الإهداءات
 


 
العودة   منتدى مدينة تمير > الملتقى العام > الساحه الدينية
 

الساحه الدينية تهتم بجميع الامور الدينيه من فتاوى واذكار واحاديث

آخر 10 مشاركات
|| جـمع الأدعــية والأذكـار والآحآديث الصحيحه || (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ●• خزآمىَ الصَحآرى « للشعْر والخَوآطرْ ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          انتقلت الى رحمة الله تعالى : منيرة عتيق الكديان / حرم خليل إبراهيم الكديان (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          آخبآر متجدده « من الصحف اليومــيه .. «●】 (الكاتـب : - )           »          ( آلآحوال الجويه وتوقعآت الطقس من الصحف اليوميه ) .. (الكاتـب : - )           »          تاريخ وفيات بعض اهل تمير (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          هنا كل ما يخص التعليم و مايستجد من تعاميم .. [ وزارة التعليم ] ( عام / ١٤٤٦ هــ ) (الكاتـب : - )           »          ܓ ضعْ [ مقالك ] هنا عزيزي القارئ ܓ (الكاتـب : - )           »          آعلآنات وظائف الصحف السعودية (الكاتـب : - )           »          الرياضة [ المحلية والعربية والعآلمية ] أخبآر متجدده بأستمرآر ..! (الكاتـب : - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22 / 08 / 2015, 47 : 11 AM   #1
تميراوي


الصورة الرمزية رحيق مختوم
رحيق مختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6157
 تاريخ التسجيل :  17 / 06 / 2009
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 03 / 03 / 2018 (51 : 02 AM)
 المشاركات : 77 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين




اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ، اَللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا يَارَبَّ الْعَالَمِين، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَه، قَالَ الْاِمَامُ اَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٌ بْنُ اِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: آَمَنْتُ بِاللِه، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ، عَلَى مُرَادِ الله، وَآَمَنْتُ بِرَسُولِ اللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُول ِاللهِ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ الله، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ السَّلَفُ وَاَئِمَّةُ الْخَلَفِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْاِقْرَارِ وَالْاِمْرَارِ وَالْاِثْبَاتِ لِمَا وَرَدَ مِنَ الصِّفَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَاْوِيلِهِ، وَقَدْ اُمِرْنَا بِالِاقْتِفَاءِ لِآَثَارِهِمْ، وَالِاهْتِدَاءِ بِمَنَارِهِمْ، وَحُذِّرْنَا الْمُحْدَثَاتِ، وَاُخْبِرْنَا اَنَّهَا مِنَ الضَّلَالَات، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَاِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الْاُمُورِ، فَاِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة، اِنْتَهَى كَلَامُ الْاِمَامِ الشَّافِعِيّ، وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى شَرْحِهِ وَنَقُولُ مَايَلِي: كَلَامُ الْاِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَاضِح، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُؤَوِّلَةُ: بِاَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ، لَايَعْلَمُ مَعَانِيَ تِلْكَ الْآَيَاتِ وَالْاَحَادِيثِ الَّتِي فِي الصِّفَاتِ، فَقَالَ: آَمَنْتُ بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ عَلَى مُرَادِ الله، وَآَمَنْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ، فَقَالُوا(وَهُمُ الْمُؤَوِّلَة( هَذَا يَعْنِي اَنَّهُ(اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ(اَحَالَ الْمَعْنَى اِلَى مُرَادِ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اَنَّهُ (اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ( لَمْ يَفْهَمِ الْمَعْنَى! وَنَقُولُ لِلْمُؤَوِّلَةِ رَدّاً عَلَى كَلَامِهِمْ: اَنَّهُ( اَيِ الْاِمَامُ الشَّافِعِيّ(لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ، وَاِنَّمَا هَذَا اِيمَانٌ مُجْمَل؟ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ الْاِمَامُ الشَّافِعِيُّ: آَمَنَّا بِاللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ، فِيمَا عَلِمْنَا، وَفِيمَا لَمْ نَعْلَمْ، عَلَى مُرَادِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا يَقْتَضِي تَمَامَ التَّسْلِيمِ، وَتَمَامَ الِامْتِثَالِ لِمَا اُمِرْنَا بِهِ، نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ آَمَنَّا بِرَسُولِ اللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ، مَاعَلِمْنَا مِنَ النُّصُوصِ، وَمَالَمْ نَعْلَمْ، نَعَمْ اَخِي: فَاِيمَانُنَا هَذَا مُجْمَلٌ؟ وَمَعْنَاهُ اَنَّنَا لَانَتْرُكُ شَيْئاً مِمَّا جَاءَ عَنِ اللهِ، وَلَا عَنْ رَسُولِ اللهِ، اِلَّا وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِهِ، مَاعَلِمْنَا مِنْهُ، وَمَالَمْ نَعْلَمْ، وَكُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، نَعَمْ اَخِي: وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ؟ اتِّبَاعاً لِمَا اَمَرَ اللهُ بِهِ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا(نَعَمْ اَخِي: فَمَا عَلِمْنَا مَعْنَاهُ، فَوَاضِحٌ اِيمَانُنَا بِهِ، وَمَاجَهِلْنَا مَعْنَاهُ وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا، نَقُولُ آَمَنَّا بِهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَلَى مُرَادِ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اِلَى اَنْ نَسْاَلَ فِيهِ اَهْلَ الْعِلْم؟ فَاِذَا سَاَلْنَا عَنْهُ اَهْلَ الْعِلْمِ، وَبَيَّنُوا لَنَا مَعَانِيَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُنَا نَعْتَقِدُ الْمَعْنَى كَمَا نَعْتَقِدُ فِي الْاَلْفَاظ، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ ذَكَرَ الْاِمَامُ الشَّافِعِيُّ: اَنَّ هَذِهِ التَّاْوِيلَاتِ مُحْدَثَة، وَنَقُولُ لِلشَّافِعِيِّ: نَعَمْ كَلَامُكَ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ، فَاِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَلَقَّوُا النُّصُوصَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالتَّسْلِيمِ، بَلْ اِنَّ هَذَا الْاَمْرَ وَهُوَ حَالُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ مَعَ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّة، هُوَ الَّذِي هَدَى اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ بَعْضَ كِبَارِ الْاَشَاعِرَةِ مِثْلَ الْجُوَيْنِيِّ وَلَهُ رِسَالَةٌ مَشْهُورَة، وَكَانَ مِمَّا قَالَ فِيهَا: وَجَدْتُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَاْتِيهِ الْاَعْرَابِيُّ، وَغَيْرُ الْاَعْرَابِيِّ، وَالذَّكِيُّ، وَالْبَلِيدُ، وَالْفَطِنُ، وَغَيْرُ الْفَطِنِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ الْآَيَاتِ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَقْتَضِي ظَاهِرُهَا التَّشْبِيهَ وَالتَّمْثِيلَ عِنْدَ الْمُؤَوِّلَةِ وَتَشْمَلُ اَيْضاً الْآَيَاتِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى الْاُمُورِ الْغَيْبِيَّة، ثُمَّ اِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لايُتْبِعُ ذَلِكَ بَبَيَانٍ يَقُولُ فِيهِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً مَايَلِي: لَاتَعْتَقِدُوا ظَوَاهِرَ هَذِهِ النُّصُوصِ، فَاِنَّ لَهَا مَعَانِيَ تَخْفَى، نَعَمْ اَخِي: فَيَاْتِيهِ الْاَعْرَابِيُّ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيَسْمَعُ الْقُرْآَنَ، وَيَاْمُرُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنْ يُؤْمِنَ بِالْكِتَابِ وَبِمَا سَمِعَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا يَفْهَمُهُ مِنْ مَعْنَى لُغَةِ الْعَرَب، قَالَ: وَفِيهِمُ الذَّكِيُّ وَالْبَلِيدُ الْغَبِيُّ وَالْمُتَعَلِّمُ وَالْجَاهِلُ اِلَى آَخِرِ مُوَاصَفَاتِ النَّاس، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً بَيِّنَةً، عَلَى اَنَّ ظَوَاهِرَ هَذِهِ النُّصُوصِ مُرَاد، وَاَنَّهُ لَايَجُوزُ تَاْوِيلُهَا بِحَال؟ لِاَنَّهُ لَوْ جَازَ تَاْوِيلُهَا حَيْثُ اِنَّ ظَاهِرَهَا يُوهِمُ الْمُشَابَهَةَ وَالْمُمَاثَلَةَ، لَوَجَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِلْاَغْبِيَاءِ الْبَلِيدِينَ مِنَ الْاَعْرَابِ الَّذِينَ يَاْتُونَهُ مِنْ بِقَاعٍ شَتَّى وَهُمْ عَلَى جَهْلٍ وَعَدَمِ عِلْمٍ، وَرُبَّمَا تَوَهَّمَتْ اَنْفُسُهُمْ فِي تِلْكَ الْمَعَانِي ظَاهِرَ مَايَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، قَالَ: فَلَمَّا لَمْ يُتْبِعْ ذَلِكَ بِبَيَانٍ، دَلَّ عَلَى اَنَّ ظَوَاهِرَ النُّصُوصِ مُرَادٌ، وَاَنَّ الْاِيمَانَ بِتِلْكَ النُّصُوصِ وَاجِبٌ عَلَى مَاظَهَرَ مِنْ مَعْنَاهَا عَلَى قَاعِدَةِ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير (نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّهُ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ، لَمْ يَحْدُثْ تَاْوِيلٌ، وَلَمْ يَحْدُثْ خِلَافٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَكَذَلِكَ فِي عَهْدِ التَّابِعِينَ، حَتَّى بَدَتِ الضَّلَالَاتُ فِي اَوَاخِرِ عَهْدِ التَّابِعِينَ تَظْهَرُ مَعَ طَوَائِفَ مِنَ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ الْمُعْتَزِلَةَ، ثُمَّ انْتَشَرَ ذَلِكَ فِي الْاُمَّة، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى اَنَّ التَّاْوِيلَ وَالْمُخَالَفَةَ فِي التَّسْلِيمِ لِلنُّصُوصِ، اَنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَع ِوَالْمُحْدَثَات، نَعَمْ اَخِي: وَالْبِدَعُ وَالْمُحْدَثَاتُ مَرْدُودَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ اَحْدَثَ فِي اَمْرِنَا هَذَا(اَيْ فِي الْاُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ[مَالَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ(اَيْ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِه(وَهَذَا كَمَا سَيَاْتِي مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي مُشَارَكَةٍ قَادِمَةٍ حَيْثُ قَال اِتَّبِعُوا وَلَاتَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ... نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَصَلْنَا فِي الْمُشَارَكَةِ قَبْلَ السَّابِقَةِ، اِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ سُورَةِ الْوَاقِعَة{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون(نَعَمْ اَخِي{اَفَبِهَذَا الْحَدِيث(اَلْاِشَارَةُ هُنَا اِلَى اَيِّ شَيْء؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِلَى الْقُرْآَن، فَمَا مَعْنَى كَلِمَةِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْآَيَة؟ نَعَمْ اَخِي: اَلْحَدِيثُ هُوَ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مَا يُتَحَدَّثُ بِهِ، سَوَاءً كَانَ قُرْآَناً، اَوْ حَدِيثاً نَبَوِيّاً، اَوْ كَانَ خِطَابَةً، اَوْ حَدِيثاً لِاَيِّ اِنْسَانٍ مِنَ النَّاس، فَفِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يُسَمَّى حَدِيثاً كُلُّ مَا يُتَحَدَّثُ بِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَيَاْتِي الْحَدِيثُ فِي اللُّغَةِ اَيْضاً بِمَعْنَى الْجَدِيد، نَقُولُ مَثَلاً: هَذَا الْاَمْرُ حَدِيثٌ اَوْ مُسْتَحْدَثٌ، اَيْ اَنَّهُ جَدِيدٌ لَمْ يَكُنْ مَوْجُوداً مِنْ قَبْلُ، نَعَمْ اَخِي: هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَاَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ، فَحِينَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ اُصُولِ الْفِقْهِ اَوِ الْفُقَهَاءُ هَذَا الْحُكْمُ وَرَدَ فِي الْحَدِيث، فَهُنَا فَوْراً يَنْصَرِفُ ذِهْنُنَا اَخِي اِلَى الِاخْتِصَاصِ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ؟ لِاَنَّ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ يَحْتَاجُ اِلَى مُخْتَصِّين، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ حَدِيثٍ هُنَا، لَاتَعْنِي اَيَّ حَدِيثٍ، وَاِنَّمَا هِيَ خَاصَّةٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، نَعَمْ اَخِي: وَالْقُرْآَنُ هُنَا ذَكَرَ بِاَنَّهُ حَدِيث{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون( اَيْ اَفَبِهَذَا الْقُرْآَنِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون، نَعَمْ اَخِي: وَالنَّاسُ حِينَمَا يَبْلُغُونَ دَرَجَةَ التَّرَفِ فِي الْعِلْمِ، اَوْ فِي الْمَالِ، اَوْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَرَاهُمْ يُبَالِغُونَ وَيَزِيدُونَ فِيمَا بَيْنَ اَيْدِيهِمْ، فَمَثَلاً اِنْسَانٌ مُتْرَفٌ وَعِنْدَهُ اَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّهُ يَحْتَارُ كَيْفَ يَضَعُ هَذَا الْمَالَ وَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ بِهِ لِكَثْرَتِه! نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا تَزْدَادُ الْعُلُومُ الْفِكْرِيَّةُ كَذَلِكَ، يَحْدُثُ مَايُسَمَّى بِالتَّرَفِ الْفِكْرِيّ، فَمَثَلاً فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَمْ يَتَحَدَّثُوا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، وَهُوَ مَاتَحَدَّثَ بِهِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِنْ اَتْبَاعِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ عَاصَرُوا الْمُعْتَزِلَةَ وَغْيْرَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: هَلِ الْقُرْآَنُ قَدِيمٌ اَمْ مَخْلُوق؟ نَعَمْ اَخِي: اَمَّا الصَّحَابَةُ فَمَا تَكَلَّمُوا بِهَذَا اَبَداً، نَعَمْ اَخِي: وَحَتَّى فِي الْعَهْدِ الْاُمَوِيِّ، مَاتَكَلَّمُوا اَيْضاً، وَلَا جَادَلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَةِ، وَاِنَّمَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؟ حِينَمَا كَثُرَتِ الْعُلُومُ الْعَقْلِيَّةُ، وَالْعُلُومُ التَّجْرِيبِيَّةُ، وَحَدَثَتِ التَّرْجَمَةُ، وَحَدَثَ التَّشْجِيعُ عَلَيْهَا، فَكَانَ الَّذِي يُتَرْجِمُ كِتَاباً مِنْ لُغَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ اِلَى عَرَبِيَّة، يُعْطَى مِقْدَارُهُ وَزْناً مِنَ الذَّهَبِ؟ تَشْجِيعاً لِحَرَكَةِ التَّرْجَمَةِ؟ مِنْ اَجْلِ تَشْجِيعِ الْحَرَكَةِ الْفِكْرِيَّة، نَعَمْ اَخِي: فَصَارَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بَذْخٌ وَتَرَفٌ فِكْرِيٌّ! اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُمْ صَارُوا يَتَسَاءَلُونَ؟ هَلِ الْقُرْآَنُ مَخْلُوقٌ؟ اَمْ اِنَّ الْقُرْآَنَ قَدِيم؟ نَعَمْ اَخِي: فَظَهَرَالْمُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ تَبَنَّوْا فِكْرَةَ اَنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوق! وَاَمَّا مَاعَدَاهُمْ فَقَالُوا: اِنَّ الْقُرْآَنَ قَدِيم! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: لِمَاذَا هُوَ قَدِيم؟ قَالُوا: لِاَنَّ الْقُرْآَنَ هُوَ كَلَامُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَاللهُ اَزَلِيٌّ قَدِيمٌ، فَصِفَاتُهُ كَذَلِكَ تَكُونُ قَدِيمَةً، وَلَيْسَتْ حَادِثَة، وَبِالتَّالِي لَيْسَتْ مَخْلُوقَة، نَعَمْ اَخِي: وَلَوْ اَنَّ هَؤُلَاءِ اَرَاحُوا اَنْفُسَهُمْ، وَاَرَاحُوا مَنْ بَعْدَهُمْ؟ لَقُضِيَ الْاَمْرُ، لَكِنْ مَاذَا تَفْعَلُ اَخِي مَعَ الْجِدَالِ وَالنِّقَاشِ وَالتَّرَفِ الْفِكْرِيِّ الَّذِي يَجْعَلُ الْعُقُولَ شَارِدَةً وَبَعِيدَةً عَنِ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ؟ لِتَقِفَ عِنْدَ حَدِّهَا، وَلَاتَشْطَحَ كَشَطَحَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَالشِّيعَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْاَلَةِ بِرَاْيِي! فَاِنْ يَكُنْ صَوَاباً فَمِنَ الله، وَاِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَان، وَلِذَلِكَ اَقُولُ{وَمَاتَوْفِيقِي اِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَاِلَيْهِ اُنِيبُ (مَايَلِي: اَلْقُرْآَنُ بِالنِّسْبَةِ اِلَى اَنَّهُ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ قَدِيم؟ لِاَنَّ اللهَ وَمَايُرَافِقُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَقُرْآَنِهِ وَاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، اَزَلِيٌّ قَدِيم، وَاَمَّا حِينَمَا نَقْرَؤُهُ وَنَتَكَلَّمُ بِهِ، فَهُوَ حَدِيثٌ بِالنِّسْبَةِ لِتِلَاوَتِنَا لَهُ؟ لِاَنَّنَا اِنْسَانٌ مَخْلُوق، وَالْمَخْلُوقُ وَمَايُرَافِقُهُ مِنْ كَلَامِهِ وَقُرْآَنِهِ وَاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، حَادِثٌ حَدِيثٌ جَدِيدٌ، وَلَيْسَ قَدِيماً اَزَلِيّاً كَخَالِقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَانْتَهَى الْاَمْرُ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ مَعَ الْاَسَف! لَمْ يَقِفْ هَذَا الْجِدَالُ عِنْدَ حَدّ! نَعَمْ اَخِي: وَاَحْيَاناً يَحْصَلُ صِرَاعٌ فِي الْاَفْكَار، وَلَوْ اَنَّ كُلَّ اِنْسَانٍ تَرَكَ الْآَخَرَ عَلَى فِكْرَتِهِ مَادَامَ عِنْدَهُ دَلِيل، وَلَوْ اَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اَقَامَ الْحُجَّةَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَقُولَ فِكْرَتِي هِيَ الصَّحِيحَة، لَهَانَ الْاَمْرُ، لَكِنْ مِنْ اَيْنَ يَاْتِينَا الْخَطَرُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: يَاْتِي الْخَطَرُ دَائِماً مِنَ الْاِرْهَابِ الْفِكْرِيّ، فَمَثَلاً فِي عَهْدِ الْمَاْمُونِ، تَبَنَّى مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَة، وَنَقُولُ لِلْمَاْمُونِ: اَنْتَ حُرٌّ فِي تَبَنِّي اَيِّ مَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْفِكْرِيَّة، لَكِنْ مَابَالُكَ تُرِيدُ اَنْ تَحْمِلَ النَّاسَ عَلَيْهِ حَمْلاً؟! فَكَمَا اَنْتَ حُرٌّ، فَالنَّاسُ اَحْرَارٌ اَيْضاً فِي تَبَنِّي مَايَرْتَاحُونَ وَيَقْتَنِعُونَ بِهِ مِنَ الْاَفْكَار، نَعَمْ اَخِي: فَكَمْ سُجِنَ مِنْ عُلَمَاءَ! وَكَمِ اضْطُّهِدُوا! وَعَلَى رَاْسِ هَؤُلَاءِ الْاِمَامُ اَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَالَّذِي ضُرِبَ وَاُهِينَ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَباً لِوَفَاتِهِ؟ لِاَنَّهُ رَفَضَ اَنْ يَقُولَ عَنِ الْقُرْآَنِ اَنَّهُ مَخْلُوق، بَلْ قَالَ اِنَّ الْقُرْآَنَ قَدِيم، فَاضْطَّهَدَهُ الْمَاْمُونُ وَمَنْ بَعْدَ الْمَاْمُونِ، وَكَانُوا يَتَوَاصَوْنَ عَلَى اضْطِّهَادِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا يَاْتِي الْخَطَرُ مِنَ الْاِرْهَابِ الْفِكْرِيّ، فَاِذَا كَانَ عِنْدِي فِكْرَةٌ تَرُوقُ لِي اَوْ تُعْجِبُنِي، فَاَنَا اُرِيدُ اَنْ اُلْزِمَكَ بِهَا رَغْماً عَنْكَ كَمَا فَعَلَ الْمَاْمُون، وَاِذَا لَمْ تَلْتَزِمْهَا، فَاَنْتَ كَافِرٌ اَوْ زِنْدِيقٌ اَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْاَوْصَافِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى؟!كَمَا يَفْعَلُ الدَّوَاعِشُ الْخَوَنَةُ عُمَلَاءُ الصَّفَوِيَّةِ وَالصَّلِيبِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ الَّذِينَ مَاجَاؤُوا اِلَّا مِنْ اَجْلِ تَشْوِيهِ سُمْعَةِ الْاِسْلَامِ عَالَمِيّاً، نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الصَّحَابَةَ، لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مِثْلَ هَذَا الْجِدَالِ اَبَداً؟ لِاَنَّهُمْ كَانُوا يَحْذَرُونَ وَيَخَافُونَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ مُدْهِنُون؟ جَمْعٌ مُفَرَدُهُ مُدْهِن، فَمَا مَعْنَى مُدْهِن؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلْمُدْهِنُ فِي الْاَصْلِ، هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ الدِّهَانَ؟ لِيَطْلِيَ بِهِ شَيْئاً، فَمَثَلاً يَاْتِي الدَّهَّانُ بِمَا يُسَمَّى الْبُويَا، ثُمَّ يَدْهَنُ الْخَشَبَ اَوِ الْحَدِيد، نَعَمْ اَخِي: فَالدِّهَانُ غَيْرُ الْاَصْلِ، نَعَمْ اَخِي: وَالْاَصْلُ مَثَلاً هُوَ الْحَدِيدُ وَهُوَ الْجَوْهَر، وَالدِّهَانُ يُسَمَّى عَرَضاً، نَعَمْ اَخِي: فَهُنَاكَ جَوَاهِرُ، وَهُنَاكَ اَعْرَاض، وَالْجَوْهَرُ هُوَ ذَاتُ الشَّيْءِ، وَالْحَدِيدُ يُعْتَبَرُ جَوْهراً، وَاَمَّا حِينَمَا تَدْهَنُهُ اَخِي بِلَوْنٍ اَبْيَضَ اَوْ اَصْفَرَ اَوْ اَحْمَرَ، فَهَذَا اسْمُهُ عَرَض، بِمَعْنَى اَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بُنْيَةِ الْحَدِيد، نَعَمْ اَخِي: فَاَنْتَ حِينَمَا تَدْهَنُ الْحَدِيدَ اَوِ الْخَشَبَ، تُسَمَّى مُدْهِناً اَوْ دَهَّاناً، نَعَمْ اَخِي: فَمَا الْمَعْنَى هُنَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون(وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بِمَعْنَى اَنَّكُمْ تَاْخُذُونَ مِنْ كَلَامِ اللهِ تَعَالَى ظَاهِرَهُ بِمَا يَتَّفِقُ مَعَ اَهْوَائِكُمْ، وَاَمَّا اِذَا كَانَ لَايَتَّفِقُ مَعَ اَهْوَائِكُمْ، فَاِنَّكُمْ تَبْتَعِدُونَ عَنْهُ، بِمَعْنَى اَنَّكُمْ تُؤْمِنُونَ وَتَاْخُذُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ مِمَّا يَتَّفِقُ مَعَ اَهْوَائِكُمْ، وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ مِمَّا لَايَتَّفِقُ مَعَ اَهْوَائِكُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فِي سُورَةِ الْقَلَمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون( نَعَمْ اَخِي {وَدُّوا(اَيْ تَمَنَّى الْمُشْرِكُونَ لَوْ تُدْهِنُ يَارَسُولَ اللهِ، فَيُدْهِنُونَ هُمْ اَيْضاً مِثْلَك، اَوْ بِمَعْنَى آَخَر: وَدُّوا لَوْ تُصَانِعُهُمْ وَتُلَايِنُهُمْ وَتُجَامِلُهُمْ فِيمَا اَنْتَ مَاْمُورٌ بِتَبْلِيغِه، ثُمَّ هُمْ بِالْمُقَابِلِ اَيْضاً يُلَايِنُونَكَ وَيُصَانِعُونَكَ وَيُجَامِلُونَك، وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِين: وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَايَتَنَازَلُ عَنِ الْحَقِّ وَلَوْ عَنْ جُزْءٍ مِنْهُ، وَاَمَّا صَاحِبُ الْبَاطِلِ، فَمَا اَسْهَلَ اَنْ يَتَنَازَلَ عَنْ بَاطِلِهِ؟ مِنْ اَجْلِ مَصْلَحَتِهِ الْخَاصَّة، نَعَمْ اَخِي: فَاَهْلُ الْبَاطِلِ يَتَّبِعُونَ مَصْلَحَتَهُمُ الْخَاصَّة، وَاَمَّا اَهْلُ الْحَقِّ فَاِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ لِذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ{وَدُّوا(اَيْ تَمَنَّى الْمُشْرِكُونَ{لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون( وَلِذَلِكَ جَاؤُوا اِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالُوا: خَفِّفْ عَنَّا يَامُحَمَّدُ، فَاَنْتَ دَائِماً تَصِفُ اَصْنَامَنَا بِاَنَّهَا لَاتَسْمَعُ وَلَاتُبْصِرُ، وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ: وَهَلِ الرَّسُولُ يَكْذِبُ؟! هَلْ هِيَ فِعْلاً تَسْمَعُ اَوْ تُبْصِرُ؟! فَكَيْفَ يَتَّفِقُ مَعَكُمْ؟! هَلْ سَيَقُولُ لَكُمْ اَنَّهَا تَسْمَعُ وَاَنَّهَا تُبْصِرُ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَتْرُكُوهُ لِيَدْعُوَ اِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلّ؟! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاء: هَلِ الَّذِي يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ كَعِيسَى وَاُمِّهِ؟ هَلْ هُمَا يَسْمَعَانِ وَيُبْصِرَانِ كَمَا يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَسِعَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضَ سُبْحَانَه؟ هَلْ عِبَادَتُنَا لِعِيسَى وَاُمِّهِ خَيْرٌ اَمْ عِبَادَتُنَا لِمَنْ وَسِعَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ السَّمَوَاتِ وَالْاَرْضَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَخَذُوا يُفَاوِضُونَهُ وَيَقُولُونَ: تَعَالَ يَامُحَمَّد! وَتَمَسَّحْ بِهَذِهِ الْاَصْنَام! وَتَمَسَّحْ بِعِيسَى مُخَلِّصِ الْبَشَرِيَّة! وَاُمِّهِ الْعَجَائِبِيَّة! وَصَلِيبِهِمَا فَادِي الْخَطِيَّة! وَاَحْفَادِ الْقُرُودِ الْيَهُودِ وَالصُّلْبَانِ الْخَنَازِيرِ الْخَوَنَةِ اَبْنَاءِ اللهِ مِنْ نَفْخَةِ رُوحِهِ الْقُدْسِيَّة، وَلَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ اِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً اَوْ عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّة، وَالْآَبَاءِ وَالْاَجْدَادِ وَالتَّقْلِيدِ الْاَعْمَى لَهُمْ وَالتَّبَعِيَّة، فِي التَّمَسُّحِ وَالزَّحْفِ عَلَى الْمَزَارَاتِ الشِّيعِيَّة! وَالْمَقَامَاتِ الصَّوفِيَّة! وَسِيدِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِي الْغَوْثُ الْاَعْظَمُ وَالْبَازُ الْاَشْهَبُ وَمَنْبَعُ الطَّرِيقَةِ الرِّفَاعِيَّة! وَالشَّاذِلِيَّة! وَالدُّسُوقِيَّة! وَالْبَدَوِيَّة! وَالنَّقْشَبَنْدِيَّة! وَمَااِلَى هُنَالِكَ مِنَ الطُّرُقِ الضَّلَالِيَّةِ الْخُرَافِيَّةِ! الَّتِي جَاءَتْ بَعْدَهُ وَافْتَرَتْ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَشَوَّهَتْ مَنْبَعَهُ الصَّافِي بِمَكْرٍ وَاسْتِهْزَاءٍ وَسُخْرِيَّة، بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الشِّيعَةِ الصَّفَوِيَّةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ الْاِلْحَادِيَّةِ وَالْعَلْمَانِيَّةِ وَالْمَاسُونِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ وَالصَّلِيبِيَّة، ثُمَّ افْعَلْ يَامُحَمَّدُ مَاتَشَاء! وَادْعُ اِلَى مَاتَشَاء! تَعَالَ لِنَعْبُدَ رَبَّكَ شَهْراً! وَتَعْبُدَ اَنْتَ رَبَّنَا شَهْراً! نَعَمْ اَخِي: فَيَنْزِلُ قَوْلُهُ تَعَالَى{قُلْ يَااَيُّهَا الْكَافِرُون، لَا اَعْبُدُ مَاتَعْبُدُون، وَلَا اَنْتُمْ عَابِدُونَ مَااَعْبُدُ، وَلَا اَنَا عَابِدٌ مَاعَبَدْتُّمْ، وَلَا اَنْتُمْ عَابِدُونَ مَااَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين(نَعَمْ اَخِي: وَاللهِ لَوْ لَمْ يُحَارِبُوهُ، مَاحَارَبَهُمْ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين(كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ حُرٌّ فِي دِينِهِ، فَاَهْلُ الْبَاطِلِ يَدْعُونَ اِلَى بَاطِلِهِمْ، وَاَهْلُ الْحَقِّ يَدْعُونَ اِلَى الْحَقّ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ هَلْ اَهْلُ الْبَاطِلِ يَتْرُكُونَ اَهْلَ الْحَقّ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايَتْرُكُونَهُمْ اَبَداً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ اِذَا تَرَكُوهُمْ سَيَتَغَلَّبُونَ عَلَيْهِمْ فِكْرِيّاً، وَلِذَلِكَ{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُون(نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُوضَةُ الدَّارِجَةُ فِي اَيَّامِنَا! اَوْ بِتَعْبِيرٍ اَصَحّ: وَاَمَّا الْمَرَضُ الدَّارِجُ فِي اَيَّامِنَا! فَهُوَ اَنَّ الدِّينَ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِالْحَيَاة! وَاِنَّمَا الدِّينُ اَخْلَاقٌ! وَالدِّينُ عِبَادَةٌ! وَالدِّينُ كَذَا وَكَذَا! اِلَى مَاهُنَالِكَ مِنْ كَلَامِ الْحَقِّ وَمَااَرَادُوا بِهِ مِنَ الْبَاطِل! نَعَمْ اَخِي: فَالدِّينُ بِزَعْمِهِمْ يَجِبُ اَنْ تُقْصِيَهُ اَوْ تُبْعِدَهُ عَنِ الْحَيَاة! بَلْ اَقْصِهِ عَنْ كُلِّ مَافِيهِ حَرَكَةٌ فِي هَذِهِ الْحَيَاة! نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا هُوَ الْاِدْهَانُ بِعَيْنِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ واَلْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى: وَهُوَ اَنْ نَاْخُذَ مِنَ الدِّينِ مَايَتَّفِقُ وَيَتَنَاسَبُ مَعَ اَهْوَائِنَا وَنَزَوَاتِنَا وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ مِنْ حُثَالَةِ النَّاس{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُون، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون(نَعَمْ اَخِي: فَمَا مَعْنَى كَلِمَةُ رِزْقَكُمْ فِي هَذِهِ الْآَيَة؟ نَعَمْ اَخِي: اَحْيَاناً هُنَاكَ لَهَجَاتٌ عَرَبِيَّة، فَنَحْنُ نَقُولُ مَثَلاً هَذِهِ لُغَةُ قُرَيْش، هَذِهِ لُغَةُ بَنِي حِمْيَر، هَذِهِ لُغَةُ تَمِيم، هَذِهِ لُغَةُ اَهْلِ الْحِجَاز، نَعَمْ اَخِي: وَاللُّغَةُ هُنَا بِمَعْنَى اللَّهْجَة، وَاِلَّا فَهِيَ فِي الْاَصْلِ: اَنَّ اللُّغَةَ تَشْمَلُ كُلَّ لُغَةِ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَهَجَاتِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: قَرَاَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآَيَة{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون(قَالَ{وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون(نَعَمْ اَخِي: فَفَسَّرَ الرِّزْقَ هُنَا فِي كَلِمَةِ رِزْقَكُمْ بِالشُّكْرِ، وَقَالَ: هَذِهِ لَهْجَةٌ اَوْ لُغَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي تُطْلِقُ عَلَى الشُّكْرِ كَلِمَةَ الرِّزْقِ، نَعَمْ اَخِي: فَيَكُونُ مَعْنَى الْآَيَةِ هُنَا عَلَى هَذَا التَّفْسِير: اَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ لِلهِ حَيْثُ اَنْزَلَ عَلَيْكُمْ هَذَا الْكِتَابَ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ، فَهَلْ تَجْعَلُونَ ذَلِكَ سَبَباً لِتَكْفُرُوا بِهَذَا الْكِتَابِ وَتُكَذِّبُوا بِهِ، وَكَانَ مِنَ الْمُقْتَضَى اَنْ تَشْكُرُوا اللهَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ وَتَعْمَلُوا بِمَا فِيهِ، وَلَكِنَّكُمْ عِوَضاً عَنْ اَنْ تَشْكُرُوا اللهَ مَاذَا فَعَلْتُمْ؟ كَذَّبْتُمْ وَكَفَرْتُمْ بِهَذَا الْكِتَاب! نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ يَاْخُذُ الرِّزْقَ عَلَى عُمُومِهِ، بِمَعْنَى اَنَّ الرِّزْقَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ نِعْمَةٍ اَنْعَمَهَا اللهُ عَلَيْك، نَعَمْ اَخِي: فَالْمَالُ رِزْقٌ، وَالْوَلَدُ رِزْقٌ، وَالْعِلْمُ رِزْقٌ، وَالْجَاهُ رِزْقٌ، وَالسُّلْطَانُ رِزْقٌ، وَالصِّحَّةُ وَالْعَافِيَةُ رِزْق، نَعَمْ اَخِي: فَكُلُّ هَذِهِ الْاَرْزَاقِ عَلَيْكَ اَنْ تَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى عَلَيْهَا، نَعَمْ اَخِي: وَكَيْفَ تَشْكُرُهُ عَلَيْهَا؟ هَلْ تَشْكُرُهُ فَقَطْ بِاللِّسَان؟! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَحْنُ لَانُنْكِرُ اَنَّ اللِّسَانَ الذَّاكِرَ لَهُ فَضْلٌ فِي قَضِيَّةِ الشُّكْرِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ اَيْضاً اَنْ تُسَخِّرَ هَذِهِ الْاَرْزَاقَ فِيمَا يُرْضِي اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَا اَنْ تُسَخِّرَهَا فِيمَا يُغْضِبُهُ وَيُسْخِطُهُ عَلَيْك! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ تَقُولُ هَذِهِ الْآَيَة: هَلْ جَعَلْتُمُ النِّعَمَ الَّتِي اَنْزَلَهَا اللهُ عَلَيْكُمْ، سَبَباً بِاَنْ تُكَذِّبُوا هَذَا الْقُرْآَنَ! وَقَدْ كَانَ مِنَ الْمَفْرُوضِ اَنْ تُقَدِّرُوا هَذَا الْقُرْآَنَ الَّذِي هُوَ اَيْضاً مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ! وَهُوَ اَيْضاً مِنْ رِزْقِ اللهِ الْعَظِيمِ الَّذِي رَزَقَكُمْ اِيَّاهُ! فَهَلْ يَكُونُ مِنَ الْوَفَاءِ اَنْ تُكَذِّبُوا بِهَذَا الْكِتَابِ! اَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ نَعَمْ اَخِي: لَوْ اَنَّكَ تَمْشِي فِي الظُّلُمَاتِ، ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، فَاَعْطَاكَ ضَوْءاً مُنِيراً وَهُوَ مَايُسَمِّيهِ الْعَوَامُّ بِيلاً، وَقَالَ لَكَ عَلَيْكَ اَنْ تَمْشِيَ بِهَذَا الْبِيلِ؟ حَتَّى لَاتَقَعَ عَلَى حُفْرَةٍ اَوْ تَسْقُطَ فِيهَا، نَعَمْ اَخِي: فَاَخَذْتَ هَذَا الْبِيلَ مِنْهُ ثُمَّ كَسَرْتَهُ! فَهَلْ هَذَا تَصَرُّفٌ عَقْلَانِيٌّ! اَمْ اِنَّ مِنَ الْمَفْرُوضِ اَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْ هَذَا الْبِيل؟ نَعَمْ اَخِي: فَمَابَالُكَ بِالْقُرْآَن ِالَّذِي اَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ؟ وَلَيْسَ مِنْ ظُلْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ بِاِذْنِ الله؟ فَهَلْ نُقَابِلُ ذَلِكَ بِالنُّكْرَانِ وَبِتَكْذِيبِهِ وَاِهْمَالِهِ؟! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ{اَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ اَنْتُمْ مُدْهِنُونَ! وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ اَنَّكُمْ تُكَذِّبُون! فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم!(نَعَمْ اَخِي: مَاهِيَ الَّتِي بَلَغَتِ الْحُلْقُوم؟ طَبْعاً سَتَقُولُ لِي اَخِي: هِيَ الرُّوح، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: وَمَااَدْرَانَا اَنَّهَا الرُّوحُ؟ فَنَحْنُ نَقُولُ مَثَلاً فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة: جَاءَ زَيْدٌ فَاَكْرَمْتُهُ، فَالْهَاءُ هُنَا فِي نِهَايَةِ الْكَلِمَةِ: هِيَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ يَعُودُ اِلَى شَيْءٍ مَذْكُورٍ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ زَيْدٍ؟ لِاَنَّ زَيْداً ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ هُنَا، وَلَكِنْ هَلْ ذُكِرَتِ الرُّوحُ هُنَا فِي الْآَيَة؟لِمَاذَا اَخِي فَسَّرْتَهَا بِالرُّوحِ وَهِيَ لَمْ تُذْكَر؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَمْ تُذْكَرْ لَفْظاً، وَاِنَّمَا ذُكِرَتْ ذِهْناً وَعَقْلاً وَهِيَ الْفَاعِلُ فِي كَلِمَةِ بَلَغَتْ، وَهِيَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ تَقْدِيرُهُ جَوَازاً هِيَ، وَكَلِمَةُ هِيَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ اِلَى الرُّوح،وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ يَااَخِي اَنْ يَذْكُرَ اللهُ لَكَ الشَّارِدَةَ وَالْوَارِدَةَ مِنَ الْكَلَامِ، وَاِنَّمَا يَاْتِي الْكَلَامُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مُخْتَصَراً وَلَكِنَّهُ بَلِيغٌ؟ لِوُجُودِ مَايَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الضَّمَائِرِ الظَّاهِرَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَالْمُتَّصِلَةِ وَالْمُسْتَتِرَةِ الْمَخْفِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالَّتِي عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُظْهِرَهَا وَتُقَدِّرَهَا فِي عَقْلِكَ وَتَسْتَعِيدَهَا كَمَا تَسْتَعِيدُ الْمَلَفَّاتِ الْمَخْفِيَّةَ فِي الْكُوْمْبْيُوتَرْ عِنْدَ الْحَاجَةِ اِلَيْهَا، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ نَعْلَمُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، اَنَّ الضَّمَائِرَ لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ لَهَا عَائِدٌ تَعُودُ اِلَيْهِ، فَاِذَا كَانَ الْعَائِدُ مُتَعَدِّداً، عَادَتْ اِلَى اَقْرَبِ شَيْءٍ اِلَيْهَا، فَمَثَلاً نَقُولُ: جَاءَ زَيْدٌ، وَعَمْرٌو، وَخَالِدٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَلِيٌّ فَاَكْرَمْتُهُ، نَعَمْ اَخِي: ذَكَرْنَا هُنَا آَخِرَ شَخْصٍ وَهُوَ عَلِيٌّ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ فِي كَلِمَةِ اَكْرَمْتُهُ، عَائِداً اِلَى اَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ عَلِيّ، وَالضَّمِيرُ هُوَ هَاءُ الْغَائِبِ فِي نِهَايَةِ الْكَلِمَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا اِذَا قُلْنَا فَاَكْرَمْتُهُمْ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ هُنَا عَائِداً اِلَى جَمِيعِ الْاَشْخَاصِ الَّذِينَ ذَكَرْتُهُمْ لَكَ، نَعَمْ اَخِي: وَفِي الْآَيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي مَعَنَا وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم( اَيْ نَعَمْ وَهُوَ صَحِيحٌ اَنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهَا، وَلَكِنَّ الْعَقْلَ فَوْراً يَنْصَرِفُ اِلَى الرُّوحِ، وَاَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَبْلُغُ الْحُلْقُومَ، ثُمَّ مَابَعْدَهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اَيْضاً، وَلِذَلِكَ{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُوم(نَعَمْ اَخِي: وَفِي الْقُرْآَن ِالْكَرِيمِ اَمْثِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ: فَمَثَلاً قَوْلُهُ تَعَالَى{رُدُّوهَا عَلَيَّ، فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْاَعْنَاق(مَنِ الَّذِي قَالَ هَذَا الْكَلَام؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِنَّهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَام، نَعَمْ اَخِي: وَالْآَيَةُ الَّتِي قَبْلَهَا هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب(مَنْ هِيَ الَّتِي تَوَارَتْ بِالْحِجَاب؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِنَّهَا الشَّمْسُ، نَعَمْ اَخِي: وَهَلِ الشَّمْسُ مَذْكُورَةٌ فِي الْآَيَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هِيَ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ، وَلَكِنِ انْصَرَفَ ذِهْنُكَ اِلَى اَيِّ شَيْءٍ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِلَى اَنَّ الَّتِي تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ اِنَّمَا هِيَ الشَّمْسُ وَلِهَذَا{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَاَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُون(نَعَمْ اَخِي {وَاَنْتُمْ(يُخَاطِبُ مَنْ هُنَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: يُخَاطِبُ اَهْلَ الْمَيِّتِ، وَاَصْدِقَاءَ الْمَيِّتِ، وَاَصْحَابَ الْمَيِّتِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: اَنْتُمْ تُحِيطُونَ بِالْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَتَاَلَّمُونَ لِفِرَاقِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِيكُمْ اَطِبَّاءُ وَاَصْحَابُ رُقَى وَتَعَاوِيذَ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْكُلُّ يَظْهَرُ عَجْزُهُ مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ! فَهَلْ تَسْتَطِيعُونَ اَوْ يَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ اَنْ يَرُدُّوا عَنْهُ الْمَوْتَ؟!