الجريح
27 / 06 / 2007, 51 : 01 PM
تبكي حين يخاف منها الأطفال وتحلم بطفولة طبيعية ... زينب تتحدى مشرط الأطباء وتعايش تشوهاً خلقياً في العين اليسرى
الأحساء - محمد الرويشد الحياة - 27/06/07//
دائماً ما تجلس في منتصف الليل إلى جوار أختها الكبرى النائمة لتلامس عينها، وتتفحص ملامحها، لأنها تستغرب عدم تطابق عينيها. غالباً ما تقف أمام المرآة، وأمها بقربها، لتصنع مقارنة طفولية بريئة تنهيها بسؤال يفطر قلب الأم: «أمي عندما أكبر هل ستصبح عيناي مثلك؟» هكذا تقول نظرات زينب.
ولدت قبل عامين ونصف العام في عائلة ينهشها الفقر، ويقتلها المرض، وتنهكها الحاجة، إلا أنها تعدت ذلك بوجه بريء يغتاله تشوه خلقي ولد معها، وجعلها في نظر أقرانها مسخاً صغيراً. هي تعاني من عيب صاحبها منذ ولادتها في عينها اليسرى، يظهر على شكل تورم كبير يشوه صورة الطفلة الجميلة، ذات العينين العسليتين.
صاحبت التشوه زيادة مفرطة في الماء الأزرق داخل العين، أدخلت على إثره إلى مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، إلا أن والدها لم يلمس أي تغيير في حالة ابنته. ويقول: «التزمنا بالذهاب إلى الرياض في مواعيد محددة من أجل علاجها، وكلفني ذلك ديوناً لا قبل لي بها، إلا أن المال لم يكن عائقاً بقدر ما تعانيه طفلتي من آلام نفسية وجسدية تبدو ظاهرة كلما رأت مرآة أو التقت طفلة أخرى في أي اجتماع عائلي أو مناسبة اجتماعية».
أكثر ما يؤلم زينب الصغيرة، حين تقترب من الأطفال ويهربون منها خوفاً من عينها الجاحظة، الأمر الذي يحزنها بشكل كبير، ويؤلمها بصورة لا يمكن وصفها بحسب قول الأب، «هي فتاة ساحرة الجمال ولطيفة، وحنونة ولا تعرف ما فيها، ودائماً ما تشعر بأنه أمر طبيعي، على رغم أنها لا تراه في غيرها، لكن حين تنوي اللعب مع الأطفال وتصادف هربهم وامتناعهم من مشاركتها اللعب تصيبنا بإحباط وألم ضعف ما تعانيه».
مخاوف الوالدين تزداد يوماً بعد يوم، وتستعد زينب حالياً للاحتفال بربيعها الثالث، والذي لن يكون سعيداً مثل ما سبقه من أعياد، لكونه يزيد من القلق على مستقبل هذه الطفلة، فكلما كبرت زاد حجم عينها اليسرى وزاد التشوه الخلقي، الأمر الذي سيشيح بأنظار كثيرين عنها ما يمكن أن يجعلها على قائمة العوانس نظراً للتشوه الواضح في وجهها.
ولا تزال والدتها تحلم بيوم تخرج فيه زينب من غرفة الجراحة، بعد أن يحقق الطب التجميلي معجزته ويعيد الإشراقة إلى وجهها. تقول الأم في ألم: «لا أتمنى من هذه الدنيا سوى رؤية طفلتي وهي تركض وتلعب مع بقية الأطفال، من دون أن تشعر بالحزن من الاختلاف الذي يزداد مع مرور الزمن، وأن تكون صداقات من دون أن تخيف أقرانها، فهي طفلة طيبة لا تحتاج سوى أن تعيش طفولتها بسلام»، مضيفة: «ذات يوم كنا في حفلة عرس في قريتنا ورأيت النساء يشرن بأصابعهن إليها وهن يتحدثن في همس مشفقات عليها، وهو أمر أحزنني لأيام طويلة، ولو كنت أملك ثمن علاجها حتى لو كان ذلك عيني اليسرى لأعطيتها إياها من دون تردد، ولو كانت ولداً لكان الأمر هيناً ولكنها فتاة وفي مجتمعنا الفتاة يجب ألا تحمل أي خلل كان، وإلا سيحكم عليها بأحكام كثيرة».
المتأمل في وجه زينب سيرى ملامح طفلة اغتالتها الظروف، إلا أنها وعلى رغم الألم الذي تعيشه، تعانق الابتسامة بشكل دائم وكأنها تقنع نفسها بوجود أمل قريب مهما كانت الظروف قاسية، والغريب في الأمر أنها تحاول مقاومة عيون المستغربين من كبر حجم عينها اليسرى، بالنظر إلى الأسفل أو الالتفات إلى الجانب الأيسر حتى تختفي العين خلف جدائلها الصغيرة، ما يجعل احتمال تعرضها لأمراض نفسية مثل الانطواء أمراً غير مستبعد.
وقبل رحيلنا وقفت زينب خلف الباب لكنها أخفت وجهها من الجهة اليسرى ونظرت إلينا بعينها السليمة وكأنها تقول: «أريد أن ألتقيكم فيما بعد وأودعكم من دون أن أتوارى خلف الباب»، الأمر الذي أصاب والدها بحزن شديد ترجمه باحتضان ابنته، والدموع تلمع في عينيه.
