يترقب سكان الخليج العربي بشوق دخول موسم الأمطار المعروف بـ ''الوسم'' سواء من أصحاب الماشية الذين يعانون ارتفاع أسعار الأعلاف أو المزارعين في المناطق التي تعتمد في نشاطها الزراعي على الأمطار وتدفق السيول وتخزين مياهها في السدود أو المتنزهين عشاق الصحراء الذين يتمتعون بالأجواء الربيعية الممطرة فما هي إلا أيام قلائل وتخضر الأرض وتغرد الطيور ويطيب الهواء بنفحات الربيع الندي.
تعتبر الأيام العشرة الأولى من أكتوبر هي فترة انحسار المنخفض المداري الرطب نواحي الهند وانتقاله ونشاطه نواحي السودان نتيجة للتغيرات الفصلية الموسمية وميل محور الأرض بالنسبة لمدارها حول الشمس.
حيث يبدأ تحول الرياح الناقلة فوق بحر العرب إلى شمالية شرقية عكس حركتها الصيفية ويعتبر العاشر من أكتوبر هو أول أيام ''الوسم'' فوق معظم مناطق السعودية ودول الخليج ومنهم من يرى أن دخول الوسم في 16 أكتوبر حسب التقويم حيث تبدأ الغيوم تقطع سماء السعودية من الغرب إلى الشرق عكس فترة الصيف.
وتتميز هذه الفترة وحتى 10 ديسمبر باضطرابات جوية واسعة وهي فترة تشكل المنخفضات المدارية والعواصف والأعاصير فوق بحر العرب وسط وغرب المحيط الهندي وتشتد الرياح وترتفع الأمواج هناك وتعتبر فترة حرجة بالنسبة للملاحة والصيد.
كما تعتبر بداية تأثرنا بالمنخفضات الحركية السطحية والمنخفضات العميقة والأخاديد العلوية القادمة من الغرب والمنخفضات القطبية التي تزيد فرصتها في ديسمبر وتكون غالباً مصحوبة بهواء قطبي بارد جداً مندفع خلف هذا النوع من المنخفضات كما تنشط الرياح الجنوبية والجنوبية غربية والجنوبية الشرقية خلال تلك الفترة وتبدأ فوارق درجات الحرارة بين المسطحات المائية واليابسة تتضاءل حتى تبدأ البحار المحيطة بناء بتسجيل درجات حرارة أعلى وبذلك يتغير النمط المناخي وتبدأ الرياح تدور وتندفع من البحار إلى اليابسة فيما يعرف بنظرية تبادل الطاقة.
وعدد أيام الوسم 60 يوما ومنهم من يقول إنه 52 يوما وإذا كتب الله الغيث فيها فإنها تعتبر فرصة جيدة لظهور بعض أنواع النباتات والفطريات مثل الفقع الذي يظهر بعد 70 يوما من أول مطره في الوسم كما تعتبر فترة الوسم فترة جيدة لنمو النباتات بشكل سريع نظراً لاعتدال درجات الحرارة التي تراوح ما بين 33 و 25 درجة مئوية كعظمى كما تعتبر أمطار الوسم أكثر نفعاً للأرض حيث تقل نسبة التبخر ويعود ذلك على المخزون الجوفي للمياه. ويعتبر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الذي يدخل ضمن أيام الوسم من أكثر شهور السنة لفرصة هطول الأمطار حيث من النادر أن يمر دون تسجيل أمطار غزيرة على منطقة من مناطق السعودية كما أن هناك مناطق تحظى بالنصيب الأكبر من الأمطار خلال الوسم والشتاء وتتميز عن غيرها بالسياحة الربيعية مثل وسط وشرق وشمال شرقي البلاد التي تشهد تكرار ظهور العشب والكمأ وهذا ما جعل منطقة حفر الباطن منطقة سوق كبير للفقع والماشية إلا أنها سجلت خلال االسنوات الخمس الماضية ضعفا في هطول الأمطار. والجدير بالذكر أن آخر موسم جميل عم الخير البلاد كان عام 1418
الذي بدأ بوقت مبكر في أول أكتوبر 1997 وكانت البداية قوية جداً تميز بالسحب الاستوائية الضخمة والأمطار الغزيرة جداً حيث كثر العشب والفقع وبأحجام كبيرة وكان عاما لا ينسى على الوسطى وشمال شرقي البلاد والمنطقة الشمالية. وشهدت بداية أكتوبر هذا العام أمطارا مبكرة عمت بعض محافظات وقرى المنطقة الشمالية خلال الأيام القلية الماضية والتي تبشر بموسم جميل ـــ بإذن الله ـــ نسأل الله أن يجعلها أمطار خيرٍ وبركةٍ.