{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَاَنْتُمْ حِينَئِذٍ( نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ حِينَ هُنَا فِي الْآَيَةِ، هِيَ ظَرْفُ زَمَان، اَيْ اَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ، تَنْظُرُونَ عَاجِزِينَ! وَلَاتَسْتَطِيعُونَ اَنْ تُحَرِّكُوا سَاكِناً؟ لِاِنْقَاذِهِ مِنَ الْمَوْتِ؟ لِاَنَّ اَجَلَهُ قَدِ انْتَهَى! نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَةُ{حِينَئِذٍ(تَحْتَوِي عَلَى تَنْوِينٍ كَسْرِيٍّ اَسْفَلَ الْحَرْفِ الْاَخِيرِ مِنْهَا وَهُوَ الذَّال، نَعَمْ اَخِي: وَيُسَمَّى هَذَا التَّنْوِينُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: تَنْوِينَ التَّعْوِيضِ، اَوْ تَنْوِينَ الْعِوَضِ، بِمَعْنَى اَنَّكُمْ اَنْتُمْ{حِينَئِذٍ(اَيْ وَاَنْتُمْ حِينَ بَلَغَتِ الرُّوحُ الْحُلْقُومَ(فَحَذَفَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ وَعَوَّضَهُ بِالتَّنْوِين، نَعَمْ اَخِي: حَذَفَ تَعَالَى ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ وَهِيَ بَلَغَتِ، الرُّوحُ، الْحُلْقُومَ، وَعَوَّضَهَا بِالتَّنْوِينِ الْمَوْجُودِ اَسْفَلَ كَلِمَةِ حِينَئِذٍ، نَعَمْ اَخِي{وَاَنْتُمْ حَينَئِذٍ تَنْظُرُونَ(نَظْرَةَ الْعَاجِز ِالَّذِي يَحَارُ اَوْ يَحْتَارُ كَيْفَ يَتَصَرَّف!؟{كَلَّا اِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ!؟ وَظَنَّ(اَيْ تَاَكَّدَ الْمَيِّتُ{ اَنَّهُ الْفِرَاقُ، وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، اِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَاَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ!؟ وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَاتُبْصِرُون(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ نَحْنُ بِمَعْنَى الَّذِي يُعَظِّمُ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ، اَيْ نَحْنُ بِقُدْرَتِنَا وَبِعِلْمِنَا بِاَحْوَالِ هَذَا الْاِنْسَانِ، اَقْرَبُ مِنْكُمْ وَاَشَدُّ عِلْماً! نَعَمْ اَخِي: وَقِيلَ هُنَا{وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ( اَيْ رُسُلُ الْمَوْتِ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ؟ لِاَنَّ الرَّسُولَ يَنُوبُ عَنِ الْمُرْسِلِ وَهُوَ الله، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ كَلِمَةِ نَحْنُ هُنَا: كَوْكَبَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مُهِمَّتُهَا قَبْضُ الْاَرْوَاح، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ اَحْيَاناً تَرَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: قَوْلَهُ تَعَالَى{اَللهُ يَتَوَفَّى الْاَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا، وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ( نعم اخي: وَاَحْيَاناً تَقْرَاُ قَوْلَهُ تَعَالَى{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ( نَعَمْ اَخِي: وَاَحْيَاناً تَقْرَاُ قَوْلَهُ تَعَالَى{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ، وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً، حَتَّى اِذَا جَاءَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ، تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَايُفَرِّطُون(اِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَقُولَ اَنَّ فِي هَذِهِ الْآَيَاتِ تَعَارُضاً اَوْ تَنَاقُضاً! فَتَارَةً يَقُولُ سُبْحَانَهُ: نَحْنُ تَوَفَّيْنَا! ثُمَّ يَقُولُ: مَلَكُ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي تَوَفَّى! ثُمَّ يَقُولُ: رُسُلُنَا هِيَ الَّتِي تَوَفَّتْهُمْ!!!؟؟؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُوجَدُ اَيُّ تَعَارُض، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا يَقُولُ {اَللهُ يَتَوَفَّى الْاَنْفُسَ(فَهُوَ بِمَعْنَى اَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَاْمُرُ بِخُرُوجِ الرُّوحِ سُبْحَانَهُ وَاِخْرَاجِهَا مِنَ الْجَسَد، وَلِذَلِكَ فَهُوَ الْآَمِر كَمَا نَقُولُ مَثَلاً بَنَى الْاَمِيرُ الْمَدِينَة، نَعَمْ اَخِي: اَلْاَمِيرُ هُنَا لَمْ يَبْنِ الْمَدِينَة، وَاِنَّمَا قَامَ بِقَصِّ الشَّرِيطِ وَانْتَهَى الْاَمْرُ، وَاِنَّمَا اَمَرَ بِبِنَائِهَا، نَعَمْ اَخِي: فَالْمَعْنَى مِنْ{اَللهُ يَتَوَفَّى الْاَنْفُسَ(اَيِ اللهُ يَاْمُرُ بِوَفَاتِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ(ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا(اَيْ تَاْتِي الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلَةُ بِقَبْضِ الْاَرْوَاحِ يَتَرَاَّسُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ{وَاَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ، وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَاتُبْصِرُون(نَعَمْ اَخِي: وَهَلْ يَسْتَطِيعُ عِزْرَائِيلُ اَنْ يَقْبِضَ كُلَّ هَذِهِ الْاَرْوَاحِ دَفْعَةً وَاحِدَة؟ وْيَامَا نَاسْ تَمُوتُ بِطَرِيقَةٍ رَحِيمَة، وْيَامَا نَاسْ تَمُوتُ بِطَرِيقَةٍ شَنِيعَة، وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: تَعَدَّدَتِ الْاَسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِد! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي اَيْضاً: اَلْاَمْرُ الْغَيِبِيُّ لَاطَاقَةَ لَكَ بِفَهْمِهِ عَقْلِيّاً مَهْمَا حَاوَلْتَ اِلَى فَهْمِهِ سَبِيلاً! وَمَهْمَا بَذَلْتَ مِنْ مَجْهُودٍ عَقْلِيّ! وَاِنَّمَا عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَاْخُذَهُ اَمْراً مَقْضِيّاً نَقْلِيّاً مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّة، فَمَا دُمْتَ آَمَنْتَ بِالْقَضِيَّةِ الْكُبْرَى بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِكِتَابِ اللهِ، وَبِصِدْقِ اللهِ، اِذاً فَكُلُّ مَااَخْبَرَ اللهُ عَنْهُ يَجِبُ عَلَيْكَ اَنْ تُصَدِّقَهُ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي اَوَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَة{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَارَيْبَ فِيهِ هُدَىً لِلْمُتَّقِين، اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ قَالُوا: اَلدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ لِعِزْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام، كَالْكَفِّ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصِ! نَعَمْ اَخِي{وَنَحنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَاتُبْصِرُون( نَعَمْ اَخِي: مِنَ الْجَائِزِ اَنْ تَكُونَ لَاصِقاً اَوْ مُلْتَصِقاً بِالْمَيِّتِ، وَمَلَائِكَةُ الْمَوْتِ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَاَنْتَ لَاتَشْعُرُ بِهِمْ! وَاَمَّا هُوَ فَيَشْعُرُ بِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{لَقَدْ كَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد(نَعَمْ اَخِي: اَحْيَاناً تَسْمَعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ قَوْلَهُمْ عَنِ الْمَيِّتِ اَنَّهُ يُخَرِّفُ حِينَمَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ كَلَاماً غَرِيباً وَهُوَ يُنَازِعُ عِنْدَ طُلُوعِ رُوحِهِ! فَيَسْمَعُونَهُ حِينَ يُنَازِعُ وَهُوَ يُنَادِي الْاَمْوَاتَ! فَيُنَادِي مَثَلاً اَبَاهُ الْمَيِّتَ! اَوْ اُمَّهُ الْمَيِّتَةَ! وَيُنَادِي اَصْدِقَاءَهُ الْاَمْوَاتَ! وَيُنَادِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْغَرِيبَةِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي لَمْ يَرَهَا اَحَدٌ مِنَ الْاَحْيَاءِ الْحَاضِرِينَ حَوْلَه! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَّهِمُونَهُ بِالْخَرَفِ: لَا هُنَا لَايُخَرِّفُ، وَاِنَّمَا هُوَ فِي مَرْحَلَةِ انْتِقَالٍ مِنْ حَيَاةٍ مَادِّيَّةٍ تَتَحَكَّمُ بِهَا الْمَادَّةُ، اِلَى حَيَاةٍ رُوحِيَّةٍ اَوْسَعَ وَاَرْحَبَ بِكَثِيرٍ مِنْ طُغْيَانِ الْمَادَّةِ عَلَى الْعُقُول، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فَاِنَّ النَّاسَ الْمُلْحِدِينَ لَايُؤْمِنُونَ اِلَّا بِالْمَادَّة! وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُمْ اُفُقُهُمْ ضَيِّقٌ جِدّاً! نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ: فَاِنَّهُ يُؤْمِنُ بِالْمَادَّةِ، وَيُؤْمِنُ بِمَا هُوَ اَوْسَعُ رَحْباً مِنَ الْمَادَّةِ وَهِيَ الْاُمُورُ الرُّوحَانِيَّة، نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا الْمَيِّتُ الَّذِي يَحْتَضِرُ، هُوَ مَابَيْنَ اَنْ يَنْتَقِلَ اِلَى حَيَاةِ الْبَرْزَخِ وَهُوَ مَازَالَ فِي الدُّنْيَا، فَيَرَى الْاَرْوَاحَ الَّتِي يَعْرِفُهَا وَقَدْ يُنَادِيهَا! وَنَحْنُ نَسْمَعُ اَحْيَاناً كَثِيراً مِنَ الْاَمْوَاتِ يُنَادُونَ الْاَرْوَاحَ بِيَااُمِّي! وَيَافُلَانُ عِنْدَ احْتِضَارِهِمْ! فَيَقُولُ النَّاسُ الْحَاضِرُونَ: هَذَا سَكَرَاتُ الْمَوْتِ جَعَلَتْهُ يُخَرِّف! وَنَقُولُ لَهُمْ: لَا كَلَامُكُمْ غَيْرُ صَحِيح؟ لِاَنَّهُ اِذَا مَاتَ الْمَيِّت، اِنْتَقَلَتْ رُوحُهُ اِلَى عَالَمِ الْبَرْزَخِ، فَاجْتَمَعَتْ مَعَ الْاَرْوَاحِ مِنْ نَظَائِرِهَا(اَمْثَالِهَا وَاَشْبَاهِهَا(نَعَمْ اَخِي: فَتَخْرُجُ الرُّوحُ، فَتَجْتَمِعُ مَعَ اَرْوَاحِ الْآَبَاءِ وَالْاَجْدَادِ وَالْاَصْحَابِ وَكَذَا وَكَذَا مِنَ الْاَمْوَاتِ السَّابِقِينَ الْقُدَامَى! فَاِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مِنَ الصَّالِحِينَ، يَنْظُرُ وَيَقُولُ: اَيْنَ فُلَانٌ الَّذِي كَانَ صَاحِبِي فِي الدُّنْيَا! فَاَيْنَ رُوحُهُ؟ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مِنْ اَصْحَابِ الْجَحِيمِ تَجْتَمِعُ رُوحُهُ مَعَ اَرْوَاحِ الْاَشْرَارِ وَالْعَيَاذُ بِالله وَلاَتَجْتَمِعُ مَعَ اَرْوَاحِ الْاَخْيَارِ الصَّالِحِينَ اَمْثَالِكَ، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا الْمُحْتَضِرُ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ قَبْلَ اَنْ يَمُوتَ وَتَخْرُجَ رُوحُهُ! فَهَذَا لَيْسَ كَلَاماً خُرَافِيّاً، وَاِنَّمَا يَرَى حَقِيقَةً نَحْنُ لَمْ نَرَهَا{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذَلِكَ مَاكُنْتَ مِنْهُ تَحِيد، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيد، وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد، لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد(اَيْ بَصَرُكَ الْيَوْمَ قَوِيٌّ جِدّاً كَقُوَّةِ الْحَدِيدِ وَبَاْسِهِ! نَعَمْ : وَلِذَلِكَ اَخِي هَذِهِ الْاُمُورُ الْغَيْبِيَّةُ يَجِبُ اَنْ نُؤْمِنَ بِهَا، وَاِلَّا خَرَجْنَا عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ اِذَا كَذَّبْنَا اللهَ فِي اَيِّ جُزْئِيَّةٍ مِنْهَا فِيمَا اَعْلَمَنَا بِهِ سُبْحَانَهُ وَفِيمَا لَمْ يُعْلِمْنَا اَيْضاً، فَمَا اَعْلَمَنَا نُؤْمِنُ بِهِ، وَمَالَمْ يُعْلِمْنَا نُؤْمِنُ بِهِ اَيْضاً وَنَكِلُ اَمْرَهُ اِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا، نَعَمْ اَخِي{فَلَوْلَا اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَاَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ، وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَاتُبْصِرُونَ، فَلَوْلَا اِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، تَرْجِعُونَهَا اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين(نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ مَدِينِينَ بِمَعْنَى عَاجِزِينَ، بِمَعْنَى لَوْ كُنْتُمْ غَيْرَ عَاجِزِينَ، لَفَوْراً اَعَدْتُّمْ اِلَيْهِ الرُّوحَ، نَعَمْ اَخِي: وَلَوِ الْاِنْسَانُ اُعْطِيَ هَذِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى اِعَادَةِ الْاَرْوَاحِ، لَمَا مَاتَ اَحَد، بَلْ اِنَّهُ فَوْراً يَعْمَلُ عَلَى اِعَادَةِ الْاَرْوَاحِ اِلَى مَنْ هُمْ عَزِيزُونَ غَوَالِي عَلَى قَلْبِهِ كَاَصْحَابِهِ وَاَوْلَادِهِ وَآَبَائِهِ وَاُمَّهَاتِهِ الَّذِينَ يَتَمَنَّى اَنْ يَعُودُوا اِلَيْهِ فَيَقُومُ فَوْراً بِاِعَادَةِ الرُّوحِ اِلَيْهِمْ جَمِيعاً وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اَنْ تَعُودَ هَذِهِ الرُّوحُ اِلَى جَسَدِ صَاحِبِهَا اَوْ اِلَى جَسَدِ غَيْرِهِ اَوْ يَحْصَلَ تَنَاسُخٌ لِلْاَرْوَاحِ كَمَا يَزْعُمُ الدُّرُوزُ قَبَّحَهُمُ الله! ثُمَّ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ! وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ: اَنَّهُمْ لَيْسَ فِيهمِ ذَرَّةٌ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ، بَلْ لَايَمُتُّونَ اِلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَلَا دِينِ الْاِسْلَامِ بِصِلَةٍ اَبَداً، وَنَحْنُ نَحْتَجُّ عَلَى الدُّرُوزِ الْخَوَنَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{حَتَّى اِذَا جَاءَ اَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي اَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ، كَلَّا اِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا، وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ اِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(نَعَمْ اَخِي: وَمِمَّا زَادَ فِي عَقِيدَةِ قَوْمِي النُّصَيْرِيِّينَ فَسَاداً هَؤُلَاءِ الدُّرُوزُ الْخَوَنَةُ الْاَنْجَاسُ نَبْرَاُ اِلَى اللهِ مِنْهُمْ وَمِنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، جَعَلَ الْاِنْسَانَ عَاجِزاً فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، فَهُوَ مَدِينٌ عَاجِزٌ لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يُعِيدَ الرُّوحَ، كَالْمَدِينِ الْعَاجِزِ عَنْ اِعَادَةِ الْمَالِ وَوَفَائِهِ لِدَائِنِهِ، نَعَمْ اَيُّهَا النَّاسُ: فَاِذَا كُنْتُمْ تَدَّعُونَ قُدْرَةً فَوْقَ قُدْرَةِ الله! فَاَرْجِعُوهَا اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين.. نَعَمْ اَخِي: اَحْيَاناً عَدَمُ التَّخْيِيرِ فِيهِ رَحْمَةٌ لِلْاِنْسَان! فَمَثَلاً: لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً عِنْدَهُ عِدَّةُ اَوْلَادٍ، فَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ وَقَالَ لَهُ: سَنَقْبِضُ رُوحَ وَاحِدٍ مِنْ اَوْلَادِكَ! فَمَنْ تَخْتَار؟ نَعَمْ اَخِي: يَالَطِيف مَااَصْعَبَهُ مِنِ اخْتِيَار! فَاِذَا اخْتَارَ اَصْغَرَهُمْ وَقَبَضَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَاِنَّهُ يَنْدَمُ وَلَايَنْفَعُهُ النَّدَم، وَيُؤَنِّبُ نَفْسَهُ وَيُعَذِّبُهُ ضَمِيرُهُ، وَيُفَكِّرُ لِمَاذَا لَمْ يَخْتَرْ اَكْبَرَهُمْ مَثَلاً! لِمَاذَا اخْتَرْتُ اَصْغَرَهُمْ وَهُوَ آَخِرُ الْعَنْقُود! فَيَقَعُ فِي حَيْرَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا! وَرُبَّمَا حَدَثَ لَهُ تَاْنِيبٌ ضَمِيرِيٌّ قَاتِلٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَدْ يُؤَدِّي بِهِ اِلَى الِانْتِحَارِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ اَنِ اخْتَارَ هَذَا وَلَمْ يَخْتَرْ ذَاكَ! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، اَنَّ الْمَوْتَ يَاْتِي فَيَاْخُذُ مَنْ اَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ اَنْ يَمُوتَ، دُونَ اَنْ يُخَيِّرَكَ مَنْ تُرِيدُ اَنْ يَمُوتَ مِنْ اَوْلَادِكَ قَبْلَ غَيْرِهِ، نَعَمْ اَخِي: فَعَدَمُ التَّخْيِيرِ اَحْيَاناً يَكُونُ فِيهِ رَحْمَة، وَلِذَلِكَ يَقُولُ قَوْمِي النُّصَيْرِيُّونَ فِي الْاَمْثَالِ الشَّعْبِيَّةِ عِنْدَنَا: مَنْ خَيَّرَكَ حَيَّرَكَ! نَعَمْ اَخِي: هُنَاكَ اُمُورٌ اِذَا خُيِّرْتَ فِيهَا، فَاِنَّكَ تَحْتَار! نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَحْيَاناً حِينَمَا تَسْتَقِيمُ عَلَى اَمْرٍ وَاحِدٍ دُونَ تَخْيِيرٍ، فَهَذَا يَكُونُ اَصْلَحَ لَكَ.. نَعَمْ اَخِي: وَاَخِيراً انْقَضَتِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ، فَمَاذَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ نَعَمْ اَخِي: ذَكَرَتْ سُورَةُ الْوَاقِعَةِ فِي اَوَّلِهَا: اَنَّ النَّاسَ ثَلَاثَةُ اَصْنَاف، وَهُمُ الْمُقَرَّبُونَ، وَاَصْحَابُ الْيَمِينِ، وَاَصْحَابُ الشِّمَالِ، وَلِذَلِكَ فَمَا مَصِيرُ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً اِذَا خَرَجَتْ اَرْوَاحُهُمْ اِلَى بَارِئِهَا{فَاَمَّا اِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم، وَاَمَّا اِنْ كَانَ مِنْ اَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ اَصْحَابِ الْيَمِين، وَاَمَّا اِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيم، اِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، اَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْتَ، اَسْتَغْفِرُكَ وَاَتُوبُ اِلَيْك، وصلى الله على نبينا محمد وازواجه وذريته وآله واصحابه، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون، وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين
