الأحساء - محمد الرويشد الحياة - 27/06/07//
دائماً ما تجلس في منتصف الليل إلى جوار أختها الكبرى النائمة لتلامس عينها، وتتفحص ملامحها، لأنها تستغرب عدم تطابق عينيها. غالباً ما تقف أمام المرآة، وأمها بقربها، لتصنع مقارنة طفولية بريئة تنهيها بسؤال يفطر قلب الأم: «أمي عندما أكبر هل ستصبح عيناي مثلك؟» هكذا تقول نظرات زينب.
ولدت قبل عامين ونصف العام في عائلة ينهشها الفقر، ويقتلها المرض، وتنهكها الحاجة، إلا أنها تعدت ذلك بوجه بريء يغتاله تشوه خلقي ولد معها، وجعلها في نظر أقرانها مسخاً صغيراً. هي تعاني من عيب صاحبها منذ ولادتها في عينها اليسرى، يظهر على شكل تورم كبير يشوه صورة الطفلة الجميلة، ذات العينين العسليتين.
صاحبت التشوه زيادة مفرطة في الماء الأزرق داخل العين، أدخلت على إثره إلى مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، إلا أن والدها لم يلمس أي تغيير في حالة ابنته. ويقول: «التزمنا بالذهاب إلى الرياض في مواعيد محددة من أجل علاجها، وكلفني ذلك ديوناً لا قبل لي بها، إلا أن المال لم يكن عائقاً بقدر ما تعانيه طفلتي من آلام نفسية وجسدية تبدو ظاهرة كلما رأت مرآة أو التقت طفلة أخرى في أي اجتماع عائلي أو مناسبة اجتماعية».
أكثر ما يؤلم زينب الصغيرة، حين تقترب من الأطفال ويهربون منها خوفاً من عينها الجاحظة، الأمر الذي يحزنها بشكل كبير، ويؤلمها بصورة لا يمكن وصفها بحسب قول الأب، «هي فتاة ساحرة الجمال ولطيفة، وحنونة ولا تعرف ما فيها، ودائماً ما تشعر بأنه أمر طبيعي، على رغم أنها لا تراه في غيرها، لكن حين تنوي اللعب مع الأطفال وتصادف هربهم وامتناعهم من مشاركتها اللعب تصيبنا بإحباط وألم ضعف ما تعانيه».
مخاوف الوالدين تزداد يوماً بعد يوم، وتستعد زينب حالياً للاحتفال بربيعها الثالث، والذي لن يكون سعيداً مثل ما سبقه من أعياد، لكونه يزيد من القلق على مستقبل هذه الطفلة، فكلما كبرت زاد حجم عينها اليسرى وزاد التشوه الخلقي، الأمر الذي سيشيح بأنظار كثيرين عنها ما يمكن أن يجعلها على قائمة العوانس نظراً للتشوه الواضح في وجهها.
ولا تزال والدتها تحلم بيوم تخرج فيه زينب من غرفة الجراحة، بعد أن يحقق الطب التجميلي معجزته ويعيد الإشراقة إلى وجهها. تقول الأم في ألم: «لا أتمنى من هذه الدنيا سوى رؤية طفلتي وهي تركض وتلعب مع بقية الأطفال، من دون أن تشعر بالحزن من الاختلاف الذي يزداد مع مرور الزمن، وأن تكون صداقات من دون أن تخيف أقرانها، فهي طفلة طيبة لا تحتاج سوى أن تعيش طفولتها بسلام»، مضيفة: «ذات يوم كنا في حفلة عرس في قريتنا ورأيت النساء يشرن بأصابعهن إليها وهن يتحدثن في همس مشفقات عليها، وهو أمر أحزنني لأيام طويلة، ولو كنت أملك ثمن علاجها حتى لو كان ذلك عيني اليسرى لأعطيتها إياها من دون تردد، ولو كانت ولداً لكان الأمر هيناً ولكنها فتاة وفي مجتمعنا الفتاة يجب ألا تحمل أي خلل كان، وإلا سيحكم عليها بأحكام كثيرة».
المتأمل في وجه زينب سيرى ملامح طفلة اغتالتها الظروف، إلا أنها وعلى رغم الألم الذي تعيشه، تعانق الابتسامة بشكل دائم وكأنها تقنع نفسها بوجود أمل قريب مهما كانت الظروف قاسية، والغريب في الأمر أنها تحاول مقاومة عيون المستغربين من كبر حجم عينها اليسرى، بالنظر إلى الأسفل أو الالتفات إلى الجانب الأيسر حتى تختفي العين خلف جدائلها الصغيرة، ما يجعل احتمال تعرضها لأمراض نفسية مثل الانطواء أمراً غير مستبعد.
وقبل رحيلنا وقفت زينب خلف الباب لكنها أخفت وجهها من الجهة اليسرى ونظرت إلينا بعينها السليمة وكأنها تقول: «أريد أن ألتقيكم فيما بعد وأودعكم من دون أن أتوارى خلف الباب»، الأمر الذي أصاب والدها بحزن شديد ترجمه باحتضان ابنته، والدموع تلمع في عينيه.