ساعات قليلة وينتهي العمل بـ "دينار صدام" فمع نهاية يوم الخميس ستدخل الأوراق النقدية العراقية التي ظلت تحمل صور الرئيس المخلوع لأكثر من ثلاثة عقود، ذمة التاريخ لتصبح عملة منقرضة.
وكانت سلطات التحالف ومجلس الحكم الانتقالي قد بدأت عملية انتقالية في منتصف أكتوبر/تشرين الثاني الماضي لسحب دينار صدام من التداول واستبداله بالدينار الجديد.
كانت صورة صدام طوال الشهور الثلاثة متداولة في كل يد على أوراق الدينار، رغم سقوط نظامه واعتقاله، لكنها كانت مجرد صورة لا يعيرها حاملوها اهتماما كثيرا.
تقلبت الأحوال بدينار صدام، من عصر ذهبي كان الدينار فيه قادرا على شراء ثلاثة دولارات، وهو ما يصفه العراقيون هنا بالدينار السويسري ربما لأنه طبع في سويسرا، إلى عصر الانحطاط الذي كانت تباع فيه أوراق الدينار بالكيلو جرام بعدما أصبح سعر الدولار الواحد يوازي أكثر من ألفي دينار.
غير مأسوف عليه
علي: انتهى صدام وانتهى معه ديناره
في ميدان الفردوس يضع الصرافون طاولاتهم حول حواف الميدان، سألت علي عن شعوره تجاه دينار صدام، قال " انتهى صدام وانتهى معه ديناره، لن نقبله بعد اليوم".
وكانت المحال التجارية والوكالات والفنادق قد بدأت مع بداية العام الحالي في تعليق لافتات تحذر زبائنها من أنها لن تقبل الدينار القديم وذلك قبل 15 يوما من الموعد الرسمي لسحب دينار صدام.
سألت علي عما إذا كان هناك من يرغب في شراء دينار صدام والاحتفاظ به كنوع من الذكرى قال "هؤلاء هم ضعاف النفوس، لماذا يحتفظون به".
لم أعثر في الأوراق النقدية الجديدة "الدينار الجديد" على أي فئة تحمل صور أي من زعماء العراق سواء الملكيين أو الجمهوريين، فقد اكتفى مصمموها بالنقوش العربية الإسلامية وبصور لآثار العراق أو مشاريعه الكبرى.
ويرى سراب عزيز عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال العراقيين، أن تصميم أوراق العملة أو مظهرها ليس هو المهم " المهم هو أن تكون العملة الحقيقية الناجحة قائمة على قوة العمل ودعم اقتصادها".
ويرى عزيز أن دينار صدام لم يكن معبرا عن حقيقة الاقتصاد العراقي أو القوة الشرائية للعراقيين، بل كانت قيمته في الأسواق تعتمد أساسا على ما تتداوله عناوين الأخبار فكانت تهوي قيمته أكثر كل ما ساءت الأخبار الواردة عن العراق.
سراب لا يهمه تصميم ورقة العملة أو مظهرها
لم أعثر على أحد يبكي صورة صدام أو ديناره، موظف كبير قال لي "لدينا هموم أكبر كلها أوراق عملة".
لكن سيدة شابة في سوق الكرادة أعربت عن فرحتها بزوال دينار صدام وابتهاجها بالعملة الجديدة ، خاصة وأن آخر أيام دينار صدام شهدت تراجعا كبيرا للدولار وبشكل ملحوظ أمام الدينار الجديد.
وقد انهار سعر صرف الدولار ليصبح ألفا ومئة دينار للدولار الواحد يوم الأربعاء فيما كان سعر الصرف قبل خمسين يوما ما يزيد عن ألفي دينار للدولار.
ورغم أن ذلك لم ينعكس حتى الآن بشكل واضح على حياة العراقيين العاديين، فإن فؤاد مصطفى المفوض العالم لمصرف الائتمان العراقي يقول " سيتحول العراق إلى اقتصاد السوق وستنخفض الأسعار".
ووصف مصطفى عملية سحب دينار صدام بأنها كانت سهلة لم تنطو على أية مشاكل وأن مصرفه سحب عشرة مليارات دينار من الأسواق.
أما عن مصير الدنانير المهربة إلى الخارج والتي لم تلحق بالموعد النهائي لاستبدال العملة فقال عنها " ستكون عديمة القيمة لا تصلح لشيء اعتبارا من يوم الجمعة لأن البنك المركزي لم يمدد أجل استبدال العملة".