 

رد مع اقتباس
قديم 22 / 08 / 2015, 52 : 11 AM   #2
المستشارة والقآئمه بشؤون العنصر النسآئي
Free size


الصورة الرمزية سُلاَفْ القَصِيدْ
سُلاَفْ القَصِيدْ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4609
 تاريخ التسجيل :  03 / 04 / 2008
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : اليوم (27 : 03 AM)
 المشاركات : 1,023,445 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
......... يَآ رب

............ أروي وآلدتي

.................. فرحاً ♥♥
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام العطاء 
مزاجي:
افتراضي رد: فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين



جزاك الله خير ولاحرمك الاجر ..


 
 توقيع : سُلاَفْ القَصِيدْ

اللهم صل وسلم على نبينا محمد


رد مع اقتباس
قديم 23 / 08 / 2015, 28 : 07 AM   #3
تميراوي عريق
Free size


الصورة الرمزية جروح الوفا*
جروح الوفا* غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20428
 تاريخ التسجيل :  14 / 01 / 2011
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 21 / 05 / 2018 (36 : 11 AM)
 المشاركات : 220,419 [ + ]
 التقييم :  1896228961
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
Free size
قـائـمـة الأوسـمـة
الوسام الذهبي جديد التميز وسام افضل مشرف 
افتراضي رد: فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين



جزاك الله خير وبارك الله فييك


 

رد مع اقتباس
قديم 23 / 08 / 2015, 48 : 08 AM   #4
تميراوي عريق


الصورة الرمزية غريب ديرة
غريب ديرة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26132
 تاريخ التسجيل :  22 / 06 / 2014
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : اليوم (43 : 06 PM)
 المشاركات : 90,365 [ + ]
 التقييم :  13060
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام افضل عضو جديد التميز 
مزاجي:
افتراضي رد: فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين



جزاك الله خير والله يوفقك يارب


 
 توقيع : غريب ديرة

اللهم أجعل حضورى فى قلوب الناس
كـالمطر يبعث الربيع ويسقى العطشى !.!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 23 : 10 PM.


تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم