الجريح
19 / 05 / 2007, 49 : 09 AM
خادم الحرمين يرعى برنامجاً لا يعرف «الخطوط الحمر» لتلقّي التظلمات ... المملكة تضيف «الإذاعة» إلى «المجالس المفتوحة» للسهر على مصالح الشعب
الرياض - معاوية يس الحياة - 17/05/07//
بقي المتظلمون في السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، يلجأون في نهاية المطاف إلى «المجلس المفتوح» للملك. وهو مجلس لا يقيده «بروتوكول»، ولا يقتصر حضوره على دعوات رسمية. وبقيت مجالس ملوك السعودية «مفتوحة» من عهد الملك المؤسس حتى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي لا شك في أن الغربيين ستزيد دهشتهم حين يعلمون أنه أضاف وسيلة مبتكرة إلى «ديموقراطية المجلس المفتوح»، إذ يرعى برنامجاً إذاعياً لا يخضع المتصلون به هاتفياً إلى «مقص الرقيب»، سواء أكانوا يشكون موظفاً أم وزيراً أم أميراً.
ويقول مقدم البرنامج - الإذاعي سلامة الزيد - إن البرنامج يركز على سيادة حكم القانون، ومكافحة الفساد، وتسوية مظالم الرعية. وأوضح الزيد (49 عاماً) لـ «الحياة» أنه تلقّى توجيهاً بأن يعلن على الهواء ان برنامج «مباشر اف ام»، الذي تبثه اذاعة البرنامج الثاني من جدة مساء كل اثنين، ويعاد صباح كل أربعاء، يقدم «تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين مباشرة». وأضاف ان البرنامج يقوم على تلقي اتصالات هاتفية مباشرة من المواطنين في كل أرجاء المملكة، يبوحون فيها بمشكلاتهم وتظلماتهم.
وزاد: «بعد نهاية كل حلقة يكون اتصالي بالديوان الملكي مباشرة، وعادة ما يكون التنسيق بين البرنامج والمقام السامي من خلال مدير شؤون الموظفين في الديوان الملكي الشيخ محمد السويلم، الذي أزوده بأسماء وأرقام هواتف المواطنين، وهو يتصل بهم فرداً فرداً، ليطلب منهم تزويده بأوراقهم ومعروضاتهم، تمهيداً لمعالجة قضاياهم».
وأشار الزيد الى أنه كان يقدم برنامجاً سابقاً بعنوان «نقاط على الحروف»، لكن رئيسه الإذاعي أوقفه بدعوى جرأته المفرطة في مواجهة المشكلات. وذكر انه يرحب بأي تعقيب أو ردود من الوزراء، «لكنني لن أستجدي أياً منهم... لقد تعبت على مدى 20 عاماً، فالوزير دوماً في اجتماع، او مشغول. وأستغرب كثيراً: هل الوزراء مشغولون واجتماعاتهم وارتباطاتهم أكثر من الملك وولي العهد؟ لم يحدث أن قال الملك للرعية انه مشغول، بل تجده حاضراً في مجلسه لتلقي تظلماتهم مهما كان مبلغ تعبه وإرهاقه».
وذكر ان بعض الوزراء والمسؤولين الذين تضايقوا من جرأته في مناصرة قضايا المتصلين شكوه للوزير المختص. وحين أدركوا ان البرنامج يحظى برعاية خادم الحرمين فضلوا الاتصال بالديوان الملكي للتشكي من «طول لسان» مقدم البرنامج. وقال: «الشكوى منبعها اني دأبت على تذكيرهم بأنهم خُدّام للشعب. وحين كثرت هذه الشكاوى عمدت الى تضمين البرنامج مقاطع بصوت خادم الحرمين الشريفين، يؤكد فيها أن الوزراء خُدَّام للوطن ومواطنيه... ليعرفوا ان هذا توجّه قيادة البلد وليس حديثاً من سلامة».
وذكر الزيد لـ «الحياة» ان البرنامج مستمر منذ 13 شهراً. وقال إنه رفض طلبات عدة من قنوات فضائية لتحويله الى الشاشة الصغيرة. وزاد: «رفضت كل العروض، لأن التلفزيون سيحوله إلى برنامج فضائحي، وأنا تهمني أساساً معالجة مشكلات الناس. البلد هو همي الأول وليست شهرتي. يهمني أن نكشف الفساد، وأن نتخلى عن خجلنا من كشف عيوبنا».
ويفجر الزيد قنبلة من العيار الثقيل بقوله إن 20 في المئة من الحالات الانسانية والشكاوى التي يتلقاها من المتصلين ببرنامجه، ترفض الصحافة المقروءة نشرها، بدعوى أنها «خط أحمر». وقال: «هذا شيء مخجل. أعتقد أن هذا البرنامج كشف عورات رؤساء التحرير. فإذا كان المتظلم قادراً على إثبات تظلمه فلماذا يُمنع نشره؟».
وأوضح أن حرص خادم الحرمين الشريفين على رعاية البرنامج وحل مشكلات المتصلين بمُقدّمه أضحت سنة حميدة لكبار معاونيه «إذ اتصلت بالبرنامج أم لعدد من الأيتام وقالت إن لها أرضاً في مكة لم تستطع استصدار صك ملكيتها من محكمة مكة منذ 14 عاماً، وفجأة اتصل بها كاتب العدل ليبلغها بأن وكيل الأمير سلطان بن عبدالعزيز استصدر صكاً بملكية أرضها بدعوى أنها مجاورة لأرض مملوكة لولي العهد. فاتصل بالبرنامج الوكيل العام للأمير سلطان ليقول إن ولي العهد وجّهه بإبلاغ البرنامج بأنه لا يملك أرضاً في مكة، وليس له وكيل هناك».
وفي حادثة أخرى - يقول الزيد - تلقىّ البرنامج اتصالاً من مواطن ذكر أنه على خلاف مع محافظ محافظة ووكيله يتبعان لإمارة الرياض. وأقرّ بأنه نعتهما بما لا يليق، وكان يريد أن يشكو إلى أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، لكن هناك من زعم له أنه سمع الأمير سلمان يقول إن هذا الشخص لو جاءني شاكياً فسأضربه أولاً ليتأدب. فقرر الامتناع عن الذهاب لأمير الرياض، لكنه فوجئ بالأمير سلمان يستدعيه ويستقبله ويقول له: «أنا زعلان لأنك متظلم، وليس لأنك قلت كذا وكذا. الآن قم باختيار لجنة من ثلاثة من مسؤولي الإمارة، وما تقرره هذه اللجنة سآمر بتنفيذه».
إنها نماذج من الحكم» الديموقراطي» تصنع نفسها طبقاً لمنطق الزمان والمكان وطبيعة الحاكم والمجتمع، من دون دعاية وتهويل أو تبجّح. وهي في إيجاز بليغ... ديموقراطية «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
الرياض - معاوية يس الحياة - 17/05/07//
بقي المتظلمون في السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، يلجأون في نهاية المطاف إلى «المجلس المفتوح» للملك. وهو مجلس لا يقيده «بروتوكول»، ولا يقتصر حضوره على دعوات رسمية. وبقيت مجالس ملوك السعودية «مفتوحة» من عهد الملك المؤسس حتى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي لا شك في أن الغربيين ستزيد دهشتهم حين يعلمون أنه أضاف وسيلة مبتكرة إلى «ديموقراطية المجلس المفتوح»، إذ يرعى برنامجاً إذاعياً لا يخضع المتصلون به هاتفياً إلى «مقص الرقيب»، سواء أكانوا يشكون موظفاً أم وزيراً أم أميراً.
ويقول مقدم البرنامج - الإذاعي سلامة الزيد - إن البرنامج يركز على سيادة حكم القانون، ومكافحة الفساد، وتسوية مظالم الرعية. وأوضح الزيد (49 عاماً) لـ «الحياة» أنه تلقّى توجيهاً بأن يعلن على الهواء ان برنامج «مباشر اف ام»، الذي تبثه اذاعة البرنامج الثاني من جدة مساء كل اثنين، ويعاد صباح كل أربعاء، يقدم «تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين مباشرة». وأضاف ان البرنامج يقوم على تلقي اتصالات هاتفية مباشرة من المواطنين في كل أرجاء المملكة، يبوحون فيها بمشكلاتهم وتظلماتهم.
وزاد: «بعد نهاية كل حلقة يكون اتصالي بالديوان الملكي مباشرة، وعادة ما يكون التنسيق بين البرنامج والمقام السامي من خلال مدير شؤون الموظفين في الديوان الملكي الشيخ محمد السويلم، الذي أزوده بأسماء وأرقام هواتف المواطنين، وهو يتصل بهم فرداً فرداً، ليطلب منهم تزويده بأوراقهم ومعروضاتهم، تمهيداً لمعالجة قضاياهم».
وأشار الزيد الى أنه كان يقدم برنامجاً سابقاً بعنوان «نقاط على الحروف»، لكن رئيسه الإذاعي أوقفه بدعوى جرأته المفرطة في مواجهة المشكلات. وذكر انه يرحب بأي تعقيب أو ردود من الوزراء، «لكنني لن أستجدي أياً منهم... لقد تعبت على مدى 20 عاماً، فالوزير دوماً في اجتماع، او مشغول. وأستغرب كثيراً: هل الوزراء مشغولون واجتماعاتهم وارتباطاتهم أكثر من الملك وولي العهد؟ لم يحدث أن قال الملك للرعية انه مشغول، بل تجده حاضراً في مجلسه لتلقي تظلماتهم مهما كان مبلغ تعبه وإرهاقه».
وذكر ان بعض الوزراء والمسؤولين الذين تضايقوا من جرأته في مناصرة قضايا المتصلين شكوه للوزير المختص. وحين أدركوا ان البرنامج يحظى برعاية خادم الحرمين فضلوا الاتصال بالديوان الملكي للتشكي من «طول لسان» مقدم البرنامج. وقال: «الشكوى منبعها اني دأبت على تذكيرهم بأنهم خُدّام للشعب. وحين كثرت هذه الشكاوى عمدت الى تضمين البرنامج مقاطع بصوت خادم الحرمين الشريفين، يؤكد فيها أن الوزراء خُدَّام للوطن ومواطنيه... ليعرفوا ان هذا توجّه قيادة البلد وليس حديثاً من سلامة».
وذكر الزيد لـ «الحياة» ان البرنامج مستمر منذ 13 شهراً. وقال إنه رفض طلبات عدة من قنوات فضائية لتحويله الى الشاشة الصغيرة. وزاد: «رفضت كل العروض، لأن التلفزيون سيحوله إلى برنامج فضائحي، وأنا تهمني أساساً معالجة مشكلات الناس. البلد هو همي الأول وليست شهرتي. يهمني أن نكشف الفساد، وأن نتخلى عن خجلنا من كشف عيوبنا».
ويفجر الزيد قنبلة من العيار الثقيل بقوله إن 20 في المئة من الحالات الانسانية والشكاوى التي يتلقاها من المتصلين ببرنامجه، ترفض الصحافة المقروءة نشرها، بدعوى أنها «خط أحمر». وقال: «هذا شيء مخجل. أعتقد أن هذا البرنامج كشف عورات رؤساء التحرير. فإذا كان المتظلم قادراً على إثبات تظلمه فلماذا يُمنع نشره؟».
وأوضح أن حرص خادم الحرمين الشريفين على رعاية البرنامج وحل مشكلات المتصلين بمُقدّمه أضحت سنة حميدة لكبار معاونيه «إذ اتصلت بالبرنامج أم لعدد من الأيتام وقالت إن لها أرضاً في مكة لم تستطع استصدار صك ملكيتها من محكمة مكة منذ 14 عاماً، وفجأة اتصل بها كاتب العدل ليبلغها بأن وكيل الأمير سلطان بن عبدالعزيز استصدر صكاً بملكية أرضها بدعوى أنها مجاورة لأرض مملوكة لولي العهد. فاتصل بالبرنامج الوكيل العام للأمير سلطان ليقول إن ولي العهد وجّهه بإبلاغ البرنامج بأنه لا يملك أرضاً في مكة، وليس له وكيل هناك».
وفي حادثة أخرى - يقول الزيد - تلقىّ البرنامج اتصالاً من مواطن ذكر أنه على خلاف مع محافظ محافظة ووكيله يتبعان لإمارة الرياض. وأقرّ بأنه نعتهما بما لا يليق، وكان يريد أن يشكو إلى أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، لكن هناك من زعم له أنه سمع الأمير سلمان يقول إن هذا الشخص لو جاءني شاكياً فسأضربه أولاً ليتأدب. فقرر الامتناع عن الذهاب لأمير الرياض، لكنه فوجئ بالأمير سلمان يستدعيه ويستقبله ويقول له: «أنا زعلان لأنك متظلم، وليس لأنك قلت كذا وكذا. الآن قم باختيار لجنة من ثلاثة من مسؤولي الإمارة، وما تقرره هذه اللجنة سآمر بتنفيذه».
إنها نماذج من الحكم» الديموقراطي» تصنع نفسها طبقاً لمنطق الزمان والمكان وطبيعة الحاكم والمجتمع، من دون دعاية وتهويل أو تبجّح. وهي في إيجاز بليغ... ديموقراطية «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».