أعلنت الولايات المتحدة أنها بدأت خفض وجودها العسكري في باكستان، تنفيذاً لطلب رسمي قدمته إسلام آباد في هذا الشأن، ما يؤكد استمرار الأزمة بين البلدين بعد قتل قوات كوماندوس أميركية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن قرب إسلام آباد مطلع الشهر الجاري.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الكولونيل ديف لابان: «تلقينا قبل أسبوعين طلباً من الحكومة الباكستانية لخفض عدد القوات الأميركية، وبدأنا التنفيذ»، من دون أن يحدد عدد الجنود الذين سيسحبون من الخدمة، مع العلم أن أكثر من مئتي جندي من القوات الخاصة الأميركية يقدمون النصح للقوات الباكستانية كجزء من جهود التصدي لتنظيم «القاعدة» وإسلاميين آخرين.
وحتى قبل عملية قتل بن لادن، أبلغ مسؤولون باكستانيون الأميركيين بأنهم يريدون انسحاب بين 20 و30 عنصراً من القوات الخاصة، بعدما قتل رايموند ديفيس، أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي)، باكستانيين اثنين بالرصاص في لاهور نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، ثم أفرج عنه في آذار (مارس) الماضي بعد دفع تعويضات لعائلتي الضحيتين.
في المقابل، يطالب أعضاء في الكونغرس الأميركي إدارتهم بإعادة تقويم العلاقات مع باكستان بعد العملية ضد بن لادن، معتبرين أن إسلام آباد تضطلع بدور مزدوج عبر دعم الناشطين الإسلاميين والإفادة في الوقت ذاته من مساعدة أميركية كبيرة. لكن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحتاج إلى مرفأ كراتشي وطرق أخرى في باكستان لتأمين إمدادات للقوات الأميركية في أفغانستان، كما تريد إبقاء عناصر من «سي آي أي» في هذا البلد لضمان عدم استحواذ متطرفين على أسلحة نووية. أما باكستان فتعتبر بعض الجماعات الإسلامية ورقة في يدها في مواجهة الهند وتريد الاحتفاظ بنفوذ استراتيجي في أفغانستان المجاورة. ويقول بعض المسؤولين الأميركيين والمحللين إن باكستان والولايات المتحدة لا تزالان تحتاجان الى بعضهما بعضاً، وإن المصالح بين البلدين ستقنع الطرفين بمحاولة تجنب تدهور كبير في العلاقات.
على صعيد آخر، أجازت إسلام آباد استخدام «كل الوسائل» للتخلص من المتمردين بعد شن حركة «طالبان» أربع هجمات على قوات الأمن للثأر من مقتل بن لادن آخرها على قاعدة عسكرية في كراتشي الأحد الماضي، من دون أن توضح طبيعتها.
وأقرّ رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بعد اجتماع عقده مع أعضاء لجنة الدفاع في حكومته بوجود «قلق في شأن قدرات بلاده على توفير معالجة جدية للمشاكل التي يطرحها الإرهاب، لذا سيسمح لوكالات الأمن والدفاع وتلك المكلفة تطبيق القانون استخدام كل الوسائل اللازمة للقضاء على الإرهابيين والمتمردين». وتابع: «يجب أن تتأكد كل فروع الحكومة من تدمير مخابئ الإرهابيين باستخدام الوسائل المناسبة».
وتطالب الولايات المتحدة منذ فترة إسلام آباد بشن عملية كبيرة في اقليم شمال وزيرستان القبلي المحاذي للحدود مع أفغانستان، حيث معقل «طالبان باكستان» و «القاعدة»، والقاعدة الخلفية لـ «طالبان» الأفغانية، مع العلم ان الإقليم شهد أمس مقتل ثلاثة أشخاص لدى إطلاق متمردين قذيفة مورتر على موقع عسكري قرب استاد ميران شاه التي أقفل سوقها الرئيسية بعد تطويق قوات الأمن المنطقة المستهدفة.