دِينِ الْاِسْلَامِ تَائِباً مِنْ ذَلِكَ كُلّهِ فَاِنَّهُ يَنْجُو وَلَوْ كَانَ يَهُودِيّاً اَوْ نَصْرَانِيّاً وَلَوْ كَانَ بُوذِيّاً اَوْ هِنْدُوسِيّاً لَكِنْ بَشَرْطٍ اَيْضاً؟ اَلَّا يُكَذّبَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَام؟ فَمَثَلاً لَوْ اَنّ اِنْسَاناً مَا لَايَشْرَبُ الْخَمْرَ اَبَداً؟ فَاِذَا سَاَلْنَاهُ لِمَاذَا لَاتَشْرَبُ الْخَمْرَ هَلْ هُوَ حَرَام؟ فَيَقُولُ لَا لَيْسَ حَرَاماً وَاَنَا اَعْتَقِدُ اَنّهُ حُرِّيَّةٌ شَخْصِيّةُ لَاغُبَارَ عَلَيْهَا وَلَكِنِّي لَا اَسْتَسِيغُهُ وَنَفْسِي تَعَافُهُ وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ كَمَا تَشْمَئِزُّ نَفْسِي مِنْ بَعْضِ الْاَطْعِمَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ حَرَاماً؟ فَهَذَا الْاِنْسَانُ هُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ وَلَا يَنْجُو مِنْ جَحِيمِ جَهَنَّمَ الْاَبِدِيِّ اَبَداً اِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يَدْخُلِ الْاِسْلَامَ مِنْ جَدِيد؟ لَا لِاَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ وَلَا لِاَنّهُ يَشْرَبُهَا؟ وَلَكِنْ بِسَبَبِ عَقِيدَتِهِ فِي الْخَمْرِ اَنَّهَا حَلَال؟ لِاَنَّهُ بِاعْتِقَادِهِ هَذَا يُكَذّبُ اللهَ الَّذِي حَرَّمَ الْخَمْرَ؟ وَيُكَذّبُ رَسُولَهُ اَيْضاً؟ بَلْ اِنَّ تَكْذِيبَ رَسُولٍ وَاحِدٍ فَقَطْ مِنْ رُسُل ِالله؟ يَكْفِي ليَجْعَلُهُ يُكَذّبُ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ؟ وَيُكَذّبُ مَنْ خَلَقَهُمْ اَيْضاً فِي مِيزَانِ اللهِ سُبْحَانَه؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كَذّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِين(وَثَمُودُ هُمْ قَوْمُ صَالِح؟ وَهُمْ لَمْ يُكَذّبُوا اِلّا رَسُولاً وَاحِداً وَهُوَ صَالِحٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُمْ فِي مِيزَانِ اللهِ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ سُبْحَانَهُ اَنَّهُمْ كَذّبُوا جَمِيعَ الْمُرْسَلِين؟ وَاَمّا اَخِي لَوْ جِئْتَ اِلَى اِنْسَانٍ آخَرَ مُدْمِنٍ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى الثّمَالَةِ؟ فَقُلْتَ لَهُ لِمَاذَا تَشْرَبُ الْخَمْرَ هَلْ هِيَ حَلَال ٌبِرَاْيِك؟ فَيَقُولُ لَكَ مَعَاذَ الله؟ بَلْ هُوَ حَرَام؟ وَاَسْاَلُ اللهَ اَنْ يَهْدِيَنِي اِلَى التّوْبَةِ مِنْهُ وَمِنْ تَعَاطِيهِ وَشُرْبِهِ؟ فَاِنْ مَاتَ هَذَا الْاِنْسَانُ عَلَى دِينِ الْاِسْلَامِ وَلَوْ لَمْ يَتُبْ مِنْ تَعَاطِي الْخَمْرِ؟ فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنْ عَذَابِ اللهِ الْاَبَدِيِّ وَلَوْ بَقِيَ فِي جَهَنَّمَ 20 مِلْيُون سَنَة فَاِنَّهُ يَنْجُو بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ كَبِير؟ وَلَا اَسْتَطِيعُ اَنْ اَجْزِمَ بِذَلِكَ؟ لِاَنَّ الْاَمْرَ كُلّهُ لِلهِ وَيَعُودُ اِلَى الله؟ وَلَا اَسْتَطِيعُ اَنْ اَجْزِمَ بِذَلِكَ اِلَّا عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذّبُ مَنْ يَشَاء(وَلَا اَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ اَتَّخِذَ عَهْدَاً عِنْدَ اللِه بِذَلِكَ كَمَا فَعَلَ الْيَهُودُ اِلَّا عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي نِهَايَةِ هَذِهِ الْآيَة{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ اِلَّا اَيَّاماً مَعْدُودَات؟ قُلْ اَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ الله ِعَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ؟ اَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالَاتَعْلَمُون؟ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَاَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ(اِحَاطَةَ السُّوَارِ بِالْمِعْصَمِ{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِين{فَاُولَئِكَ اَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون(وَاَمَّا الضَّوْءُ الَّذِي فِيهِ فُسْحَةُ الرَّجَاءِ وَالْاَمَلِ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اُولَئِكَ اَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون{لَيْسَ بِاَمَانِيِّكُمْ وَلَا اَمَانِيِّ اَهْلِ الْكِتَاب؟ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ؟ وَلَايَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلَانَصِيرَا(وَاَمَّا ضَوْءُ فُسْحَةِ الْاَمَلِ وَالرَّجَاءِ بِاللهِ تَعَالَى فَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ اَوْ اُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَاُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَايُظْلَمُونَ نَقِيرَا}؟؟ بَقِيَ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَتَّفِقُ فِيهِ اَهْلُ السُّنَّةِ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُوَ قَاسِمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَهُوَ مَوْضُوعُ الْاَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ وَلَكِنَّ الطَّرِيقَةَ الَّتِي مَارَسَهَا الْمُعْتَزِلَةُ فِي ذَلِكَ الْاِرْهَابِ الْفِكْرِيِّ وَالتَّنْكِيلِيِّ الْمُرْفَقِ بِهَذهِ الدَّعْوَةِ كَانَتْ ظَالِمَةً جِدّاً؟ مِمَّا جَعَلَ الْاِمَامَ اَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ رَحِمَهُ اللهُ يَمُوتُ مُتَاَثّراً بِالتَّعْذِيبِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ الظَّالِم؟ وَلَقَدْ حَاوَلَ سَلَاطِينُ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَهُ كَثِيراً وَلَمْ يُفْلِحُوا؟ وَلَمْ يَقُلْ رَحِمَهُ اللهُ بِاَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ كَمَا كَانُوا يَعْتَقِدُون؟ وَلِذَلِكَ كَانَ فُقَهَاؤُنَا هَؤُلَاءِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَمِنْهُمْ اَحْمَد؟ وَمِنْهُمْ اَيْضاً اَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِك؟ وَقَدْ كَانُوا جَمِيعاً مِنَ الَّذِينَ خَلَّدَ اللهُ ذِكْرَهُمْ وَسَيَبْقَى مُخَلَّداً اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ اِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى؟ وَسَبَبُ ذَلِكَ اَنَّهُمْ كَانُوا مُخْلِصِينَ لِله؟ فَاِذَا رَاَوْا اَنْفُسَهُمْ عَلَى خَطَاٍ؟ فَاِنَّهُمْ فَوْراً يَتَرَاجَعُونَ عَنْهُ وَلَايَدُورُونَ اِلَّا مَعَ الْحَقِّ وَالدَّلِيلِ كَيْفَمَا دَار؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُمْ اِذَا رَاَوْا رَاْيَ غَيْرِهِمْ اَصْوَبَ مِنْ رَاْيِهِمْ؟ تَنَازَلُوا عَنْ رَاْيِهِمْ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الرَّاْيِ الْاَصْوَبِ اَقَلَّ مِنْهُمْ عِلْماً وَاَصْغَرَ سِنّاً؟ وَهَذَا لَانَقُولُهُ نَحْنُ اَخِي مِنْ بَابِ الْاِنْشَاءِ وَالْمُجَامَلَة؟ وَتَعَالَ مَعِي اَخِي اِلَى الْفِقْهِ الْمَالِكِيّ؟ فَاِنَّ مَالِكَ بْنَ اَنَس؟ كَانَ اُسْتَاذَ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيّ وَاُسْتَاذَ مَدْرَسَةِ الْحَدِيث؟ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَتَرَاجَعُ عَنْ رَاْيِهِ اِلَى رَاْيِ تِلْمِيذِهِ الشَّافِعِيّ اُسْتَاذِ الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ؟ وَيَتَرَاجَعُ الشَّافِعِيُّ عَنْ رَاْيِهِ اَيْضاً اِلَى رَاْيِ تِلْمِيذِهِ اَحْمَد اُسْتَاذِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيّ؟ وَكُلّهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ اَسَاتِذَةٌ كِبَارٌ فِي مَدْرَسَةِ الْحَدِيثِ اَيْضاً؟ وَتَعَالَ مَعِي اَخِي اِلَى الْفِقْهِ الْحَنَفِيِّ اَيْضاً؟ فَاِنَّ اَبَا حَنِيفَةَ هُوَ اُسْتَاذُ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيّ؟ وَاُسْتَاذُ مَدْرَسَةِ الرَّاْيِ؟ وَتَلَامِذَتُهُ هُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَاَبُو يُوسُفَ وَيَعْقُوبُ وَزُفَر؟ وَكُلُّهُمْ اَسَاتِذَة ٌعُظَمَاءُ فِي مَدْرَسَةِ الرَّاْيِ اَيْضاً رضي الله عنهم جميعا؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ اَبُو حَنِيفَةَ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَعِلْمِهِ؟ يَتَرَاجَعُ عَنْ رَاْيِهِ اِذَا اَقْنَعَهُ تَلَامِذَتُهُ اَنَّ رَاْيَهُمْ هُوَ الْاَصَحُّ وَلَايَتَكَبَّرُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ مَنْ اَنْتَ حَتَّى اَسْمَعَ مِنْكَ؟ اَنَا الَّذِي جَعَلْتُكَ فَقِيهاً كَبِيراً؟ اَنَا الَّذِي عَلَّمْتُكَ بَعْدَ اَنْ كُنْتَ جَاهِلاً؟ كَمَا نَسْمَعُ فِي اَيَّامِنَا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الْمُتَعَجْرِفِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ هَؤُلَاءِ الْكِرَامُ الصَّفْوَةُ مِنْ خَلْقِ الله؟ لِاَنَّ مُبْتَغَاهُمْ جَمِيعاً كَانَ وَجْهَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَلِذَلِكَ اَخْلَصُوا لِلهِ؟ فَخَلَّدَ اللهُ ذِكْرَهُمْ؟ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُونَ عَنْهُمْ اَنَّهُمْ فُقَهَاءُ السُّلْطَان؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاءِ بِالْعَكْس؟ كُلَّ هَؤُلَاءِ اُوذُوا اِيذَاءً شَدِيداً مِنَ الْخُلَفَاءِ وَالسَّلَاطِين؟ وَلَمْ يَسْلَمْ اَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَطْشِهِمْ وَجَبَرُوتِهِمْ وَظُلْمِهِمْ؟ بَلْ قَدْ اُوذِيَ اَذىً شَدِيدَا؟ وَاَمَّا الَّذِينَ كَانُوا فِعْلاً فُقَهَاءَ لِلسَّلَاطِين؟ فَقَدْ انْدَثَرَ ذِكْرُهُمْ وَاخْتَفَى؟ وَلَمْ يَعُدْ لَهُمْ ذِكْرٌ فِي عَالَمِ الْفِقْهِ وَالْمَعْرِفَة؟ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْخُلُودِ الْحَقِيقِيّ؟ لِاَنَّ الْاِنْسَانَ مِنَّا اَخِي لَايَخْلُدُ بِجَسَدِهِ؟ وَاِنَّمَا يَخْلُدُ بِآرَائِهِ وَاَفْكَارِهِ النَّيِّرَة؟ وَقَدْ اَبْدَى هَؤُلَاءِ الصَّفْوَةُ الْكِرَامُ بَعْضَ الْآرَاءِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَسْتَسِيغُهَا اَصْحَابُ الْعَصْرِ الَّذِي كَانُوا يَعِيشُونَ فِيه؟ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ مُسْتَسَاغَةً جِدّاً وَمَرْغُوبَةً فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي عَاشَهُ اَجْدَادُنَا بَعْدَ ذَلِكَ اِلَى اَنْ وَصَلْنَا اِلَى اَيَّامِنَا فِي هَذَا الزَّمَنِ الْحَالِيِّ الَّذِي نَعِيشُهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْعَالِمَ الْمُؤْمِنَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء؟ كَانَ يَنْظُرُ بِنُورِ الله؟ وَنُورُ اللهِ تَعَالَى كَمَا تَعْلَمُونَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ؟ نُورٌ كَاشِفٌ؟ يَكْشِفُ الْمَاضِي وَالْحَاضِرَ وَالْمُسْتَقْبَلَ مُنْذُ الْاَزَلِ السَّحِيقِ اِلَى الْاُفُقِ الْبَعِيد؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ نُورَ اللهِ لَايَعْرِفُ الْحُجُبَ التَّارِيخِيَّةَ وَالْجُغْرَافِيَّةَ وَالزَّمَانِيَّةَ وَالْمَكَانِيَّة؟ وَلَايَحْجُبُهُ وَلَايُحْجَبُ عَنْهُ شَيْءٌ اَبَداً؟ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اَنَّ اَتْبَاعَ التَّابِعِينَ هَؤُلَاءِ مِنْ اَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْاَرْبَعَةِ لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ لِلسَّلَاطِينَ اَبَداً؟ بَلْ كَانُوا عُلَمَاءَ رَبَّانِيِّينَ يَنْظُرُونَ بِنُورِ الله؟ وَلِذَلِكَ بَقِيَتْ آرَاؤُهُمْ وَاجْتِهَادَاتُهُمْ وَتَعَالِيمُهُمْ خَالِدَةً اِلَى اَيَّامِنَا؟ وَسَتَبْقَى اِلَى قِيَامِ السَّاعَة؟ وَلَوْ كَانَ اَبُو حَنِيفَةَ مِنْ عُلَمَاءِ السُّلْطَان؟ لَسَالَ لُعَابُهُ عَلَى مَنْصِبِ الْقَضَاءِ الَّذِي عَرَضَهُ عَلَيْهِ السُّلْطَان؟ وَسَعَى لَاهِثاً اِلَيْه؟ وَلَكِنَّهُ رَحِمَهُ اللهُ لَمْ يَفْعَل؟ وَاِنَّمَا رَفَضَ عَرْضَ السُّلْطَان؟ فَاَمَرَ السُّلْطَانُ بِضَرْبِهِ وَاِذْلَالِهِ؟ وَزُجَّ بِهِ فِي السِّجْنِ حَتَّى مَاتَ مُتَاَثّراً؟ وَاَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله؟ فَقَدِ اتَّهَمَهُ حَاشِيَةُ السُّلْطَانِ بِالتَّشَيُّعِ؟ حَتَّى اَمَرَ السُّلْطَانُ بِقَتْلِهِ؟ وَهَذَا مَا حَصَلَ اَيْضاً مَعَ مَالِكِ بْنِ اَنَسٍ رَحِمَهُ الله؟ حَتَّى اَمَرَ السُّلْطَانُ بِضَرْبِهِ ضَرْباً شَدِيداً؟ فَاُصِيبَ رَحِمَهُ اللهُ بِاحْتِبَاسِ الْبَوْلِ مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبِ؟ حَتَّى مَاتَ شَهِيداً كَمَا مَاتُوا شُهَدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ اَجْمَعِين؟ وَقَدْ كَانَتِ الْمُؤَامَرَةُ عَلَيْهِ مِنْ حَاشِيَةِ السُّوءِ حَسَدَاً وَكُرْهاً لَهُ؟ حَتَّى قَالُوا لِلسُّلْطَان؟ اِنَّ مَالِكَ بْنَ اَنَسٍ يُفْتِي النَّاسَ اَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ الْمَجْبُورِعَلَيْهِ لَا يَقَع؟ فَقَالَ السُّلْطَانُ نَعَمْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ وَمَاذَا فِي ذَلِك؟ فَقَالُوا لَهُ كَذِباً وَافْتِرَاءً اِنَّهُ يَزْعُمُ اَنَّ النَّاسَ بَايَعُوكَ عَلَى الْخِلَافَةِ مُكْرَهِينَ مَجْبُورِين وَلِذَلِكَ فَاِنَّ بَيْعَتَكَ لَاتَقَعُ فِي رِقَابِهِمْ بِرَاْيِهِ؟ لِاَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى اِسْقَاطِكَ وَالثَّوْرَةِ عَلَيْك؟ثُمَّ اتَّهَمُوهُ ظُلْماً بِاَنَّهُ كَانَ يُبِيحُ اللّوَاطَ الْاَصْغَرَ مِنْ اِتْيَانِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَشَرْجِهَا؟ فَكَانَ مَا كَانَ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ الله؟ اَللَّهُمَّ عَلّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا؟ وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا؟ وَتَقَبَّلْ صَالِحَ الْاَعْمَالِ مِنَّا؟ وَتَقَبَّلْ مِنَّا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْقِيَام؟ وَاجْعَلْنَا مِنْ اَهْلِ طَاعَتِكَ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّان؟ اَللَّهُمَّ اشْرَحْ صُدُورَنَا؟ وَيَسِّرْ اُمُورَنَا؟ وَفَقّهْنَا فِي دِينِنَا؟ وَعَلّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا؟ وَاكْشِفْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْغَلَاء؟ وَانْصُرْنَا بِضُعَفَائِنَا مِنَ الْمَظْلُومِينَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِين؟ وَوَفِّقْ جَيْشَنَا الْحُرَّ وَجَبْهَتَنَا الْمَنْصُورَةَ اِلَى مَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاه؟ وَاشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ؟ وَاَذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ؟ وَتُبْ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ يَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؟ يَا تَوَّابُ يَا رَحِيم؟ اسالك ياالله ان تنعم بالسعادة الابدية والنعيم المقيم على كل من ينصر المسلمين وغير المسلمين من المظلومين في جميع انحاء العالم وخاصة اخواننا في سوريا وفلسطين والعراق والاحواز واليمن والبحرين و بورما؟ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى جَمِيعِ الْاَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمِهِمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ وَالْخَلَفِ وَالتَّابِعِينَ وَاَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّين؟ وَسَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ مِنْ اُخْتِكُمْ فِي الله آلَاء؟ وَآخِرُ دَعْوَانَا اَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين